ليلة القدر في 27 رمضان

أدلة ابن عباس القرآنية

أدلة ابن عباس القرآنية
  • القراءات: 9640

ليلة القدر هي أكثر الليالي المباركة في السنة، فيها أنزل القرآن، وفيها يفرق كل أمر حكيم، أي: يكتب، ويفصل، وقيل تقدر فيها مقادير الخلائق على مدى العام، فيكتب فيها الأحياء والأموات، والناجون والهالكون، والسعداء والأشقياء، والحاج والداج، والعزيز والذليل، ويكتب فيها الجدب والقحط، وكل ما أراده الله تبارك وتعالى في تلك السنة.

سئل ابن عباس عن ليلة القدر فقال: إني لأظن أين هي، إنها ليلة سبع وعشرين، فقال عمر: وما أدراك؟ فقال: إن الله تعالى خلق السموات سبعا، وخلق الأرضين سبعا، وجعل الأيام سبعا، وخلق الإنسان من سبع، وجعل الطواف سبعا، والسعي سبعا، ورمي الجمار سبعا. فسأله عمر بعدها عن بعض تفصيل هذا ووافقه عليه.

الأدلة العددية في سور القدر

ومن سور القدر نفسها استنبط ابن عباس، رضي الله عنهما أن ليلة القدر توافق ليلة السابع والعشرين من رمضان موضحا أن في السورة: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ هِيَ حَتى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)}، ما يشير إلى ذلك.

أكد رأيه في أنها توافق ليلة السابع والعشرين من رمضان، بالاستناد إلى الأدلة العددية التي وردت في السورة نفسها، التي منها قوله تعالى: {سَلامٌ هِيَ}، فالضمير "هِيَ" هو الكلمة السابعة والعشرون من السورة، وكلمات سورة القدر ثلاثون كلمة، والسابعة والعشرون "سَلامٌ هِيَ".

أمارات ليلة القدر

عن أمارة ليلة القدر، قال ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنها: "ليْلةٌ طلْقةٌ، لا حارةٌ ولا بارِدةٌ، تُصْبِحُ الشّمْسُ يوْمها حمْراء ضعِيفة».

وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي كُنْتُ أُرِيتُ ليْلة الْقدْرِ، ثُمّ نُسِّيتُها، وهِي فِي الْعشْرِ الأواخِرِ، وهِي طلْقةٌ بلْجةٌ لا حارّةٌ ولا بارِدةٌ، كأنّ فِيها قمرا يفْضحُ كواكِبها لا يخْرُجُ شيْطانُها حتّى يخْرُج فجْرُها».

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنّ أمارة ليْلةِ الْقدْرِ أنّها صافِيةٌ بلْجةٌ كأنّ فِيها قمرا ساطِعا ساكِنةٌ ساجِيةٌ لا برْد فِيها، ولا حرّ ولا يحِلُّ لِكوْكبٍ أنْ يُرْمى بِهِ فِيها حتّى تُصْبِح، وإِنّ أمارتها أنّ الشّمْس صبِيحتها تخْرُجُ مُسْتوِية ليْس لها شُعاعٌ مِثْل الْقمرِ ليْلة الْبدْرِ، لا يحِلُّ لِلشّيْطانِ أنْ يخْرُج معها يوْمئِذٍ».

آراء العلماء في كلام ابن عباس

وذكر بعض المفسرين ومنهم ابن حجر العسقلاني، أن الإعجاز العددي لآيات القرآن الكريم، يعد محاولة لاستنتاج قضايا إعجازية من الأرقام، إما على سبيل التوافق وإما بعمليات حسابية، أو بما يسمى "حساب الجُمّل" الذي يذكر في الحروف المقطعة كما سيأتي.

وأضاف المفسرون أنه يتم الاستنتاج من رقم السورة والآية والجزء وعدد الكلمات والحروف والآيات، ومن أرقام صرح القرآن بها، مشيرين إلى أن هناك ما يدل على أن العلماء قديما استندوا إلى الإعجاز العددي.

وأشار المفسرون إلى أن كلام ابن عباس "رضي الله عنهما"، كان محاولة منه للاستنباط لمعرفة ليلة القدر مستأنسا بذكر العدد سبعة في قضايا متعددة في القرآن، ومن أقوى الأقوال في ليلة القدر أنها ليلة السابع والعشرين.

لفت المفسرون إلى أن الإمام ابن رجب الحنبلي بين في كتابه "لطائف المعارف"، أن طائفة من المتأخرين المتأخرين على السلف استنبطوا من القرآن، أنها ليلة سبعة وعشرين من موضعين من القرآن، الأول قالوا: تكرر ذكر ليلة القدر في ثلاثة مواضع في القرآن، وليلة القدر حروفها تسعة، والتسعة إذا ضربت في الثلاثة مواضع التي تكررت فيها، فهي سبع وعشرون.

والثاني: أن الله قال فيها: "سلامٌ هِي"، فيقولون: كلمة "هِي" هي الكلمة السابعة والعشرون من السورة، يقولون الكلمات ثلاثون كلمة السابعة والعشرون "سلامٌ هِي"، ثم نقل ابن رجب عن ابن عطية المفسر صاحب كتاب المحرر الوجيز، أنه قال: "هذا من ملح التفسير، لا من متين العلم".

تأكيد الشيخ الشعراوي

قريبا، كشف الإمام الراحل محمد متولى الشعراوي، في إحدى دروسه المسجلة أن ليلة القدر توافق السابع والعشرين من رمضان، وأوضح الإمام أنه كان يعمل أستاذا للشريعة في المملكة العربية السعودية، ووقع نقاش في إحدى الليالي بينه وبين علماء مصريين وسعوديين حول توقيت ليلة القدر، فقال له أحدهم أنه، حينما كان يقرأ في كتاب القرطبي حول توقيت ليلة القدر، وقرأ حديثا عن رقم 7، وذكرهم بحديث عمر بن الخطاب وابن عباس عن موعد ليلة القدر.

وأشار الشيخ الشعراوي إلى أنهم كعلماء اختلط عليهم الأمر، فالرقم 7 لا يعني أن ليلة القدر ليلة 27، فهناك الرقم 20 أيضا مضافا إليه، واستمر النقاش دون جدوى، حتى انضم إليهم في تلك الليلة أحد مشايخ المملكة العربية السعودية من المحققين في العلم، فعرضوا عليه الحكاية واستمر النقاش بينهم، وخلال نقاشهم فوجئوا بشخص لا يعرفونه، كان يتنصت عليهم، وقال لهم: "ألم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، اتركوا العشرين يوما واحسبوا بعدها".

وتابع الإمام حديثه قائلا: "فوجئنا بعد ذلك باختفاء الرجل، لكن كلماته جعلتنا نعيد حساباتنا، وبنينا تقديرنا أنها في ليلة 27 طبقا لحساب الوحدة بعد العشرين، ووفقا لحساب الرقم 7".