تثمين جلود أضحية العيد

عادة راسخة لدى سكان توات

عادة راسخة لدى سكان توات
  • القراءات: 1219

تُعد عملية تثمين الجلود المسترجعة من أضاحي عيد الأضحى المبارك واستغلالها في أغراض منزلية وأخرى حرفية، عادة راسخة لدى سكان منطقة توات (أدرار)، الذين توارثوها عبر الأجيال المتعاقبة، فرغم التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها حياة السكان وما رافقها من تطور في أنماط الاستهلاك وطبيعة الوسائل المستعملة، إلا أنها لم تتمكن من ‘’القضاء على بعض العادات الاجتماعية التراثية المتوارثة، على غرار عادة استغلال جلود أضاحي عيد الأضحى المبارك التي قاومت تلك التحولات الاجتماعية وواكبتها، لتحافظ على وجودها كجزئية بارزة في حياة السكان ذات بعد اجتماعي واقتصادي. 

في هذا الجانب ذكرت خالتي امباركة (70 سنة) من بلدية رقان (جنوب أدرار)، أن جل العائلات بالمنطقة لاتزال حريصة على عدم الاستغناء عن جلد أضحية العيد أو ما يعرف محليا بـ فروة الخروف نظرا لأهميتها في الاستعمال لعدة أغراض. وأضافت أن ‘’استعمال فروة أضحية العيد يختلف حسب صنف الماشية؛ إذ عادة ما تُستعمل جلود الخرفان للافتراش (بطانيات للجلوس) بعد دباغتها؛ من خلال ترقيدها في وعاء مملوء بالماء الممزوج ببذور الدبغ المستخرجة من إحدى الأشجار الغابية، والتي تُستعمل في ترطيب الجلد، وجعله طريا وطيعا لمختلف الاستعمالات’’. 

بدورها، أشارت الحاجة فاطمة (60 سنة) من بلدية تيمي بضواحي عاصمة الولاية، إلى أن التعامل مع جلود الماشية لازال يكتسي أهمية لدى السكان والعائلات، حيث يلجأ البعض إلى سلخ الذبائح من فصيلة الماعز بعناية ودقة، للحصول على جلد الذبيحة في شكل جوربي متكامل، وتجنب إحداث أي ثقب فيها للتمكن من استعمالها كقربة (وعاء من الجلد) أو ما يُعرف بـ ‘’الشكوة’’ لتخزين الماء أو الحليب، وهذا بعد دباغتها وطليها بمادة القطران، وربطها بمسدات محكمة من مختلف الأطراف لضمان عدم سيلان محتواها، وإبقاء فتحة للجلد من ناحية الرقبة التي تُستعمل للتعبئة وصب الماء’’. 

وأوضحت خالتي فاطمة أن هذه القرب عادة ما يتم الطلب عليها من طرف البدو الرحّل والذين يقطعون  مسافات طويلة بالمناطق المعزولة في أعماق الصحراء، خاصة المسافرين إلى منطقة برج باجي مختار الحدودية من ممتهني النشاط الرعوي، وحتى العائلات بالقصور القديمة والأرياف، التي لاتزال تفضل استعمالها في تبريد وشرب الماء بدل الثلاجات. 

مصدر هام في صناعة المنتجات التقليدية 

في السياق نفسه، أوضح مدير غرفة الصناعات التقليدية والحرف بولاية أدرار عبد الرحمن موساوي، أن جلود المواشي تعد رافدا هاما لنشاط حرفيي الصناعات التقليدية في مجال صناعة الجلود التي تستقطب العديد من المنخرطين في الغرفة؛ نظرا للإقبال الملحوظ الذي يكثر على هذا الصنف من المنتجات التقليدية من طرف الزبائن والسياح، سيما في المعارض التي تقام خلال المواسم السياحية ومختلف المناسبات’’. 

في هذا الصدد، ذكرت الحرفية لنصاري مريم (من بلدية أدرار)، أن جمع جلود أضاحي العيد يشكل حلقة هامة في توفير المادة الأولية لصناعة الجلود واستخراج العديد من المنتجات التقليدية التي تلقى رواجا وطلبا باستمرار، على غرار الأحذية والحقائب والديكور المنزلي’’. ودعت الحرفية بالمناسبة، إلى توفير بعض العوامل اللوجستية التي تؤدي دورا هاما في تسهيل عملية استغلال الجلود محليا بدل نقلها إلى خارج الولاية، لتعود إليها في شكل مادة أولية مكلفة للحرفيين. 

وأبرزت السيدة لنصاري في هذا الشأن، ضرورة استحداث مدبغة للجلود بالولاية، لتمكين الحرفيين في هذا المجال من جلب جلودهم إلى هذه المدبغة، وتوفير المادة الأولية في ظرف قصير وبتكلفة أقل، خاصة أن بعض حرف الجلود تتطلب كميات كبيرة منها، على غرار صناعة الخيم؛ إذ تستهلك الخيمة الواحدة منها أكثر من 40وحدة جلود المواشي،إلى جانب الأحذية والحقائب والديكور وتزيين الغرف.

بدوره، ثمّن حرفي صناعة الأحذية الجلدية بأدرار بابا سليمان، الحملة التحسيسية التي أطلقت لتجميع جلود أضاحي العيد بدل رميها في مكبات النفايات؛ ما يساهم، كما قال، في الحفاظ على البيئة، وإعطاء قيمة اقتصادية مضافة لقطاع الصناعات التقليدية والحرف بالمنطقة من خلال توفير المادة الأولية لمنتجاتها.