أمام الارتفاع الرهيب لدرجة الحرارة

"سطورة" أو "آلهة الحب والجمال".. محج للعائلات ليلا

"سطورة" أو "آلهة الحب والجمال".. محج للعائلات ليلا
  • 756
بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب

تشهد منطقة سطورة بمدينة سكيكدة، خلال هذه الأيام، التي تتميز بارتفاع كبير في درجة الحرارة، التي فاقت في عاصمة روسيكادا 40 درجة مئوية، إقبالا منقطع النظير، للعائلات التي فضلت قضاء سهراتها الليلية على ضفاف البحر، أو على مستوى الميناء الترفيهي "المارينة"، هروبا من حر المنازل واغتنام أجواء العطلة لقضاء سهرات صيفية، توفر لإنجاحها، الأمن ومختلف متطلبات موسم الاصطياف.

فمنطقة سطورة تعيش هذه الأيام، على إيقاع توافد العائلات الهاربة من حر البيوت ومن الروتين اليومي، وسط ديكور الأنوار المتلألئة المنبعثة من الفنادق المجاورة، وقاعات الأفراح، والمحلات التجارية المتخصصة في بيع مختلف الأكلات التي تشتهر بها سكيكدة، حيث تختلط بأصوات منبهات مختلف المركبات والأنغام الموسيقية المنبعثة من هنا وهناك، لتتحول سطورة حقيقة ومجازا، إلى محج للعائلات، وحتى الزوار القادمين من الولايات المجاورة.

فالمتوجه إلى سطورة مع بداية غروب الشمس، عبر كورنيشها، انطلاقا من شاطئ "القصر الأخضر"، فشاطئ "الجنة"، ثم شاطئ "بيكيني"، ستشده حتما مشاهد الازدحام الذي يعرفه الطريق، سواء على الأرصفة التي تعج بالعائلات، أو على مستوى الطريق الذي يشهد حركة مرورية كثيفة، تصل أحيانا إلى حد التشبع، ناهيك عن الشواطئ الممتلئة، بعضهم يمارس السباحة ليلا، والبعض الآخر جالس على الرمل، يتجاذبون فيما بينهم أطراف الحديث، فيما يبقى الأطفال يمارسون اللعب حينا، والعوم حينا آخر، أمام أنظار وأعين عائلتهم، على الرغم من أن السباحة ليلا، لا تخلو من المخاطر، رغم انتهاء عمل حراس الشواطئ، فيما يفضل البعض الآخر قضاء سهرته على الصخور، في ممارسة هواية الصيد بالصنارة، ونفس الازدحام يعرفه الطريق العلوي المؤدي إلى سطورة.

أما على مستوى ميناء الترفيه، أو كما يعرف باسم "المارينة"، فإن المنطقة تشهد توافد العائلات بأعداد كبيرة، برفقة الأبناء، متجمعين على الكراسي الموضوعة هناك، فيما يفضل البعض المشي، والبعض الآخر تناول المشروبات والمثلجات وبعض الأكلات الخفيفة، بينما يجد الأطفال الصغار الفرصة سانحة للعب والتسامر، وتُجمِع بعض العائلات التي تحدثنا معها، بأن هذا الفضاء، أمام افتقار سكيكدة لحضيرة الألعاب، كما هو الحال بسطيف وعنابة وباتنة، يعد بالنسبة إليهم، المتنفس الوحيد لقضاء سهراتهم الليلية التي تخفف عنهم بعض الشيء، مشاق الروتين اليومي القاتل، بينما أرجع البعض الآخر ممن تحدثت معهم "المساء"، سر تفضيل السكيكديين إتمام السهرات الصيفية بسطورة، إلى توفر الأمن من جهة، واستفادتها من منتزه المارينة المطل على البحر، الذي وجدت فيه الأسر متنفسها الوحيد، من جهة أخرى، هروبا من حرارة البيوت وهجمات البعوض، التي فشلت مصالح البلدية المختصة في التخفيف من وقع غزوه، لتبقى سطورة التي ترفض الاستسلام للنوم، الوحيدة التي تضمن للعائلات السكيكدية والشباب، قضاء سهرات حالمة لا تُنسى.

وفي كل هذا، فإن سطورة أو "أسطورا" في اللغة البونيقية، والتي تعني عندهم، الستر، وعند الفينيقيين تعني آلهة الحب والجمال، وعند البحارة القدامى، تعني آلهة الحماية والحفاظ على البحارة، وبالنظر إلى ما تزخر به من مؤهلات سياحية، من بحر وخلجان واخضرار وآثار الخزنات الرومانية الثلاثة الشهيرة، بإمكانها أن تساهم بشكل كبير في ترقية السياحة بسكيكدة، وعلى مدار السنة، ولن يكون ذلك إلا بتكاثف الجهود والاهتمام بكل تلك المؤهلات، مع إعادة تأهيل المنطقة سياحيا، والحفاظ على بناياتها القديمة.