مدير الفلاحة لولاية الجزائر مهدي موساوي لـ"المساء":

امتيازات بالجملة للمهنيين المنخرطين في تعاونيات فلاحية

امتيازات بالجملة للمهنيين المنخرطين في تعاونيات فلاحية
مدير الفلاحة لولاية الجزائر مهدي موساوي
  • القراءات: 16056
رشيد كعبوب رشيد كعبوب

 للعاصمة أهمية كبيرة في ضبط السوق الوطنية للمواد الأساسية

 تسوية عقود الامتياز متواصلة ومشكل الأحواش يستلزم معالجة خاصة

تحدث مدير مصالح الفلاحة والتنمية الريفية لولاية الجزائر السيد مهدي موساوي لـ"المساء"، عن عدة نقاط تتعلق بالاهتمام الكبير الذي توليه الدولة لهذا القطاع الحساس، خاصة بعاصمة البلاد التي بها نشاط زراعي له خصوصياته، ما يجعل منها قطبا فلاحيا واقتصاديا بامتياز، كما شرح، في هذا السياق، المشاكل التي يواجهها العقار الفلاحي، جراء ما يتعرض له من غزو الإسمنت، وانتشار الأحواش، رغم وجود القوانين وفرق المراقبة، داعيا في هذا الإطار، كافة المهنيين إلى الانخراط في التعاونيات الفلاحية للاستفادة من الامتيازات التي توفرها الدولة، لتسهيل نشاطهم وتحسين أرباحهم.

تتوفر ولاية الجزائر، على مساحات واسعة وشاسعة من الأراضي الفلاحية الخصبة، إذ تتقاسم سهل متيجة المعروف بأشجار الحمضيات مع ولاية البليدة، وتتميز بزراعة الخضر والفواكه وتربية الدواجن وزراعة الحبوب بحجم أقل، إذ يصل عدد المستثمرات بها إلى حدود 1982 مستثمرة فلاحية، تضم أزيد من 9500 فلاح. بالنسبة لولاية الجزائر، أكد السيد موساوي لـ"المساء"، أن لها أهمية كبيرة في ضبط السوق الوطنية للمواد الأساسية، لأنها تشكل مركز الوطن، وكل ما يدور في العاصمة له تأثير على بقية الأسواق الوطنية، لذلك يجب أن يكون التأطير بهذه الولاية قويا، بإنشاء أسواق كبيرة للجملة، من أجل ضبط الطلب الوطني للمواد الأساسية، إذ لا يخفى على أحد، حسبه، أن كل ما يدور في الساحة الوطنية من نشاط  اقتصادي من تصدير واستيراد، يمر على الجزائر العاصمة، كونها تحتوى على هياكل قاعدية أساسية، كالميناء والمطار.

قرار الرئيس ينهي مشاكل العقار الفلاحي

بشأن العقار الفلاحي المستغل في الاستثمار الصناعي، أفاد محدثنا، بأن هناك العديد من المشاريع الاستثمارية الصناعية لا تزال مجمدة وغير مستغلة، لعدة أسباب، من بينها عدم مطابقة بناياتها لمخطط التعمير وعدم احترام المساحات المسموح بها، مثمنا قرار رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون الأخير، الذي وضع حدا لهذه الإشكالية، حيث أمر منذ سنة، بمنح شهادات الاستغلال للمستثمرين الصناعيين الذين دخلوا النشاط الفلاحي، كي تعطي لقطاع الفلاحة قيمة مضافة، من حيث تثمين الإنتاج الزراعي وتوفير مناصب الشغل، وتقليص حجم استيراد بعض المواد من الخارج، مع تسوية العقار من خلال تعديل القوانين، كما أمر الرئيس، خلال لقاء "الحكومة الولاة"، نهاية سبتمبر الماضي، باستقطاب الاستثمار، وطلب من الولاة تحديد الخصوصيات الاقتصادية لكل منطقة وطبيعة الاستثمارات التي تميزها.

تسوية عقود الامتياز متواصلة والأحواش تستدعي معالجة خاصة

أوضح مسؤول المصالح الفلاحية بالعاصمة، أن العدد الإجمالي للملفات التي تم تحويلها إلى الديوان الوطني للأراضي الفلاحية، قصد منح أصحابها عقود الامتياز، بلغ 9504 ملف، منذ انطلاق العملية في 2010، منها 6222 تمت الموافقة عليها، حيث تم إلى حد الآن، استلام 5711 عقد من قبل أصحابها، ليبقى بذلك عدد الملفات قيد الدراسة على مستوى اللجنة الولائية، يناهز 638 ملف، بينما تم فسخ 30 عقد امتياز إلى غاية نهاية أكتوبر 2022، بسبب المخالفات المرتكبة من قبل الفلاحيين، وتتعلق بالإهمال واستغلال العقار الفلاحي في غير أغراضه.

وبخصوص مشكل الأحواش، قال المسؤول إن ذلك "يستلزم معالجة خاصة وبطريقة منصفة، عن طريق إزالة ما يمكن إزالته من البناءات الفوضوية المشيدة على الأراضي الفلاحية، وتقديم البديل للسكان، بإسكانهم في شقق لائقة، مثلما هو معمول به منذ سنوات، واستعادة الأراضي لأصحابها الفلاحين، قصد خدمتها، حيث تحصي مديرية الفلاحة، استرجاع 140 حوش بالعاصمة، تم ترحيل شاغليها إلى سكنات جديدة بالعديد من بلديات العاصمة.

الإسمنت التهم مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة

أشار السيد موساوي في السياق، إلى أن العقار الفلاحي الذي تعرض للاستنزاف بشكل كبير، التهم آلاف الهكتارات من الأراضي الخصبة، مؤكدا بالمناسبة، أن مديرية الفلاحة تحصي حاليا 147 ألف قطعة أرض، منحت للمواطنين خلال تسعينيات القرن الماضي، لبناء سكنات فردية، موضحا بقوله: "إذا افترضنا أن كل قطعة أرض بها عائلة تضم 5 أفراد، فإن العدد الإجمالي للسكان يفوق 700 ألف نسمة، وهو ما يمثل أزيد من خُمس عدد سكان العاصمة الذي يناهز 4 ملايين نسمة".

يُنتظر- يقول محدثنا- أن تفصل الدولة في ملف هذه السكنات المشيدة على أراض فلاحية، في إطار تطبيق قانون تسوية البنايات الفوضوية 08/15، حيث أن هذا الملف الثقيل يوجد على مستوى الوزارة الأولى، ومن شأنه تسوية هذه الوضعية العالقة منذ سنوات، بتسليم شهادات المطابقة لأصحاب البنايات الفردية. أشار مدير الفلاحة في هذا الشأن، إلى أن دور قطاع الفلاحة، في هذا المجال، يتلخص في التعرف على حجم الأراضي المستغلة، ومراقبة والتبليغ عن كل محاولات التوسع العمراني على حساب الأراضي الفلاحية.

وأضاف، أن اللجان الفرعية للمصالح الفلاحية بالعاصمة، تسهر على حماية العقار الفلاحي من التعدي عليه، واستغلاله في غير وظيفته، ورفع تقارير فورية للوالي المنتدب، مع مراسلة ديوان الأراضي الفلاحية، الذي يملك صلاحية فسخ عقود الامتياز ونزعها من الفلاحين المتورطين، وهنا أكد محدثنا، على دور البلدية في مجال مراقبة تسيير ملف العقار العمومي والخاص، ومعرفة طبيعة البنايات التي تستحدث على تراب البلدية.

ومعلوم، أن شهادات الاستغلال التي تمنح للمستثمرين الصناعيين، تتم وفق سلطة الوالي الذي يشكل لجنة مشتركة تضم عدة قطاعات كالفلاحة، والصناعة، والري، والطاقة، والبيئة وغيرها، حيث تعمل على دراسة ملفات الاستثمار، ولها صلاحية الموافقة على منح شهادات الاستغلال أو التحفظ، في حالة عدم استيفاء الشروط المطلوبة، ومنها في القطاع الفلاحي، عندما لا يحترم المستثمر قوانين العقار الفلاحي ويقوم بالعدي عليها والتوسع على حسابها.

تجميع المياه مهم واقتصادها أكثر أهمية

تعرضت الجزائر العاصمة، على غرار الولايات الأخرى، لسنوات الجفاف، أثرت على احتياطي المياه الباطنية، وفي هذا السياق، أكد السيد موساوي، أنه "لا يمكن أن يقتصر تفكيرنا في حل مشكل المياه، بحشدها في شكل مسطحات، بقدر ما يجب الفهم الجيد للنمط الفلاحي المميز للعاصمة". وأوضح المتحدث: "إننا نقوم بتجميع المياه وتوفيرها واستغلالها في السقي الفلاحي بطريقة فيها هدر وتبذير كبير لهذه المادة الحيوية، دون اعتماد طريق السقي بالتقطير والسقي عن طريق الرش المحوي، حسب طبيعة المغروسات من أشجار أو خضار على اختلاف أنواعها واحتياجها للماء". وأكد أن هناك تعاونا وتنسيقا مع مديرية الري، لمرافقة الفلاحين في حفر الآبار، مع مراعاة احترام المعايير المطبقة في توزيعها، معتبرا أنه "فليس من المعقول، أن يكون لكل فلاح بئر، بل بالإمكان استعمال آبار مشتركة بين المستثمرات الفلاحية"، مضيفا أنه، قد حان الوقت لتطبيق فلاحة عصرية تعتمد على المكننة والطرق الحديثة في اقتصاد الماء.

التعاونيات الفلاحية للقضاء على متاعب المهنيين

ومن أجل تسهيل نشاط فلاحي العاصمة، وتمكينهم من الاستفادة من الامتيازات التي توفرها الدولة، سواء من حيث تخفيض أسعار اقتناء العتاد الفلاحي، أو تخفيض أعباء الرسوم الأخرى، دعا مدير الفلاحة للعاصمة، المهنيين، إلى التقرب والانخراط أكثر في التعاونيات الفلاحية، وعددها 5 بالعاصمة، بعد ما كانت خلال التسعينيات تعادل 14 تعاونية، تعنى بتوفير خدمات للفلاحين في مجال توفير العتاد الفلاحي والمدخلات والمرافقة.

وأضاف مسؤول قطاع الفلاحة بالجزائر العاصمة، أن منح الترخيص بإنشاء مثل هذه التعاونيات الفلاحية كان من صلاحيات الوالي، لكن مع تعديل القانون، أصبح الأمر حاليا بيد مدير المصالح الفلاحية، الذي بإمكانه تسهيل إنشاء مثل هذه المؤسسات الاقتصادية ذات الطابع التجاري، التي من شأنها إزالة متاعب الفلاحين، ومساعدتهم في الحصول على ما يحتاجونه من عتاد ومواد فلاحية بأسعار تنافسية، بإمكانها تسهيل نشاطهم وتحسين أرباحهم، موضحا أن القانون الجديد لم يعد يشترط عددا كبيرا من الأعضاء في التعاونية، حيث تم تقليص العدد إلى 5 فلاحين.