شاطـئ سيدي يوشع بتلمسان

تدنـي البنية التحتية يقلق الزوار

تدنـي البنية التحتية يقلق الزوار
  • القراءات: 2291
❊ ل. عبد الحليم ❊ ل. عبد الحليم

يُعتبر شاطئ سيدي يوشع الواقع بإقليم بلدية دار يغمراسن والتي تفصلها مسافة تصل إلى نحو 60 كيلومترا شمال غرب تلمسان، من الأماكن المفضلة للمصطافين، لا سيما أولئك القادمون من الولايات الداخلية وأقصى الجنوب والصحراء الكبرى وحتى من شرق ووسط البلاد، حيث أضحى خلال السنوات الأخيرة يتبوأ مكانة تنافس الشواطئ الكبيرة بالولاية.

يمتاز شاطئ سيدي يوشع المتواجد في منطقة لا تبعد عن مقر دائرة الغزوات سوى بقرابة ستة كيلومترات، بتواجده في منطقة منفردة من حيث المناخ والتضاريس، حيث يوفر كل شروط الراحة للمصطاف الذي يبحث عن الأمان والراحة، وهما عاملان متوفران بنفس الموقع البحري المميز. وما زاد من أهميته أيضا أنه يتوسط جبلين من جهتي ساحل تمتزج فيهما خضرة الأشجار التي تغطي الغابات المواجهة للبحر بزرقة الماء الصافي النقي المصطدم بكتل الصخور والبساط الرملي، ليشكل الكل ثلاثي سياحة واستجمام بامتياز، وهي من بين العوامل التي عجلت بتصنيفه كشاطئ مسموح فيه السباحة من بين الشواطئ 12 التي تمّ الموافقة عليها خلال موسم الاصطياف لسنة 2019.

منطقة تاريخية وفنية بامتياز

كما ساهمت عوامل أخرى في التعجيل بتصنيفه، ومنها تواجده في منطقة تاريخية وفنية بامتياز، حيث لا يبعد عن مدينة ندرومة العريقة سوى بنحو 5 كيلومترات؛ ما يساهم في إنعاش الحركة السياحية بها، وعن ميناء الغزوات الدولي لنقل المسافرين سوى بكيلومترات معدودات أيضا؛ ما يساهم في جلب السياح من خارج الوطن، خاصة أنّ الميناء يشهد خلال كل موسم اصطياف، نموا كبيرا بقدوم المغتربين من أوروبا.

ومع كل هذه المقومات الطبيعية كان من المفروض أن يصاحب ذلك اهتماما في البنية التحتية، لا سيما ما تعلق بالخدمات التي يطلبها السائح والزائر للجهة؛ من محلات تجارية وأماكن استراحة ومخيمات وفنادق وغيرها، وحتى الأمور البسيطة كالمقاهي والمطاعم بأشكالها وأصنافها، إلاّ أن ذلك غير موجود، ويكاد يكون منعدما تماما باستثناء بعض المبادرات من طرف مستثمرين خواص هنا وهناك، ناهيك عن عمليات محدودة تقوم بها مصالح بلدية دار يغمراسن، التي على الرغم من أهميتها إلا أنها لا تُعتبر كافية بالنظر إلى محدودية وإمكانات البلدية المادية والبشرية، وهي عمليات لا تكاد تتجاوز مهمة النظافة وفتح المسالك ورفع القمامة وغيرها.

ومع ذلك بات من الواجب إعطاء الأولوية لعمليات أخرى من بينها تهيئة شاملة للمدخل الرئيس المهترئ، الذي يشوّه صورة المكان لزائره لأول مرة، ويجعله ينفر منه قبل ولوجه، وكذا إعطاء العناية والاعتبار لحظيرة السيارات المجانبة لهذا المدخل؛ باعتبارها نقطة هامة يقصدها زائر الشاطئ؛ كأول نقطة بحثا عن ركن مركبته في أماكن لائقة وبعيدة عن أيّ شكل من أشكال اللاأمن.

وتُعتبر هاتان المشكلتان من أهم هواجس المصطاف الذي تجلبه البيئة النظيفة وبهاء المنظر وجماله الطبيعي، ناهيك عن غياب الضوضاء والضجيج مقارنة بالشواطئ الأخرى، ومع ذلك تحاول السلطات المحلية استدراك الأمر من خلال تسييج الفضاء، وتوفير عمال في مختلف المهن، منهم موسميون ومنهم من البلدية، لا سيما عمال النظافة الذين يباشرون عدة مهام من خلال جمع النفايات وبقايا الوجبات، حيث تخصص سلات معلقة بزوايا عدة يتم إفراغها من الأكياس يوميا، وتُنقل في شاحنة النفايات التي تشق الشاطئ مرتين صباحا ومساء؛ كفترة يحترمها المصطاف، ويثمن مجهود هؤلاء في ضمان فضاء نقي يحتفظ برماله الذهبية.

شح في مياه الشرب

وما يثير استياء وتذمر المصطاف هنا بعض النواقص التي تتباين في أهميتها، فإذا ما احتاج أفراد العائلة لأي دواء أو مهدئ للصداع أو أي مرض آخر، فإنهم يواجهون غياب مرافق العلاج، وقد يضطرون لقطع كيلومترات، ويلهثون وراء الصيدليات القليلة المتواجدة بوسط المدينة بعيدا عن الشاطئ، للحصول على مواد طبية، زيادة على مشكل عويص يتعلق بمياه الشرب، حيث يصعب الحصول عليها، وعليك الذهاب إلى المنبع المتواجد في قارعة الطريق بعيدا عن الساحل بثلاثة كيلومترات، من أجل ملء الدلاء والقارورات، وهو عامل لا يقل أهمية عن سابقه؛ ما يستوجب من السلطات المحلية وكافة الشركاء إعادة النظر في هذه القضية، ومن ثم الاهتمام بهذا الجانب وتدارك النقائص؛ لأنّ توفير هذه المرافق يساهم في خلق حركة تنموية بالجهة، لتكون السياحة البحرية ناجحة، وتستقطب الزوار من شتى الأماكن من داخل وخارج الوطن.

شاطئ البحيرة ... منطقة سياحية تعاني غياب المرافق

يعاني شاطئ أولاد سيدي عايد والمعروف أيضا باسم البحيرة، التهميش واللامبالاة، وهو الذي يشهد خلال السنوات الأخيرة، ارتفاعا في عدد المصطافين بعد ما كان سابقا وإلى وقت قريب، منطقة لا يعرفها سوى سكان المناطق الغربية من ولاية تلمسان، خاصة من قاطني مناطق الغزوات والسواحلية وتونان وحتى باب العسة وندرومة والجهات المجاورة لها. ورغم أن الشاطئ يتميز بموقع استراتيجي هام جدا وبين سلسلة من الجبال والغابات من جهة والبحر من جهة أخرى، إلا أنه يفتقد إلى الهياكل القاعدية الضرورية، لا سيما ذات الضرورة القصوى منها؛ كالمطاعم وأكشاك الهاتف ومحطات توقف السيارات والمقاهي، وغيرها من الأمور التي يحتاجها المصطاف خلال فترة تواجده بالشاطئ لساعات أو لحظات أو حتى أيام عدة.

هذا الوضع فتح المجال أمام الانتهازيين لتقديم خدمات في هذا المجال بأسعار باهظة وغير معقولة، وبخدمات بسيطة وغير صحية حتى إنها غير مرخصة؛ كبيع الفطائر والساندويتشات تحت درجات حرارة عالية وفي ظروف غير ملائمة تهدد صحة المصطاف رغم أن هذا الشاطئ تفضّله الكثير من العائلات؛ باعتباره بعيدا عن الضجيج والحركة المكثفة، ناهيك عن أنه شاطئ نظيف بامتياز.

ورغم أن الشاطئ مؤهل قانونا للسباحة بترخيص من الجهات الوصية بموجب القرارات التنفيذية الرسمية ويتم سنويا تنصيب فرقة للدرك الوطني وأخرى لوحدات الحماية المدنية للسهر على راحة المصطافين وأمنهم، إلا أن السياح يصطدمون دائما بغياب الخدمات.

من جانب آخر، يبقى شاطئ البحيرة وجهة مميزة للعائلات خاصة في فترة غروب الشمس، وهذا أيضا من بين الميزات الخاصة به، حيث تصنع الطبيعة مناظر رائعة للغاية، ويمكن الزائر الاستمتاع بها لعدة ساعات إلى وقت متأخر من الليل، وأحيانا يصنع ضوء القمر جوانب من هذه الروائع. وما يزيد من إصرار العائلات على المجيء يوميا إلى الشاطئ هو قلة الضوضاء والضجيج به، إضافة إلى توفر الأمن، ناهيك عن الجو النقي والهدوء المستمر على طول فترات اليوم، والأمن والنظافة، ليبقى الاستثمار في البنية التحتية ضرورة لإنعاش القطاع السياحي بالنظر إلى الامتيازات الطبيعية الهائلة التي يتوفر عليها شاطئ البحيرة، والذي يوجد على شكل خليج صغير.