محمد راتني، رئيس المجلس الشعبي البلدي لعين طاية لـ”المساء”:

“نطالب بتغيير القوانين المسيرة لشريطنا الساحلي”

“نطالب بتغيير القوانين المسيرة لشريطنا الساحلي”
  • القراءات: 1392
ع.إسماعيل ع.إسماعيل

يعتبر رئيس بلدية عين طاية، محمد راتني، أن منطقة عين طاية تحاول منذ عدة سنوات، الحفاظ على طابعها الفلاحي ونسيجها العمراني اللذين يميزان جمالها الساحر، بصفتها منطقة ساحلية تتواجد قبالة البحر الأبيض المتوسط، ويزاول سكانها طيلة فصول السنة، النشاط الفلاحي والصيد البحري بمختلف الوسائل المستعملة في هذه الحرفة. غير أن منطقة عين طاية، لا تخلو ـ حسب رئيس البلدية، محمد راتني، من بعض الأوضاع الصعبة التي تعكر الحياة، لاسيما في جانب نقص مناصب الشغل الذي زاد في تنامي نسبة البطالة لدى الفئة الشبانية.

أمام هذا الوضع، يضطر بعض الشباب إلى التوجه للفلاحة، فيما يحاول البعض الآخر إيجاد مناصب عمل من خلال اللجوء إلى وكالات التشغيل، بما أن عين طاية لا توجد فيها مصانع أو إدارات كبيرة يمكنها امتصاص هذه الظاهرة، حيث أن الأغلبية الكبيرة من الشباب العاطل يبحث عن فرص العمل على مستوى المنطقة الصناعية لكل من الرويبة والرغاية القريبتين من عين طاية.

عجز مالي يعيق سياسة البلدية

تعاني بلدية عين طاية، من عجز مالي يقارب 3 ملايير سنتيم، يعيق التسيير الحسن لهيئاتها ومصالحها، حسب ما أكده لنا رئيسها السيد محمد راتني، الذي أرجع هذا الوضع إلى عدة أسباب، منها بشكل خاص، عدم حصولها على مستحقاتها المالية في الكثير من المجالات.

وقد سرد لنا السيد راتني، بعض العمليات التي تنجزها البلدية بأموالها ووسائلها الخاصة، كونها ذات منفعة عامة، تأمر عادة ولاية الجزائر بضرورة الشروع في التكفل بها. “نحن كبلدية لا يمكننا التملص أو التهرب من الأوامر، ومن التعليمات التي تصدر من الولاية التي تحث على ضرورة إنجاز بعض المشاريع الولائية، تحسب تكاليفها المالية على عاتق خزينتنا، ونجد أنفسنا ـ يضيف المتحدث- في الكثير من الحالات مرغمين على الاستجابة، كون هذه المشاريع ذات منفعة عمومية، ولها أهمية كبيرة، كونها تحد من المشاكل التي يعاني منها المواطن. لكن للأسف، الكثير من هذه العمليات نحققها بدون أن نجني منها فوائد مادية، لأنه بصراحة، الولاية لا تعوضنا على ما تكبدته خزينة البلدية من خسارة. حتى وإن كانت هناك تعويضات، فإنها تأتي في غالب الأحيان متأخرة بشهور، وأن هذا التأخر في الاستجابة لحاجياتنا المالية لا يساعدنا على ضبط أمورنا كيف ما نريد في مجال تسيير البلدية”.

من بين هذه العمليات التي تساهم في إنجازها البلدية بوسائلها وأموالها الخاصة، ولا تدر عليها أموالا كثيرة بسبب طابعها الولائي، تهيئة الشواطئ قبل انطلاق موسم الاصطياف، وعددها 6 هي شواطىء عين طاية، وتاماريس وكاف عرعار وسيركوف، وديكابلاج، والشاطئ الأزرق. وقال محدثنا في توضيحه حول تسيير الشواطىء: “إن استمرار البلدية في التكفل بهذه العملية من أموالها الخاصة، يجعلها الخاسر الأكبر لغياب قوانين تسمح لها بالتصرف في مداخيل حظيرة الشواطئ، التي تتسع لركن 90 سيارة، وتشتغل ليلا ونهارا، وتضطلع بتسييرها المؤسسة الولائية لتسيير الحظائر التي تجني منها فوائد مالية معتبرة، كما تجني لوحدها أيضا مداخيل مالية في حظيرة توقف السيارات المحاذية لمستشفى عين طاية.

هذا الوضع المتناقض في مجال التسيير لا يخص -حسب رئيس البلدية- فقط موضوع ركن السيارات على مستوى الشواطيء، وبعض مساحات المدينة، بل نجده في مجال تسيير الأكشاك الموجودة قرب الشواطىء، حيث أن المداخيل المالية لهذه الأخيرة تقبضها مؤسسة الحظائر والتسلية الولائية، لتبقى البلدية المتفرج والخاسر الكبير، بسبب التطبيق غير المنصف للقانون، حسب تأكيد رئيس المجلس الشعبي لبلدية عين طاية، الذي أشار إلى التناقض الكبير بين ما هو مطبق على أرض الواقع، وتعليمة الولاية التي تحث البلديات على استحداث الثروة، وتحقيق الاكتفاء المالي. قال المتحدث في هذا الشأن؛ “بلديتنا لن تحقق الثروة فحسب، بل لا يمكنها تحقيق التوازن في ميزانيتها، ما دامت القوانين الخاصة بتسيير الشواطيء والحظائر مجحفة في حقها. لذا، نطالب بإلحاح إدخال تغييرات سريعة وجذرية على هذه القوانين، التي تمكننا من الحصول على مداخيل مالية تعود إلينا أصلا، كوننا بلدية ساحلية لها حق مشروع في استغلال تسيير الشواطئ التي تمتد على كيلومترات.

بالرغم من كل هذا الإجحاف المالي الذي تعاني منه، ساهمت بلدية عين طاية بصفة فعالة، في تطبيق المخطط الصيفي بكل ما تملك من وسائل مادية وبشرية، حيث رافقت المؤسسات المعنية بهذه العملية، وهي “إيكسترانات” (مصلحة البيئة)، “أوديفال” (مؤسسة تتنمية المساحات الخضراء لولاية الجزائر)، و"أسروت” (مؤسسة صيانة شبكة الطرق والتطهير)، ومؤسسة الأثاث والرفاهية الحضرية التابعة لولاية الجزائر، المكلفة بإنجاز الشاليهات ووضعها بمحاذاة الشواطئ، حيث تحرص على حمايتها من التلف، فضلا عن تواجد مصالح الشرطة والدرك وأعوان مؤقتين مكلفين بالحفاظ على الأمن، وآخرين يقومون بعمليات الإغاثة عند حدوث حالات الغرق في البحر، وهم تابعين للحماية المدنية.

السكن متوفر للفئات المتوسطة فقط

كغيرها من البلديات الأخرى الموجودة عبر التراب الوطني، تسعى بلدية عين طاية بكل جهدها، إلى التقليل من حدة أزمة السكن. وأشار المسؤول التنفيذي حول ملف السكن، إلى أن حلول التخفيف من حدة هذه الأزمة  موجودة في عين طاية، كون هذه المنطقة تتوفر على عدد من الأوعية العقارية في كل من حي الرمل وحي سي بوعلام العلوي، وحي ديار الغرب. وهي 3 أماكن مساحاتها شاسعة لتشييد سكنات، ولم يبق سوى تطبيق الآليات الموضوعية التي تتعلق بكيفية توفير السكن، سواء الموجه للبيع أو تلك التي تصلح للفئات المتوسطة والفقيرة.

تنتظر بلدية الرويبة الآن، استقبال الاقتراحات من مصالح البلدية المكلفة بالسكن، لاتخاذ الترتيبات القانونية الخاصة بالشروط التي تتوفر في طالبي هذه السكنات. وتابع محدثنا قائلا “تحصلنا لحساب السنة الجارية من ولاية الجزائر على 458 سكن، منها 158 في إطار السكن الترقوي المدعم (LPA) التي نعتبرها حصة ضعيفة مقارنة بالحصص التي استفادت منها البلديات الأخرى في العاصمة، لكنها سكنات تتلاءم بشكل خاص مع المحتاجين من الطبقة المتوسطة، التي تتوفر على شروط  الاستفادة من هذا النوع من السكنات، وقد استلمنا الملفات ونحن بصدد دراستها، والأولوية في السكن لمن استوفت فيه شروط الاستفادة.

وقد حددنا حسب رئيس البلدية، دفع مبلغ قيمته 250 مليون سنتيم كشطر أولي لكل فرد يجد اسمه في قائمة المستفيدين، بينما استفادت البلدية في برنامج السكن العمومي الإيجاري، من 300 وحدة سكنية موجهة خصيصا للطبقات الفقيرة.

يذكر أن المصالح المختصة على مستوى البلدية، درست منذ فترة الملفات، وضبطنا القائمة النهائية للمستفيدين، والتي عاينتها لجنة من الدائرة الولائية، حيث سيتم نشر القائمة في الأيام القليلة القادمة. كما أن البحث عن السكن الاجتماعي من قبل العائلات الفقيرة والمعوزة فيه كثير من العراقيل، لاسيما فيما يتعلق بشروط الاستفادة التي أصبحت لا تساير الظرف الزمني الحالي، وقد استقبلت البلدية منذ 1996، ما لا يقل عن 1000 ملف خاص بالسكن الاجتماعي.

مديرية الشباب والرياضة في قفص الاتهام

يسجل قطاع الرياضة ببلدية عين طاية، الذي يعاني عجزا كبيرا، تأخرا في إنجاز وإتمام المشاريع الرياضية، لاسيما تلك التي تمولها مديرية الشباب والرياضة لولاية الجزائر. وأعاب رئيس بلدية عين طاية على هذه الأخيرة، تملصها من مسؤوليتها في مجال الإسراع في تطبيق برنامج تدعيم النشاط الرياضي، والمتمثل في إنهاء أشغال عدة منشآت رياضية، منها الملعب الجواري ديار الغرب القديمة، والملعب الجواري بحي الغرب، ومدرجات الملعب البلدي لعين طاية، والقاعة الرياضية بحي ديار الغرب، وأكاديمية كرة القدم بالمدينة .

قال في هذا الإطار: “صراحة نحن في بلدية عين طاية، مستاءون جدا من تراجع مديرية الشباب والرياضة لولاية الجزائر، في استكمال هذه المشاريع التي ينتظرها شباب المنطقة وما جاورها بفارغ الصبر، كونها ستخلق متنفسا جديدا لممارسي الرياضة في شتى الاختصاصات، وتدعم بشكل خاص المنشآت الموجودة”. وأضاف “تقريبا كل المنشآت الرياضية التابعة لبرامج مديرية الشباب والرياضة، ميزانيتها متوفرة ومدعمة من الدولة، بما في ذلك المسبح شبه الأولمبي ودار الشباب، إذ تجري أشغال إنجازهما بشكل منتظم. فما الذي يمنع هذه المديرية من استكمال البرامج المتأخرة في أسرع وقت ممكن؟ وقد راسلت مديرية الشباب والرياضة لولاية الجزائر في هذا الموضوع، الوالي المنتدب للدار البيضاء، ونتمنى أن يتدخل بسرعة لكي يحسم بصفة نهائية في ملف المنشآت الرياضية التي تأخر إنجازها”.

للإشارة، المعروف عن عين طاية، أنها منطقة هادئة يقطنها سكانها الأصليون، وتتواجد في الجهة الشرقية للجزائر العاصمة، وهي تابعة إداريا لدائرة الولاية المنتدبة الدار البيضاء، هي في الأصل منطقة تابعة منذ الاستقلال إلى ولاية الجزائر، لكن سنة 1984 ربطتها وزارة الداخلية مع بومرداس، بعد تحويل هذه الأخيرة إلى ولاية جديدة، ليتقرر من جديد في 1994، ربطها مرة أخرى مع ولاية الجزائر، شأنها شأن الرغاية والرويبة. عدد سكان منطقة عين طاية يقارب اليوم الأربعين ألف نسمة وتبعد عن العاصمة بثلاثين كيلومتر. نسبة كبيرة من نسيجها العمراني متكون من مبان قديمة، البعض منها بقي على حاله، والبعض الآخر تم تحويله إلى بناءات وفيلات عصرية، ولم تشهد عين طاية تشييد عمارات إلا في نهاية الثمانينات، بعد تفاقم أزمة السكن التي ولدت تطبيق البرامج السكنية بمختلف صيغها وآلياتها. لكن أكثر ما يميز عين طاية ويجعلها منطقة جذابة؛ الحيوية الكبيرة التي تشهدها خلال موسم الصيف، حيث يقصدها بأعداد كبيرة، زوار شواطئها الممتدة على شريط ساحلي طوله سبعة كيلومترات. البعض يعتبر عين طاية بوابة الجزائر من الجهة الشرقية، لما لها من طرق ومخارج عديدة توصلك إلى العاصمة، منها ما تمر عبر الساحل البحري المؤدي مباشرة إلى ميناء الجزائر، ومنها المسالك الثانوية التي تربطك بالطريق الوطني رقم 5 المؤدي إلى العاصمة، وإلى جهتها الغربية - الشمالية. وتحتوي منطقة عين طاية على أراض زراعية يجري فيها الاستثمار في شكل مجموعات فلاحية منتجة للخضر والفواكه، ويستغلها أصحابها لبيع سلعهم محليا، أو تصديرها إلى المناطق المجاورة، منها بشكل خاص الرغاية والرويبة.