رئيس الأكاديمية الوطنية للسلامة المرورية علي شقيان لـ "المساء":

أزيد من 15 ألف قتيل خلال 7 أشهر بسبب حوادث المرور

أزيد من 15 ألف قتيل خلال 7 أشهر بسبب حوادث المرور
رئيس الأكاديمية الوطنية للسلامة المرورية علي شقيان
  • القراءات: 12119
حاورته: حنان سـالمي حاورته: حنان سـالمي

عملٌ على عدة جبهات لاحتواء إرهاب الطرقات

70 ٪ من حوادث المرور تَسبب فيها شباب ما بين 19 و39 سنة

2000 مركبة نقل جماعي يزيد عمرها عن 20 سنة، وتجديد الحظيرة أصبح أكثر منضرورة

دعا رئيس الأكاديمية الوطنية للسلامة المرورية والأمن عبر الطرق، علي شقيان، إلى الاستثمار في العنصر البشري، وفي تكنولوجيات الاتصال الحديثة؛ للحد من حوادث المرور. كما أكد خلال حوار خص به "المساء"، أن تطبيق التوصيات التي خرجت بها مختلف اللقاءات التي جرت مع عدة أطراف وعلى أعلى مستوى، كفيلة، هي الأخرى، بالحد من إرهاب الطرقات، ومن ذلك الإسراع في تجديد حظائر المركبات، وتفعيل السياسات المحلية للنقل، ناهيك عن إدراج التكنولوجيات الحديثة للاتصال، ضمن منظومة التكوين... وغيره.

احتفلنا قبيل أيام باليوم العالمي لضحايا حوادث المرور، والواقع يشير إلى تسجيل ضحايا بصفة يومية؛ بسبب إرهاب الطرقات. وفي المقابل، فإن الحملات التحسيسية تكاد لا تنقطع، أين الخلل في رأيكم؟

❊❊ صحيح... الإحصائيات تشير إلى تسجيل أزيد من 15 ألف قتيل بسبب حوادث المرور خلال سبعة أشهر الأولى من 2022، وهذا رقم كبير إذا ما قورن بالسنتين الماضيتين بسبب تقييد حركة التنقل؛ تبعا للإجراءات الصحية المفروضة مع تفشي جائحة كوروناواليوم، نحن نؤكد أن الأمور تتفاقم إلى الحد الذي يستدعي تضافر جهود الجميع، والتدخل على أعلى المستويات للحد من إرهاب الطرقات؛ لأن مجازر الطرقات تسجَّل بصفة يومية كما ذكرتم. كما إن آثارها وخيمة على الفرد والأسرة والمجتمع والاقتصاد الوطني ككل.

واليوم، الكل مطالَب بالتدخل للمساهمة في الحد من هذه المجازر، خاصة أن الأسباب تكاد تكون معروفة، منها ما هو مرتبط بالعنصر البشري، والمركبات وحالة الطرقات... نعم، هناك الكثير من المقترحات التي تم تطبيقها من قبل عدة فاعلين، ولكن الأمور تتفاقم. ولا بد من إحداث ثورة حقيقية في مجال التكوين، لا سيما في مجال السياسات المحلية بالنظر إلى الدور الكبير الذي تلعبه في مجال السلامة المرورية.

ماذا تقصدون بالسياسات المحلية؟ هل تعني مخططات النقل بالدرجة الأولى؟

❊❊ نعم بالفعل؛ من بين الحلول التي تقترحها الأكاديمية الوطنية للسلامة المرورية والأمن عبر الطرق، تفعيل اللجان الولائية للوقاية من حوادث المرور، والتي تسهر على معالجة السياسة المرورية على المستوى المحلي، ومنها إحصاء النقاط السوداء، مع تقديم تقارير بخصوصها، ليتم القضاء عليها؛ الأمر الذي يساهم في التقليل من حوادث المرور، علما أن النقاط السوداء لها دور مباشر في هذه الحوادث، لا سيما الممهلات العشوائية، التي تُظهر الدراسات أن 70 ٪ من حوادث المرور، سببها هذه الممهلات، ناهيك عن غياب إشارات المرور، وفوضى النقل، والركن العشوائي... وغيرها من النقاط الممكن معالجتها محليا، حسب عمل خاص تقوم به اللجان المحلية للنقل.

ونعتقد أن هذه اللجان بعملها مع المندوبيات الوطنية للنقل عبر الطرق، يمكنها تقديم العديد من الحلولصحيح أن ـ اليوم ـ التحسيس لم يعد كافيا، كذلك الردع ليس حلا جذريا. كما نثمّن عمل الورشة الأخيرة لوزارة العدل حول تشديد العقوبات على المتسببين في حوادث المرور، وتكييفها على أساس جنحة، ولكن كل ذلك لا بد أن يكون متبوعا بخطوات أكثر واقعية.

وتشير الأرقام إلى أن حوالي 70 ٪ من حوادث المرور، سببها شباب، لا سيما الفئة العمرية ما بين 19 و30 سنة. كما إن الحديث عن آلاف الوفيات سنويا بسبب إرهاب الطرقات، لم يعد يمكن السكوت عنه. ونحن في الأكاديمية نتحرك على عدة مستويات، لمحاصرة هذه الظاهرة السلبية.

هل تقصدون في هذا السياق الاتفاقيات الممضاة مععدة أطراف؟

❊❊ نعم؛ لدينا مساع لتجسيد اتفاقيات شراكة وعمل مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، لتعزيز المكتبة الجامعية بدراسات حقيقية ومتخصصة حول ظاهرة إرهاب الطرقات؛ في محاولة لحصر أسبابها، وإيجاد حلول جذرية لها. ومن ذلك أيضا، دراسة سلوكات السائقكما هناك عمل لإعداد اتفاقية أخرى مع وزارة التكوين والتعليم المهنيين، حول العديد من النقاط، ومنها اقتراح إمكانية استغلال مراكز التكوين المهني، واستغلال التجهيزات من أجل تجسيد تكوين نوعي في السياقة. وكان لنا عمل آخر مع وزارة النقل ضمن ورشات خاصة، ولقاء مع رئيس المجلس الشعبي الوطني، ثم التقينا أعضاء بمجلس الأمة.. وكل ذلك بهدف النقاش والتحاور حول حوادث المرور، وسبل القضاء عليها، أو على الأقل التقليل من حدتها..

  نعرف أن الأسباب المباشرة لهذه الحوادث تكمن في العامل البشري، ماذا تقترحون في هذا الصدد؟

❊❊ هناك 3 أسباب رئيسية لحوادث المرور، وهي العامل البشري، والمركبة، وحالة الطرقاتفبالنسبة للعامل البشري، نعتقد أنه لا بد من إعادة النظر في منظومة التكوين؛ من خلال إدراج تكنولوجيات الاتصال الحديثة. واقترحنا إقامة مدارس ذكية لتعليم السياقة. والبداية بتكوين المكونين ضمن برنامج وطني في هذا المجال، إضافة إلى أهمية إدراج آلية، من شأنها إعادة النظر في كيفيات إجراء الامتحانات، ومسابقات رخص السياقة. كما اقترحنا إنشاء ديوان وطني للمسابقات لتعليم السياقة، قائم على التكنولوجيات الحديثة تماما؛ مثل الديوان الوطني للمسابقات في مجال التربية.

أما عن الامتحانات الميدانية فاقترحنا أن تكون ضمن مراكز التكوين المهني؛ لذلك تحدثنا عن عمل مشترك مع وزارة التكوين والتعليم المهنيين؛ حيث إن هذه المنظومة لديها مراكز متعددة وتجهيزات هائلة، يمكن استغلالها في تلقين تكوين نوعي، وباستعمال التكنولوجيات الحديثة. كذلك اقترحنا في مجال التكوين النوعي في السياقة، أن تكون فيه أرضية رقمية، تجمع ما بين الطب والطب النفسي؛ للوقوف على الملف الطبي لكل مترشح بدون محسوبية أو غيرها.

وبالنسبة للامتحانات التطبيقية، لا بد من تأكيد أن الطريقة الكلاسيكية قد تجاوزها الزمن. ولا بد، اليوم، من استعمال التكنولوجيات الجديدة؛ من خلال أجهزة محاكاة لتعليم السياقة. ولا بد من إعادة النظر في التكوين بحد ذاته، ليشمل، كذلك، الجانب التقني للمركبات وغيرهومن ضمن المقترحات الإسراع في العمل برخص السياقة بالتنقيط؛ حيث إنها وسيلة أعطت ثمارا في بعض الدول، إلى جانب وضع سجل وطني للمخالفات، يتضمن آليات ردع مختلفة حسب الدرجات والمخالفات. كما ندعو إلى إدراج منظومة التأمينات في هذا العمل، مع الرفض القاطع لما هو معمول به حاليا؛ "تأمين الطريق فقط".

أما العامل الثاني وراء حوادث المرور والمتمثل في المركبة، فإن أكبر عمل لا بد من القيام به، يكون حول مركبات النقل الجماعي؛ إذ لا بد من إعداد ورقة طريق خاصة في هذا الصدد، تتضمن، أولا، تجديد الحظيرة الوطنية، علما أن الواقع يؤكد أن أزيد من 2000 مركبة نقل جماعي، يدور عمرها ما بين 20 و25 سنة، وهذا يشكل خطرا حقيقيا على السلامة المرورية، وعلى شريحة واسعة من المواطنين.

كما إن التجديد يضمن القضاء على مشكل الازدحام، وبشكل كبير مع أهمية تركيب جهاز ضبط السرعة. يضاف إلى ذلك إعداد مخططات نقل واقعية. كما يُشترط الربط  الآلي للوكالة الوطنية لمراقبة السيارات والمركبات بوزارة الداخلية، ضمن شبكة رقمية؛ للقضاء على كل أشكال المحاباة. وأما حالة الطرقات فهي سبب ثالث وراء ارتفاع حوادث المرورونحن نقترح في هذا المجال، تفعيل السياسات المحلية للقضاء على كل النقاط السوداء، والتفكير في وضع إشارات مرور ذكية، مع الإعلام المتواصل للمواطن بحالات الطرقات، وغيره باستعمال التكنولوجيات الحديثة.. ولا بد من التهيئة المتواصلة لشبكة الطرقات، ووضع رادارات رقمية، وكاميرات مراقبة.. لذلك، قلنا بأن ظاهرة حوادث المرور لا تخص جهة دون أخرى..

وما دور المواطن ضمن كل هذا وذاك؟

❊❊ السائق هو نفسه مواطن... وظهر، مؤخرا، نوع من الوعي على الطرقات، نثمّنه بشكل خاص، وهو لجوء بعض المواطنين إلى تصوير حالات سياقة متهورة من بعض السائقين على الطرقات، خاصة الطرقات السريعة، أدت، مباشرة، إلى تدخّل المصالح الأمنية، وإيقاف الفاعلين...

ونحن نعتبر مثل هذه التصرفات إيجابية؛ إذ لا بد لكل سائق أن يدرك أنه قد يكون تحت المراقبة بفضل الأجهزة الرقمية الذكية، وهذا يؤدي بنا إلى الحديث عن المراقبة الذاتية لكل سائق؛ بما يسمح بتراجع حوادث المرور بشكل تلقائي... وكل هذا لفائدة المجتمع، والاقتصاد الوطني..

كلمة أخيرة نختم بها اللقاء؟

❊❊ نشكر جريدة "المساء"، ومن خلالها كل وسائل الإعلام، التي نعتبرها شريكا فعالا لنا في سبيل الحفاظ على سلامة وأمن الوطن والمواطن، وحمايته من حوادث السير عبر الطرقات.