بدافع التباهي ولغياب التخطيطي الاستهلاكي

صائمون يقتنون الحلويات بـ400 دج للحبة والخبزة بـ100دج

صائمون يقتنون الحلويات بـ400 دج للحبة والخبزة بـ100دج
  • القراءات: 1410
رشيدة بلال رشيدة بلال

يربط بعض الصائمين الشهر الفضيل بالإنفاق. ويسود الاعتقاد لديهم أنّ كثرة الإنفاق الكبير يجعلهم يشعرون بحلاوته أكثر، حيث يتجاوبون مع التزاماته خاصة الغذائية منها، وهو ما تعكسه مبالغة البعض في اقتناء بعض المواد الغذائية ولو كانت بأسعار مبالغ فيها ما غذى جشع التجار ودفع إلى تفشي آفة التباهي بالشهر الفضيل.

رصدت المساء بعض التصرفات التي توحي بأن المجهودات المبذولة من طرف الجمعيات في مجال الرفع من الوعي الاستهلاكي ذهبت أدراج الرياح، وهو ما تعكسه تصرفات بعض المواطنين الذين يسارعون إلى اقتناء بعض المواد الاستهلاكية بأسعار خيالية كأن يقتني البعض حبة حلوى واحدة من نوع ماكارون من إحدى مخابز بلدية دالي إبراهيم بـ400دج، وآخرون يتهافتون على اقتناء الخبز المحسن من سيدي يحيى بمبلغ 100دج للخبزة الواحدة، الأمر الذي يدعو إلى التساؤل عن الغاية التي تقود البعض إلى التجاوب مع جشع التجار، هل حقيقة هي الرغبة في التذوق بدافع اللهفة أو كما يقال رمضان غلبو؟ أو هي الرغبة في التباهي بالقول إنّه اقتنى الحلوى الفلانية من المكان الفلاني وبالسعر الفلاني أو من عند فلان المعروف عنه الغلاء.

وعن ظاهرة التباهي باقتناء بعض السلع الاستهلاكية بأسعار مبالغ فيها، يرى حسان منوار، رئيس جمعية الأمان لحماية المستهلك أنّ الإشكال الذي يطرح اليوم فيما يتعلق بالتباهي في اقتناء بعض المستلزمات الغذائية بأسعار مبالغ فيها لا يرجع إلى كون الصائم ثريّ من عدمه، لأنّ مثل هذه الحالات يتم رصدها حتى من بعض المستهلكين محدودي الدخل، وإنّما يرجع إلى ثقافته الاستهلاكية، لأنّ البعض، حسبما رصدته الجمعية، يسود لديه الاعتقاد أنّه إن لم ينفق بشكل كبير فإنّه لا يشعر بأنه صائم أو يعيش أجواء الشهر، بمعنى أن الإنفاق المبالغ فيه لدى البعض يثير فيهم نوعا من السعادة والفرح حتى وإن كانت ميزانيته لا تسمح له بذلك ويقوده تصرفه إلى الاقتراض.

من جهة أخرى، يرى رئيس الجمعية أنّ الفئة التي لا تكترث للأسعار وتقتني من دون وعي منها، تفتقر لا محال للثقافة الاستهلاكية، لأنّ وفرة المال لا يبرّره الإنفاق المبالغ فيه، وهو ما تسعى الجمعية من خلال برنامجها المسطر لهذا الشهر إلى العمل عليه للفت انتباه المستهلكين إلى أهمية ترشيد النفقات ووضع حدّ لجشع التجار الذين يستثمرون في مثل هؤلاء الزبائن لتبرير الأسعار من منطلق أنّ هنالك من يشتري حتى وإن كانت الأسعار جنونية.

ويذهب محدثنا إلى أبعد من ذلك في تحليل شخصية المستهلك بالنظر إلى تجربة الجمعية في مجال التعامل مع المستهلكين، حيث أشار إلى أنّ البعض الآخر من المستهلكين يعانون من اضطراب في الشخصية ولا يحسنون التعامل مع أموالهم، حيث يبادرون إلى الإنفاق من أجل الإنفاق لا غير، أو بحجة أنّ رمضان غلبهم، وبالتالي يقول يسمحون لأنفسهم بالإنفاق للتباهي أمام أفراد العائلة أو الأقارب والجيران أو حتى الزملاء في العمل  من خلال التواجد في بعض المحلات التي تبيع بأسعار مبالغ فيها، مشيرا إلى أنّ البعض الآخر، وبدافع شخصي يتعمّدون الوقوف حتى في الأسواق الشعبية أمام الطاولات التي تبيع الخضر غالية الثمن فقط  ليعطوا الانطباع بأنهم قادرون على الشراء، هذه الفئة ـ حسبه ـ تحتاج إلى أن يمسها العمل التحسيسي لتعليمها معنى التخطيط لأنها كثيرا ما تقع ضحية الاقتراض لإرضاء رغباتهم فحسب.

من جهة أخرى، يرى محدثنا أنّ المستهلك الجزائري لا يزال غير واع ولا تزال ثقافته الاستهلاكية ضعيفة، وهو ما تعكسه تصرّفاته غير المبالية في الإنفاق خاصة في شهر رمضان، ويقول ما يدعونا إلى بذل المزيد من الجهد لترسيخ ثقافة التربية الاستهلاكية، لأنّ المستهلك فيما مضى كان يخطىء لأنّه لا يعرف، أما اليوم فالمستهلك يعرف التصرفات الخاطئة ويقبل عليها كشراء بعض المواد الغذائية من بعض الباعة الفوضويين حتى وإن كانت سريعة التلف أو معرضة للحرارة طيلة اليوم، أو كالصائمين الذين يقطعون مسافات كبيرة من أجل شراء الشاربات من ولاية بوفاريك رغم علمهم بأنها مشروبات غنية بالأحماض ومضارها أكبر من منافعها.