المتوج بجائزة رئيس الجمهورية للصحفي المحترف، الزميل هشام بومجوط لـ«المساء»:

الجائزة الأولى كانت ثمرة انخراطي في الإعلام العلمي

الجائزة الأولى كانت ثمرة انخراطي في الإعلام العلمي
  • القراءات: 2644
حاورته: مريم . ن حاورته: مريم . ن

يقف المتوّج الأول بجائزة رئيس الجمهورية للصحفي المحترف، هشام بومجوط، عند وقع لحظة الإعلان عن اسمه المختار من لجنة التحكيم، حينها تملكه شعور بالفرح واستحضار كلّ الذين انتظروا تتويجه وتمنوا لمشواره التكليل والعرفان بأسمى التكريمات، حيث لم يتأت افتكاكه للجائزة سدى، بل كان ثمرة جهد وتكوين مختص تطلب المثابرة والبحث الميداني، كما لم ينس ابن «المساء» أن يقدّم تشكراته البالغة لكلّ من ساهم وشجّع وقدم الدعم، ويستعرض في هذه الدردشة سيرورة المشاركة في الجائزة، ومدى اهتمامه بمجال الإعلام العلمي.

حدثنا عن سرّ علاقتك بالصحافة العلمية؟

أنا خريج معهد الإعلام والاتصال جامعة الجزائر سنة 1999، وبعدها بسنة التحقت للعمل بالقسم الرياضي بجريدة «المساء»، حيث استقريت فيها حتى الآن، وكان من مزايا عملي بالقسم الرياضي اكتساب الآنية في العمل بفعل الأحداث المتسارعة مما يتطلب المتابعة، وولّد هذا الضغط بداخلي حافزا إيجابيا وتكوينا مستمرا لا يعرف الخمول.

أما اهتمامي بالمجال العلمي فيعود لطفولتي، حينها كانت الصحافة العلمية منتعشة نوعا ما، وكان والدي يجلب لي جريدة «الشعب» التي كانت تخصّص كلّ خميس صفحة للعلماء والعباقرة المسلمين، فأقوم بقص ما أقرأ وألصقه في دفتر خاص إلى أن جمعت العشرات من الصفحات.

استمر هذا الاهتمام عند دخولي عالم الصحافة، ولذلك دخلت سنة 2007 دورة تكوينية عبر الإنترنت من تنظيم الاتحاد الدولي للصحافيين العلميين، ومن ثم كانت الانطلاقة القوية والمؤطرة التي ضمنت لي تكوينا جيدا ليتم اختياري بعدها للمشاركة في المؤتمر الدولي السابع للصحفيين العلميين وحضره ألف مشارك من العالم وتم تتويجي أنا و29 آخرين من بين 60 مشاركا مرشحا.

من جهة أخرى، اشتغلت مع مجلات علمية دولية متخصّصة ومرموقة أغلبها بلندن ومنها «الطبيعة» و»علوم وتنمية» وكتبت الكثير من المقالات التي ترجمت إلى الانجليزية ونشرت.

وما محلّ البيئة من كلّ هذا الاهتمام؟

البيئة كانت من ضمن المجالات العلمية التي كنت ملما بها، سواء في الجزائر أو في الخارج، ولذلك لم أتردّد في المشاركة بجائزة رئيس الجمهورية فور الإعلان عن موضوعها، ووجّهت تحديا صارما لنفسي يقول «إذا لم تفز بهذه الجائزة إذن لا يحق لك أن تقول أنّني صحفي، فإما أن تكون أو لا تكون»، حيث كان موضوع الدورة في صميم مجال تخصصي أي البيئة.

ما هو مضمون مشاركتك ؟

تناولت موضوع البيئة من عدة زوايا، والمنطلق الأوّل كان الجانب التشريعي، حيث أنه منذ مطلع هذه الألفية، عرفت الجزائر صدور عدة قوانين متعلقة بالبيئة، بعد أن كان هناك فراغ تشريعي ولم يكن هناك سوى  قانون 1983، وكانت هذه القوانين والمراسيم الرئاسية بمثابة انفجار قانوني.

المنطلق الثاني تمثّل في مراكز البحث بالجزائر، التي تعنى بالبيئة والمحافظة عليها، منها مثلا «المرصد الوطني للبيئة والتنمية المستدامة»، وكذا «المحافظة الوطنية للساحل»، فرأيت أنّ القوانين وحدها لا تكفي لذلك أضفت المنطلق الثالث، المتمثل في العمل الميداني، ومنه اخترت موضوع «الساحل للمحافظة على موارده البيولوجية».

في سنة 2000، كان هناك تقرير وزاري عن البيئة، جاء فيه أنّ المشكل الأوّل للجزائر، هو النفايات بما في ذلك الساحل الذي تعاني المناطق القريبة منه كثافة سكانية عالية، وبالتالي يمارس عليه ضغط، خاصة منذ بداية التسعينيات بفعل الهجرة نحوه وانتشار المناطق الصناعية، زيادة للعوامل الطبيعية منها التغيّرات المناخية وكذا الوديان التي تصب في الساحل خاصة العاصمية كوادي الحراش والحميز وغيرهما، مما جعل الساحل الجزائري في خطر، وتأثّرت به الحياة البحرية بما في ذلك الصيادون.

نزلت للميدان ودخلت المركز الوطني لتطوير الموارد البيولوجية وتحدثت مع المسؤولين، واكتشفت العمل الجاد من أجل إحصاء الموارد البيولوجية البحرية وتطويرها، وإنقاذ ما هو في طور الانقراض، وهو عمل مهم أسفر عن إحصاء 27 ألف نوع، منه مثلا نوع سمك القرش الذي يضم بدوره عدة أصناف كسمك المنشار والقرش الأبيض الذي هو في طريقه للانقراض.

تمّ التطرق إلى الحلول التي بادرت بها الحكومة، وهي إنشاء محميات بحرية، واقتراح مشروع الصيد البحري السياحي، من ذلك مثلا تشجيع الصيادين على ممارسة السياحة البحرية بقوارب مجهزة  لتفادي الصيد أثناء فترة الراحة البيولوجية، وهنا يجب أن نشير إلى أن الجزائر هي ثالث دولة في حوض المتوسط بعد إيطاليا وفرنسا في الحماية وتقنينها.

هل كنت تنتظر الجائزة الأولى في مجال الصحافة المكتوبة ؟ 

لقد اجتهدت في مجال تخصصي، وبالتالي كنت أنتظر التتويج ربما كان ذلك فرط ثقة مني، لكني أعلم مدى النقص في مجال الصحافة العلمية عندنا، فلا تجد مثلا قسما للعلمي في صحفنا أو وسائل الإعلام الأخرى، وبالتالي أوجه نداء للاهتمام بهذا التخصص علما أّن هناك صحفيون يعملون في هذا الجانب لكن بشكل غير بارز.

كيف استقبلت العائلة تتويجك؟

طبعا كان الفرح عارما من الوالدين والأشقاء وقفز أبنائي مهللين، وأصروا أن تلتقط لهم صور فوتوغرافية مع الجائزة .

هل واجهتك بعض العراقيل أثناء بحثك ؟

اعترضتني مشاكل عدم تعاون بعض الإطارات المختصة في البيئة، التي تماطلت في إعطائي المعلومة والتعاون معي، مما يدل على نقص في الاتصال، لكن بالمقابل كان هناك تعاون من آخرين وعلى رأسهم المدير العام للمحافظة الوطنية للساحل، السيد عمر خابر، الذي أجريت معه حوارا مطولا واستقبلني أحسن استقبال.

لمن تهدي الجائزة ومن تخص بالشكر والعرفان ؟

أعتبر هذه الجائزة بمثابة تشجيع وتحفيز لبذل المزيد من الجهد، وأشكر رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، لتشريف الصحفي بهذه الجائزة وبهذا اليوم الوطني، وكذلك أشكر لجنة التحكيم الموقرة على هذه الثقة.

الجائزة مهداة مني لعائلتي ولأسرة «المساء» ولكل الأحباب والأصدقاء، وأتمنى في الأخير أن يلقى الصحفي الجزائري الرعاية والاهتمام، خاصة من الجانب الاجتماعي الصعب، الذي يتخبط فيه الكثيرون، وأقول أنّ من يعاني هذه المشاكل لا ينتظر منه أن تكون له مساهمات.