الخبّازون يشتكون نقصا في مادة الفرينة
جمعية التجار تطالب بتغيير طرق دعم المواد الغذائية

- 1170

طالبت الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، بفتح ملف كامل عن مادة الخبز من جذوره؛ حيث أكد رئيسها الحاج الطاهر بولنوار لـ “المساء”، أنه حان الوقت لتغيير طريقة دعم المواد الغذائية، مشيرا إلى أن طريقة الدعم الحالية تؤدي إلى الندرة والاحتكار والمضاربة، ولا تشجع الإنتاج الوطني. كما أنها تفتح الباب على الاستيراد، موضحا أن مادة الفرينة موجودة حاليا في شبكة التخزين، لكنها ناقصة على مستوى التوزيع لدى الخبازين.
أشار بولنوار إلى أن أصل المشكل هو طريقة الدعم الخاطئة في الجزائر، وليست المرة الأولى التي تعرف فيها العاصمة ندرة مثل هذه المواد المدعمة، إلى جانب الحليب، موضحا أن المشكل الأصلي يعود إلى سنوات السبعينيات، حيث كانت الجزائر تستورد الفرينة، والحبوب، وبودرة الحليب... موضحا أن المادة المستوردة لا يمكن التحكم في أسعارها ولا في توزيعها، بعدها يأتي مشكل التوزيع، والمطاحن، وعلاقتها بالخبازين.
واستطلعت “المساء” آراء المواطنين وبعض الخبازين؛ حيث يشتكي الجميع من الوضع الذي لم يعد يطاق بسبب نقص مادة الفرينة. ويبدو أن الأزمة ستعرف تطورات خطيرة في الأيام المقبلة، حسب متتبعي هذا الموضوع.
مخابز مغلقة بسبب الأزمة بعدة بلديات
خلال الجولة التي قامت بها “المساء” إلى بلدية القبة وباش جراح وبوروبة بحثا عن المخابز المتواجدة في هذا المكان لاستطلاع أسباب ندرة الخبز، والطوابير الطويلة التي أصبحت كابوسا يطارد المواطنين كلما اقتربت ساعة الغذاء أو العشاء؛ باعتبار أن المواطن أصبح يجد عناء كبيرا في اقتناء الخبز الذي يعد المادة الأساسية التي لا تفارق مائدته، كان من الصعب علينا إيجاد مخبزة واحدة مفتوحة في هذه الأحياء، ففي حي جنان مبروك بباش جراح، وجدنا مخبزة لكنّها مغلقة. اقتربنا من أحد المواطنين لنسأله عن سبب إغلاق هذه المخبزة، فقال إن صاحبها كان مجبرا على ذلك نظرا لما كلفته من مصاريف كبيرة. وبعد ذلك عاودت “المساء” البحث عن مخبزة أخرى في هذا الحي، لكن بدون جدوى، وهذا ما دفعنا إلى طرح سؤال: من أين يقتني أصحاب هذا الحي الخبز؟ وقد لاحظنا أن الكثير من الأطفال والنساء يحملون في أيديهم خبزا، فاقتربنا من إحدى السيدات لنسألها من أين اقتنت الخبز، فردّت: “نشتري الخبز من محلات المواد الغذائية المتواجدة في الحي، خاصة أن معظم المخبرات أُغلقت؛ إما لأنها في عطلة، أو تخلّى أصحابها عن هذا النشاط”، كاشفة: “إننا نعاني من أجل اقتناء هذه المادة خلال هذه الأيام، خاصة أن هذه المحلات تبيع الخبز بكميات قليلة (سلة واحدة في النهار)، إضافة إلى افتقادها لأدنى شروط النظافة، وتعرضها للشمس، وهذه الكميات لا تكفي”. وقالت المتحدثة: “كثيرا ما أجد نفسي أعجن الخبز في البيت لكي يتمكن الأبناء من تناول العشاء”.
200 خبزة يوميا فقط ببوروبة
وبعد الانتهاء من الجولة في حي جنان مبروك تنقلنا إلى بلدية بوروبة؛ حيث تحدثنا إلى أحد الخبازين الذي يمتهن الحرفة منذ 45 سنة، وقد وجدنا رفوف محلّه شبه فارغة من الخبز، فقال: “نحن نبيع الخبز في الساعات الأولى من الصباح، ولكن بكميات قليلة”، مشيرا إلى أنه ينتج 200 خبزة فقط، وهذا ما يجعل المواطنين يعانون من أجل إيجاد هذه المادة خاصة في المساء؛ مما يجبرهم على البحث عن البدائل؛ كعجنه في البيت، أو التنقل إلى المحلات المتواجدة في العاصمة لاقتنائه.
مهنة مهددة بالزوال في القبة
كشف لنا أحد الخبازين المتواجدين بحي “بانورواما” بالقبة، أن المهنة تختنق وهي مهددة بالزوال، وكل الشباب ينفرون منها، خاصة في فصل الصيف، نظرا لحرارة الفرن التي لا تطاق، وأن الدخل الذي يكسبه الشاب من هذه المهنة ضعيف جدا، كاشفا: “إننا مضطرون كأصحاب محلات، لتزويدهم بالمال من جيوبنا، لكي يبقوا في هذه المهنة؛ فليس هناك أي محفزات لكي يواصل الشاب العمل في هذه الحرفة”. وأضاف المتحدث أن هناك مشكلة أخرى تتمثل في غلاء المواد الأولية التي أصبح يتحكم فيها الخواص كالفرينة والزيت. وخلال هذا الأسبوع، ارتفعت أسعار كل هذه المواد التي يحتاجها الخبازون في صناعة الخبز، مؤكدا أن محلّه يستهلك في اليوم الواحد 20 لترا من الزيت، و6 قناطير من الفرينة، إضافة إلى الأعباء التي يسددها صاحب المخبزة، والضرائب، مشيرا إلى أن فاتورة الكهرباء تصل إلى حدود 13 ألف دينار خلال الثلاثي. وأضاف: “هذا ما جعلنا نبيع خبز السميد والقمح والشعير؛ لأنها لا تستهلك الزيت والفرينة كثيرا”.
تجارة “المطلوع” و”الكسرة” تنتعش
قال أحد الخبازين خلال جولتنا الاستطلاعية، إن المواطن أصبح مضطرا لاقتناء خبز “المطلوع” المصنوع من قبل النساء الماكثات بالبيت، عندما لا يجد مادة الخبز العادي، خاصة في الفترة المسائية؛ فهو مضطر لشراء “المطلوع” الذي يباع بـ 30 دينارا في المحلات رغم أن وزن الخبز العادي يساوي وزن خبزة “المطلوع”، ومع ذلك نجد أن مادة الخبز العادي مازال سعرها كما كان، ولكن لا يمكن المواطن أن يقتني خبز “المطلوع” يوميا؛ إذ يكلفه كثيرا. وهنا لا بد للسلطات أن تضع استراتيجية لإحياء مهنة الخبازين، وحلّ المشاكل العالقة منذ سنوات طويلة.
وتأسف بعض الخبازين لما تعيشه هذه المهنة من مشاكل كبيرة، تهددهم بإغلاق محلاتهم في أي وقت، بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية، وارتفاع تكلفة الضرائب، وتراجع الدعم.