قرار رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بإعفاء الطلبة والمسنّين محدودي الدخل من تكاليف الإيواء المتعلق بالحجر الصحي بالنسبة للمغتربين وأفراد الجالية بالخارج، وكذا تخفيض التكاليف بنسبة 20 بالمئة، هو قرار سيّد يثبت إلى ما لا نهاية، الطابع الجمهوري والاجتماعي للدولة الجزائرية، وهو طبعا أحد الأركانات والمقوّمات المتضمنة في بيان الفاتح نوفمبر 1954.
العجيب الغريب، أن مثل هذه القرارات والمبادئ غير قابلة للتنازل أو التفاوض، ولا للبيع والشراء، لا ترق أيضا تلك الكمشة الأبدية من "الخلاطين" والعابثين والعبثيين والعدميين الذين يتنفسون روائح التشويش والفوضى والفتنة والقلاقل، ولسان حال الأغلبية في مثل هذه الوضعيات المخزية يردّد بلا تردّد: اللهم لا تؤاخذنا بما فعله السفهاء بنا ومنّا..آمين.
نفس المجموعة تقريبا، أو هي من بنات عمّاتها أو خالاتها تقف الآن للأسف، والجزائر على موعد آخر مع التغيير والإصلاحات لبناء جزائر جديدة ضد المسار الانتخابي، وإعادة كلمة الفصل للصندوق الذي منه تخرج الإرادة الشعبية، بعيدا عن "إرادات" المرجّفين والمهرّجين والمزيّفين والناقمين، ممّن ظلت خلال العهد البائد وحتى قبله "متعوّدة دايما"(..) على "الكوطة" و"الشكارة" وإبرام الصفقات المشبوهة تحت الطاولات سرّا وفي جنح الظلام!
إنهم لا يريدون الانتخابات، يحرّضون على المقاطعة ويحاولون يائسين بائسين، تيئيس الحالمين وترويع الآمنين حتى تستمرّ منافعهم ولا تنكشف "غنائمهم" التي حصدوها خارج القانون والأخلاق والمنافسة النّظيفة والشريفة، وظلوا يغرفون ويحلبون ويأكلون من كلّ الصحون وفوق جميع الموائد، وهم لم يقنعوا فلن يشبعوا!
من سوء حظ هذا النوع من الكائنات الطائرة والزاحفة والمتلوّنة بكلّ ألوان الطيف، أن أحزاب "معارضة" دخلت سباق التشريعيات، وهي تدعو مثل كلّ الخيّرين والوطنيين إلى المشاركة القوية في موعد 12 جوان، من أجل مواصلة التغيير وإصلاح المؤسسات وانتخاب برلمان تمثيلي قويّ وشرعي مهما كان الفائز فيه.
لا غالب ولا مغلوب في الانتخابات القادمة، والمنتصر الوحيد هو دون شك الديمقراطية والإرادة الشعبية والأغلبية التي ظلت طوال سنوات عديدة، مسحوقة من طرف "أقلية ساحقة" مؤثرة ونافذة بدسائسها وتغلغلها في الإدارة ودواليب صناعة القرار، وإثارة "التكسار" عندما تصطدم مصالحها مع المصلحة العليا للوطن والمواطن.
لقد انتهى عهد "العصابات"، وقد أعلن رئيس الجمهورية، عند أداء اليمين، أنه تخلى عن "الفخامة" وأن الشعب هو السيّد، وأن الحكومة وكلّ المسؤولين في خدمة هذا الشعب وتحت تصرفه وليس العكس، معلنا عن الشروع في بناء جزائر جديدة تكرّس العدل والمساواة والانصاف، وتقضي على التمييز والمفاضلة واللعب والتلاعب والنّهب والفساد والبيروقراطية و"الحڤرة" والرداءة ومنطق "ملك البايلك" واقتسام "الريوع" بين الحاشية و"كبار القوم".
هذه الرؤية الصادقة والصريحة والواضحة المعالم والأهداف، هي الأصل والفصل في "الطيكوك" الذي أصاب "حفنة" من أدعياء "النبوّة" ممّن "والفو" العيش وسط "القمامات" السياسية والانتخابية والاقتصادية، و"والفو" فبركة الأزمات وصناعة المحن والإحن والفتن حفاظا على مصالحهم الضيّقة، وتأمين أيديهم الآثمة من القطع وهي من قطعت الأرزاق وأفلست الخزينة، وفرملت التنمية وأنتجت مناطق الظلّ والربوات المنسية، كنتيجة حتمية لتنافس سوء التسيير مع تسيير السوء خلال مراحل طويلة، كانت البلاد والعباد في غنى عن هذا التعطيل والتخريب من الداخل.. طبعا بتواطؤ مخابر و"حركى" بالخارج!