قال إنه يستعد لمرحلة تنظيمية جديدة بعد ترتيب بيت الاتحاد.. تاقجوت لـ"المساء":

بعث روح جديدة في العمل النقابي وترسيخ ثقافة الحوار الاجتماعي

بعث روح جديدة في العمل النقابي وترسيخ ثقافة الحوار الاجتماعي
الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، أعمر تاقجوت
  • 268
حاروته: أسماء منور حاروته: أسماء منور

❊ تدابير قانون المالية 2026 والزيادات في الأجور تجسيد فعلي لالتزامات الرئيس

 ❊ استعادة التوازن المالي للمركزية النقابية ودعم الشفافية ورقمنة التسيير المالي

❊ لقاء مرتقب مع أرباب العمل قبل نهاية العام لاقتراح حلول عملية لفائدة العمال

❊ تراجع النزاعات المهنية دليل على نجاح ثقافة الحوار داخل المؤسسات

❊ الوضعية المالية الصعبة للاتحاد تعود إلى تراكمات سنوات سابقة طويلة

❊ وقفنا على اختلالات في تسيير الموارد والنفقات مع غياب نظام تحصيل فعّال للاشتراكات

❊ سجلنا نفقات غير مبررة منها فواتير تخص فنادق 5 نجوم وصلت إلى 6 ملايين دينار

❊ اقتناء تجهيزات بـ2 مليار سنتيم دون توفير الخدمة وفواتير كراء طائرات بقيمة 1 مليار

❊ أمرت بفتح تحقيقات داخلية مع إحالة بعض الملفات على الجهات المختصة للفصل فيها

❊ قمنا باستحداث خلية متابعة مالية مركزية تراقب عمليات الصرف والتحصيل

❊ إصلاح الخطاب النقابي ضرورة لمواكبة التحوّلات الرقمية وسوق العمل

❊ تكوين نخبة نقابية واعية قادرة على الدفاع عن حقوق العمال

❊ الجزائر بحاجة إلى كل أبنائها المخلصين لبناء اقتصاد قوي يضمن العيش الكريم 

أكد الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، أعمر تاقجوت، أن المركزية النقابية تواصل مساعيها لإعادة تنظيم بيت الاتحاد وتعزيز مكانته كشريك اجتماعي فاعل في دعم التنمية الوطنية ومواجهة تحوّلات سوق الشغل، مشيرا إلى أن الجزائر التي تشهد إصلاحات هامة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، تكرّس المزيد من الحقوق والحريات الفردية والجماعية من بينها تكريس الممارسة الحرة للحق النقابي.

يتطرق الأمين العام للمركزية النقابية في الحوار الذي أجراه مع "المساء"، إلى ملامح المرحلة الجديدة التي يستعد الاتحاد لخوضها، في ظل توجيهات رئيس الجمهورية الرامية إلى ترقية العدالة الاجتماعية وتحسين أوضاع العمال، واللقاء المرتقب مع أرباب العمل، بالإضافة إلى الاستراتيجية الجديدة التي سيعتمدها في قادم الأيام، بعد قيامه بما سماه بحملة التنظيف الكبيرة لبيت الاتحاد.

المساء / كيف تقيّمون الوضع الاجتماعي للطبقة العاملة في ظل المتغيرات الاقتصادية الراهنة؟ 

تاقجوت / الوضع تحسّن بشكل كبير جدا عما كان عليه من قبل، من خلال استفادة العمال من زيادة هامة في الأجور، مع تمكينهم من الاستفادة من سكنات اجتماعية وتساهمية، والحفاظ على قدرتهم الشرائية وغيرها من القرارات الهامة التي تصبّ في خانة تحسين الوضع الاجتماعي للطبقة العاملة، الذي لن يتحقق إلا من خلال تكاثف الجهود الجماعية.

❊ كيف تقيّمون العمل النقابي اليوم؟ وهل ترون أن هناك تراجعا في أدائه مقارنة بالسنوات الماضية؟

❊ العمل النقابي اليوم يعيش مرحلة جديدة، ونحن كمركزية نقابية نعمل على ضبط الأداء حسب معايير جديدة من خلال التركيز على تكوين إطارات نقابية متمكنة، تكون مهمتها الدفاع عن حقوق العمال والعمل على تحصيلها، من خلال التفاوض والحوار.

❊ بعد إعلان رئيس الجمهورية عن زيادات هامة في أجور العمال، وحرصه على عدم فرض ضرائب جديدة تمس القدرة الشرائية ضمن قانون المالية 2026.. ماهي قراءتكم لهذه القرارات؟

❊ القرارات المتعلقة بالزيادة في الأجور، هامة جدا واستراتيجية كونها تواكب التغييرات الاقتصادية الحاصلة، وتعد تجسيدا فعليا لالتزامات رئيس الجمهورية لحفظ كرامة العمال وصونها، والتمسك بالطابع الاجتماعي للدولة، من خلال الحفاظ على القدرة الشرائية، إذ لم تدخر الدولة أي جهد لتكريس العدالة الاجتماعية، ودعم مكاسب العمال.

❊ هناك فئات عمالية لم تشملها الزيادات بعد.. كيف سيتم التعامل مع هذا الملف؟

❊ أنتم تتحدثون عن عمال القطاع الاقتصادي، أود أن أوضح نقطة هامة جدا، وهي أن الزيادات في القطاع الاقتصادي مرتبطة بالتفاوض والاتفاقيات الجماعية، ولا يمكن لهذه المؤسّسات إقرار زيادات لفائدة عمالها، إلا في حال كانت صحتها المالية تسمح بذلك. وفيما عدا ذلك، يجب التفكير في آليات تجعل من هذه المؤسسات تحقق مداخيل يتم توزيعها على العمال. ولا يمكن هنا، الحديث عن دعم الدولة، لأن الخزينة لا يمكن أن تتحمّل مسؤولية قطاع هو مطالب بأن يكون خلاقا للثروة وليس العكس، وعلى هذا الأساس أود التأكيد أن الزيادات في القطاع مرتبطة بالإنتاجية.

❊ وفيما يخص الأسلاك المشتركة.. كيف يتم التعامل مع ملفها؟

❊ بالفعل، هناك بعض الأسلاك تأخّر تكييف رواتبها لأسباب تقنية أو قانونية، ونعمل على حلّها في أقرب الآجال، لضمان المساواة بين الجميع، وإنصاف كل الفئات العمالية.

❊ تحدثتم عن لقاء مرتقب مع أرباب العمل، ما هي أهم المقترحات التي ستقدمونها خلال هذا اللقاء؟ وماذا تنتظرون من هذا التشاور؟

❊ بالفعل، من المنتظر أن ينعقد لقاء ثنائي مع أرباب العمل نهاية السنة الجارية، للتطرق إلى أهم الملفات التي تخص الطبقة العاملة، وكيفية الخروج بمقترحات عملية، من شأنها تحسين ظروف عمل مستخدمي القطاع الخاص. وهنا أود أن أشير إلى أن كل العمال لديهم الحق في تنظيم أنفسهم في نقابات عمالية، إلا أن بعض المؤسسات تلجأ إلى إنهاء عقود عملهم أو طردهم، رغم أن الغاية الأساسية من وجود تمثيل نقابي هو الدفاع عن مصالح المؤسسات التي يعملون بها.

 ❊ هل ترون أن آلية الحوار الاجتماعي فعّالة بما يكفي لحل النزاعات، خاصة في القطاع الخاص؟

❊ هناك شركات خاصة لديها نقابات تؤدي دورها على أتم وجه، كما أن 80% من المشاكل التي يعاني منها القطاع الخاص، يمكن حلّها في حال تطبيق قانون العمل بحذافيره، واعتماد لغة الحوار لحل النزاعات التي تكون بين أصحاب المؤسسات والعمال. وفي هذا الشق أود أن أقول إننا حققنا الكثير من المكاسب في ظرف سنتين، ونعمل على إعادة بناء جسور الثقة وسط العمال، باعتبارها أساس النهوض بالاقتصاد الوطني، الذي يحتاج لتكاثف جهود كل عمال القطاعين العام والخاص.

❊ هل هناك تراجع في النزاعات المهنية نتيجة تكريس الحوار الاجتماعي داخل المؤسسات؟

❊ نعم، يمكن القول بأن النزاعات المهنية في تراجع مستمر، وهو مؤشر جد إيجابي على نجاح لغة الحوار داخل المؤسسات، وأن النقابات شريك اجتماعي بامتياز، يعمل على الدفاع عن حقوق العمال ومصلحة مؤسساتهم. وهنا أود أن أشير إلى نقطة هامة، هي أن أغلب النزاعات أصبحت تحل عن طريق الوساطة، بفضل تعزيز ثقافة الحوار، بدلا من المواجهة التي تكون نتيجتها التأثير بشكل سلبي على استقرار مناخ العمل. لكن هناك نقطة أخرى، يجب التطرق إليها هي أن الاتحاد يستقبل يوميا 50 شكوى من مسؤولين ومديرين وعمال بسطاء، وسنعمل على الوصول إلى حلول توافقية ترضي جميع الأطراف. 

❊ ما هي المقاربة التي ستتبناها المركزية النقابية لضمان التوازن بين الدفاع عن حقوق العمال ودعم جهود الدولة في التنمية؟

❊ نحن نؤمن أن مبدأ الدفاع عن حقوق العمال لا يتعارض مع دعم جهود الدولة، بالعكس نسعى لاعتماد خطاب واقعي ومسؤول، يكون العامل هو أساسه، ومقاربتنا في العمل هي الشراكة الاجتماعية بين النقابة والمؤسسات الاقتصادية والدولة، وعدم الاكتفاء بالمطالب بل تقديم حلول ومقترحات للنهوض بالطبقة الشغيلة.

❊ هل هناك نية لتجديد الخطاب النقابي وتكييفه مع التحوّلات الجديدة في عالم الشغل؟

❊ بالتأكيد، هناك نية لتجديد الخطاب النقابي، لأنه تحوّل من خيار تنظيمي إلى ضرورة ملحة، فرضتها التطوّرات التي يشهدها عالم الشغل، واعتماد الرقمنة والذكاء الاصطناعي، ما أدى إلى تغير كامل في أنماط العمل وخلّف مناصب عمل جديدة رقمية يجب مواكبتها. ونحن ندرك أن الخطاب النقابي التقليدي لم يعد كافيا للتأثير أو الإقناع، لذلك نعمل على تكييفه ومواكبة المستجدات، إيمانا منا بأن الجيل الجديد من النقابيين بحاجة إلى تكوين يؤهّله للتعامل مع القوانين الحديثة، ومتابعة قضايا العمل، والاندماج في النقاشات الاقتصادية الوطنية.

❊ في تقريركم الأدبي الأخير، وصفتم الظرف الذي استلمتم فيه مهامكم بالصعب، ما هي أبرز التحديات التي واجهتموها؟

❊ استلمت تركة ثقيلة جدا، والتنظيم الجديد وجد نفسه أمام وضعية مالية صعبة جدا، وهنا كان علينا إعادة ترتيب البيت النقابي، وبعث روح الالتزام والانضباط، وهو ما تحقق تدريجيا بفضل العمل الجماعي والتنسيق الدائم مع القواعد العمالية.

❊ تحدثتم عن مديونية خارجية بأكثر من 7 ملايير سنتيم، و12 مليار  ديون خارجية.. كيف وصلت المنظمة إلى هذه الوضعية المالية الحرجة؟

❊ الوضعية المالية الصعبة للاتحاد، تعود إلى تراكمات سنوات سابقة طويلة، حيث وقفنا على عديد الاختلالات فيما يخص تسيير الموارد والنفقات، إضافة إلى غياب نظام تحصيل فعّال للاشتراكات من الاتحادات الولائية. على هذا الأساس، قرّرنا اتخاذ تدابير صارمة، من خلال التحول نحو رقمنة التسيير المالي للاتحاد، الذي من شأنه تحقيق التوازن المالي. كما نعمل على قدم وساق من أجل مراجعة آليات التسيير والرقابة، لضبط العلاقة المالية بين المركزية النقابية والهياكل التابعة لها.

❊ سجل التقرير الأدبي نقائص في الشفافية والتسيير المحاسبي قبل عهدتكم، ما هي أبرز مظاهر هذه الاختلالات؟ وهل تمّ تحديد المسؤوليات؟

❊ بالفعل، رصدنا عددا كبيرا من الاختلالات تخص غياب وثائق محاسبية دقيقة، وتأخر في إعداد التقارير المالية السنوية، بالإضافة إلى تسجيل نفقات غير مبررة في بعض الملفات، حيث وجدنا فواتير تخص فنادق 5 نجوم وصلت إلى 6 ملايين دينار للاحتفال بذكرى تأسيس الاتحاد، اقتناء تجهيزات الأنترنت بـ2 مليار سنتيم دون حتى توفير هذه الخدمة، بالإضافة إلى  فواتير كراء طائرات نحو الجنوب،  بقيمة 1 مليار سنتيم وغيرها، وأنا كنقابي والمسؤول الأول عن بيت الاتحاد لا يمكنني السكوت عنها، لذلك قمت بفتح تحقيقات داخلية، مع إحالة بعض الملفات على الجهات المختصة للفصل فيها وفق القوانين المعمول بها. كما قمنا باستحداث خلية متابعة مالية مركزية، تراقب عمليات الصرف والتحصيل، وتضمن تسييرا عقلانيا للموارد، حفاظا على المال النقابي.

❊ ذكرتم أن المركزية النقابية لجأت إلى العدالة في بعض الملفات المالية، هل يمكن أن توضحوا طبيعة هذه القضايا، وهل صدرت فيها أحكام أو ما تزال قيد المعالجة؟

❊ نعم، هناك عدد من الملفات المالية ستتم إحالتها على العدالة بعد أن تبيّن وجود تجاوزات أو مخالفات في طرق التسيير السابقة، كما وقفنا على تجاوزات تتعلق بتحويل أموال بطاقات الانخراط في الاتحاد، التي لم يتم تحصيلها من بعض النقابيين، دون أن يتم تحويلها إلى الاتحاد.

❊ تحدثتم عن ممتلكات مهملة للاتحاد، ما هي طبيعتها، وهل شرعتم في جردها واستغلالها؟

❊ الاتحاد العام يمتلك عديد العقارات، التي ظلت مهملة لسنوات طويلة، حيث قمنا بجرد شامل للممتلكات سواء أكانت مقرات أو فضاءات أو ممتلكات خدماتية في كل ولايات الوطن، وقمنا بإعادة تجديد العديد منها، لاستغلالها في تكوين النقابيين وعقد اجتماعات الاتحاد، ومن هذا المنبر أجدد تأكيدي على أننا نعمل على أن تكون كل ممتلكات الاتحاد في خدمة العمال.

❊ يعتزم الاتحاد مراجعة آليات تحصيل الاشتراكات، كيف سيتم فرض احترام الالتزامات؟

❊ نعم، هذا الملف في صلب الإصلاح المالي الجاري، حيث نتطلع إلى رفع قيمتها من 10 دينار شهريا إلى قيمة أخرى نعمل على دراستها، كما نتطلع إلى اعتماد نظام التحصيل، حسب المنصب، إذ لا يمكن للإطارات تسديد نفس قيمة الاشتراك الذي يدفعه العامل البسيط. ومن بين المقترحات التي نسعى لتجسيدها إنشاء بوابة رقمية وطنية لتتبع عمليات التحصيل بشكل فوري، مع فرض احترام الآجال القانونية لتحويل الاشتراكات، بالإضافة إلى مراجعة العلاقة التنظيمية بين المركزية النقابية والاتحادات الولائية لضمان تحصيلها.

❊ كيف تواكب النقابة مشاريع الجزائر الجديدة التي دعا إليها رئيس الجمهورية؟

❊ المركزية النقابية شريك أساسي في تجسيد رؤية الجزائر الجديدة، التي تقوم على التنمية الشاملة وتكريس الطابع الاجتماعي للدولة، حيث نواصل توعية العمال بدورهم المحوري في تحقيق التنمية باعتبارهم حجر الأساس. كما نعتبر أنفسنا امتدادا للسياسات الوطنية الهادفة إلى بناء دولة قوية واقتصاد متوازن، وأن يكون العمال جزءا في دفع عجلة النهوض الاقتصادي.

❊ ما هي أولويات الاتحاد خلال المرحلة المقبلة؟

❊ أولوياتنا هي تكوين الإطارات النقابية وتحسين الحماية الاجتماعية والمهنية للعمال، مع مواصلة العمل على توسيع قاعدة المنخرطين، الذين يقدر عددهم حاليا بـ2 مليون منخرط، مع الحرص على إعادة الثقة في العمل النقابي كقيمة وطنية والتركيز على ترقية الحوار الاجتماعي كخيار استراتيجي للحفاظ على الاستقرار.

❊ ماهي رسالتكم للعمال الجزائريين في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة؟

❊ رسالتي لكل العمال الجزائريين، الوفاء بقيم العمل والانضباط، لأن الجزائر اليوم في حاجة إلى كل سواعدها المخلصة، لبناء اقتصاد قوي يضمن العيش الكريم للجميع.