تُعرض للبيع في مساحات تجارية بالعاصمة

مواد استهلاكية فاسدة وراء تسممات وأمراض خطيرة

مواد استهلاكية فاسدة وراء تسممات وأمراض خطيرة
  • القراءات: 1409
روبورتاج: هدى.ن روبورتاج: هدى.ن

تُعرض على مستوى عدد من المساحات التجارية بالعاصمة، منتوجات غير صالحة للاستهلاك، تحمل مواصفات المنتوج غير الصحي، والتي تؤكد حالات التسمم الغذائي المتزايدة، التي يتم رصدها على المستوى المحلي والوطني، حيث تتصدر ظاهرة عرض مواد غذائية غير مطابقة للمواصفات، قائمة الأسباب الرئيسة وراء التسممات الغذائية الجماعية، التي مست 1529 شخص على المستوى الوطني من مجموع 4517 حالة سُجلت خلال 2021، و295 حالة خلال شهر جويلية المنصرم لوحده.

يعمد عدد من أصحاب محلات البيع بالتجزئة والمساحات التجارية، إلى عرض منتوجات غذائية غير صالحة للاستهلاك، على رفوف محلاتهم. وينقاد المستهلك بدون أن يتأكد من سلامة هذه المنتوجات، إلى اقتنائها وحتى استهلاكها، إلا في حالات استثنائية، يكون فيها الخلل ظاهرا، ولا يتفطن له في بعض الحالات بعد مغادرة المحل. ويحدث هذا في ظل غياب ثقافة معاينة المنتوج من المستهلك الجزائري وتفقّد العلبة، والتأكد من سلامة التعبئة والرزم، كأول خطوة، والوقوف على ما تحمله المنتوجات الغذائية من معطيات تخص تركيبتها، ومدة صلاحيتها، وكل ما له علاقة بالبيانات التوضيحية التي تخص المواد الغذائية، والتي تهدف إلى ضمان سلامة وصحة المستهلك.

وكثيرة هي الحالات التي وقع فيها المستهلك ضحية عدم انتباهه، واقتنائه منتوجات تشكل خطرا على صحته وصحة أفراد عائلته. ولا يقف عدد منهم على حقيقة الأمر، إلا بعد مرور يوم أو يومين من شراء المنتوج. وكثيرة هي الحالات التي استهلك فيها أطفال مواد سريعة التلف من مشتقات الحليب، خلّفت لهم تسممات غذائية خطيرة.

انتفاخ واضح في علب مشتقات الحليب

تؤكد ربة بيت وقوفها على انتفاخ واضح في علبة ياغورت، اقتنتها من إحدى المساحات التجارية بالعاصمة، ولم تكن أول مرة يحدث لها ذلك. كما وقف مواطن آخر على جزيئات سوداء اللون، وأخرى خضراء، كانت عالقة داخل محتوى العلبة. ولحسن حظه تفطن للأمر قبل تناوله المنتوج.

وأكدت إحدى المواطنات اعتادت التسوق من المساحات التجارية، أنها وقعت عدة مرات، ضحية هذا النوع من الغش، ولسوء حظها ـ تقول ـ لا تتفطن للأمر إلا بعد فوات الأوان، ولا يمكنها استرجاع أموالها لأسباب مختلفة، منها مرور يوم أو يومين على تسوقها. وتحمّل محدثتنا نفسها مسؤولية وقوعها في هذا الفخ، كما تحمّل صاحب المساحة التجارية، مسؤولية عرض منتوجات غير صالحة للاستهلاك، وهو ما يعرّض ـ حسبها ـ حياة المواطن للخطر. وتضيف أنها لم تعد تتسوق من المساحة التجارية التي اعتادت التردد عليها.

ومن التجار من يلجأ إلى تصفية المخزون غير الصالح للاستهلاك، من خلال تخفيض أسعاره. وتشمل القائمة إلى جانب المنتوج المحلي، حسب ما لاحظنا، المنتوجات الغذائية المستوردة، على غرار الأجبان، والشكولاطة، والقهوة، وحتى العصائر والمشروبات الغازية.

مخالفات مستترة تكشفها، كذلك، المعاينات الميدانية، والتحاليل المخبرية التي تجريها مصالح التجارة على المواد الغذائية المعروضة للبيع على مستوى المحلات التجارية، وتقف وراء حدوث تسممات غذائية لأسباب متعدة، منها عدم احترام إلزامية إعلام المستهلك، وعدم احترام مطابقة المنتوج من حيث التحاليل، وعدم احترام إلزامية أمن المنتوج، وعدم احترام الرقابة المسبقة عليه. وهي مخالفات لا يمكن المستهلكَ الوقوف عليها في الميدان حتى وإن كان من الذين يدققون في المعطيات التوضيحية للمنتوج المسوَّق.

ضبط مواد غير صالحة للاستهلاك على رفوف المحلات

كشف تقرير لمصالح وزارة التجارة وترقية الصادرات حول التسممات الغذائية، تصدّر ظاهرة اقتناء مواد غذائية غير مطابقة من المحلات والمتاجر، قائمة التسممات الجماعية التي سُجلت خلال السنة الماضية 2021، والتي أدت إلى إصابة 1529 شخص من مجموع 4517 حالة مسجلة على مستوى التراب الوطني.

وتم، حسب نفس المصدر، تسجيل 37 حالة تسمم غذائي جماعي، خلال جويلية من السنة الجارية 2022، مست 295 شخص بسبب اقتناء منتوجات معروضة للبيع.

وحسب المديرية العامة للرقابة الاقتصادية وقمع الغش، فقد تم خلال شهر أوت المنصرم، رصد 167 منتوج غير مطابق من 253 متعامل اقتصادي، منها 141 منتوج محلي، و75 مستوردا، و51 منتوجا مجهول المصدر.

ومن خلال أكثر من 14 ألف تدخّل من مصالح الرقابة وقمع الغش، تمت معاينة 851 مخالفة على مستوى تجار التجزئة، وقطاع الخدمات، والوحدات الإنتاجية، وتجار الجملة.

وبالموازاة مع ذلك، قامت نفس المصالح باقتطاع 414 عينة قصد إجراء التحاليل الميكروبيولوجية والفيزيوكيميائية، للتأكد من مدى استجابتها للمواصفات والمعايير المعمول بها، ثبت منها 98 عينة غير مطابقة بنسبة 24 ٪، ورصد 62 منتوجا غذائيا غير مطابق، بنسبة 61 ٪ من نسبة المنتوجات غير المطابقة؛ منها المثلجات، والمكملات الغذائية، والحليب، ومشتقاته، والمياه، والمشروبات الغازية والعصائر، وملح الطعام.

وفي ظل هذه المعطيات تمت متابعة 167 متعامل اقتصادي مخالف، في مختلف مراحل عرض المنتوجات للاستهلاك، واقتراح إغلاق 20 محلا تجاريا. كما تم حجز وسحب وإتلاف أطنان من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك، قاربت 39 طنا، و10 آلاف لتر من مختلف المواد السائلة، بقيمة 100 مليون سنتيم.

المواد غير المطابقة مسرطنة مع الوقت

تؤكد السيدة "أ.ف" مختصة في الكيمياء والبيولوجيا لـ "المساء"، أن سوء التخزين أو وجود أي خلل في سلسلة إنتاج أو تعبئة مشتقات الحليب على سبيل الذكر لا الحصر، يعرّض المنتوج لدخول هواء، من شأنه الإخلال بسلامة المنتوج، وهو ما يفسر وجود انتفاخ في العلبة حتى قبل انتهاء الصلاحية، ويكون ذلك بسبب الغازات التي تفرزها البكتيريا المتشكلة بفعل هذا الخلل.   

وتظهر على المواد سريعة التلف وتحديدا الحليب ومشتقاته، حسب المتحدثة، آثار التلف عند انتهاء مدة صلاحيته أو تعرضه لتغيّر في سلسلة التبريد، على عكس المواد التي تحوي مواد حافظة لا يمكن الوقوف على خطرها.

ومن المواد الغذائية ما نجد فيها آثار تلف قبل انتهاء مدة صلاحيتها، وهنا المشكل يكون على مستوى المصنع. ويمكن مصلحة مراقبة النوعية على مستوى الوحدة المنتجة، التفطن لمثل هذا النوع من الخلل، وعدم تسويق المنتوج.

وتضيف المتحدثة أن خطورة مثل هذه الحالات، لا تكمن في ظاهر الضرر الذي يمكن التعامل معه، وإنما في تبعاته الخطيرة على صحة المستهلك، التي تظهر مستقبلا؛ بسبب استهلاك مواد غذائية غير مطابقة وتالفة، وهو ما يؤدي، لا محالة، إلى ظهور أمراض خطيرة، منها المرض الخبيث "السرطان".