سكان العثامنة الحدودية بمغنية

سكنات آيلة للسقوط والحطب بديل عن الغاز

سكنات آيلة للسقوط والحطب بديل عن الغاز
  • القراءات: 781
❊ ل. عبد الحليم ❊ ل. عبد الحليم

يعاني سكان دوار العثامنة بإقليم بلدية مغنية، ولاية تلمسان، المتاخمة للشريط الحدودي، من عدة مشاكل، يأتي في مقدمتها عدم ربط الدوار بغاز المدينة، الذي أصبح أكثر من ضروري، نظرا للمعاناة التي تواجهها العائلات أثناء فصل الشتاء، حيث يعتمدون حاليا على قارورات غاز البوتان التي تتسبب في متاعب كبيرة، لاسيما للعائلات الفقيرة والمسنين، كما أن الحصول عليها لم يعد بالأمر الهين.

أوضح سكان المنطقة أنهم يجدون صعوبة كبيرة في الظفر بقارورة غاز، أمام طلب العائلات المتزايد عليها، فغياب هذه المادة، حسبهم، أثر بشكل كبير على حياة السكان، فلا تختلف مظاهر المعاناة في كل فصول السنة أمام غياب هذه المادة الأساسية، لاسيما في فترات الشتاء، حين تنخفض درجات الحرارة، ولا يجدون بديلا آخر سوى اللجوء إلى وسائل التدفئة التقليدية، التي كثيرا ما تعرضهم لأخطار الحرائق، التي يكون ضحيتها دائما الأطفال، فيما لم يجد سكان القرية أي مبرر للسلطات العمومية التي تأخرت عن مشروع استفادة المنطقة من الغاز، الذي يمر بجانبهم في اتجاه البلديات الحدودية الأخرى المجاورة لها، على غرار السواني، باب العسة وغيرهما.

معاناة أخرى لا تقل أهمية عن الأولى، إذ تتخبط الكثير من العائلات في مشكل تآكل بيوتها القصديرية يوما بعد آخر، حيث جدد سكان دوار "العثامنة" مطلبهم القاضي بتزويدهم بحصص إضافية من الإعانات العمومية المتعلقة بالبناء الريفي، لإقامة سكنات جديدة أو إصلاح وترميم القديمة منها التي يوجد معظمها في وضعية متردية، ولا تتوفر على أدنى شروط الحياة الكريمة، كما أنها سكنات آيلة للسقوط، وهي غير صالحة تماما للسكن، كونها قديمة جدا يعود تاريخ إنجازها إلى زمن الحقبة الاستعمارية، وهي سكنات مبنية بواسطة الطوب والحجارة، معظمها من دون أعمدة وأساسات. وهو ما يتخوف منه سكان القرية، مناشدين السلطات المحلية التدخل العاجل من أجل هدم تلك السكنات، مع تعويض السكان بأخرى في إطار صيغة السكن الريفي، أو تخصيص إعانات مالية لبناء سكنات جديدة تعوض السكنات القديمة.

للإشارة، أصاب السكنات القديمة التلف وأصبحت تنهار من حين إلى آخر، بفعل التشققات التي طالت غالبيتها، فضلا عن التسربات المائية التي تحدث مع كل تساقطات مطرية، مما يجبر العائلات على الفرار من الغرف التي تشهد تسربات، محولة حياة السكان إلى جحيم، وحسب ممثلين عنهم، تحدثوا لـ«المساء"، فإن صيغة السكن الريفي هو النمط الوحيد الذي يليق بهم، كونه يتماشى مع طبيعة هذه المنطقة، باعتبارها فلاحية بالدرجة الأولى، مما يساعدهم على الاستقرار وخدمة أراضيهم الفلاحية، كما أكد المصدر أن الحصص الممنوحة للبلدية في إطار البناء الريفي، تبقى بعيدة عن طموحات السكان، في ظل تزايد عددهم من سنة إلى أخرى، مع الإشارة إلى أن البلدية يقطنها حاليا أزيد من 130 ألف نسمة. يحدث هذا، رغم أن السلطات الولائية خصصت مبالغ مالية هامة لتجسيد سكنات جماعية بصيغة السكن الريفي، وهو ما يطمح إليه سكان القرية من أجل توطيد المواطن بمنطقته الريفية دون هجرها.

في غياب موارد السقي ...  شبح الجفاف يلوح في الأفق

يخشى فلاحو سهل مغنية، بني بوسعيد، وغيرهم في تلمسان، من موسم فلاحي بدون منتوج، بالنظر إلى عزوفهم عن حرث أراضيهم، والمغامرة بحرثها وإقامة مشاتل، في ظل غياب مياه السقي، بعد أن تأخرت عملية ربط مزارعهم بمشروع السقي، وما يقلق الفلاحين أيضا، ومنهم مربو الماشية، تراجع مساحات الكلأ، علما أنها تمثل مساحة كبيرة من الأراضي الفلاحية المتمركزة بالمنطقة.

 

تعود الأسباب المؤدية إلى ذلك، إلى عاملين اثنين، يتمثلان في البيروقراطية التي تعرقل حصولهم على الرخص الخاصة بحفر الآبار من طرف المصالح المعنية، فضلا عن عدم ربطهم بشبكة التزود بالمياه من سد بوغرارة، الذي يعد هيكلا بلا روح، بسبب عدم استفادة عدد كبير من الفلاحين من مياهه التي أضحت تفرغ في وادي تافنة ومويلح عـند امتلائه، مخافة حدوث ما لا يحمد عـقباه في حال تسجيل فيضان، إذ يعيش الفلاحون بالمنطقة الحدودية الشبيكية، وضواحيها المترامية عبر السهل الذي يضم أولاد عيسى، أولاد موسى، أولاد ملوك عـلى وقع الجفاف، بسبب تماطل الهيئات المعنية في إيجاد حل لهذه الأزمة، حسب قولهم، والتي انعكست سلبا على أحواض الزيتون وبعض الأشجار المثمرة المشكلة لسهل قرية الشبيكية، وأصبحت تعرف تراجعا كبيرا، بعدما ذاع صيت منتوجاتها على المستوى الوطني وخارجه. للوقوف على وضعية هؤلاء الفلاحين، كان لـ«المساء لقاء مع بعـض الفلاحين الذين وجدناهم منهمكين في خدمة أراضيهم الفلاحية،  التي حولوها من أراض مقفرة إلى خصبة مخصصة للتين والزيتون، اللوز والمشمش، إذ يقومون بسقي محاصيلهم باستعمال الوسائل البدائية، عن طريق نقل مياه السقي بالبراميل على ظهر الحمير، بسبب صعوبة المسالك التي تعبرها جرارت نقل صهاريج الماء إلى الدواوير بأثمان لا تقل عن 800 دينار للصهريج الواحد.

حسب أحد فلاحي المنطقة، قدرت مجمل المساحة الفلاحية المغروسة، التي جلها أشجار مثمرة، بحوالي 70 هكـتارا، أي ما يقارب 70 ألف شجيرة بمختلف دواوير المنطقة مهددة بالزوال، مما اضطره إلى رفع انشغالاته إلى السلطات المعنية، بما فيها الوزارة، حيث وجدناه منهمكا في خدمة أرضه التي مولها بعد جهد، وسقاها في بادئ الأمر بالبراميل محملة على ظهر الحمير، خشية ضياع منتوجه، إذ ـحسبه ـ يضطر إلى اقتناء ثلاثة صهاريج يوميا بمبلغ لا يقل عن 800 دينار للصهريج الواحد، بهدف إنقاذ مستثمرته من الضياع، رغم بعد المسافة بينها وبين مكان جلب مياه السقي التي لا تقل عن 15 كـلم... ساعة واحدة كانت كافية لفلاحي دواوير هذه المنطقة الفلاحية التي تزخر بحقول خضراء، بإمكانها المساهمة في الاقتصاد الوطني لإفراغ ما في جعبتهم، بعد أن سُـدت الأبواب أمامهم وهم يرون منتوجاتهم مهددة بالزوال.