سكان تحصيص الباردة بجبل الوحش يتحركون

دعوة لإنهاء العزلة ووقف نهب العقار العمومي

دعوة لإنهاء العزلة ووقف نهب العقار العمومي
  • 104
شبيلة.ح شبيلة.ح

جدد سكان تحصيص الباردة بجبل الوحش بقسنطينة، مطالبهم إلى السلطات المحلية بضرورة إنهاء العزلة التي يعيشها حيهم منذ أكثر من 10 سنوات، مع وضع حد لما وصفوه بـ "النهب الممنهج" للعقارات العمومية المخصصة للمرافق الحيوية. حيث أكد السكان في شكاوى متكررة، أن وضعهم يزداد تدهورا عاما بعد آخر في ظل غياب التهيئة الحضرية، وحرمانهم من خدمات أساسية؛ كالماء، والغاز، والإنارة العمومية، والطرقات رغم المراسلات العديدة الموجهة إلى مختلف المصالح المعنية.

وأضاف السكان المشتكون أن أولى التحركات تعود إلى سنة 2014، حين بادرت جمعية "التآلف" لتحصيصات الشطرين الثاني والخامس والسادس، بمراسلة المدير العام للبناء والتعمير بالعاصمة، مطالبة إياه بالتدخل لتسريع إنجاز أشغال التهيئة التي تعرف تأخرا منذ أكثر من عقد. حيث أكدت الجمعية في مراسلتها التي تحوز "المساء" على نسخة منها، أن السكان يعيشون عزلة شبه تامة رغم أن موقعهم لا يبعد سوى بـ 5 كيلومترات عن مقر الولاية. كما أشاروا إلى أن مدير البناء والتعمير بالولاية أكد لممثلي الجمعية في نفس السنة، أن المشروع أُسند لأحد المقاولين الخواص. وتم رفع طلب إلى المديرية العامة للحصول على الموافقة النهائية لانطلاق الأشغال. غير أن الوعود بقيت حبرا على ورق، لتتواصل المعاناة دون أي تحسن يُذكر.

وأضاف المشتكون أن مشاكلهم تفاقمت مع مرور السنوات. وظهرت انشغالات جديدة تتعلق بالاعتداءات على العقار العمومي المخصص للمرافق الحيوية. فخلال السنوات الأخيرة لاحظوا تشييد بنايات فوضوية في المواقع المخصصة للمرافق العمومية، خاصة بين الشطرين الخامس والسادس، وهو ما دفعهم إلى توجيه مراسلات جديدة للسلطات المحلية سنة 2019، طالبوا فيها بحماية تلك العقارات قبل أن يجددوا نفس المطالب سنتي 2020 و2022 دون أي تدخّل فعلي لتدارك الوضع.

وفي أوت 2019، راسل السكان رئيس المجلس الشعبي البلدي، مؤكدين أن التعديات مست حتى المساحات الخضراء، والمواقع التي كان من المقرر أن تحتضن مجمعات تربوية، ومستوصفات، وهو ما دفعهم إلى المطالبة بحماية العقار المخصص للمرافق العمومية، مؤكدين في شكواهم أنهم جددوا المطلب برسالة أخرى مؤرخة في أوت 2020، التمسوا فيها تدخلا عاجلا من المصالح الولائية؛ لحماية الأراضي العمومية من الاستيلاء غير القانوني.

ولم يكتف السكان - حسب شكواهم - بالمراسلات المحلية، بل رفعوا شكوى رسمية إلى وسيط الجمهورية بتاريخ 12 أكتوبر 2020، تضمنت تفاصيل دقيقة عن التجاوزات الموثقة في المخططات العامة للتحصيص، حيث طالبوا حينها بفتح تحقيق شامل، ومراجعة التحصيص رقم 13 المخصص للمجمع المدرسي والمساحات الخضراء، وكذا التحصيص رقم 3 الخاص بالقطاع الصحي، مؤكدين أن المندوبية المحلية لوسيط الجمهورية تلقت الشكوى، وردت رسميا سنة 2022، بأن مصالح بلدية قسنطينة عاينت الموقع، ولم تسجل وجود قائمة جديدة من التعديات، مشيرة، إلى أن بعض الحالات سبق أن اتّخذت بشأنها محاضر مخالفات وقرارات هدم منذ سنتي 2017 و2018، مع تنفيذ عمليات هدم لاحقة للبنايات الشاغرة.

وفي المقابل، ظل مشكل العزلة مطروحا بقوة؛ إذ عبّر السكان في رسائل أخرى موجهة إلى رئيس البلدية ومندوبية الزيادية، عن استيائهم من غياب طريق رئيسي يربط التحصيص بباقي أحياء المدينة. وأوضحوا أن غياب مدخل مهيأ منذ أكثر من 27 سنة، جعلهم يعتمدون على ممرات ترابية ضيقة، وغير آمنة. واقترحوا على السلطات المحلية إنجاز الطريق بالتنسيق مع مكتب دراسات معتمد بعد إزالة الحواجز الناتجة عن البنايات الفوضوية التي أُقيمت فوق مجرى وادٍ قريب.

كما شملت معاناة سكان تحصيص الباردة، مشكل انقطاع المياه، وغياب التزويد المنتظم بها، حيث راسلوا مديرية توزيع المياه "سياكو» بحي الكيلومتر الرابع سنة 2022، بعدما قاموا بتسديد تكاليف ربط منازلهم بشبكة مياه الشرب المقدرة بـ 34761 دينار للفرد الواحد، غير أنهم تفاجأوا لاحقا باشتراط المدير عليهم التكفل بمصاريف الحفر بأنفسهم رغم وجود مخاطر تقنية كبيرة؛ بسبب تداخل قنوات الغاز، وخطوط الكهرباء تحت الأرض.

ومن جهة أخرى، أكد المشتكون أنهم وجهوا مراسلة إلى والي الولاية في أوت 2020، طالبوا فيها بالتدخل العاجل للموافقة على اختيار أرضية مناسبة، لإنجاز المجمع المدرسي الذي أعلن عن مناقصته في نفس السنة، حيث اقترحوا أن يكون الموقع الجديد بالأرضية التي كانت مخصصة لحي الأكواخ القصديرية الذي تم ترحيل سكانه سابقا إلى المدينة الجديدة علي منجلي. وقالوا إن هذا الحل سيخدم أيضا سكان المناطق المجاورة؛ مثل برج السمار، وبشتارزي، وتحصيص الباردة بمختلف أشطره.

وأضاف سكان التحصيص أنه رغم مرور أكثر من عقد من المراسلات والطلبات الموجهة إلى مختلف الهيئات من البلدية إلى الولاية ووسيط الجمهورية، إلا أن أوضاعهم لاتزال على حالها في ظل غياب تدخّل فعلي، يعيد الاعتبار لهذا الحي الذي يعيش عزلة تامة على بعد كيلومترات قليلة فقط من قلب مدينة قسنطينة؛ ما جعلهم يأملون في التفاتة جادة، تضع حدا لمعاناتهم اليومية المستمرة منذ سنوات طويلة.