مديرو تعليم السياقة يجمعون:
مشروع المضامير المهيأة بالعاصمة حبر على ورق

- 961

كشف بعض مدراء مدارس تعليم السياقة بالعاصمة، أن مشروع إنجاز 100 مضمار مهيأ يبقى مجرد حبر على ورق، موضحين أن مثل هذه المضامير والمراكز المتخصصة والمجهزة، تضمن للمترشحين المقبلين على اجتياز امتحان الحصول على رخصة السياقة بمختلف أصنافها، ظروف أداء جيد وآمن. أصبحت أزمة قلة مضامير تلقين السياقة مطروحة بقوة، خلال الآونة الأخيرة، لاسيما عبر البلديات الواقعة في النسيج الحضري لولاية الجزائر، بسبب غياب أماكن ركن السيارات، حيث يضطر المشرفون على تعليم السياقة، إلى العمل في مساحات عشوائية، في ظل غياب البديل الذي بإمكانه احتواء المشكل، ويخص توفير أماكن مهيأة لإجراء الامتحانات وتلقين الدروس، بما يضمن تحصيلا علميا جيدا، من شأنه التقليل من إرهاب الطرق الذي نشهده بصورة يومية، وهو ما حاولت "المساء" الوقوف عنده.
استغلال المناطق البعيدة لتعليم دروس السياقة
أجمع مديرو تعليم السياقة بالعاصمة، الذين يمثلون مختلف بلديات العاصمة، على غرار الجزائر الوسطى، باش جراح وبوروبة، على أن العاصمة تشتكي من غياب المضامير المخصصة لتلقين دروس تعليم السياقة، مما يجبر أغلبية أصحاب المدارس على التوجه إلى مناطق بعيدة، بحثا عن أماكن تعليم الدروس التطبيقية، وهو ما يرهق المترشحين. في هذا السياق، أشار البعض منهم، إلى أنهم سجلوا عدة حوادث ارتكبها بعض المترشحين، كونهم لا يتحكمون في السيارة بشكل جيد، ولم يتلقوا تكوينا جيدا، جراء غياب الأماكن والفضاءات اللازمة لتلقين هذا النوع من الدروس، لاسيما مع إلزام قانون ترك المترشح لوحده داخل السيارة، لإجراء امتحان التوقف، مما اعتبروه خطرا على حياة المترشحين، وعلى سياراتهم وكذا المارة. يطالب أصحاب هذه المدارس، بتوفير أدنى الشروط الضرورية لتكوين وتعليم المترشحين بأعلى مستوى، غير أنهم يشكون انعدام فضاءات خاصة بتكوين وإجراء الامتحانات بالمستوى المرغوب فيه، كما أن انعدام فضاء خاص بهم، يجعلهم يبحثون يوميا عن أماكن مختلفة للعمل، واصفين إياها بالخطيرة وغير الآمنة، وأنها تهدد حياة وسلامة المترشحين، كما تعرض مركباتهم للخطر.
إنشاء مضامير مهيأة بالعاصمة مشروع لم ير النور
اختارت "المساء" في جولتها الميدانية؛ بلدية الحراش، كنموذج للوقوف عند الظروف التي يعمل فيها مديرو تعليم السياقة والمترشحون، حيث كانت الوجهة إلى احدى المدارس بالحراش، استقبلنا مسؤولها الأول في مكتبه، علما أنه يمارس مهنة تعليم السياقة منذ حوالي 33 سنة، ولديه خبرة كبيرة في الميدان. أكد مصدرنا، أن العاصمة لا تحتوي على مضمار مجهز يليق بطلبة امتحان تعليم السياقة، مما يعيق الأساتذة عن ممارسة المهنة، مثلما هو مطلوب، مشيرا إلى أن مديري تعليم السياقة قاموا بمراسلات وتقارير عديدة منذ سنوات، لوزارة النقل، على أمل تخصيص فضاءات خاصة بالمتعلمين، لكن لا حياة لمن تنادي. أفاد مصدرنا، فيما يخص قرار الوزارة القاضي بإنشاء مضامير مهيأة على مستوى العاصمة، أنه مشروع لم ير النور منذ سنوات من الإعلان عنه من قبل الوزارة الوصية، ما عاد تجسيد مضمار واحد من قبل الولاية على مستوى بلدية الرويبة، ذكر بشأنه، أنه لا يتماشي والمقاييس المعمول بها دوليا.
مضمار الحراش بدون مقاييس
انتقلت "المساء"، بعد لقائها بمدير مدرسة تعليم السياقة بالحراش، إلى المضمار المتواجد في حي مخلوفي -أنتي.باك سابقا- واكتشفنا بالصدفة، أن المضمار مركز للامتحان في نفس الوقت، حيث استغربنا من تواجده في منطقة صناعية محاذية للشركة الوطنية لتسويق وتوزيع المواد البترولية "نفطال"، ويصعب على العابرين من هذا المكان، التنفس بسبب الغازات التي تصدر من المؤسسة، والأغرب في الأمر، اهتراء الطرق بسبب أشغال التهيئة التي انطلقت وتوقفت دون مبرر ولا سابق إنذار. كما لاحظنا، ونحن نتابع عينة من التلاميذ الذين كانوا يجتازون امتحان السياقة، مرور شاحنات الوزن الثقيل بنفس المكان، وهي العوامل التي تؤثر سلبا على تركيز الممتحنين، إلى جانب غياب الواقيات، والمراحيض، والكراسي لتمكين المترشحين من انتظار دورهم، حيث يضطر هؤلاء إلى الوقوف تحت أشعة الشمس صيفا، والأمطار شتاء، فهل تساعد هذه الظروف على التفوق في الامتحانات؟ أم أنها من أهم أسباب ظاهرة إرهاب الطرق؟
تهور السائقين وراء حوادث المرور
أكد أحد مسؤولي مدرسة تعليم السياقة، أن حوادث المرور يتحمل مسؤوليتها السائق في حد ذاته، باعتباره المسؤول الأول عن ارتفاع حصيلة حوادث المرور في السنوات الأخيرة، حيث ضرب مدراء تعليم السياقة الذين تحدثنا إليهم، مثالا بالشباب الذين يقودون سيارات فاخرة، كهدية من الأولياء، ويتجاوز ثمنها 200 مليون سنتيم، وتتراوح أعمارهم بين 20 و25 سنة، ويعتبر هؤلاء السيارة وسيلة للترويح عن النفس وليست للتنقل. أشار محدثونا، إلى أن هؤلاء الشباب يغلقون نوافذ السيارة، ويشغلون الموسيقى بصوت عال ويقودون بسرعة مفرطة، غير مبالين بمن حولهم، وهذه الأسباب كفيلة بارتكاب جرائم كبيرة على مستوى الطرق، عكس العنصر النسوي الذي يستفيد من الدروس المقدمة من قبل مدارس تعليم السياقة، ويحترمن قوانين المرور بحذافيرها. أمام هذه الوضعية، يدعو محدثونا الأولياء إلى مراقبة أبنائهم، خصوصا الحائزين منهم على رخصة السياقة حديثا، واحترام السرعة لمدة عامين، حيث لا تتجاوز 80 كلم في الساعة، كما طالب العديد من مسيري هذه المدارس، بإنشاء لجنة تقنية وطنية بمشاركة جميع الأطراف، على غرار الشرطة، الدرك الوطني، الحماية المدنية، مديرية الأشغال العمومية والمجتمع المدني، لمعالجة هذا المشكل.