فلاحون ببلدية يسّر يناشدون والي بومرداس

العقود الإدارية عطّلت الاستثمارات وانتهت إلى المحاكم

العقود الإدارية عطّلت الاستثمارات وانتهت إلى المحاكم
  • القراءات: 789
 حنان سالمي حنان سالمي

يطالب فلاحو قرية الطرفة الكائنة ببلدية يسّر شرق ولاية بومرداس، بتسوية وضعية مستثمراتهم الفلاحية بما يسمح لهم بتوسيع استثمارهم بما يعود بالنفع على جميع الأطراف، حيث إن عدم امتلاكهم الوثائق والعقود يصعّب عليهم أمر الاستفادة من عدة مزايا. كما أن الوضع قد جر بعضهم إلى المحاكم، فيما ناشدوا الجهات المختصة التدخل وإنصافهم، خاصة أن الجزائر الجديدة تشجع الفلاحة والفلاحين.

زارت "المساء" نهاية الأسبوع المنصرم، قرية الطرفة التي يطلق عليها محليا "مزرعة غانم السعيد" الكائنة ببلدية يسّر، ووقفت على نماذج ناجحة لمستثمرين شباب في الميدان الفلاحي، لا سيما في مجال الأشجار المثمرة؛ من خوخ وبرقوق ونكتارين وكروم وإجاص. المنطقة تقع ما بين بلديتي يسّر وتيمزريت، تنتج ما طاب من الفواكه الموسمية بفضل سواعد الرجال ممن نذروا حياتهم لخدمة الأرض مثل أعمر يحياوي وجما آيت أعمر وجمعة شبون وعيسى عبد القادر وبوخريص عبد القادر. كلهم تحدثوا إلينا عن الفلاحة بكثير من الفخر والاعتزاز، مؤكدين أنها تسري في دمائهم، وأنهم نذروا حياتهم لخدمة الأرض. ورغم الصعوبات التي يتلقونها على مدار السنة إلا أن جمع الغلة في كل موسم، ينسيهم التعب وتعقيدات الإدارة.

تحت عريشة الكروم بأرض الفلاح اعمر يحياوي بقرية الطرفة، اجتمع الفلاحون يعددون لـ "المساء" صعوبات إدارية تنغص عليهم اهتمامهم بالأرض والفلاحة؛ حيث إنهم لا يحوزون على أي وثائق أو عقود؛ ما جعلهم يطالبون بالتسوية؛ "وكلنا رابحين الدولة ونحن"، يقول كل محدثينا، مؤكدين أنهم ليسوا بحاجة إلى أي مساعدات مالية من طرف الدولة، فقط عقود إدارية تخوّل لهم استغلال الأرض وفلاحتها بسواعدهم بدون أن يطرح ذلك أي إشكال، حيث لفت محدثونا إلى أن عدم حيازتهم على عقود رسمية جعلهم في مواجهة بعض ذوي المال والنفوذ ممن يريدون الاستيلاء على الأراضي التي يفلحونها. كما أن نفس الوضعية جرّت بعضهم إلى العدالة، مثلما يؤكد الفلاح اعمر يحياوي، مناشدا الوالي يحي يحياتن التدخل وإنصافه وغيره من الفلاحين الضعفاء ممن وضعوا هدفا في خدمة الأرض؛ يقول: "رئيس الجمهورية أعطى أولوية للأرض والفلاح.. ونحن فلاحون نخدم الأرض وننتج خيرات كثيرة".

أما الفلاح جمال فيناشد، من جهته، السلطات الولائية التدخل لتسوية وضعيته ووضعية باقي فلاحي المنطقة تجاه عقود الامتياز، لا سيما أن هذا العائق يحول دون تمكين جل الفلاحين من توسيع استثمارهم في الأشجار المثمرة؛ حيث إن التربة بالمنطقة المذكورة مثالية للأشجار المثمرة. كما أن ذات الإشكال يعيق أيضا استفادة الفلاحين من السقي الفلاحي الذي يطرح نفسه بإلحاح في ظل عدم امتلاكهم الوثائق الإدارية؛ ما يصعب عليهم طلب الدعم الخاص بالعتاد الفلاحي بما فيه عتاد الري، وهم، مقابل ذلك، يضطرون لجلب الماء عبر الصهاريج من وادي جمعة؛ ما قد يعرّضهم لدفع غرامات في ظل عدم امتلاكهم أي وثائق تثبت استثمارهم الفلاحي.

وفي هذا الصدد، يطرح محدثونا إشكالية أخرى مرتبطة بهذا الوضع، وتتعلق بعدم تمكن بعضهم من مضاعفة استثمارهم الفلاحي، وهو تماما ما يؤكده جمال الذي لفت إلى تجربة غرس نوع جديد من أشجار الخوخ جلب من إسبانيا يطلق عليه "الرُشيدة"، قال إنه غرس هذا النوع منذ 3 سنوات وقد نجح بنسبة كاملة، إلى جانب أنواع جديدة من النكتارين منها البيضاء والحمراء، نجحت هي الأخرى بالإضافة إلى غرس قرابة 800 شجرة برقوق بنوعيها الأبيض والأسود، راجيا من السلطات الولائية النظر بعين الاعتبار إلى مطلب تسوية وضعية عقود الامتياز، وواعدا بمضاعفة الجهد أكثر بما يمكّنه من تحقيق الاكتفاء الذاتي محليا وولوج تجارب التصدير مستقبلا، وكذا المساهمة في خلق العديد من مناصب الشغل، علما أن موسم الجني يسمح بتشغيل شباب قرى ونوغة وغمراسة ولاصاص وبويدر وبغلة وأولاد سيدي أعمارة وعين السخونة وفيلاج عمر وتيمزريت. كما نشير أخيرا إلى أن الفلاحين ممن تحدثوا إلينا، اتفقوا على تأسيس جمعية فلاحية لمزرعة غانم السعيد، حتى يتمكنوا من طرح انشغالاتهم أمام المسؤولين؛ "ففي الاتحاد قوة"، مثلما يقول العم اعمر، الذي أكد أنه اضطر لبيع سيارته من أجل أرضه، مشيرا كذلك إلى أن غياب الوثائق قد حرم جل الفلاحين من إعانات البناء الريفي.