مدارس تعليم السياقة في قفص الاتهام، والأساتذة يبررون:

نقص التكوين والخبرة وراء ارتفاع حوادث المرور

نقص التكوين والخبرة وراء ارتفاع حوادث المرور
  • 1154
❊نسيمة زيداني ❊نسيمة زيداني

شهدت الجزائر في السنوات الأخيرة، ارتفاعا كبيرا لحوادث المرور عبر الطرق الوطنية والولائية، وهي ظاهرة تحتاج للوقوف على أسبابها وإيجاد حلول لها، لاسيما أن الأرواح البشرية تزهق كل يوم، حيث قامت "المساء" باستطلاع ميداني مس مدارس تعليم السياقة، مع رصد انطباعات وأراء بعض الأخصائيين.

أول متهم في ارتكاب حوادث المرور هو السائق، وعادة ما يعود المشكل إلى انعدام الخبرة أو عدم خضوعه لتكوين كاف، ليكون مسؤولا على قيادة السيارات أو الحافلات أو حتى شاحنات الوزن الثقيل، حيث توقفت "المساء" على مشكل التكوين بمدارس تعليم السياقة.

مساحات عشوائية لتكوين السائقين

يشتكي أغلب أصحاب مدارس تعليم السياقة بالعاصمة، من نقص مضامير التدريب ومراكز متخصصة ومجهزة، تضمن للمترشحين المقبلين على اجتياز امتحان الحصول على رخصة السياقة بمختلف أصنافها، ظروف أداء جيد وآمن، وهو ما اتضح لنا جليا خلال الجولة الاستطلاعية التي قادت "المساء" إلى مختلف المضامير المتمركزة بالعاصمة، منها الحراش وباش جراح والمحمدية، حيث لاحظنا أن المشرفين على تعليم السياقة يضطرون إلى العمل في مساحات عشوائية، في ظل غياب البديل الذي بإمكانه احتواء أي مشكل طارئ، من خلال توفير أماكن مهيأة لإجراء الامتحانات وتلقين الدروس، بما يضمن تحصيلا علميا جيدا من شأنه التقليل من إرهاب الطرق الذي تشهده الطرق بصورة يومية.

أساتذة تعليم السياقة يشتكون

في هذا السياق، أكد الأستاذ بمدرسة تعليم السياقة في الحراش، السيد مجيد لـ«المساء"، أن العاصمة تفتقر لمضامير مخصصة لتلقين دروس تعليم السياقة، مما يجبر أغلبية أصحاب المدارس على التوجه إلى مناطق بعيدة بحثا عن أماكن وفضاءات فارغة لتعليم الدروس التطبيقية.

حسب نفس المتحدث، فإن أصحاب هذه المدارس، طالبوا ومازالوا يطالبون بتوفير أدنى الشروط الضرورية لتكوين وتعليم المترشحين في أعلى مستوى، غير أن ذلك لم يتحقق إلى حد الآن، مشيرا إلى أن هذا الوضع أثر كثيرا على نوعية التعليم وتلقين الدروس التطبيقية في الميدان، في ظل انعدام فضاءات خاصة بتكوين وإجراء امتحانات في المستوى المطلوب، واصفا الفضاءات والأماكن التي يتم اللجوء إليها بـ«الخطيرة وغير الآمنة"، وأنها تهدد حياة وسلامة المترشحين، كما تعرض مركباتهم للخطر.

تلاميذ يتعلمون في ظروف صعبة

انتقلت "المساء" بعد لقائها بمدير مدرسة تعليم السياقة في الحراش، إلى المضمار المتواجد بحي مخلوفي ـ أنتي.باك سابقا-، واكتشفنا بالصدفة أن المضمار هو مركز امتحان في نفس الوقت، وهو الموقع الذي يتواجد في منطقة صناعية محاذية للشركة الوطنية لتسويق وتوزيع المواد البترولية "نفطال"، حيث يصعب على العابرين من هذا المكان التنفس، بسبب الغازات التي تصدر عن المؤسسة، والأغرب في الأمر، اهتراء الطرق بسبب أشغال التهيئة التي انطلقت وتوقفت.

فيما لاحظنا ونحن نتابع عينة من التلاميذ الذين كانوا يجتازون امتحان السياقة، مرور شاحنات الوزن الثقيل بنفس المكان، وهي العوامل التي تؤثر سلبا على تركيز الممتحنين، إلى جانب غياب المخادع، المراحيض والكراسي لتمكين المترشحين من انتظار دورهم، حيث يضطرون إلى الوقوف تحت أشعة الشمس صيفا، وتحت الأمطار شتاء، فهل من شأن هذه الظروف أن تساعدهم على التفوق في الامتحانات، أم أنها من أهم أسباب ظاهرة إرهاب الطرق؟.

اتحاد الناقلين يدعو إلى مراقبة المدارس

دعا الاتحاد الوطني للناقلين الخواص، من جهته، إلى إطلاق حملة تحسيسية وطنية للحد من حوادث المرور، عقب الأرقام المرعبة التي سجلت عبر طرق الجزائر، حيث وضع التنظيم مجموعة من الاقتراحات والتوصيات لتنظيم المرور والحفاظ على الأرواح البشرية، حسب ما أكده مسؤولها الأول، بلال محمد لـ"المساء".

في حين أرجع مصدرنا مشكل ارتفاع عدد حوادث المرور، إلى نقص التكوين بمراكز تعليم السياقة، حيث شدد من جانبه على ضرورة مضاعفة عدد حصص التعليم، لضمان التكوين الحسن وفرض الرقابة عبر الطرق، واحترام إشارات المرور وعدم تجاوز السرعة المفرطة، بهدف التقليل من الحوادث المميتة التي ارتفعت في الآونة الأخيرة، حسب آخر الإحصائيات.

غياب مراكز الامتحانات مشكل آخر

يشتكي أصحاب المهنة من غياب مراكز الامتحانات، خاصة العصرية منها، التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، مثلما هو معمول به في عدد من دول الجوار، حسب تأكيد رئيس الاتحادية الوطنية لمدارس تعليم السياقة، السيد أحمد الزين بن عودية لـ"المساء"، بخلاف الجزائر التي لا زالت تعتمد على كتاب تعليم السياقة الصادر في السبعينات.

أشار محدثنا، إلى أن العاصمة استفادت من مضمار للامتحانات بالرويبة، وليس مركز امتحان، كونه يفتقر للمقاييس المطلوبة، وهو المضمار الوحيد المنجز إلى غاية الآن، علما أن وزارة النقل، حسبه، وعدت سنة 2010 بإنجاز 100 مضمار على الصعيد الوطني، 60 منها مقرر إنجازها سنة 2011، و40 في العام الذي يليه، وتحدث أيضا بن عودية، عن مشكل غياب المضامير ونقص عدد الممتحنين، فمن غير المعقول، حسب تأكيده، أن يلجأ المشرفون على تعليم السياقة إلى الغابات والأسواق والطرق المحاذية لسكناتهم لتعليم المترشحين، "ورغم كل  هذه العراقيل، ما زلنا نبذل مجهودات جبارة في سبيل تلقين المترشحين دروسا تطبيقية"، يوضح محدثنا.