الباحث في التاريخ  والكاتب رابح  خدوسي لـ"المساء":

إحياء السنة الأمازيغية تكريس للحمة الوطنية

إحياء السنة الأمازيغية تكريس للحمة الوطنية
  • القراءات: 733
رشيدة بلال رشيدة بلال

 قال الباحث في التاريخ والكاتب رابح خدوسي، بأن الاحتفال بحلول السنة الأمازيغية، تحول إلى محطة هامة تجمع الجزائريين في عيد رسمي، يعكس البعد التاريخي وعمق الهوية الجزائرية، مشيرا إلى أن هذه الاحتفالية، بعد ترسيمها، أصبحت عيدا وطنيا بأبعاد اجتماعية وثقافية، تعزز اللحمة الوطنية وتحفظ الذاكرة العريقة للجزائر. 

تحضير مختلف أنواع الأطباق التقليدية وإعادة سرد مختلف الأساطير والروايات ونقلها للأجيال، من تلك المرتبطة بالأرض والتاريخ الأمازيغي في شمال إفريقيا، كلها تشكل عناصر للحمة الوطنية، ومظهرا من مظاهر التضامن بين الأسر، ما يعكس، حسب الباحث في التاريخ رابح خدوسي "تمسكهم بهويتيهم، بالإضافة إلى التفاف شمل العائلة الواحدة، بالتالي فإن الاحتفال بحلول السنة الأمازيغية تحول إلى عيد وطني ومناسبة هامة، تظهر البعد التاريخي للمجتمع الجزائري الأمازيغي.

مشيرا في السياق، إلى أنه "ينبغي الابتعاد عن كل التأويلات والتفسيرات لأسباب هذه الاحتفالية التاريخية، لأن المهم هو البقاء على ما وجدناه من تراث تمسك به السلف ونقله للخلف"، مقدما مثلا على ما تزخر به ولاية البليد، بقوله: أولى الاحتفالات بحلول السنة الأمازيغية، كانت تتم في جبال الأطلس البليدي، باعتبار أن المنطقة كانت عبارة عن تجمعات سكنية أمازيغية بربرية، وكانت تحتفل بحلول السنة الأمازيغية الجديدة، تيمنا ببداية الموسم الفلاحي، من خلال إحياء بعض العادات والتقاليد المرتبطة بتحضير بعض الأطباق، التي تعد من الأعشاب والحبوب الجافة، ويجري التفاؤل من خلالها ببداية موسم خير وبركة، وتعتبر المناسبة فرصة تتجدد فيها الأفكار والأمنيات لسنة مليئة بالخير.

أهم ما في الاحتفالية، حسب الباحث خدوسي "التمسك بالهوية والترويج للموروث الجزائري، الذي يعكس مدى ارتباط الفلاح بأرضه، فمثلا على مستوى أعالي جبال الأطلس البليدي، في عرش بني ميسرا وبني صالح، لا يزالون يحافظون على كل العادات والتقاليد المرتبطة بإحياء السنة الأمازيغية، من خلال ممارستها في حياتهم اليومية كتسمية الأراضي بالأمازيغية، في رمزية لإبقاء اللغة متداوَلة، وخدمة الأرض من خلال زراعتها والتفاؤل ببداية سنة زراعية ناجحة، ومبادرة النسوة لتخزين كل ما لذ وطاب من الفواكه والمكسرات، ومن ثمة إخراجها لأفراد العائلة، مثل التين المجفف والرمان والجوز والقسطل، وتوزيعها ليلة الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، والتجمع بعد وجبة العشاء، في قعدة عائلية، لترديد بعض الأساطير المرتبطة بالعجوز، وتحديها شهر جانفي في زمن الثلوج".

مشيرا إلى أنه، على الرغم من كون القصص التي يتم روايتها عبارة عن أساطير، إلا أنها تُعد جزءا من  التراث اللامادي، الذي يدخل في القصص الشعبية والمعتقدات التي كانت متداوَلة، والتي يجب حفظها، من خلال تداولها في مثل هذه المناسبات، لأنها تشكل شطرا من التراث.

ويختم الباحث رابح خدوسي بالقول: "بعيدا عن الروايات التاريخية والصراعات الإيديولوجية والحضارية حول احتفالية يناير، فإن كل ما يهم في الاحتفالية، مظاهرها وفوائدها الاجتماعية والوطنية، بعد ترسميه، تحول إلى احتفالية وطنية تحييها كل الأسر الجزائرية، وتتمنى من خلالها أن ينعم علينا المولى عز وجل بموسم فلاحي ممطر وخير، لافتا إلى أن هذه المناسبة  الوطنية يعول عليها لتوحيد المجتمع وبناء مستقبل زاهر للأبناء.

 


 

لتعريف الأجيال بعادات ومعتقدات الأجداد.. قافلة متنقلة للكتاب الأمازيغي وتظاهرات حرفية 

 اختارت مديرية الثقافة والفنون لولاية البليدة، احتفالا بحلول السنة الأمازيغية الجديدة 2974، بالتنسيق مع بعض المديريات ذات الصلة، ممثلة في مديرية السياحة والصناعات التقليدية ومديرية الشباب والرياضة، من أجل التنويع في البرامج الاحتفالية، وجعلها فرصة لإبراز كل ما له علاقة بالموروث الجزائري الأمازيغي.

تم حسب مدير الثقافة لولاية البليدة، حاج مسحوب، "تسطير الاحتفالية على مدار ثلاثة أيام 09 /10 /11من شهر جانفي، يتم من خلالها إطلاق قافلة ثقافية، تحتوي على معارض تروج للتراث المادي واللامادي الذي تشتهر به ولاية البليدة، وتحديدا جبال الأطلس البليدي، وكذا تظاهرات لإبراز العادات والتقاليد ومختلف الصناعات التقليدية، التي تنفرد بها الولاية، خاصة تلك المرتبطة بالتراث الأمازيغي لسكان الأطلس البليدي"، إلى جانب تنظيم قعدة تقليدية توزع فيها أكلات شعبية، تحضر عادة بالمناسبة والغنية بالأعشاب والحبوب التي تعد تفاؤلا ببداية السنة الفلاحية".

 ودعا المتحدث بالمناسبة، سكان البليدة، إلى اكتشاف التراث الأمازيغي لسكان الأطلس البليدي على مستوى المركز الثقافي. الجديد هذه السنة في احتفالية يناير، حسب مدير الثقافة حاج مسحوب، "إطلاق المكتبة المتنقلة لعرض الكتاب الأمازيغي، إلى جانب تنظيم معارض مماثلة حول الكتب الأمازيغية في كل المكتبات القطاعية، على مستوى كل من بلدية الأربعاء والعفرون وبوعينان"، وذكر أن "هذه الاحتفالية الوطنية والتظاهرة الثقافية، يتخللها أيضا تنظيم مسابقات حول التراث الأمازيغي، بالتنسيق مع مديرية التربية، موجهة لأطفال المدارس، حول كل ما يتعلق بمظاهر الاحتفال بهذا العيد الوطني، لحثهم على البحث في التراث"، لافتا إلى أن الهدف من كل هذه المظاهر الاحتفالية "هو إحياء الأيام والأعياد الوطنية، وتعريف الأجيال بعادات والتقاليد التي مارسها الأجداد قديما، ومنه ضمان الاستمرارية والحفاظ على الذاكرة وحماية تراثنا من الاندثار، ومنه تثمينه من خلال إضافة بعض الخصوصيات التي تنفرد بها الولاية".

وردا على سؤال "المساء"، حول مدى اهتمام المجتمع البليدي بمثل هذه التظاهرات الاحتفالية المرتبطة بإحياء التراث، أشار المتحدث إلى أن مثل هذه الاحتفالات لا يزال يحرص عليها كبار السن، من الذين يدركون أهميتها، كونها تشكل جزءا من الهوية، غير أن الجيل الجديد بحاجة إلى تذكيره بها، لضمان الاستمرارية، من خلال شدهم إليها عن طريق تنظيم التظاهرات الاحتفالية والمسابقات التي تذكرهم في كل مرة، بأصالة التراث الجزائري الضارب في عمق التاريخ.

 


 

بادرت إليها جمعية "نواهل التيطري" لترقية حقوق الطفل.. عروض بعرائس "القاراقوز" في احتفالية يناير

فضلت نهلة سعاد فخار، رئيسة جمعية "نواهل التيطري" لترقية حقوق الطفل من ولاية المدية، أن تنقل الاحتفالات بالسنة الأمازيغية الجديدة للأطفال، عن طريق عروض مسرحية، أبطالها دمى العرائس أو ما يعرف بـ"القاراقوز"، وحسبها، فإن أسهل طريقة لترسيخ عادات وتقاليد الجزائر لدى الأطفال، تكون من خلال تبسيط الرسالة، وجعلها تصل إليهم عن طريق  عروض مسرحية يتقاسمها الحكواتي ودمى "الماريونيت"

إبراز قصص من التراث الجزائري الأمازيغي، بمناسبة الاحتفال بحلول السنة الأمازيغية الجديدة، والتعريف بالعادات  والتقاليد التي تميز بها سكان الشمال، عند حلول السنة الأمازيغية الجديدة، هو موضوع العرض المسرحي الذي اختارته جمعية "نواهل التيطري" لترقية حقوق الطفل، والذي شرعت فيه خلال العطلة الشتوية، تقول رئيسة جمعية "نواهل التيطري"، السيدة نهلة سعاد فخري، وتضيف في معرض حديثها مع "المساء"، بأنها تسعى من خلال عرائس "الغاراغوز" إلى إعادة بعث التراث الجزائري في شكل عروض مسرحية، تأخذ هي فيها دور الحكواتي، بينما تلعب أصابعها على تحريك العرائس لتقديم صورة واضحة حول موضوع النص المسرحي، والذي تضيف "أبت أن يكون موضوعه الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة.

وذلك من خلال سرد القصة الخرافية الشهيرة، للعجوز التي تمثل المرأة الجزائرية القوية، والتي جعلت شهر يناير يطلب من فبراير أن يعطيه يومين، حتى ينتقم من العجوز المثابرة التي قاومت البرد، لتتمكن من العيش رفقة أغنامها، مشيرة إلى أن العبرة من سرد القصة، هو محاولة ربط الجيل الجديد بالتراث، حيث يتم الاعتماد في العرض المسرحي، على إبراز اللباس التقليدي الجزائري، ومدى ارتباط السكان بالأرض، واعتزازهم بخدمتها، من خلال الاحتفال  بموسم البذر والحرث، تفاؤلا ببداية سنة فلاحية مليئة بالخير، لافتتا" إلى أن تبسيط المعلومة وتقديمها في قالب مسرحي عن طريق "الماريونات"، يساعد على ترسيخ المعلومة ويشد انتباه الأطفال الذين يحبون مثل هذه القصص".

من جهة أخرى، أشارت رئيسة الجمعية "إلى أنها تسعى أيضا من خلال الترويج لمسرح المرايونات، إلى إعادة بعث فن الحكواتي، الذي يعتبر أيضا من التراث الجزائري القديم، الذي يسير نحو الزوار، بسبب موجة التكنولوجيا والانتقال من الأسرة الكبيرة المكونة من الجد والجدة، إلى الأسرة الصغيرة، كلها، تردف المتحدثة، "معطيات جعلت الأطفال لا يعرفون ما المقصود بالحكواتي، ويجهلون الكثير عن التراث الجزائري"، وحسبها "فإن جمعيتها تعتبر الأولى التي حملت على عاتقها التعريف بالتراث الجزائري، ممثلا في فن الحكواتي عن طريق مسرح الماريونات، هذه الدمى التي تقوم هي بتحضيرها وتجهيز ملابسها وكتابة النصوص، ومن ثمة عرضها على جمهورها الصغير".

وحول مدى تفاعل الجمهور الصغير مع عروض "الماريونات"، أكدت المتحدثة أنه ما أن يبدأ العرض المسرحي، يعم السكوت  ويشد انتباه الأطفال إلى ما يتم روايته من قصص على لسان الحكواتي، مشيرة في السياق إلى "أنه إلى جانب العرض المسرحي الخاص بالاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة، قدمت عروضا مسرحية أخرى، تتناول دائما التراث الأمازيغي، ممثلة في أحداث القصة المشوقة "أفافا ينوفا"، التي تروي أحداث البنت "غريبة" التي تزور أباها في الغابة، حيث كان يحرس كوخا فيه مؤونة، فيهجم الوحش على أبيها، بعدما اكتشف كلمة السر وهي "رنين الأسوار"، ويذهب إخوتها لحرق الوحش، مرفقا بمقاطع موسيقية من التراث الأمازيغي.