قافلة سياحية تحطّ بمنطقة منعة التاريخية

مزجٌ بين سحر الطبيعة وموروث يعود إلى سبعة قرون

مزجٌ بين سحر الطبيعة وموروث يعود إلى سبعة قرون
  • 212
عبد السلام بزاعي عبد السلام بزاعي

اختُتمت، أمس الأول، في أجواء بهيجة ومميزة، فعاليات القافلة الإعلامية لمنطقة منعة بباتنة، التي نُظمت في شكل زيارات موجهة للأسرة الإعلامية بالولاية، بمبادرة وتنظيم من جمعية المراسلين والصحفيين "أوراس" باتنة، التي بُرمجت في إطار برنامج الاحتفالية الخاصة باليوم العالمي لحرية التعبير.

وشمل برنامج الاحتفالية مجموعة نشاطات متنوعة عبر 3 محطات، ضمّت افتتاح نادي الصحفي الصغير بالمكتبة الرئيسة للمطالعة العمومية بحملة، وتنظيم رحلة سياحية إعلامية إلى دائرة منعة، ويوم دراسي بُرمج بقاعة المحاضرات الكبرى بجامعة باتنة1 ليوم السبت 17 ماي الجاري، حول "الإعلام بالأمازيغية في الجزائر"، بحضور وزير الاتصال، والأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية. 

وتميز النشاط بخرجة سياحية خلال هذه الاحتفالية، إلى منطقة منعة، التي تُعد من أعالي القمم المتواجدة بالأوراس، حيث كانت أول محطة الدشرة القديمة، التي لاتزال محافظة على بنيانها، وقرية ورقة الشامخة، وقرية أوغانيم الساحرة، ومنبع تاسريفث.

وحرص رئيس جمعية المراسلين والصحفيين "أوراس" باتنة،  الإعلامي هشام أرزقي، على إبراز التنوع في هذه الجولة عبر هذه المنطقة، التي جمعت بين سحر الطبيعة  والحضارة والتاريخ الثوري. وهذه الرحلة الميدانية إلى المعالم السياحية والتاريخية التي تزخر بها منعة، فرصة للزملاء لاستكشاف الموروث الحضاري والثقافي للأوراس. وتوجد بها زاوية الشيخ بن عباس في الدشرة القديمة. وهي الزاوية المنتمية للطريقة القادرية، التي تأسست منذ أزيد من ثمانية قرون، حسب المشرفين عليها من عائلات تنحدر من سلالة الشيخ بن عباس الذي استقر بمنعة. 

وحسب شيوخ المنطقة، فإن الزاوية لاتزال منارة لتحفيظ القرآن، إضافة إلى زاوية سيدي موسى التي شيَّدت أول مسجد بالقرية. ويعود تاريخها إلى أزيد من 7 قرون. كما بُرمجت زيارة إلى " وتاسريفت " . وهي طبيعة عذراء ساحرة بجمالها الأخّاذ، فهي تتشكل من جبال صخرية متقاطعة، يميل لونها إلى الأرجواني. وتعبُر هذه الأخاديد مياه وادي منعه التي تنبع من تحت الأرض. وتمر، أيضا، بشلال طبيعي وسط الوادي. وعلى الأطراف سَواق تمتد إلى البساتين مترامية الأطراف على ضفاف الوادي، والتي تثمر كل الخيرات.

وتوجد بالمنطقة مقصورة أولاد بن عباس (دار الشيخ) التي تتواجد بها 10 أضرحة لأئمة من سلالة أولاد عباس، هم من الأولياء الصالحين، إضافة إلى ضريحين بالمقصورة، لاثنَين من أبناء أحمد باي قائد المقاومة الشعبية في الشرق الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي. 

وحسب مرجع تاريخي موثق معلق في لوحة بالمقصورة، فإن ابنَي أحمد باي هما محمد وشريف، 5 و13 سنة، توفيا بسبب المرض. وكان والدهما أحمد باي لجأ إلى منطقة منعة بالأوراس للاحتماء والتحصن رفقة 500 فارس بعد سقوط قسنطينة، ومكث مع عائلته بالمنطقة سنة 1860م. 

وفي الطريق إلى منعة تصادفك بلدية ثنية العابد ووادها الشهير "وادي عبدي" الذي ينطلق من جبال المحمل ويلتقي بـ " الوادي الأبيض" على مستوى بلدية منعة، ومع وادي بوزينة الذي ينطلق، أيضا، من جبال المحمل، ووادي بني فضالة الذي ينطلق من جبال وستيلي باتحاه الصحراء.   

وأجمع المتتبعون والمشاركون من إعلاميين ومختصين في التراث، على أن حماية الآثار ضرورة استراتيجية، تتطلب رد الاعتبار للمتاحف، وتفعيل دورة للمحافظة على هذه الكنوز، والعمل على إبراز سياسة واضحة المعالم، لدعم القطاع إعلاميا وماديا، باستغلال وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة، للتحسيس بأهمية المحافظة على التراث المادي الذي تزخر به المنطقة، وبعث النشاط السياحي.

وأكدوا على ضرورة المساهمة في تنظيم وربط العلاقات لتكوين مهرجانات ومؤتمرات وخرجات ميدانية استكشافية، لتشجيع كل الأنشطة الثقافية الهادفة في الجامعات، والعمل على التواصل بينها، وتبادل الخبرات لاستغلال الخصوصيات الثقافية. وقالوا إن الظروف مواتية لمواجهة المشاكل التي تحاصر المعالم والمواقع الأثرية المهددة بالزوال بفعل عدة عوامل طبيعية وبشرية، من خلال تثمين دور الإعلام لحماية التراث، وترقيته، وفتح مجالات الاستثمار؛ للتعريف والتشهير به.

وبالنسبة لمحدثنا رئيس جمعية المراسلين الصحفيين "أوراس"باتنة، الذي ثمّن دور المجلس الشعبي البلدي لمنعة على المرافقة الطيبة للصحفيين، فإن المبادرة لقيت استحسانا كبيرا في أوساط المشاركين، الذين ثمّنوا الجهود المبذولة لإنجاحها، وتعميمها على عدة مناطق سياحية وأثرية بالمنطقة في مناسبات قادمة. للإشارة، تُعد منعة من ضمن المناطق السياحية والتاريخية التي تعتمد على الفلاحة، وتزخر بمنتجات متنوعة وبكميات وفيرة، على غرار تربية النحل والمواشي، إضافة إلى انفرادها بخصوصية إنتاج فاكهتي التفاح والمشمش. 

وتبعد منعة عن مدينة باتنة بنحو 85 كلم. كما تُعد  من أبرز المناطق السياحية بباتنة نظرا لما تزخر به من مواقع سياحية مبهرة، حيث إن مناخها وتنوع مناظرها الطبيعية، يجعل منها موقعا سياحيا بامتياز؛ فهي تنام على مكونات هائلة من التراث الثقافي التاريخي، يمتد من عصر ما قبل التاريخ مرورا بمختلف مراحله.

كما يشكل التراث اللامادي أبرز مميزات المنطقة؛ لما تزخر به من تنوع فريد على غرار الفنون، والأنغام، والصناعة التقليدية الحرفية، والأكلات الشعبية التقليدية، إضافة إلى التظاهرات والأعياد الموسمية، التي تعبّر جميعها عن عراقة المنطقة، وأصالتها، وثقافة سكانها المتجذرة في أعماق التاريخ.


 مصنع "جيتور" للسيارات يدخل الإنتاج قريباً 

سيشرع مصنع "جيتور" بولاية باتنة، في تركيب السيارات في الأيام القليلة المقبلة، حسبما تم الإعلان عنه في لقاء جمع والي باتنة محمد بن مالك، بمقر الولاية، بالرئيس المدير العام بالنيابة لشركة "فوندال"، جنان وديع، مرفقا بـ "آنا"، ممثلة شركة "جيتور" العالمية لصناعة السيارات.

وأوضح بن مالك أن هذا يندرج ضمن الديناميكية الاقتصادية التي تشهدها الولاية، مشددا على ضرورة التزام الشركة بتوظيف جميع العمال السابقين للمصنع، وفتح مناصب شغل جديدة؛ في خطوة تعكس حرص الشريك الصناعي على تعزيز الطاقات المحلية، ودعم سوق العمل في إطار نظام التركيب الجزئي (أس .كا. دي) .

وأكدت ممثلة شركة "جيتور" التزام المؤسسة بالانتقال في المراحل المقبلة، إلى نظام التركيب الكامل (سي. كا. دي)، من خلال الاستفادة من جاهزية المصنع، وتجهيزاته التقنية التي تتيح هذا التحول، إضافة إلى مشروع تصنيع قطع الغيار محليّاً؛ ما يعزز من القيمة المضافة للمشروع، ويدعم سلسلة الإنتاج الوطنية.

وقد قام الوفد الزائر بمعاينة ميدانية للمصنع، حيث أبدى الشريك الأجنبي ارتياحه الكبير للحالة الجيدة للمنشأة الصناعية، ما يعزّز فرص انطلاق عملية التصنيع في أقرب الآجال.

وكان حضر اللقاء الذي نوقشت فيه كل ما له علاقة بتشغيل المصنع، مدير الصناعة، ومدير أملاك الدولة، إلى جانب مدير الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، حيث تم التأكيد على أهمية هذا المشروع، الذي وُصف بقاطرة صناعة السيارات في الجزائر مستقبلا، والداعم للاستثمار الصناعي المحلي، واستقطاب الشراكات الأجنبية ذات الطابع الإنتاجي.

للتذكير، سبق للوالي أن استقبل شهر أفريل المنقضي، وفدا ممثلا عن الشركة الصينية المختصة في صناعة المركبات والسيارات " سوكون"، حيث تمت مناقشة آفاق تشغيل المصنع بعدما باشرت الشركة إنشاءه ببلدية زانة البيضاء في ولاية باتنة.