قرى الجهة الشرقية ببلدية عمّال (بومرداس)

السكان يطالبون ببعث الحياة في المنطقة

السكان يطالبون ببعث الحياة في المنطقة
  • القراءات: 1344
حنان سالمي حنان سالمي

يصف سكان قرى أذفال، وتلامهدي، وتلاث، وبابا علي، وعطوشة ببلدية عمّال بولاية بومرداس منطقتهم بكونها "منطقة ظلام" لافتقارها لأدنى شروط ومقومات التنمية، والربط بالشبكات الضرورية من ماء، وكهرباء وطرق مهيأة. حيث تحدث بعضهم لـ"المساء" التي زارت هذه القرى بطلب من السكان بعد صدور مقال سابق حول مناطق الظل ببعض قرى عمّال، أشار لعدم زيارة مسؤولين الى عين المكان، في إطار إحصاء مناطق الظل ورصد احتياجاتها التنموية.

وأكد الشيخ عبد القادر بن الطيب ممثل العرش بقرية أذفال بأعالي بلدية عمّال، بأن القرية كانت عبارة عن جنة فوق الأرض بفضل الأشجار المثمرة من كل الأصناف، وبفضل تمسك السكان بقريتهم واهتمامهم بالفلاحة الجبلية، التي سمحت لهم طوال عقود بتحقيق الاكتفاء الذاتي، غير أن يد الإرهاب الهمجي عاثت فسادا في المنطقة ما ترك أثارا كبيرة بها لم تمحها السنين.

وأشار الشيخ بن الطيب في حديثه لـ"المساء" التي زارت القرية مؤخرا، بطلب من السكان بغية نفض الغبار عن المنطقة الواقعة بالجهة الشرقية للبلدية، إلى أن الطبيعة عادت لتحيا من جديد عكس السكان الذين يتقاعس الكثير منهم عن العودة بسبب نقائص تنموية كبيرة وعلى رأسها انعدام مياه الشرب.

مطالب بتهيئة منابع المياه

وأوضح محدثنا في هذا الصدد، بأن هذه المنطقة التي تحصي حوالي 10 قرى بها عدة منابع طبيعية للمياه، بعضها عرف تهيئة من قبل السكان أنفسهم بغرض توفير مياه الشرب، وبعضها يتطلب تهيئة ما جعل المتحدث يناشد مصالح الموارد المائية التدخل لتدارك ذلك لاسيما وأن هذه المنابع المائية تبعد كثيرا عن الطريق ومقر إقامة السكان.

وأكد مواطن آخر بنفس القرية، أن من أهم الاحتياجات التنموية بالمنطقة تهيئة طريق غير مصنفة تربط ما بين ولايتي بومرداس والبويرة، مرورا على عمّال والأخضرية، كما أن لها مخرجا من قرية عطوشة نحو بلدية شعبة العامر، ما جعله يؤكد على أهمية هذه الطريق التي قال إنها حيوية، لكنها تتطلب تهيئة لتكون منفذا تنمويا حقيقيا.

وأضاف المتحدث، أن مشروع التهيئة يعود إلى 2015، حيث تمت تهيئة الشطر الأول منه بعد تقسيمه إلى شطرين، وبقي الشطر ما بين قريتي تلامهدي إلى أذفال غير مهيأ على مسافة تقارب 4 كلم. كما تحدث كذلك، عن قرية تلاث وإشكالية اهتراء الطريق التي تتحول إلى مسلك ترابي خلال الأيام الممطرة، ما يصعب حركة التنقل، مناشدا الجهات المختصة للإسراع في استكمال المشروع وتهيئة الطريق.

فتح المسالك لدعم الفلاحة الجبلية

يطلب السكان من الجهات المختصة، فتح المسالك نحو المستثمرات والحقول، حيث أكدوا في معرض حديثهم، أن المنطقة جبلية تمتاز بصعوبة تضاريسها ومسالكها، ما يسبب صعوبة أمام السكان لبلوغ الحقول، ما يضطرهم أحيانا إلى التخلي عنها وعن آلاف الأشجار المثمرة التي تذهب ثمارها سدى، خاصة أشجار الزيتون والرمان والتين.

وذكّر المتحدثون، أنهم رفعوا هذا المطلب مرارا وتكرارا إلى الجهات المعنية، بالنظر لعلاقته المباشرة بالمحافظة على البيئة من الحرائق.

ويقول محمد شارف ممثل عن المجتمع المدني المحلي موضحا من جهته: "إن المنطقة سجلت، مؤخرا، حرائق أتلفت مئات الأشجار المثمرة بين زيتون، وكروم، وتفاح، إضافة إلى صناديق النحل..."، مجددا دعوته إلى ضرورة مرافقة فلاحي المنطقة لمساعدتهم على فتح المسالك، وتمكين الشباب من بعض العتاد كالجراءات والمعدات والتجهيزات الفلاحية الضرورية، حتى يتمكنوا من خدمة الأرض، بما يساهم في تثبيت التربة ومنه صد عوامل الطبيعة من حرائق وفيضانات. ناهيك عن إعادة بعث مشروع فلاحي تنموي واعد أثير منذ سنوات يتمثل في غرس أشجار الكرز بالبلديات الجبلية، من خلال إدراج الفلاحين الراغبين في ذلك ومساعدتهم من خلال مدهم بالشجيرات والنصائح.

ومن قرية أذفال إلى قرية تلاث، التي تكاد تكون النقائص التنموية بها متشابهة، حيث أكد سكان "تلاث" بأن أهم معرقل لعودة السكان لأراضيهم هو اهتراء الطريق وغياب الكهرباء، حيث أشاروا إلى وجود أعمدة كهربائية متباعدة عن بعضها تعرضت للتخريب خلال سنوات الإرهاب- إلاّ أن الطاقة الكهربائية لم تصل بيوتهم لسنوات. كما أن يد الإرهاب طالت أيضا مصنعا لإنتاج الصيصان الأول من نوعه في الوطن، كان يعرف تحت تسمية "تعاونية تربية الدجاج والصوص".

إعادة إحياء مصانع المنطقة دعما للتنمية

وفي سياق متصل بالموضوع، أكد كل من أحمد بوزقزة ورابح رحاي من سكان قرية "تلاث" بأن إعادة بعث نشاط هذا المصنع لإنتاج الصوص من جديد، ومصنع أخر كان ينتج ألاف حبات البيض يوميا، من شأنه القضاء على البطالة بالمنطقة، وإعادة الروح من جديد لعجلة التنمية المتوقفة، الى جانب إعادة بعث نشاط مصنع الأحذية الذي تعرض هو الآخر للتخريب خلال  سنوات الإرهاب.

ولفت محدثونا بالقرية المذكورة، إلى أنه كلما تقدم السكان بطلب إحياء المنطقة التي صنفوها "منطقة ظلام وليس ظل"، يقال لهم بأنها منطقة مهجورة..في الوقت الذي تسجل فيه الكثير من القرى الجبلية عودة السكان لأراضيهم دون الاستقرار بسبب غياب مقومات وعوامل التنمية.

كما يطالب السكان، مديرية مسح الأراضي بإرسال لجنة مختصة من أجل مسح الأراضي بالمنطقة، وتحديد الملكيات، علما أن أجيالا عديدة توارثت ملكية الأراضي عن الأجداد، ولكن اليوم يريدون تعليم الحدود وترسيمها بين كل عرش وآخر.

تابعنا المسير بقرية تلاث التي تحصي منبعا حمويا طبيعيا سجل مؤخرا ضمن المناطق السياحية للتهيئة. لنصل إلى القرية الفلاحية التي تعود لمنتصف الستينيات من القرن الماضي، بها مجمع سكني يضم 48 مسكنا هجرها أهلها سنوات الإرهاب بعد تعرّض القرية للخراب. إلا أن بعض السكان عادوا للمنطقة من أجل إعادة إعمارها  كأحمد بوزقزة الذي أكد أنه يريد مباشرة أعمال التهيئة حتى يعود للسكن بالقرية الفلاحية، تماما مثل رابح رحاي الذي أدخلنا إلى منزله الذي كان يخضع حينها لأشغال إعادة بناء، وهذا رغم افتقار مسكنه للربط بشبكة الكهرباء، ومياه الشرب، حيث ناشد هذان الأخيران السطات المحلية المختصة الحصول على الدعم اللازم لاستكمال أشغال الترميم، باعتبار أن هذا المجمع السكني سجل مشروعا لإعادة تجديد وصيانة شبكة وقنوات مياه الشرب، والصرف الصحي، ناهيك عن مشروع آخر للربط بشبكة الكهرباء. في انتظار تسجيل مشاريع تنموية أخرى، تعيد الأمل لسكان المنطقة.