يحتضن معالم تعود جذورها إلى ألف عام
‘’نهج الجزائر" قلب عنابة النابض بالتاريخ

- 124

"نهج الجزائر" من أغنى المواقع التاريخية في المدينة القديمة بعنابة رغم صغر مساحته التي لا تتجاوز 100 متر مربع؛ إذ يحتضن معالم تعود جذورها إلى أكثر من ألف عام، شاهدة على عراقة تاريخ هذه المدينة العريقة.
يضم الموقع عدة معالم بارزة، أبرزها "حمام القايد" الذي يحمل اسم القائد الحفصي؛ حيث كان الحمّام يُعرف في السابق باسم "حمام جرادة" نسبةً إلى الأميرة الزيرية. وهو حمّام تاريخي عمره يقارب الألف سنة. ويُعد شاهدا حيا على العادات والتقاليد الاجتماعية التي كانت سائدة في تلك الحقبة.
وبجواره تقع "دار جرادة"؛ بيت الأميرة الزيرية شقيقة زاوي بن زيري بن مناد مؤسس بونة الحديثة، والذي يعود تاريخه أيضا، إلى ما يقارب الألف عام، ليكون بذلك من أقدم الأبنية التي تحكي قصة المدينة، وأصولها العميقة.
ولا يفوتنا في هذا المقام ذكر بيت الشهيد والبطل باجي مختار، الذي يمثل رمزية وطنية في الذاكرة الجماعية. ويضيف بُعدا تاريخيا آخر لهذا الشارع العتيق، حيث يجسد روح المقاومة والتضحية من أجل الوطن.
لكن رغم هذه الثروة التاريخية والثقافية الهائلة يبقى "نهج الجزائر" في حاجة ماسة إلى الترميم والصيانة؛ للحفاظ على معالمه من الانهيار والاندثار. ومن هنا يُطرح السؤال الكبير: متى سيأتي الدور على هذا الموقع التاريخي لترميمه؟
حماية هذا التراث ليست مجرد واجب على الجهات الرسمية فقط، بل هي مسؤولية جماعية، تتطلب تضافر جهود جميع أصحاب القلوب الطيبة، والمهتمين بالتاريخ والثقافة. وسيساهم ترميم "نهج الجزائر" وحمايته، بلا شك، في دعم السياحة الثقافية في مدينة عنابة، كما يعزز من مكانتها كمقصد هام لعشاق التاريخ، والباحثين عن عبق الماضي الأصيل. ويمنح الحفاظ على هذا التراث الأجيال القادمة فرصة للاطلاع على ماضيها، وفهم جذورها الحقيقية.
"نهج الجزائر" ليس مجرد شارع عادي، بل هو سجل حي لتاريخ المدينة القديمة، يحمل في طياته قصص الأبطال والأميرات والمقاومين. ويستحق من الجميع أن يعطوه العناية التي يستحقها؛ إذ آن الأوان لأن تتحرك الجهات المختصة بسرعة لإنقاذ هذا الإرث الثقافي قبل فوات الأوان، وتفتح صفحة جديدة من الاهتمام والاعتزاز بتاريخ مدينة عنابة العريق.