الممثلة الأردنية عبير عيسى لـ" المساء ":

لم تعد القنوات التلفزيونية العربية تهتم بالقضية الفلسطينية!

لم تعد القنوات التلفزيونية العربية تهتم بالقضية الفلسطينية!
الفنانة الأردنية عبير عيسى
  • القراءات: 19072
حاورتها في سطيف: دليلة مالك حاورتها في سطيف: دليلة مالك

اعتذرت لكثير من المهرجانات حتى أكون في الجزائر   

فور وصولي إلى عمان سأسأل المنتج إن أرسل أعمالنا إلى الجزائر

اقترحت الفنانة الأردنية عبير عيسى، أن تفتح أبواب التبادل الثقافي في ما يخص توزيع المسلسلات والأعمال الدرامية بين الدول العربية؛ إذ ترى أن الإبداع العربي يجب أن يشاهَد. وقد تحدثت إلـى "المساء" عن شغفها بالدور بصرف النظر عن أن يكون في المسرح، أو السينما، أو التلفزيون، مشيرة إلى أن الدور الذي تتوق لتجسيده، دور المرأة الفلسطينية الثكلى. وعلّقت، في هذا الحوار، على غياب اهتمام القنوات العربية بأعمال تتعلق بالقضية الفلسطينية. كما خاضت في موضوع الأعمال التافهة الموجّه، والتي تنضوي تحت أجندات، تدفع الملايين لتشتيت الأسرة العربية المحافظة.

مثلتِ في التلفزيون والإذاعة والسينما والمسرح، وخضت في دبلجة مسلسلات، أين تجدين شغفك؟

❊❊ شغفي في الدور وليس في المفردة؛ بمعنى ليس بالمسرح، أو التلفزيون، أو السينما، أو الدبلجة، أو الإذاعة؛ فأحيانا يأتيك دور في مسلسل يكون رائعا؛ مثلا في العام الماضي كان عندي دور في مسرحية "سالومي"، أو دور "أوفيليا" في الإذاعة، وفي السينما فيلم "بوابة الجنة" مع المؤسسة العامة للسينما في دمشق؛ لذلك فالدور هو الذي يأخذني. وصراحة، أحب أن أتواجد في كل الأماكن؛ لأن شغفي بالفن ككل شغفي في العمل كممثلة.

أسعدني الشعب الجزائري بذاكرته الجميلة لعبير عيسى

زياراتك للجزائر محتشمة رغم أن لك جمهورا واسعا، ما السبب؟

❊❊ لا أدري ما السبب؛ لم تأتني دعوات منذ أن كُرمت في 2010 بالمسرح الوطني الجزائري بالجزائر العاصمة. وكان التكريم جميلا؛ أحببته، وأحببت أنني أذكّر الناس بطفولتهم. وهذه المرة دعتني الأيام المسرحية العربية في سطيف لأكون رئيسة لجنة التحكيم. وقد اعتذرت لكثير من المهرجانات حتى أكون في الجزائر. وسعيدة جدا بالحب والمشاعر التي أتلقاها من الجزائريين. وما فاجأني هذه الذاكرة الجميلة من الشعب الجزائري لعبير عيسى؛ يذكّرونني بأعمال مر عليها 30 و35 عاما ترسّخت في طفولتهم، وهذا الأمر سأقوله اليوم وغدا ودائما؛ لأن الناس عادة ما تنسى، لكن الجزائريين، تحديدا، مازال، مثلا، "السيف الذهبي" في ذاكرتهم ووجدانهم. وصراحة، لم أر هذا إلا عند الشعب الجزائري.

ولماذا لم تعد الدراما الأردنية تصل إلى الشاشة الجزائرية؟

❊❊ أعتقد أن المنتج لا يفكر في الموضوع؛ لا يفكر في التسويق إلى القنوات الجزائرية، أو أنه يسوّق، وهذه القنوات ترفضها؛ ليس لديّ علم، ولا أفتي في شيء لا أعرفه.

أتمنى أن تُعرض الأعمال الدرامية الأردنية على كل المحطات التلفزيونية العربية. لكن أعتقد، أيضا، أن هذه المحطات، أحيانا، ترفض؛ صراحة لا أعرف. وصدقا، فور نزولي إلى عمان سأسأل المنتج عصام حجاوي الذي أشتغل في معظم أعماله، هل أُرسلت إلى الجزائر. وإذا أُرسلت هل رُفضت، أم لم يتم الإرسال أساسا.

هناك توجّه يدفع الملايين لبث السموم في التلفزيون

هل تعتقدين أن التبادل الدرامي يروّج للأعمال؟

❊❊ طبعا، في يوم من الأيام تكلمت في الموضوع، وقلت لو كنت محل أي مسؤول في تلفزيون ويأتيني عرض من منتج عربي، سيكون عرض عمله مقابل عرض عملي ضمن تبادل ثقافي. وأتحدث عن الأعمال الدرامية لتونس والجزائر والمغرب التي لا تُعرض في القنوات العربية بما في ذلك الأردنية؛ بمعنى أن أمنحك عملا أردنيا، خذ هذا المسلسل الجزائري، ولا داعي للتحجّج باللهجة؛ لأني مع الوقت سأفهمها.. من حق الإبداع العربي أن يشاهَد.

تحدّثت، مؤخرا، عن تتفيه العقل العربي الناجم عن شبكات التواصل الاجتماعي، في رأيك ما الحلّ؟

❊❊ هناك مشكل أكبر من شبكات التواصل الاجتماعي؛ الملايين تُدفع من أجل أعمال تافهة. وهذه الأعمال تُعرض على منصات مثل "نتفليكس" أو "شاهد" أو أيّ قناة؛ لا يمكن أن تدخل إلا إذا دفعت اشتراكا. ويقوم أصحاب هذه الأعمال بتنزيل مشاهد على التيك توك مثلا، لتستفز المتلقي حتى يتفرج عليها؛ ما معنى ذلك؟ أنت روّجت للعمل، وتريد أن أدفع مقابل ذلك! شبابنا، اليوم، من كثرة ما شاهدوه صاروا يتوجهون نحو الانفتاح غير المبرر، وهذا ما يخيفني، لما تحدثت عن سلبيات شبكات التواصل الاجتماعي وفي الوقت نفسه لست خائفة.

أنا أراهن على الأجيال القادمة. هناك أجيال ليس لها بنية ثقافية وعلمية، وبالتالي تنجرّ وراء هذه القصص؛ قصص مماثلة في الواقع. لما تسأل شابا: كيف خطرت لك فكرة الإقدام على القتل، يجيب بأنه شاهد ذلك في فيلم، وكيف أصبحت تتناول الحبوب المهلوسة يرد بأنه شاهده في مسلسل. هذه هي خطورة الأعمال؛ لهذا السبب فالفنان مؤتمَن على دخول البيوت. ثم من قال إن التحرر هو تصوير مشاهد جنسية، وتصبح القبل عادية حتى في الأعمال التلفزيونية، أبدا لم نكن نفعل ذلك! الآن هناك قُبل وتعرّ، والمرأة كلما تعرت أضحت أكثر شهرة. وأنا ضد تعري المرأة.

رهاني على الأجيال القادمة

هذه المشاهد أصبحت تقدَّم في مسلسلات الموسم الرمضاني!

❊❊ وهذه خطورة أكبر؛ لذلك أحبّذ البقاء في الأعمال الدرامية البدوية. صحيح هناك استثناءات، وهناك فنانون محترمون مازالوا يحافظون على فكرة أن إتقان الدور هو سر النجاح وليس جسدي المتعري. ثم إن فكرة دبلجة الأعمال التركية إلى العربية غير منطقية؛ ذلك أن الأجواء مختلفة، والتقاليد مختلفة.

لكن كان لك تجارب في دبلجة مسلسلات مكسيكية، وهي بعيدة عن الثقافة العربية؟

❊❊ اشتغلت بالصوت وباللغة العربية الفصحى، وأنا لا أشتغل بالعامية، ثم إن كل الأعمال التي اشتغلت فيها ليس لها خطوط حمراء؛ مثل دور "مانويلا" التي تكره أختها، والمشاكل التي تفتعلها، ولا مرة قمت بمشهد فيه جنس.

عموما هناك توجّه يدفع من أجله الملايين؛ لبث هذه السموم في التلفزيون تحديدا، لأنه يدخل كل بيت، ليس مثل السينما أو المسرح، حيث تذهب الناس بنفسها. اِرحمونا وارحموا أولادنا، حتى الأطفال لو استعدنا "المناهل" أو "السيف الذهبي" ليشاهدوها لن تعجبهم؛ لأنّهم صاروا يشاهدون أشياء أخرى تثير استفزازهم وفضولهم أكثر.

اللهجة الجزائرية ليست عائقا في الدراما

ما تعليقك حول الدراما العربية في السنوات الأخيرة؟

❊❊ هناك تراجع؛ سابقا كنا نرى إنتاج 100 عمل في مصر، حاليا لا يتجاوز الأربعين. في سوريا كانت أعمال كثيرة، الآن لا تتخطى العشرين عملا (لا أدري إن كان هذا الرقم دقيقا). وفي الأردن كنا ننتج حتى 8 أعمال، اليوم أصبحت ثلاثة!

هل لديك فكرة عن المسرح الجزائري؟

❊❊ طبعا، المهرجانات في الأردن كثيرا ما تدعو مسرحيات جزائرية. وقد اندهشت من مسرحية "جي بي أس" للمخرج محمد شرشال، وأداء الممثلين الذي كان فوق العادة.

المسرح في المنطقة المغاربية مهم جدا. وأنا شخصيا مغرمة بالمسرح التونسي؛ لأنّني شاهدت الكثير من المسرحيات التونسية، وكنت أعشق الممثلة المغربية الراحلة ثريا جبران. أما المسرح الجزائري فلم أشاهد الكثير منه، لكنني متأكدة أن هناك ممثلين مهمين؛ لأن المسرح في المنطقة المغاربية أخذ حيزا أكبر من التلفزيون مقارنة بالدول العربية الأخرى، ثم إن الممارسة المسرحية عندكم أقدم، وحياتهم مسرح؛ مثلا ممثل مسرحي في تونس أو الجزائر أو المغرب له استعداد كي يتخلى عن التلفزيون ويذهب إلى المسرح؛ حسّه بالمسرح عال.

فلسطين قضية حق وحرية

ما الموضوع الذي تريدين أن يكون لك فيه دور تجسدينه في الأعمال اللاحقة؟

❊❊ فلسطين. أنا نصفي فلسطيني، والآخر أردني. أنا بنت القدس بغض النظر عن أني كذلك. أنا مثل الجزائري الذي يعتبر فلسطين قضيته، هي قضية مركزية للجميع، لكلّ من يؤمن بالحرية والحق. ما دخل الجزائر في قضية فلسطين؟ لكن هي قضيتها. لم أر شعبا في حياتي يشجع فلسطين في مباراة كرة قدم ضد بلاده الجزائر! القضية هي قضية حق وحرية. والحق يجب أن تقف أمامه بمعزل أن تكوني فلسطينية أو لا؛ لذلك فهي قضية مركزية.

لم تعد القنوات التلفزيونية العربية تهتم بموضوع فلسطين!

وأي دور؟

❊❊ المرأة الفلسطينية بكل تفاصيلها؛ أريد أن أجسّد دور المرأة الفلسطينية التي ربّت هذا الشاب الذي يرحل فجأة، وضحّت به للوطن. هي الأم التي تمثل الهوية والأرض، مثل ما حدث في الجزائر خلال الثورة التحريرية، التي ضحت بالملايين من أجل أن تتحرر وتستقل، وليس هناك شيء من غير ثمن، خاصة عندما يتعلق الأمر بالوطن؛ لذلك أريد أن أقدّمها من الأساس. وحتى نكون صريحين، لم تعد القضية الفلسطينية تهمّ القنوات العربية! لو أنتج عمل عن فلسطين لن يأخذوه! في الأول كان معظم الدول العربية تأخذ أعمالا عن القضية الفلسطينية، واليوم يرفضونها! اليوم يريدون أعمالا فيها حب وغرام وانتقام.. تغيرت الاهتمامات!

في موسم رمضان، ما جديدك؟

❊❊ انتهيت من عملين؛ الأول عنوانه "أكباد المهاجرة"، و"هام وشاه"، لكن لا أدري على أيّ قناة سيُبثان؛ هما في نوع البدوي، والثاني بدوي كوميدي.