رغم نشر 4500 عامل نظافة عبر أحياء العاصمة

الملوثون وجامعو البلاستيك ينسفون جهود "ناتكوم"

الملوثون وجامعو البلاستيك ينسفون جهود "ناتكوم"
  • القراءات: 1051
رشيد كعبوب رشيد كعبوب

تشكل مؤسسات النظافة بولاية الجزائر حجر الزاوية في تطهير المحيط والحفاظ على البيئة، ومنها مؤسسة النظافة وجمع النفايات المنزلية "ناتكوم"، التي تغطى 26 بلدية من أصل 57 بالعاصمة، وكل بلدية لها خصوصياتها الجغرافية والسكانية، حيث ينتشر زهاء 4500 عامل نظافة في مدن وأحياء العاصمة، ويبذلون جهودا كبيرة للحفاظ على الوجه النقي للمحيط، رغم بعض السلوكات السلبية التي يتعمدها بعض المواطنين وجامعو المواد المسترجعة مثلما لاحظت "المساء" في الميدان، خاصة خلال موسم الاصطياف.

  أكدت المكلفة بالإعلام والاتصال بمؤسسة النظافة لولاية الجزائر ناتكوم، نسيمة يعقوبي، لـ«المساء"، أن مخطط العمل للمؤسسة يضع في الحسبان مختلف الفصول والمناسبات، ويتكيف معها، قائلة بشأنها حضرت للعمل قبل انطلاق الموسم، لضمان النظافة بـ12 شاطئا موزعا على 6 بلديات هي الرايس حميدو، بولوغين، باب الوادي، القصبة وحسين داي، وغابتين بكل من بن عكنون وبني مسوس، فضلا عن المنتزهات كالصابلات وحديقة التجارب، والأماكن العمومية، إلى جانب ضمان نظافة الأحياء.

مراكز الفرز تساهم في دعم خزينة المؤسسة

وأكدت السيدة يعقوبي أن "ناتكوم" تقوم بتطبيق برنامج بشقين تقني وآخر تحسيسي، إذ يتمثل التقني في تكثيف الجهود وعدد الدورات، حيث رفع عدد الدورات من دورة ودورتين يوميا، إلى 4 و5 دورات، نظرا للإنتاج الكبير للنفايات، وسرعة تفسخ المواد العضوية خلال الصيف، كما وضعت "ناتكوم" 250 حاوية للفرز الانتقائي مختلفة الألوان، لاسترجاع المواد القابلة للاسترجاع منها حاويات خضراء للمواد العضوية التي توجه لدفنها في مراكز الردم، حاويات صفراء للمواد القابلة للاسترجاع كالورق والبلاستيك، وحاويات بيضاء للخبز.

ولأجل إنجاح عملية الفرز وجعلها تسهم في دعم خزينة المؤسسة، تتوفر "ناتكوم" على 8 مراكز للفرز الانتقائي يسهر على تسييرها عمال يقومون بتخزين المواد المسترجعة (ورق وبلاستيك) في مستودعات يتم جمعها وبيعها لوحدات استرجاع متعاقدة مع ناتكوم، أما مادة الخبز اليابس فتباع لأحد الموالين المتعاقدين مع المؤسسة، يستغلها في تغذية مواشيه.

ورغم أن متاعب عمال النظافة تزداد في فصل الصيف وموسم الاصطياف، فإن مؤسسة "ناتكوم" تكتفي بعمالها الذين يزيدون في حجم الجهود ولا تضطر، مثل مؤسسات عمومية أخرى، لتوظيف عمال موسميين خلال فصل الصيف، على غرار مؤسسة النظافة الحضرية وحماية البيئية لولاية الجزائر. وفي هذا السياق، ذكرت السيدة يعقوبي أن "ناتكوم" التي تتوفر على 455 شاحنة من مختلف الأنواع والاحجام و4500 عامل في الميدان، دون حساب عمال مستخدمي الإدارة، حيث يبذلون جهودا إضافية خلال الصيف لضمان نظافة المحيط وجمع النفايات، التي يرمي بها المواطن في كل مكان.

تفاعل مع جهود المؤسسة

ولم تخف ممثلة ناتكوم، تلك التحولات الإيجابية في سلوكات المواطن تجاه المحيط، حيث ذكرت لنا أن المواطن بدأ يهتم بالجانب البيئي، بعد أن كان من قبل لا يلقي بالا لذلك، في خضم انشغاله بأمور أخرى يراها ضرورية، وقالت محدثتنا إنه أثناء قيام فرق التحسيس ومحاولة توعية المواطنين بدورهم في نظافة الأحياء والأماكن العامة، "كان بعضهم ينتقدنا ويقلل من أهمية ما نقوم به، لكونهم منشغلين بمشاكل السكن وغيرها".

وتستطرد المسؤولة قائلة بأن مثل هذه السلوكات وغيرها بدأت تضمحل مع مرور الزمن، وصار المواطنون يطالبون بنظافة محيطهم، ويتواصلون مع "ناتكوم"، سواء عبر الهاتف أو موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، حيث يتفاعلون من خلاله هذه البوابة الإلكترونية فينقلون معلومات وصور وفيديوهات عن وضعية البيئة في أحيائهم ومدنهم ويطرحون جملة الشكاوى التي تعترضهم ويناشدون المؤسسة التدخل لتحسين إطارهم البيئي.

جامعو النفايات يزيدون من متاعب عمال النظافة

ورغم الجهود التي تقوم بها مؤسسة "ناتكوم" في تطهير المحيط، فإن هناك ظاهرة مشينة بدأت تنتشر في الأحياء، ويتعلق الأمر بجامعي النفايات البلاستيكية بالخصوص، الذين يأتون بمركباتهم النفعية ويقصدون أماكن الحاويات، بحثا عن قارورات البلاستيك وهو لاحظته "المساء" في عدة أحياء بالعاصمة، ويتجرؤون على إخراج أكياس النفايات من الحاويات وفتقها، لإخراج قارورات البلاستيك، وبعثرة النفايات هنا وهناك، تاركين المكان في وضعية مقززة ومشوهة للمحيط.

ولم تنف ممثلة "ناتكوم" وجود هذه الظاهرة التي تعاظمت خلال فصل الصيف، باعتبار المواطنين يستهلكون المياه بكثرة ويرمون كما هائلا من القارورات البلاستيكية، مؤكدة أن هذه التصرفات غير الحضرية تزيد في متاعب عمال النظافة، الذين يشتكون كثيرا منها، لأنهم عوض أن يجدوا أكياس النفايات مغلقة بإحكام وموضوعة داخل الحاويات أو بالقرب منها بعد امتلائها، فإنهم يضطرون لجمع النفايات المبعثرة وحملها بأيديهم ووضعها في الشاحنات.

وفسرت محدثتنا مثل هذه السلوكات غير اللائقة بكون الأعداد الهائلة من جامعي المواد المسترجعة، الذين كانوا ينشطون بمراكز الردم التقني، من قبل، مثلما كانت عليه الأمور في مفرغة وادي السمار ومفرغة أولاد فايت اللتين أغلقتا ومنعهم من دخول مفرغة حميسي بمنطقة مقطع خيرة بغرب العاصمة، حيث تحول هؤلاء الباحثين عن النفايات البلاستيكية إلى الحاويات يبعثرونها دون وازع حضري. ويظهر أن مثل هذه السلوكات غير الحضرية، انتشرت في غياب الردع، فلا تنفع في هذه الحالات حملات التحسيس، بقدر يتطلب الأمر تطبيق القوانين التي تمنع مثل هذه السلوكات التي يعاقب عليها القانون، لأنها تخص أفعالا تزيد في تلويث المحيط وتعقيد نشاط هيئة عمومية تقوم بخدمة ذات منفعة عامة.

التحسيس متواصل

وأفادت مسؤولة الإعلام بمؤسسة "ناتكوم" أن عملية التحسيس متواصلة على طول العام، وتختلف حسب المناسبات، ففي شهر رمضان تقوم فرق التحسيس بتنبيه المواطنين إلى ضرورة إخراج النفايات في وقتها، لكون عملية الاستهلاك تزداد، بشكل ملحوظ وكذلك الأمر بالنسبة لعيد الأضحى الذي له خصوصيات أيضا، حيث يتم التنبيه لضرورة التخلص من بقايا عملية النحر، لاسيما الجلود، التي تتعفن بسهولة وتزيد في تشويه المحيط،، كما تتكيف حملات التحسيس مع موسم الاصطياف، الذي تعرف فيه الشواطئ والأماكن العمومية تدفقا كبيرا وحشودا من المصطافين، الذين يتركون نفاياتهم مبعثرة هنا وهناك، رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها عمال النظافة.