منطقة سيدي سالم بالبوني (عنابة)
واجهة بحرية بحلّة جديدة ومشاريع بيئية وسياحية واعدة

- 147

تشهد منطقة سيدي سالم التابعة لبلدية البوني، تحوّلًا عمرانيا وتخطيطيا غير مسبوق، يترجم رؤية محلية طموحة، تهدف إلى رد الاعتبار للمناطق الساحلية، وتكريسها كمحركات للتنمية المستدامة. وقد تُُوجت هذه الديناميكية، مؤخرا، بتدشين الواجهة البحرية الجديدة "كورنيش سيدي سالم" بعد أن استفادت المنطقة، من عمليات تهيئة واسعة، شملت البنية التحتية، والمرافق العامة، والتهيئة الحضرية.
وجرى تصميم هذه الواجهة البحرية التي أصبحت اليوم مَعلما حضريا جذابا، لتواكب المعايير الجمالية والبيئية الحديثة، حيث تم إنجاز ممرات خاصة بالمشاة والدراجات، وتوفير مساحات للراحة والتنزه، إلى جانب إضاءة ذكية، وتنسيق عمراني، يمنح المكان هوية بصرية خاصة.
كما تمثل هذه الواجهة نقطة تحوّل محورية في المسار التنموي للمنطقة. وتجعل من سيدي سالم نموذجا أوليا لواجهة بحرية حديثة ومتكاملة، ستنعكس آثارها الإيجابية على النسيج الاجتماعي والاقتصادي للبلدية.
الدراجة الهوائية كرمز للتحوّل البيئي
وفي انسجام تام مع فلسفة التهيئة الجديدة التي تعتمد على الاستدامة والتوازن البيئي، شهدت سيدي سالم إعطاء إشارة انطلاق حملة "عنابة أجمل بالدراجة" . وهي مبادرة هادفة، تسعى إلى تعزيز ثقافة التنقل النظيف، وتشجيع استعمال الدراجة الهوائية كوسيلة صديقة للبيئة. وترمي هذه المبادرة التي انطلقت من هذا الفضاء المجدد، إلى تغيير العقليات، وتشجيع السلوكات البيئية المسؤولة، خاصة من الشباب، والطلبة، والمجتمع المدني. ولا تحمل هذه الخطوة، فقط، طابعا تحسيسيا، بل تتعداه إلى بعد عملي، يتمثل في توفير مسارات مخصصة للدراجات الهوائية ضمن مخطط التهيئة الجديد، ما يجعل من التنقل البيئي خيارا متاحا وآمنا للمواطن.
وتُعد هذه المبادرة خطوة ذكية في سياق التحولات المناخية، والضغوط الحضرية التي تشهدها المدن الساحلية، وتكرّس سيدي سالم كمنطقة رائدة في تبنّي الحلول البيئية المستديمة.
استثمار سياحي واعد يعزّز الآفاق الاقتصادية
وبالموازاة مع الجهود المبذولة على صعيد التهيئة والتنقل، عرفت المنطقة زيارة رسمية لمنطقة التوسع السياحي بسيدي سالم، حيث تم الاطلاع على مشروع إنجاز قرية سياحية حديثة، من المتوقع أن تلعب دورا رياديا في إحداث حركة سياحية واقتصادية على مستوى ولاية عنابة ككل. ويُعد هذا المشروع واحدا من المشاريع الاستراتيجية التي ترمي إلى تعزيز البنية السياحية للمنطقة، وفتح آفاق جديدة للاستثمار في قطاع واعد، يعوَّل عليه كثيرا في تحقيق التنمية المستدامة. وستوفر هذه القرية السياحية المزمع إنجازها، مرافق إقامة وترفيه عالية الجودة، مع مراعاة الطابع البيئي والثقافي للمنطقة، بما ينسجم مع توجهات السياحة المسؤولة.
ومن المنتظر أن تستقطب هذه المنشأة فئات واسعة من الزوار المحليين والأجانب، ما سيساهم في تنشيط الدورة الاقتصادية، واستحداث فرص عمل مباشرة، وغير مباشرة.
سيدي سالم نحو نموذج حضري جديد
تشكل مجمل هذه المبادرات من تهيئة الواجهة البحرية إلى إطلاق الحملة البيئية وصولًا إلى المشاريع السياحية المستقبلية، ملامح تصور حضري جديد قيد التشكّل في سيدي سالم. فالمنطقة باتت، اليوم، بمثابة مختبر عمراني بيئي وسياحي، تُختبر فيه مقاربات جديدة للتنمية، ترتكز على الاستدامة، وإشراك المواطن، واحترام الهوية المحلية.
كما يُرتقب أن تُعمَّم تجربة سيدي سالم على باقي مناطق الولاية في قادم الأشهر، باعتبارها نموذجا ناجحا للتكامل بين البعد البيئي والعمراني والسياحي، هذا ما يعكس إرادة قوية من السلطات المحلية في ترقية الإقليم، وتحسين الإطار المعيشي لسكانه، عبر مشاريع مدروسة، تنبع من حاجيات المواطن، وتطلعاته.
وفي انتظار استكمال المشاريع الجاري إنجازها، تبقى سيدي سالم اليوم، عنوانا للتحوّل، ومجالًا مفتوحا أمام طموحات جديدة تؤسس لمرحلة عمرانية مختلفة، تُعيد لعروس الشرق الجزائري بريقها، وترسّخ مكانتها كقطب سياحي بيئي واعد على المستوى الوطني.