المجاهدات والشهيدات صانعات الحرية

جميلة بوعزة... المجاهدة المناضلة الرمز

جميلة بوعزة... المجاهدة المناضلة الرمز
  • القراءات: 8132
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

يذكر المؤرخ محمد غرتيل، بخصوص المجاهدة جميلة بوعزة، أنها تعد أحد رموز "معركة الجزائر"، وقد ولدت بالبليدة في عام 1937، درست الابتدائي والإكمالية في مسقط رأسها، وفي الثانوية واصلت دراستها بالعاصمة، قبل اندلاع الثورة التحريرية. بالموازاة، تعلمت العزف على الآلات الموسيقية، وأثناء اندلاع الثورة، انضمت إلى صفوف جبهة التحرير الوطني، ضمن فريق ياسف سعدي والعربي بن مهيدي، برفقة حسيبة بن بوعلي وجميلة بوحيرد وزهرة ظريف ومليكة قايد وسامية لخضاري وغيرهن، وكانت محاربة في الميدان بزراعة القنابل في أهم مرافق وتجمعات الكولون والقوات الفرنسية.

نفذت عمليات مسلحة ضد الجنود الفرنسيين، ومن أهم التفجيرات؛ أول عملية تفجير كلفت بتنفيذها ونفذتها، كانت في شارع "ميشلي" (ديدوش مراد حاليا) في نوفمبر 1956، هي أيضا منفذة انفجار مقهى "كوك هاردي"، حيث تلقت قنبلة كبيرة من زميلتها جميلة بوحيرد، في شارع "لالير"، وقطعت بها العديد من الحواجز، لتضعها كما هو مخطط في مبنى بجانب المصعد، تسبب انفجارها فيما بعد، في أضرار مادية كبيرة جدا، بالإضافة إلى الهلع الذي دام أثره أسابيع، بهذه العملية بدأت الفدائية امتحانها، ومن يومها تأكد ضمها لفرق العمل الفدائي في العاصمة ومحيطها، وكان الاعتماد عليها كبيرا، ونتيجة لبطولتها أصبحت مطاردة، بعد التحريات والمتابعات أوقعتها في كمين، وتم القبض عليها من قبل الجيش الفرنسي، وهي آخر مناضلة قبض عليها، واقتيدت مباشرة إلى الأبيار، وأدخلت عمارة كانت في طور الإنجاز، وهناك وجدت زميلتها "جميلة بوحيرد" وشقيقها الذي لم يكن يتجاوز عمره 12 عاما، هالها منظر صديقتها التي كانت تقطر دما من كامل وجهها ورأسها، وفي نفس المكان، تلقت هي الأخرى من الضرب والتعذيب ما أفقدها وعيها، تعرضت لتعذيب شديد، عانت بسببه من أزمة نفسية، وحينها اعترفت بانتسابها إلى جبهة التحرير، واعترفت لمعذبيها بأنها كانت واحدة من اللائي زرعن الرعب في شوارع العاصمة، وبالرغم من أن هذه الجرأة والشجاعة جلبتا لها الكثير من التعذيب، قضت أربعة أشهر كاملة في سجن "بربروس"، إلى أن جاءت المحاكمة الشهيرة لها ولزميلتها بوحيرد، ومعهما عبد الرحمن طالب، وعبد العزيز مرسلي، والتي كانت نتيجتها الحكم عليهم بالإعدام، وبعد مجيء الجنرال ديغول إلى الحكم، ونتيجة للضغط العالمي آنذاك على كل استفزازات المستعمر، واحتجاج المنظمات الإنسانية في الكثير من البلدان، وعلى المحاكمة غير العادلة، اضطر إلى إلغاء الإعدام بالنسبة للنساء وتعويضه بالسجن المؤبد، ثم أطلق سراحها في أفريل 1962، كرمت في مصر بعد لقاء جمال عبد الناصر، بعيدا عن الأضواء، حتى وفاتها في إحدى العيادات بالعاصمة، بعد صراع مع المرض صباح 12 جوان 2015، عن عمر يناهز 77 سنة.