المساء" ترصد واقع بلدية المرسى شرق العاصمة

"جمبر" المدينة الهادئة.. أزمة في النقل وأخرى في السكن

"جمبر" المدينة الهادئة.. أزمة في النقل وأخرى في السكن
  • 1133
نسيمة زيداني نسيمة زيداني

ينتظر بعض سكان بلدية المرسى المعروفة بـ "جمبر" الواقعة شرق العاصمة، نصيبهم من مشاريع السكن الاجتماعي، والمرافق العمومية؛ حيث لا يفوت زائر المنطقة، المناظر التي تتوفر عليها؛ من مساحات خضراء تنشرح لها الصدور، لكن أعماقها لا تعكس هذه الإيجابيات بالنظر إلى نقص المرافق الضرورية التي لاتزال تشكل هاجسا كبيرا للمواطنين، سواء بالأحياء القديمة أو الجديدة رغم المجهودات الكبيرة التي تقوم بها السلطات المحلية، لإعطاء صورة لائقة عن البلدية.

تزخر بلدية المرسى الساحلية، بمناظر خلابة ممتدة إلى غاية بلدية عين طاية شرقا، وطرقها الهادئة التي لا تخلو من المارة وعشاق الشريط الساحلي، إلا أن هذه الجماعة المحلية لاتزال تشهد عدة نقائص طرحها السكان خلال حديثهم إلى "المساء"، في الوقت الذي أثنوا فيه على بعض المشاريع المحلية التي تحققت وأخرى في طريق الإنجاز، مما جعلهم يعلقون آمالا وطموحات كبيرة في المستقبل القريب، لتحقيق إنجازات أخرى بالنظر إلى الإرادة الكبيرة التي تملكها البلدية لتحسين معيشة السكان، حسب ما لاحظت "المساء" خلال زيارتها للبلدية.

أزمة النقل... مشكل حقيقي

أجمع بعض سكان بلدية المرسى من الذين التقت بهم "المساء"، على أن أزمة النقل تُعد هاجسهم الأول، موضحين أنهم ينتظرون حافلات نقل المسافرين التي تنقلهم إلى مختلف الجهات لساعات طويلة، لا سيما إلى وسط بلدية المرسى، وحي قهوة الشرقي التابع لبلدية برج البحري، وعين طاية؛ فسكان أحياء هذه البلدية، يضطرون لقطع مسافة طويلة مشيا على الأقدام للوصول إلى محطة الحافلة. وأفاد أحد السكان في هذا الصدد، بأن بعض خطوط النقل بالمنطقة مفقودة تماما، مما يجعل سكان البلدية يتوجهون إلى عدة اتجاهات، حتى يصلوا إلى المناطق المقصودة، أو يبحثون عن سيارات أجرة بمبالغ معتبرة. كما رفع السكان مطلب توفير المرافق الضرورية، على غرار فضاءات اللعب للأطفال، ومراكز الترفيه للشباب، وكذا ملاعب جوارية، وأخرى لممارسة مختلف الرياضات.

عائلات تقطن بمحلات تجارية

ويلاحظ زائر بلدية المرسى السكنات الفخمة التي تم بناؤها وتشييدها بالمنطقة، والتي أضحت تشوّهها المحلات التجارية المتواجدة بجانب الميناء الذي رست به بعض قوارب الصيد، والتي تُعرض خارجها أفرشة وأغطية؛ في منظر لا يعكس الصورة الجمالية للمنطقة بشكل عام، وهو أمر أثار العديد من التساؤلات. ولمعرفة ما تخفيه هذه المحلات التجارية اقتربت "المساء" منها، لتكتشف عدة عائلات تقطن داخلها في ظروف معيشية صعبة جدا، في ظل عدم إيجادها البديل.

استقبلتنا ربّة إحدى العائلات "نجيبة أوقلماني"، في بيتها، وقصت علينا قصتها المؤثرة؛ حيث تعيش في محل تجاري منذ 2011، ولم تجد لندائها آذانا صاغية؛ إذ إنها تنام رفقة ابنتها وزوجها بصحبة الحشرات والجرذان، كما تعاني من عدة أمراض، على غرار الربو والحساسية بسبب الرطوبة العالية التي تميّز المكان.   وأكدت السيدة أوقلماني أنها أودعت ملف طلب سكن اجتماعي سنة 2014، ولم يؤخذ  طلبها بشكل جدي رغم ترحيل العديد من العائلات من مختلف المواقع بالمنطقة، ورغم الشكاوى والمراسلات العديدة والمتكررة المودعة لدى مصالح البلدية والدائرة، مشيرة إلى أن ملفها تم تضييعه سنة 2018. وذكرت أنها قامت بتجديده مباشرة بعد الانتخابات المحلية الأخيرة، في انتظار التخلص من معانتها مع أبنائها في هذا المحل، المخصص، أصلا، للنشاط التجاري. ووجهت المعنية نداء استغاثة إلى السلطات العليا، لانتشالها مما وصفته بـ "الجحيم" الذي تعيش فيه، وترحيلها في أقرب وقت ممكن، موضحة أنها تقطن في هذا المحل رفقة عائلات أخرى منذ 11 سنة، ولم تتمكن من الحصول على سكن محترم تعيش فيه مع أسرتها، مطالبة السلطات المحلية المعنية بالتدخل العاجل لترحيلها بشكل استعجالي.

وفي نفس السياق، تنتظر 35 عائلة بمزرعة "درموش رابح" بنفس البلدية، نصيبها من السكن الاجتماعي خلال عمليات الترحيل التي تجري في ولاية الجزائر، إضافة إلى 200 عائلة تقطن الأحواش، تطالب، هي الأخرى، بتسوية وضعيتها؛ من خلال تسليمها عقود الملكية، أو ترحيلها إلى سكنات جديدة. كما يطالب سكان حي "الكاريار" الفوضوي، بالتعجيل بترحيلهم، وإعادة إسكانهم من قبل السلطات الولائية، مؤكدين أنهم ينتظرون نصيبهم من شقق السكنات الاجتماعية منذ مدة، لكن آمالهم لاتزال معلقة - على حد تعبيرهم - رغم قيامهم بتحيين ملفاتهم في كل مرة.

ميناء "جمبر"... من النفايات إلى الجمال

أضحت وضعية شاطئ وميناء "جمبر" تبعث على الراحة، فزائر المكان الذي كانت تصدمه تلك الصورة المنفرة التي ترسمها أطنان النفايات البلاستيكية والزجاجية والمعدنية، يلاحظ اختفاءها، ليصبح المكان جميلا ونظيفا بفضل الحملات التطوعية التي تقوم بها السلطات المحلية، بالتنسيق مع المجتمع المدني، ومديرية البيئة للجزائر العاصمة. وذكر بعض السكان المجاورين لهذا الميناء، أن المكان الذي كان في السابق ملجأ للعديد من المنحرفين الذين كانوا يتخذونه مرتعا لتعاطي الكحول ورمي الزجاجات الفارغة على الرمال وبالقرب من جدران المساكن وحتى داخل مياه البحر، أضحى آمنا ليلا، وقِبلة للزوار والسياح، الذين باتوا يقصدونه من كل حدب وصوب.

وكشفت جولة "المساء" الاستطلاعية إلى عين المكان، الظروف اللائقة التي يعمل فيها الصيادون، الذين أشاروا إلى أن ممارسة عملهم بعيدا عن النفايات المنتشرة على الشاطئ، صارت جيدة، وتبعث على مزيد من النشاط والحيوية والأمل في الظفر بصيد وفير، خاصة بعد القضاء على الأكياس والعبوات البلاستيكية الفارغة، ومختلف النفايات التي كانت مرمية ومبعثرة على الشاطئ.

المرافق العمومية ضرورية

طالب سكان بلدية المرسى بفتح فروع أو ملحقات لمختلف المؤسسات الخدماتية والإدارية بمختلف الأحياء؛ لتمكينهم من قضاء انشغالاتهم بدون عناء؛ على غرار مراكز البريد، وتوسيع مصالح البلدية، ومراكز الدفع الخاصة بـ "سونلغاز"، ومؤسسة توزيع المياه للعاصمة "سيال"، وغيرها. وتعرف هذه الجماعة المحلية كغيرها من بلديات شرق العاصمة، نقصا ملحوظا في توفير مناصب الشغل، وتشغيل الشباب البطالين وحاملي الشهادات، خاصة بالنسبة لخريجي الجامعات ومراكز التكوين المهني والتمهين، وهو الوضع الذي أدخل هؤلاء الشباب في دوامة البطالة؛ إذ طالبوا، بالمناسبة، بحقهم في الإدماج، وإقحامهم في عالم الشغل عبر مؤسسات وهيئات المرافقة والدعم. واقترح العديد من الشباب حلولا لإخراجهم من دائرة البطالة التي عانوا منها كثيرا؛ من خلال تمكينهم من قروض مالية بدون فوائد، لإنشاء مشاريعهم الاستثمارية، وتجسيد مؤسساتهم المصغرة، أو مرافقتهم من قبل مديرية النشاط الاجتماعي بالتنسيق مع البلديات، في إطار البحث عن مناصب شغل، ودمجهم فيها بشكل تعاقدي، في انتظار تنصيبهم، بشكل رسمي ودائم، فيما بعد.