أقدم الفضاءات التجارية بالباهية ينتظر رد الاعتبار
"سوق لاباستي" مؤشر القدرة الشرائية ومقصد زوار وهران

- 2206

يعد سوق الأوراسي، أو كما يعرف لدى عامة سكان مدينة وهران سوق "لاباستي"، أحد أهم الأسواق الشعبية بالولاية، والذي رغم التطور الكبير وموقعه بقلب مدينة وهران، يبقى محافظا على طابعه الخاص وروح الأسواق الشعبية، رغم التطور والعصرنة، فيما يبقى السوق في انتظار التفاتة من السلطات المحلية لإعادة الاعتبار لأزقته ومحلاته وطاولاته التي ترفض الزوال.
"نوستالجيا" وحنين خاص لا زال يربط سكان مدينة وهران بـ"سوق لاباستي"، الذي مازال يقاوم التطور والعصرنة، ليحتل مكانة خاصة في قلوب سكان وهران وزوارها من الولايات المجاورة، خاصة المغتربين الذي حال وباء ”كورونا” هذه السنة دون زيارة وهران. هو السوق الوحيد بقلب مدينة وهران عاصمة الغرب الجزائري، الذي لا يزال يحافظ على طابعه الشعبي، خاصة خلال شهر رمضان المبارك وفي المناسبات الدينية التي يرافقها خلال السنة، حيث تنتشر بالسوق طاولات قديمة مغطاة بقطع من القماش والبلاستيك، لحماية التجار من شمس الصيف وأمطار الشتاء، فيما تركت أزقة ضيقة على جانبي السوق لمرور المواطنين في تداخل لا يمكن التعبير عنه.
بحلول شهر رمضان المبارك، يتحول السوق إلى مقصد سكان وهران، على اعتبار أنه مؤشر للأسعار لجميع أسواق المدينة، ويؤكد قاصدوه بأن أسعاره في العادة في متناول الجميع، حيث تعرض كل أنواع الخضر والفواكه على الطاولات المنتشرة على طول السوق الممتد لحوالي 1000 متر على طول الشارع، الذي ينتشر على أرصفته أيضا باعة الحشيش والنعناع وباعة السمك، إلى جانب باعة الخبز التقليدي والخبر العادي، وهو ما خلق جوا خاصا بالسوق. يؤكد السيد حبيب، من قدماء تجار السوق، بأن رمضان يعد مناسبة خاصة، حيث يتزين السوق بالأضواء ويتحول التجار لبيع أنواع متعددة من المنتجات. موضحا بأن طبيعة السوق تفرض قيام كل تاجر ببيع نوع واحد على الأكثر من المنتجات الفلاحية، للسماح لباقي التجار ببيع مواد أخرى، وهي عادة كان متعارف عليها لسنوات، غير أنها بدأت بالزوال بسبب دخول تجار آخرين السوق، وأصبحوا لا يحترمون هذه الأعراف التي تعد ضمن طقوس التضامن ما بين التجار.
عن الأسعار، يؤكد السيد حبيب، بأن الأثمان المطبقة منذ زمن، معروفة لدى الزبائن، مقارنة ببعض الأسواق المجاورة، مما يجعل الإقبال عليه بكثرة من طرف الزبائن، خاصة خلال رمضان، لاقتناء الخضر والفواكه وكل أنواع الخبز والزيتون والسمك، إذ يعد من الأسواق الهامة التي تعرض السمك على اختلاف أنواعه خلال رمضان، إلى جانب محلات متخصصة في بيع الحلويات التقليدية، كـ"الشامية والزلابية وإصبع القاضي والقطايف" والخبز بالزيتون، والتي تعد مقصد الغني والفقير ومحدودي الدخل. حسب الجولة الميدانية التي قادتنا إلى السوق، اكتشفنا أن التجار يعرضون نفس المنتجات الفلاحية بأسعار مختلفة، حسب نوعية كل منتوج، مما يجعل الاختيار أمام الزبائن لاقتناء المنتجات، حسب القدرة، وهو نفس الأمر بالنسبة للفواكه المعروضة، حسب القدرة الشرائية لكل مواطن.
يؤكد السيد حبيب، بأن السوق أيضا يوفر عدة أنواع من الفواكه، حيث كان يعرف لدى البعض من سكان المدينة بسوق "الموحمات"، بسبب توفره على بعض الفواكه خارج الموسم، والتي تقدم في العادة للنساء الحوامل "المتوحمات"، مما يجعله أيضا من الأسواق التي يقصدها المواطنون، ويوضح السيد الحبيب بأن السوق، وخلال سنوات كان قبلة للمغتربين من الجزائريين، الذين يعودون إلى أرض الوطن لقضاء رمضان، ويقصدونه خلال كامل الشهر، غير أنه وبسبب الوباء، فقد جزء من حيويته المعتادة هذه السنة.
دراسة تقنية لترميم السوق في انتظار حل وسط
عن وضعية السوق المتدهورة، كشف عدد من التجار بأن مصالح الولاية، أعلنت عن مشروع لترميم السوق وإعادة الاعتبار للطاولات، وفق دراسة تقنية عصرية، غير أن ذلك لم يتحقق إلى اليوم، فيما أوضح بعضهم بأن مصالح الولاية اتصلت بالتجار للانطلاق في الأشغال، غير أن المعنيين رفضوا التنقل لسوق آخر إلى غاية نهاية الأشغال، ليبقى الوضع على حاله.
من جانبه، كشف مصدر من بلدية وهران، بأن الوالي الأسبق لوهران، أعلن عن مشروع هام للترميم وأٌعدت دراسة تقنية لترميم السوق، وهو ما تم بالاتفاق عليه مع ممثلي التجار، غير أنه ومع بداية التنفيذ، رفض التجار التنقل إلى سوق مجاورة إلى غاية انتهاء الأشغال التي تقرر إنجازها على مراحل، طالبين النشاط عبر الأزقة المجاورة، وهو ما لا يمكن تطبيقه، حسب نفس المصدر، لتفادي الفوضى، حيث لا يزال المشروع معلقا، في انتظار حل وسط يرضي التجار.