دعوا لإشراك مخابر البحث الجامعية

منتجو العنب يتطلعون لترقية بعض الأصناف المحلية

منتجو العنب يتطلعون لترقية بعض الأصناف المحلية
  • 181
حنان. س حنان. س

❊ 60 عارضا و10 مؤسسات مهنية في الطبعة السادسة لعيد العنب 

❊ فلاحون يضعون تجربتهم لترقية صنف "احمر بوعمر"

❊اعتزاز كبير بالنوعية التي حققها عنب بومرداس وترجيح ميزان العرض عن الطلب

❊ المطالبة مجددا بتأهيل بعض السدود والإسراع في تهيئة سوق جملة للعنب

دعا مهنيو شعبة الكروم ببومرداس، إلى تفعيل مخابر البحث العلمي على مستوى جامعات الوطن؛ من أجل تثمين منتوج العنب. ووجهوا في هذا الصدد، نداء لوزارتي الفلاحة والتعليم العالي للتنسيق من أجل تجسيد هذا المطلب، الذي سيكون له شأن كبير في مجال إنتاج أنواع أكثر مقاومة لحساسية الأمراض الناجمة عن الفطريات، ومقاومة أيضا للتغيرات المناخية التي تزداد آثارها سلبا على عالم الفلاحة سنة تلو أخرى. كما جددوا رفع ندائهم بإعادة تأهيل بعض سدود الولاية؛ من أجل استغلالها في السقي الفلاحي.

احتضنت دار الثقافة لمدينة بومرداس، أول أمس، فعاليات الطبعة السادسة لعيد العنب؛ في تقليد موسمي قار، يبرز قدرات الولاية في إنتاج عنب المائدة، حيث تشير المعطيات في هذا الصدد، إلى توقع إنتاج قرابة 5 ملايين قنطار في أحد أحسن المواسم الفلاحية. ويعود ذلك بالأساس، الى عدة عوامل، أبرزها الخبرة الطويلة لفلاحي الولاية في هذه الزراعة، لا سيما في استعمالهم تقنية العريشة؛ ما حقق نتائج إيجابية على مر السنوات، جعلت بومرداس الأولى وطنيا في إنتاج العنب. 

تفعيل دور مخابر البحث الجامعية

ورغم ما تحقق لشعبة الكروم بولاية بومرداس من مكاسب، تبقى رهينة العديد من العراقيل التي قد تحول دون تطويرها وترقيتها أكثر، لا سيما ما تعلق بامتصاص الفائض من المنتوج في ظل غياب مصانع للتحويل، وتسهيلات من أجل التصدير، حيث تسجَّل محاولات فردية في هذا الشأن، لا ترقى للمستوى المطلوب، فيما يبقى عامل التسويق وطنيا، إشكالا آخر يُطرح بإلحاح حتى بعد فتح سوق للجملة بمنطقة برج منايل، ناهيك عن إشكالية السقي الفلاحي التي تطرح نفسها بالرغم من تراخيص حفر الآبار الارتوازية لصالح الفلاحين، بينما يطفو مطلب آخر على السطح، يتعلق بإدراج مراكز ومخابر البحوث العلمية التابعة للجامعة الجزائرية في الميدان؛ من أجل مرافقة الفلاح في إنتاج أصناف أكثر مقاومة للأمراض والتغيرات المناخية.

وفي هذا السياق، وجّه الفلاح محمد مدقة منتج عنب المائدة من منطقة بغلية، نداء إلى وزارتي الفلاحة والتعليم العالي على السواء، للعمل المشترك من أجل إجراء بحوث علمية عن طريق مخابر البحث التكنولوجي في مجال الفلاحة، وإنتاج أصناف أكثر مقاومة للأمراض والحساسية، وللتغيرات المناخية، متحدثا عن نوع "الرادغلوب" الذي قال إنه منتوج جامعة أمريكية سنة 1958 وليس وليد المزرعة، حيث كان نتاج دراسات وبحوث علمية لسنوات طويلة؛ حتى أصبح اليوم، في طليعة الأنواع المنتجة بعد أن اكتسح بقية الأنواع بالنظر إلى مقاومته لعوامل الطبيعة والحساسية من الأمراض، وبالنظر إلى مردوديته الكبيرة، مبديا رغبته في أن يتم إجراء دراسات مماثلة؛ من أجل تثمين بعض الأصناف المحلية عبر مخابر البحث العلمي، ومنه "احمر بوعمر" ، وهو صنف محلي للعنب يوشك على الإنقراض ـ يقول ـ رغم أنه من أجود الأنواع على الإطلاق، مرجعا السبب إلى غزو الأصناف الجديدة المُستقدمة بالنظر إلى الأسباب التي ذُكرت.

من جهة أخرى، قال السيد مدقة الذي تحدّث إلـى "المساء" على هامش عيد العنب، " لتطوير الفلاحة عموما، لا بد من تنسيق كلي متعدد القطاعات، وليس، فقط، وزارتي الفلاحة والتجارة؛ حيث يمكن أن تبقى مرهونة فقط بين الإنتاج والتسويق ". ويعتقد أنه لا بد من إشراك كل القطاعات، بما فيها منظومة البنوك، والجمعيات المهنية، وحماية المستهلك؛ للمشاركة في ترقية الفلاحية عموما. وأبدى المتحدث استعداده لمد يد العون، خاصة لمخابر البحوث العلمية في هذا الشأن؛ من خلال وضع تجربته بين أيديهم لتحقيق الأهداف المرجوة، خاصة ما تعلق بتحقيق الأمن الغذائي، مثل ما أكد السيد رئيس الجمهورية على ذلك في أكثر من مناسبة، فالفلاح -حسبه - ابن بيئته، يعرف النقائص وبإمكانه المساهمة في اقتراح الحلول.

نقص السقي الفلاحي وفوضى التسويق.. عراقيل مزمنة

وعلى هامش التظاهرة تحدثت " المساء" مع فلاحين منتجي العنب ممّن عدّدوا مشاكل وعراقيل قالوا سبق أن رفعوها للجهات المختصة في أكثر من مناسبة، فيما يبدو أنها أضحت عراقيل مزمنة، قد تؤدي بالكثيرين الى تغيير النشاط الفلاحي الى تربية الدواجن، مثل ما قال أحد الفلاحين وهو يسرد علينا مشاكل قال إنه بالإمكان تلافيها بشيء من التنسيق، والإرادة الفعلية، والجدية لحلها. 

ومن بين العراقيل التي ترددت على ألسن كل محدثينا السقي الفلاحي بالنظر إلى الكمية الكبيرة التي يستهلكها هكتار واحد من عنب المائدة من الماء من جهة، وتناقص هذا المورد الحيوي في جوف الأرض حتى أمام حفر الآبار الارتوزاية، في الوقت الذي تبقى بعض السدود بالولاية تعاني - حسبهم - من الإهمال، وهي إشكالية سبق لـ«المساء" أن عالجتها في أعداد سابقة، لا بأس أن نذكّر بها؛ إذ نتحدث عن سدين اثنين ببلدية الناصرية، وسد ببلدية بن شود، تعرضا للتخريب خلال العشرية السوداء وبقيا مهملين تماما من حينها رغم حاجة الفلاحين للسقي من مياههما. 

وكانت مديرية الموارد المائية أجرت دراسة خاصة بتهيئة هذه السدود ولكن المشروع مجمَّد منذ سنوات، ما جعل الفلاحين يجددون رفع النداء إلى السلطات الولائية من أجل تجسيد هذا المشروع الذي سيكون له أثر إيجابي كبير على السقي الفلاحي، بينما رُفع مطلب آخر في ذات الصدد، يتعلق بمشروع إنجاز سد صغير في منطقة حدودية ما بين بلديتي جنات وبرج منايل، يجمع الماء المتدفق من الشِعاب.

وحسب فلاح من برج منايل، فإن المشروع يعود لسنوات خلت؛ بهدف تعزيز السقي الفلاحي بكل المنطقة، داعيا لإعادة بعثه. 

كما طالب الفلاحون من جهة أخرى، بتهيئة سوق الجملة للعنب الكائن بمنطقة برج منايل، حيث أكدوا أنه يبقى هيكلا دون روح في ظل افتقاره لأدنى المرافق، ولغياب الأمن..

إنتاج العنب ببومرداس.. في أرقام

تشير معطيات المصالح الفلاحية لبومرداس، عن تسجيل ارتفاع في إنتاج عنب المائدة مؤخرا؛ بفعل توسع المساحة، حيث بلغت الكمية الإجمالية المنتجة الموسم الماضي (2023- 2024)، 4.751.834 قنطار، بينما يُتوقع أن تصل الموسم الجاري (2024- 2025)، إلى 5.017.162 قنطار من مساحة إجمالية تفوق 20 ألف هكتار، منها أزيد من 18 ألف هكتار منتجة، موزعة ما بين منطقة برج منايل بـ 32% من المساحة الإجمالية، تليها بغلية بـ 21%، ثم يسّر ودلس بـ10% لكل منهما، ثم باقي مناطق الولاية بنسب تتراوح ما بين 9 و1%. وتصل بأصناف العنب الولاية إلى حوالي 20 صنفا، منها ما تُعرف بالكلاسيكية مثل الصابال، والداتيي، والرادغلوب، والموسكا، فيما هناك بعض الأصناف ماتزال قيد التجربة؛ مثل "ميشال بي" و« بلاك. بي"، يقول، من جهته، رشيد مسعودي الأمين العام للغرفة الفلاحية لبومرداس المنظمة لهذا الحدث السنوي، مبديا نوعا من الاعتزاز بالمكانة التي حققتها ولاية بومرداس اليوم، من ناحية إنتاج عنب المائدة كمّا ونوعا، وقائلا في هذا الصدد إن الغرفة فخورة بالنوعية الجيدة للعنب المنتج ببومرداس. كما إن الكمية المنتَجة سنة تلو أخرى جعلت ميزان العرض يفوق الطلب؛ ما ساهم في تراجع الأسعار لصالح القدرة الشرائية للمواطن، علما أن الطبعة السادسة لعيد العنب 2025، شهدت مشاركة حوالي 60 عارضا من الفلاحين، وحوالي 10 مؤسسات مهنية، تمثل كلا من منظومات التأمينات الاجتماعية، والفلاحية، والتكوين المهني وغيرها.