إعلاميون يتحدثون لـ ”المساء” عن تكريس قيم السلم والتعايش

الإعلام رسالة والصحفي الحقيقي يعرف دوره الإنساني

الإعلام رسالة والصحفي الحقيقي يعرف دوره الإنساني
  • القراءات: 5109
❊ رشيد كعبوب ❊ رشيد كعبوب

يتحدث العديد من الزملاء الإعلاميين في هذا الاستطلاع، بشأن دور الصحافة في تكريس قيم السلم والتعايش، أنه لا يعد الصحفي مهنيا إذا لم يتخندق في هذا المسعى الذي يعد مربط الفرس في العملية الإعلامية التي تتعدى أن تكون مجرد إخبار الناس بما يحدث حولهم وفقط.. يجمع من تحدثنا إليهم على أن مهنة الصحافة يمكنها أن تكون أداة بناء أو مِعْول هدم، بالتالي فإن الاهتمام بهذا القطاع وهذه المهنة أمر بالغ الأهمية، من خلال دعم وسائل الإعلام وتكوين الصحفيين لتقوية مبادئ السلم والأمن والتعايش، وتفادي الوقوع في شِراك دعاة الفتنة وفخ ناشري ثقافة العنف. يذهب بعض الزملاء إلى القول بأن مهنة الصحفي تعادل مهنة النبي الذي لا يدعو إلا للصلاح، ولا ينصح إلا بالخير.

الإعلامي والأستاذ الجامعي عباس بوماميالإعلام رسالة وانحرافها هدم لقيم السلم

حسب الأستاذ بومامي، فإن الصحافة قبل أن تكون وظيفة تضمن الرزق لعائلة الصحفي، هي أمانة ورسالة، لأن المجتمع لا يأتمن أيّا كان على تبليغ الخبر بشكله الصحيح الذي حدث به وفيه، والخبر قبل أن يكون خبرا يتداوله الناس،  كان كلمة، والكلمة يجب أن تكون صادقه كي تكون طيبة، وهذا الصدق والطيبة يجب أن توعز إلى رجل طيب وصادق حتى تؤدي مفعولها ورسالتها وغايتها النهاية.

أشار محدث المساء إلى أن المعروف أن الصحافة رسالة، والرسالة كونها عظيمة، لا يكلف بها إلا الأنبياء والمرسلون، والصحفي المثالي قريب في مسعاه وغايته من موقف هؤلاء الأنبياء والمرسلين الذين يدعون دائما للسلم والأمن والتعايش، رسالة الصحفي هي نشر الصدق والوعي والتربية والتثقيف، وكذلك الأمر بالنسبة للمعلم الذي هو صاحب رسالة نبيلة، فهو ينشر التربية والتعليم في ربوع قسمه أو مدرسته.

يعرج محدثنا قائلا بشأن خطورة الإعلام، بأنه إذا انحرف عن الجادة، فإنه يؤدي دورا هداما، وأن الخطر يكمن في شساعه الحقل الذي يستهدفه بنشره ذاك، فمن وظائف الإعلام التربية والتثقيف وتعزيز روح التعايش والتماسك الاجتماعي، بما يحفظ للمجتمع كيانه ووجوده واستمراريته، ومن ثمة فالإعلامي الذي ينشر الفتنة والعصبية والتجهيل والتغليط في أوساط مجتمعه، إنّما يمارس دور الهادم وليس الباني، وقلمه أو لسانه معولا هدم لا أداتا بناء.

الإعلام والصحافة عموما في أي مجتمع، هو عين المجتمع أو الشعب أو المواطنين على مسؤوليهم وحكّامهم وممثليهم، لذلك تفرض المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية نفسَها على رجال الإعلام، وقبل هذا النوع من المسؤوليات هناك الضمير، فالإنسان إذا غاب ضميره تجاه المجتمع الذي يتوجّه إليه برسالته، يصبح هدمه أكثر من بنائه، وخطره أكثر من صحته، وسلبياته أكثر من إيجابياته.

ويتساءل الأستاذ بومامي قائلا هل رأيتم نبيا يدعو إلى الفتنة والعصبية؟ وهل سمعتم عن رسول يفرّق بين الناس وينشر فيهم البغضاء والحسد والنميمة؟ وهل قرأتم كتابا أو صحيفة لنبي يدعو الناس إلى التناحر والاحتراب أو يدفعهم إلى الكذب وقول الزور وإتيان البهتان.. كذلك رجل الإعلام ورسالته، هما شبيهان بهذا الذي قلناه، ومن هنا يتعاظم الدور وتكبر المسؤولية ويكثر اللوم والعتاب على رجل الإعلام أكثر من غيره، فالوالد مسؤول عن أولاده والمعلم في القسم مسؤول عن تلامذة قسمه، والفلاح مسؤول عن حقله وبذره وحصاده، بينما رجل الإعلام مسؤول عن عائلته وأولاده كوالد، ومسؤول عن تلاميذه القسم كمعلم وعن المدرسة كمدير وعن الحقل كفلاح، بالتالي فكل المسؤوليات ملقاة على عاتقه، لأنه مسؤول عن كافه المجتمع.

يضيف محدثنا أن سلبية الإعلام من إيجابيته تتحدد وفق معيار سلبية رجل الإعلام وإيجابيته، وتبقى التربية والتنشئة والتثقيف والتوعية الإيجابية هي محددات العمل الإعلامي الجاد والناجح، وهناك تجارب لا تزال على الطريق أثبتت أن رجل الإعلام يمكن أن يكون عامل تغيير كبير وعميق.

الإعلامي والبرلماني محمد كاديكالصحافة الوطنية انتصرت للوئام وحالفت قيم المصالحة

يرى الإعلامي والبرلماني محمد كاديك أنه لا يبالغ إذا قال بأن الصحافة الوطنية تمكنت من مواكبة قيم السلم والتعايش، من خلال ما تبنّته الجزائر من سياسة الوئام والسلم والمصالحة والتعايش التي جاء بها الرئيس بوتفليقة منذ انتخابه رئيسا عام 1999، وأن عنوان العيش معا بسلام الذي اقترحته الجزائر على المجتمع الدولي، واعتمدته الأمم المتحدة لتخصص له احتفالية سنوية عالمية، هو ملخّص مشروع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي أطلقه بالجزائر، حيث ناضل الرئيس في سبيل جمع كلمة الجزائريين ولمّ شملهم تحت لواء الوئام، ثم أعد الآليات المحكمة التي تضمن ديمومة اجتماع الكلمة من خلال سياسة المصالحة الوطنية التي رسخت لأهم قيمة حضارية.. التسامح..

بالتوازي- يقول محمد كاديك- مع هذا العمل الوطني، ناضل الرئيس بوتفليقة على الصعيد العالمي، فأطلق مفهوم حوار الحضارات ليكون البديل الأرقى لمفهوم صراع الحضارات الذي هيمن على المشهد العالمي منذ أطلقه الأمريكي صامويل هنتنغتون، وروجت له الكثير من الآلات الإعلامية التي جعلت العالم قسمة بين الخير الذي يمثله الأقوياء، و«الشر الذي تمثله بقية العالم؛ وكلّنا نذكر مرافعات الرئيس بوتفليقة لصالح الإنسان و«السلام عبر مختلف المنابر السياسية والفكرية العالمية، لترسيخ فكرة الحوار بما هي النقيض الموضوعي لـ«الصراع، وهو ما انتهى إلى الاعتراف بأن العالم لا يمكن أن يبنى على الصراع، وتم اعتماد شعار العيش معا بسلام إيذانا بمرحلة جديدة يكرّس العالم في أثنائها القيم الإنسانية التي تجعل الانسان أولويتها القصوى.

قال محدّثنا الأكيد أن الصحافة الوطنية انتصرت للوئام وحالفت قيم المصالحة الوطنية؛ لكنني يجب أن أسجل أن الإعلام الجزائري العمومي يبقى أحسن ممثل للتوجّه الإنساني؛ فقد حرص ـ حتى في الأوقات العصيبة التي مرّت بها البلاد ـ على تفعيل القيم الإنسانية وتجنب أية إهانة للإنسان، كما هي حال بعض وسائل الإعلام التي لا تتورع عن التهويل والتخويف، بل واصطناع أخبار مكذوبة مروعة.. ويضيف محمد كاديك قائلا بأن الإعلام العمومي ظل ملتزما بأخلاقيات المهنة، ولم يقع في فخ مغالطة حرية التعبير التي صارت ممرا لكل ما يهدم القيم الإنسانية النبيلة.. لهذا سأكون صريحا وأقول بأن الإعلام الخاص بالجزائر، وهو الإعلام الفتيّ، ما زال بحاجة إلى بعض الوقت كي يتجاوز تلك الرغبة في الإدهاش والحرص على الاختلاف الذي يحقق الرواج التجاري، إلى المهنية والالتزام بخدمة المواطن، وترسيخ القيم الإنسانية..

أضاف كاديك نلاحظ يوميا أن المواضيع التي تتطرق إليها وسائل الإعلام لا تخرج ـ في الغالب ـ عن المنوعات والمتفرقات البسيطة جدا، ويتم تحويلها إلى موضوعات الساعة، بأسلوب لا يخدم المصلحة العامة، بل يتنافى مع مناهج تحقيق الاستقرار؛ ويبقى أننا ينبغي أن نعترف بأن خبرة الإعلام الخاص، لا تسمح له ـ وهو في حداثته ـ أن يتجاوز المسألة التجارية بسهولة، لهذا، من الصعب أن نطالبه بما ليس في قدراته، وإن كنا نثق أنّ القائمين على وسائل الإعلام يدركون هذه المصاعب، ويعملون على تجاوزها.

الإعلامي رابح شيباني (صوت الأحرارالاحترافية وتنظيم المهنة ضمان لنشر قيم التعايش

يرى الزميل رابح شيباني الإعلامي بيومية صوت الأحرار، أنه ليس من السهل تطبيق قيم التعايش والسلم في المجتمع الجزائري على مستوى الإعلام، إذا لم ترافقه برامج تربوية وثقافية ورياضية حسب كل القطاعات، فالإعلام دوره الأساسي في عصرنا الحالي يتمثل في إخبار الناس بما يحدث وليس إصلاح المجتمع الذي تتكفّل به قطاعات أخرى تشريعية وقانونية وتربوية وتعليمية. كما أنّ الجانب الاقتصادي من رخاء العيش والتوزيع العادل للثروة وتوفير الشغل وترسيخ العدالة بين أفراد المجتمع، من شأنها تكريس الهدوء والاستقرار في المجتمع.

يفيد محدثنا أن دور الإعلام في إفشاء قيم السلم والتسامح والتعايش في المجتمع، ينطلق من مدى احترافيته وتنظيمه ومراعاة أخلاقيات مهنة الصحافة، وعندما تتوفّر هذه الأسس من الواجب على الإعلام أن يكون حاملا لرسالة لا مجرد ناقل للأخبار، كما ينتهجه الغرب، لذا من الواجب إعادة النظر في فلسفة الإعلام في بلادنا، انطلاقا من أنه بلد لا زال في طور النمو، وأنه على قطاع الإعلام بشقيه الخاص والعمومي أن يدفع بالتنمية وتطوّر المجتمع إلى الأمام، وأن لا يبقى يساير المجتمعَ الذي أنهكته آثار العولمة والأزمات الاقتصادية والاجتماعية، بل عليه أن يبحث عن نماذج ناجحة تنتهج القيم النبيلة للوصول إلى المراتب العليا، حتى نرفع من أداء الطبقة المثقفة والعناصر الكفأة التي تسعى إلى البناء لا التهديم.

أضاف الزميل شيباني قائلا بأن الإعلام له دور في تحمل مسؤولياته فيما ينشره من أخبار تشجع على الحقد والكراهية، مثلما يحدث في ملاعب كرة القدم. فالإعلام الرياضي مدعو لأخلقة ما ينشره من أخبار عما يحدث في الفرق والمنتخبات، ولا يساهم في إحداث الفُرقة ونشر الكراهية، خاصة بمناسبة المباريات المحلية والكلاسيكية التي تجلب إليها جماهير كبيرة، تريد أن تستمتع بمتعة كرة القدم، لا أن تتحول المدرجات إلى ساحة المعركة، وهو ما نراه في ملاعبنا، وللأسف، يتحمل الإعلام الرياضي جزءا مما يحدث نظرا لمضمونه التحريضي.

كما يعتقد الإعلامي شيباني أن أول شيء يجب على السلطات القيام به، هو تنظيم قطاع الإعلام، حتى لا يتسلّل إليه الدخلاء الذين حولوه إلى تجارة. ثانيا، على الصحافيين تنظيم أنفسهم وإنشاء ما يسمى بمجلس أخلاقيات مهنة الصحافة الذي من شأنه إرساء سياسة إعلامية تتماشى مع قيم المجتمع الجزائري، ويمكن لهذا المجلس أن يلعب دوره في التنبيه للمخاطر التي تأتي من مضمون الصحافة على سلامة النسيج الاجتماعي.

الإعلامي كمال حفاصةالدعم المالي للصحافة خادم لمساعي السلم

يرى الإعلامي أنه كي تقوم الصحافة بواجبها في تكريس قيم السلم والتعايش من الناحية الأسرية والاجتماعية والثقافية والرياضية، ومواجهة العنف المحلي وطي صفحة العروشية والقبلية، يجب أن تخصص الدولة ميزانية للإعلام الخاص والعمومي، ضمن الميزانية العامة للدولة، وأنه على وسائل الإعلام أن تقوم بتعزيز مواقفها ولعب أدوارها الاقتصادية والثقافية والرياضية والحضارية، بعد أن انكمش دورها السياسي مؤخرا، وحتى يتسنى لها ذلك، يجب أن تبحث عن سبل وضع سياسة إعلامية تأخذ في الحسبان البعد الوطني والإقليمي والدولي، ولتجسيد ذلك ـ يقول محدثنا- يتطلب اعتماد تدابير يراها ضرورية، تبدأ على المستوى الوطني، والاعتماد الجماعي على النفس هو حجر الزاوية لنظام إعلامي نزيه ومنه التفاعل الضروري لفحص الأدوار التي يقوم بها الإعلام في الحفاظ على اللحمة الوطنية، ونشر قيم السلم والتعايش، ويشترك في ذلك كل الفاعلين في عمليات الاتصال من أفراد وجماعات ومصالح وهيئات وسلطات عامة وغيرها.

يؤكّد الإعلامي حفاصة أنه لابد من إعطاء الحق في المناقشة لأن الاتصال ينبغي أن يكون عملية غير محدودة للاستجابة والتفكير والنقاش، ويؤمّن هذا الحق اتفاقا حقيقيا بشأن العمل الجماعي، ويمكّن الفرد من التأثير على القرارات التي ينفذها أولئك الذين بيدهم السلطة الرابعة خدمة للصالح العام.

الصحفي يوسف سليمانيالصحافة فعل راق يتوافق مع قيم الدين الحنيف

يذكر الصحفي يوسف سليماني (مراسل عدة قنوات مشرقية)، أن الصحافة فعل إنساني راق وسلوك فكري مهم يتزامن عادة مع فعل الخير وصناعة الوعي وتنمية القدرات الفردية وتعميق التواصل الاجتماعي، مما يجعلها وسيلة تفاعل مع الشعوب والمجموعات البشرية التي تطمح من خلال الصحافة التي تشكّل الرابط القوي الذي يؤسس للفعل الأسمَى، الذي يطمح إليه البشر، وهو العيش في سلام وتعاون وتفاعل، أنه لن يتحقق ذلك، إلا إذا التزمت الصحافة بالقيم الإنسانية العليا المتمثلة في تحقيق السعادة الكاملة للبشرية.

يعتقد الصحفي سليماني أنّ تكريس قيم التعايش والسلم يظل رهانا كبيرا للصحافة الوطنية، لكن لا يمكن أن نتناوله بالتقييم المتبصّر، إلا في حالات الأزمات وطبيعة التناول الإعلامي للمشكلات الاجتماعية، وتتجلى مسؤولية الصحافة في العديد من القضايا ذات الصلة بتماسك المجتمع، وفي تجنب إثارة النعرات الجهوية والعروشية وتجنّب الخوض في أسبابها بطرق تمس بالمجتمع في تماسكه وتهدّد وحدته، الصحافة مسؤولة عن تناول هذه المواضيع بإيجابية تروج لقيم السلم والوحدة وتحذر من منزلقات الفتن بين أبناء المجتمع الواحد. يذكر الزميل سليماني أن القيم التي يتوجب على كل مؤسسة صحفية أن تلتزم بها، هي نفسها القيم التي يدعو إليها الدين الإسلامي الحنيف، ومهمة الصحافة أن تساهم في نقل هذه القيم من مساحة النظري إلى واقع التطبيقي، فمثلا خلال الأزمة الأمنية في غرداية، كان واجبا على الصحافة أن لا تنزلق إلى البحث في من فعل أولا ومن رد ثانيا، بل أن تبصّرَ القارئ بمخاطر الفتنة على الأمن والاستقرار، وأن تركز على دواعي التهدئة لا على أسباب تعميق الخلافات، وتعامل الصحافة مع ظواهر العنف في الرياضة، مثلا، يجب أن يكون إيجابيا ولا يعمق النزاع بين أنصار الفرق.

الصحفي عبد الحكيم أسابع (يومية النصر): هدفنا كإعلاميين أن نعزّز قيم  التكاتف  والتعايش السلمي

ذكر الزميل الصحفي بيومية النصر، أن وسائل الإعلام تعتبر من بين الدعائم الأساسية لتعزيز قيم السلم والاختلاف والتعايش مع الآخر، بالتالي هناك حاجة ماسة لإعلام وطني يحرص على نشر القيم والمبادئ القويمة من أجل المساهمة في بناء إنسان حر مقدّر لمبادئ الاختلاف، ومتفهّم لآراء الآخر ومؤمن بقيمة الحوار، باعتبار أن التعايش السلمي جزء من المجتمع، فأفراد المجتمع نسيج واحد داخل المجتمع، تجمع بينهم علاقات مشتركة، من الواجب على الجميع المحافظة عليها وصونها.

يؤكد الصحفي أسابع أنه على وسائل الإعلام أن تساهم في إبراز قيم التعايش والسلم والفكر الإيجابي، مع نشر ومحاربة الأفكار الهدامة، خاصة ما تعلق بنشر الفتاوى عبر آلاف الصفحات الافتراضية، التي تزيد في تأجيج الفتنة ونشر الفكر المتطرّف، ويذهب محدثنا إلى القول بأنّنا اليوم بحاجة إلى رفض الفكر المتطرّف والفكر الدخيل عن ديننا، مثلا، وإلى كل ما يدعو إلى الفُرقة، وأنه يجب علينا ـ كإعلاميين- أن نساهم بفعالية، في الدعوة إلى كل ما يعزز التكاتف والتعايش السلمي بين مختلف مكوّنات المجتمع المتنوع ثقافيا، كما كان لنا إسهامنا الواضح في أزمة غرداية مثلا قبل سنوات، عندما كنا من بين الوسائط التي ساعدت العقلاء على وضع أياديهم في بعضها، بالتالي إطفاء نار الفتنة.

الحاصل أنه من الصعوبة أن يعيش الإنسان مع نفسه دون أن يختلط مع بقية أفراد المجتمع، وحتى داخل الأسرة الواحدة، فالجميع يرتبطون بمصالح وأهداف وضرورات مشتركة، لأنّنا مجتمع إسلامي يدعوه دينه إلى التعاضد والتآزر والتكامل والمحبة والعيش معا بسلام في أي موقع كان، مع الاحترام الكامل للتنوع الثقافي داخل المجتمع.

يرى الزميل أسابع أنه يجب أن ينطلق التعايش بين الناس ابتداء من الثقة والاحترام المتبادلين، ومن الرغبة والتعاون على الخير في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، وفيما يمس حياة الإنسان حتى داخل الملاعب الرياضية، للقضاء على ظاهرة العنف داخلها، وللإعلام دور مشترك مع الأسرة الرياضية في إنجاح هذا المسعى.

❊ رشيد كعبوب

محمد الصالح حرز الله:ترسيخ القيم يحتاج لاستراتيجية إعلامية

يرى الأستاذ حرز الله أنّ قطاع الإعلام أصابه ما أصابه بعدما تريّف (الريف)، متسائلا عن غياب القانون في هذا الشأن، ومنتقدا بعض الممارسات الإعلامية خاصة في السمعي البصري مع القنوات التي تملك ميزانيات ضخمة لكنها لا تلتزم بالمعايير الإعلامية ولا تملك استراتيجيات واضحة ومضبوطة وخطا افتتاحيا ولا ثقافة إعلامية؛ مما ولّد الفوضى والرداءة، ومن ثم يرى المتحدث ضرورة إعادة النظر في المنظومة الإعلامية على أسس تتماشى والتنمية الوطنية ومتطلباتها. وبالنسبة لقيمة التسامح والسلم والعيش معا في المضامين الإعلامية، أكد حرز الله أنه لا علاقة لها بالمناسباتية، إذ أنها ثقافة دائمة تتجدد في كل مكان؛ شارع ومدرسة ومؤسسة وغيرها، وتستمر طول السنة ولا يتم استذكارها فقط في مناسبة محصورة في تاريخ يوم واحد، تماما كما هي الحال، مثلا، مع عيد المرأة؛ إذ يجب النهوض بنصف المجتمع واحترامه وتقديره طوال السنة وليس فقط في 8 مارس، وهكذا هي الحال سواء. ويضيف المتحدث أنه يجب تجاوز الاحتفالية الضيقة، والتي قد تتحول إلى خرق لهذه المبادئ في الأيام المتبقية من السنة، وبالتالي على الإعلام أن يعمل وفق إستراتيجية وطنية شاملة، تقوم على التوعية وغرس هذه القيم في الجمهور وفي المجتمع عموما.

ويقول حرز الله: «من الضروري اجتماع مدير المؤسسة الإعلامية لتجديد الخط الافتتاحي وتحديد المحاور والمفاهيم والقيم، إذ إن لكل شيء استراتيجية عمل، وبالتالي ستتعزز هذه القيم في داخل المؤسسة الإعلامية نفسها، فيلتزم الصحفي بها ولا يفكر يوما في تجاوزها والإخلال بها». 

مريم. ن

الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية سي الهاشمي عصادلابد من خطاب هادئ قائم على التعايش في ظل التعدد

أكد الأمين العام للمحافظة السامية للامازيغية سي الهاشمي عصاد، في تصريح لـ«المساء، أن الإعلام كان ولا يزال الرفيق الدائم لمختلف الأنشطة التي تقوم بها المحافظة السامية للأمازيغية، في مشروعها الرامي إلى تعميم تعليم اللغة الأمازيغية في كل المرافق التعليمية، بما في ذلك محو أمية كبار السن بهذه اللغة. مشيرا إلى أن المحافظة السامية وصلت إلى حد المراهنة على الإعلام في تكريس هذه القيم السامية، لأن قيم العيش في سلام تعتبر في حقيقية الأمر قناعة بنت عليها المجتمعات الأمازيغية أعرافها منذ الأزل، وتحتاج اليوم إلى التعريف بها. بالمناسبة، يقول: علينا اليوم الميل أكثر من أي وقت مضى إلى تكريس المصالحة اللغوية أو اللسانية، من خلال خطاب هادئ قائم على التعايش في ظل التعدّد، من خلال إيجاد الصيغ المناسبة لتحقيق هذا التواصل، وهذا لا يمكن أن يتحقق في غياب الإعلام الجاد والهادف الذي يعتبر شريكا محوريا في كل العملية.

من جهة أخرى، أشار محدثنا إلى أنه ينتظر أن يتم، تجسيدا لقيم السلم والعيش في سلام، تنظيم أكبر تظاهرة للشعر بمختلف الألسنة واللهجات الأمازيغية في نهاية السنة بولاية اليزي، التي ستحتضن مهرجان الشعر الأمازيغي، مما يعني ـ  يقول ـ أن التعدد اللساني والثقافي نعمة لابد من الدفاع عنها والترويج لها والافتخار بالخصوصية، وهذا لا يتحقق إلا بإشراك الإعلام بمختلف أنواعه المسموع والمرئي والمكتوب الذي يلعب دورا كبيرا في نقل صور هذا التعايش والجهود المبذولة في سبيل إقراره.

رشيدة بلال

الإعلامي عمار شكارالصحفي المحترف يعرف دوره الإنساني

من جهته، يرى الصحفي عمار شكار أن وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، تلعب دورا محوريا في الحفاظ على السلم ونشر ثقافة التعايش، ويعد الالتزام بالحياد والتحلي بالموضوعية أمرا مفصليا في العملية الإعلامية، وتظهر هذه الأخلاقيات لدى الصحفي عند معالجة القضايا والأزمات والصراعات، من خلال التعليقات التي ترسم إما صورة صحيحة، أو تضخم الأمور، بشكل يزيد في تعقيد الأمور ونشر ثقافة العنف والتوتر وتزيد في حدة الصراع، ويظهر ذلك جليا عند معالجة القضايا السياسية التي يتطلّب من خلالها أن ينصف الصحفي في نقل الرأي والرأي الآخر، ويركز على ما يخدم السلم والتعايش، ويستطيع الصحفي المتمرس والمتحلي بأخلاقية المهنة أن يوفق بين الآراء المختلفة والأفكار المتباينة، أن يوجّه المواضيع وجهة إيجابية، تخدم مسعى الوحدة والتفاهم، ويبتعد عن تغليب الآراء التي تزيد في تأجيج الفتنة، والتشجيع على العنف والفوضى والمساهمة إلى حد كبير، في تطوير السلم الاجتماعي والمحافظة على أمن البلاد.

من وجهة نظر الإعلامي شكار، فإن الأخطاء التي يمكن أن تقع فيها الصحافة، تنعكس سلبا على قيم السلم والتعايش، إنما تأتي جراء عدم الالتزام بأخلاقيات المهنة وضعف التكوين وغياب ثقافة التواصل الاجتماعي، خاصة مع الهئيات الرسمية، قائلا إن المسؤولية تعود علينا جميعا، وهذا لا يخدم مصلحة الوطن مضيفا أنّ غياب نقابة للمهنيين أثّر سلبا على واقع الصحافة والوطن عموما.

ر.ك