"المساء" ترافق اعوان الرقابة وقمع الغش في العاصمة وتكشف المحظور:

جشع.. سلع قاتلة والمهم "أربح" في رمضان!

جشع.. سلع قاتلة والمهم "أربح" في رمضان!
  • القراءات: 1287
زهية. ش زهية. ش

أوساخ وصراصير ترافق المواد الاستهلاكية بالمحلات التجارية

❊ جشع وتهاون بصحة المواطن المهم أرباح أكبر خلال رمضان

نظافة غائبة، صراصير في جنبات المحلات التجارية ودهاليزها، سلع غير صحية ومسرطنة يتهافت عليها المواطنون بمناسبة الشهر الفضيل،  بعد أن افتقد أصحابها لأدنى وازع همهم الربح ولا شيء سواه، حتى وان كان على حساب صحة المواطنين.

وكانت صدمتنا قوية بنفس قوة المشاهد التي وقفنا عليها في جولة ميدانية قمنا بها رفقة أعوان الرقابة وقمع الغش، بإشراف من العياشي دهار، ممثل مديرية التجارة لولاية الجزائر، للوقوف على واقع الممارسة التجارية في هذا الشهر الفضيل، حيث الغلاء وانعدام ادنى شروط النظافة والجشع وتحول التجار من نشاط إلى نشاط آخر لهفة وراء مزيد من الأرباح حتى وان كان ذلك مخالفا لكل التشريعات القانونية. وكانت وجهتنا الأولى حي باب الوادي الشعبي الذي يعرف مع حلول كل شهر رمضان حركية تجارية غير معهودة يقصده العاصميون من كل الأحياء، هذا من اجل لحم وأخر من  اجل قلب اللوز وثالث من اجل خبز متميز وآخرين لمجرد التسوق وقتل الوقت.

ولا يتفاجأ المتجول في شوارع أحد أشهر أحياء الجزائر كلها عند مشاهدته لعشرات المواطنين وقد اصطفوا في طوابير لامتناهية امام بعض المحلات، ليس لنوعية وجودة مبيعاتها تعرضها، ولكن بحثا عن أسعار متدنية بدنانير معدودة مقارنة مع محلات تظهر من خارجها أنها راقية ومرموقة وبالتالي فإن أسعارها كاوية. وهي محلات بمجرد ولوج بابها الرئيسي حتى زادت قناعتنا بصدقية المثل الشعبي "يا المزوق من برا واش حالك من داخل" بعد أن اكتشفنا مذهولين صورا صادمة لما يستهلكه المواطن الجزائري من منتجات يفتقد تحضيرها لأدنى شروط الصحة، أماكن وسخة وأواني أكل عليها الدهر وسط ذهاب وإياب صراصير تراقب المشهد متلذذة بالوسط الذي تعيش فيه داخل أقبية محلات تفتقد لأدنى شروط أمن وتهوية تستدعي عقوبات ردعية فورية حفاظا على صحة المواطن ووضع حد لاستهتار لم يعد يطاق.

ورغم نصب سوق تضامنية بساحة كيتاني بباب الوادي بمبادرة من وزارة التجارة بهدف كسر الأسعار والتي كانت أول محطة لنا في جولتنا رفقة أعوان الرقابة وقمع الغش بالمفتشية الجهوية لباب الوادي، إلا أن توافد الزبائن كان محدودا مقارنة بالمحلات التي اصطف أمامها مواطنون من الجنسين في طوابير ملفتة خاصة محلات بيع اللحوم والمخابز وتلك التي تخصصت في بيع قلب اللوز، إلى درجة جعلتنا نجد صعوبة في ولوجها بعد أن تحولت إلى قبلة للصائمين، وهم لا يعلمون حقيقة وظروف تحضيرها بعد أن جعل التجار من رمضان وهو بريئ منهم، مقدمه فرصة لمكاسب وأرباح فورية ضاربين بكل القوانين عرض الحائط، في غياب كل رقابة بسبب الإضراب الذي شنه أعوان الرقابة وقمع الغش والتي عادة ما يتم تكثيفها لوقف جشع التجار وتواطؤهم ضد المستهلك من خلال رفع الأسعار، وعرض منتجات وتحضيرها وعرضها بطريقة غير صحية.

13 مخالفة بمخبزة واحدة وما خفي أعظم

صدمتنا الأولى كانت بمحل لبيع الخبز والحلويات متواجدة بحي باسطا التي كانت تعج بالزبائن في داخلها وخارجها، هم كل واحد منهم اقتناء ما يعرض من مختلف انواع الخبز والحلويات خاصة ما يعرف بـ "البريوش" الذي اشتهر به صاحبه.

ولكن ما يشد الانتباه ليس نوعية  "البريوش" التي جعلت الصائمين يتهافتون عليه ولكن طريقة عرضه في  الهواء مباشرة في عز وباء كورونا، دون احترام ادنى شروط الحفظ، وزبائن  بعضهم ملتزم بوضع الكمامة واغلبهم بدونها. لم يعترض صاحب المحل على دخولنا مخبزته ليس لأننا صحفيون ولكن لأننا كنا رفقة أعوان الرقابة وهو منهمك رفقة عماله في بيع منتوجه الذي يتضاعف عليه الطلب بمناسبة الشهر الفضيل، وأكده العدد الكبير من الزبائن المتزاحمين وهم الذين لا يعلمون حقيقة المفاجأة التي وقفنا عليها داخل غرفة تحضير الحلويات، ادنى شروط النظافة منعدمة بدء من أرضيتها ووصولا إلى ألبسة صناعها التي تبعث على التقزز ووجود خردوات، إلى جانب مستلزمات تحضير الحلويات وأواني تحضير مختلف الكريمات حدث ولا حرج مع خزف صحي التصقت به ملايير الميكروبات، والذي أصر صاحبه على إبقائه رغم انه سبق لأعوان الرقابة ان ألحوا على تجديده، كما انهم سبق وان قاموا بتوقيف نشاط المحل لمدة أسبوع بسبب المخالفات العديدة.

ولكن صاحب المحل وفي كل مرة يستأنف نشاطه ولكن دون ادنى التزام بشروط النظافة ولا يجد حرجا في تبرير مخالفاته، لولا عشرات الصراصير التي كانت تصول وتجول في غرفة تحضير الحلويات فضحت ألاعيبه، وجعلت أعوان الرقابة في ختام زيارتهم يقفون على 13 مخالفة مضرة بصحة المستهلك مما لاستدعى استدعاؤه على الفور.

"قلب اللوز" باب الوادي وما أدراك

انتقلنا إثرها رفقة أعوان الرقابة إلى محل مختص في تحضير وبيع القلب اللوز ذاعت شهرته بين سكان مختلف الأحياء، وجعلت منه مقصدا لمحبي " الكمية" ولم يكن بسبب ذلك اصطفاف عشرات المواطنين أمام محله لأمرا محيرا وكأن الأمر يتعلق بسلعة نادرة واقتناؤها ضروري.

وعلى غرار مخبزة "البريوش" كانت الصدمة في محل قلب اللوز في قبو تحضيره الذي وجدنا صعوبة كبيرة في نزول سلالمه وسط دهشة ما نستهلكه في شهر الصيام، بدء بحوض الغسيل المتعفّن وأواني غير صحية إلى درجة  وضع شربات العسل الذي يتم سقي  قلب اللوز به داخل براميل بلاستيكية وهو في اعلى درجات غليانه، ضمن عملية جعل تكرارها إلى تراكم تعفنات في تلك البراميل بلغت عدواها إلى خزف الجدران الذي تغير لونه دون الحديث عن بدلات متسخة يرتديها " الحلاوجية" أكدت قطع صلتها بالصابون والماء منذ شهور ولك ذلك تحت ضوء مصباح باهت نوره.

وكانت تلك الصورة القاتمة لأشهر محل لبيع قلب اللوز نفس صورة ودرجة جشع صاحبه الذي لم تحرك فيه الأموال الطائلة التي يدرها عليه  "غرام" كرامة و"نيف" لتحسين ظروف العمل ومراعاة شروط النظافة احتراما لزبائنه الذين اخذوا صورة زائفة عن حقيقة ما يبيعه لهم من سموم يوميا  جعل أعوان الرقابة يسلمونه استدعاء للمثول أمام مصلحتهم للنظر في قضيته

مواد مسرطنة وأخرى منتهية الصلاحية للصائمين

وما يثير القلق هو عدوى الربح السريع، التي تتحول الى شعار العديد من التجار الذين يغيرون نشاطهم في شهر الصيام، والباعة الذين لا يهتمون إلا بكيفية تحقيق أرباح حتى وإن كان ذلك على حساب صحة المستهلك وتعريضه للخطر، من خلال مخالفة بيع مواد غذائية مجهولة المصدر وأخرى منتهية الصلاحية، واستعمال أدوات غير نظيفة في تحضير الحلويات والمرطبات والشربات التي يكثر عليها الطلب خلال شهر الصيام.

واكتشفنا خلال هذه الجولة الرمضانية صورا مرعبة يصعب وصفها، وقفنا عليها في محل لبيع الزلابية يتم قليها بزيت اصبح ساما لتكرار استعماله وتجاوزه نسبة الأكسدة المتعارف عليها والتي لا يجب ان تتعدى 24 بالمئة، وتعدت عند صاحبنا نسبة 95 بالمئة، مثلما أثبته جهاز قياس الزيت وهي نسبة كفيلة بإصابة المداومين على شراء زلابيته بداء السرطان. وهي حقيقة جعلت وهيبة. ل، محققة رئيسية للجودة وقمع الغش، تتأسف لما يرتكبه التجار من مخالفات، رغم ان بعضهم سبق وان تم توقيف نشاطهم وغلق محلاتهم، غير ان غياب الضمير لدى هؤلاء يجعلهم يرهنون صحة المستهلك منهم ايضا بائعو منتوجات مجهولة الهوية واخرى منتهية الصلاحية منها التوابل والمنكهات والملونات الغذائية.   

باعة "الشاربات" التي يكثر عليها الطلب هي الأخرى في رمضان، لم يكونوا بأحسن حال من سابقيهم، حيث يقومون ببيع "مائهم المحلى" في أكياس يجهل ما إن كانت غذائية أم لا دون الحديث عن الماء المستعمل في تحضيرها والمصادر والمكونات التي تدخل في تركيبة سوائلهم، ورغم كل ذلك فإن مواطنين لا يولون أهمية لذلك ويقومون باقتنائها ما جعل اعوان الرقابة يتخلصون من المنتوج لمنع صاحبه من بيعه وتعريض حياة مستهلكيه للخطر.

يبيعون لحم النعجة على أساس أنه للخروف

غادرنا محل الشاربات بعد الواحدة والنصف زوالا، واتجهنا الى اخر الذي اكد اعوان الرقابة التابعون لمفتشية باب الوادي، ان الاخير أعيد فتحه قبل بضعة ايام بعد توقيف نشاطه مدة 15 يوما لغياب شروط النظافة وعدم إعلام المستهلك، إذ يبدو أن صاحبه لا يعير ادنى اهتمام للتنظيم المعمول به في ممارسة النشاط التجاري، ما جعل محله يغلق خمس مرات في فترة كورونا، لعدم احترامه الاجراءات الاحترازية مثلما أكده لـ"المساء" وبالرغم من ذلك لا يزال يصر على ارتكاب المخالفات التي حاول إخفاءها، لولا فطنة ممثل مديرية التجارة وتجربته في الميدان، والذي جعله يعترف انه يخفي عن المستهلك أن اللحم الذي يبيعه هو لحم نعاج وليس لحم ضأن إلا في حالة ما سأله المواطن، ما يعتبر غشا في الهوية يعاقب عليه القانون.

الى جانب مخالفات اخرى اكتشفناها بمحلات اخرى للدجاج والديك الرومي، حيث ركز اعوان الرقابة على ضرورة إعلام المستهلك بمصدر اللحوم محلية او مستوردة وكذا إشهار الأسعار، وحفظ اللحوم الحمراء منفصلة عن البيضاء، وعدم بيع اللحم المفروم مسبقا بل يرحى عند الطلب وتحت اختيار المستهلك الذي يتحمل جانب من المسؤولية بسبب تواطئه مع التجار وتقبله لمخالفاتهم حتى وان كان ذلك يضر بصحته، بينما يتعمد بعض التجار غلق محلاتهم خوفا من العقاب، وهو سلوك يقوم به الكثير من التجار الذين يصل إليهم خبر وجود فرقة المراقبة وقمع الغش.