رغم ضعف استغلال قدرات بومرداس السياحية

"الصخرة السوداء" تستقطب 8 ملايين مصطاف

"الصخرة السوداء" تستقطب 8 ملايين مصطاف
  • القراءات: 1111
حنان. س حنان. س

بلغ عدد المصطافين الوافدين على شواطئ بومرداس، منذ انطلاق الموسم الصيفي الحالي، إلى غاية هذا الأسبوع، أزيد من 8 ملايين مصطاف، وهو رقم كان متوقعا بعد موسمين أبيضين بسبب تفشي جائحة كورونا. كما يتوقع أن يتضاعف هذا العدد مع نهاية الموسم ليتجاوز حدود 14 مليون مصطاف، خاصة مع انطلاق صيغة الحجز في الإقامات الجامعية، وهو ما يرفع قدرات الإيواء بالولاية، غير أن العديد من النقائص مازالت تحول دون الاستغلال الأمثل للموسم السياحي بالولاية، خاصة من ناحية الخدمات.

كشفت مديرية السياحة والصناعة التقليدية لبومرداس، عن تسجيل أزيد من 8 ملايين مصطاف توافدوا على 44 شاطئا مسموحا للسباحة، منذ 17 جوان الماضي الى غاية 2 أوت الجاري. وأرجعت هذا الإقبال الكبير للمصطافين، إلى جملة من العوامل منها تحسن ظروف الاستقبال والإيواء، وتوفر عامل الأمن إلى جانب استباقية المصالح المختصة في تهيئة الشواطئ، من خلال إطلاق عمليات تهيئة منذ شهر فيفري الماضي، ليضاف لها التنسيق بين مختلف المصالح كل في مجاله، من أجل إنجاح موسم الاصطياف 2022. على غرار تعزيز عمل وحدة "مادينات" للنظافة وإطلاق "ماديبلاج" لنظافة الشواطئ، وكذا وضع مخطط نقل خاص من خلال فتح أزيد من 170 خط نقل مؤقت بقوام 637 مركبة، وبقدرة استيعاب تفوق عن 16 ألف مقعد.

مخطط لنقل المصطافين

وتم توجيه هذا المخطط خصيصا، لنقل المصطافين من البلديات النائية للولاية نحو مختلف الشواطئ، ناهيك عن تعزيز مخطط النقل المذكور بتخصيص عدد آخر من الحافلات لنقل الأعداد الكبيرة للمصطافين من ولايات تيزي وزو، والبليدة، والبويرة نحو شواطئ الولاية. كما شكل فتح خط القطار (المسيلة-الجزائر)، عاملا آخرا شجع أبناء الولايات الداخلية الواقعة شرق الولاية، على التنقل إلى شواطئ بومرداس بسهولة كبيرة، لاسيما تلك الواقعة على محور قورصو- زموري.. غير أن انحسار جائحة كورونا وعودة الحياة لمجاريها، شكل السبب الرئيسي وراء هذا التوافد.

وفي السياق، شكل دخول صيغة الإيواء بالإقامة الجامعية لزموري بداية أوت الجاري، عاملا آخرا سيساهم لا محالة في تضاعف عدد المصطافين، حيث خصصت الإقامة جناحين بـ400 سرير كخطوة أولى، على أن يتم فتح باقي الأجنحة تماشيا مع الطلب المتزايد عليها، لتضاف هذه الصيغة الى أزيد من 20 مؤسسة فندقية بقوام 3 آلاف سرير، وكذا قرابة 10 مخيمات توفر من جهتها قرابة 10 آلاف سرير، إضافة الى تخصيص 20 مدرسة لاستقبال المخيمات الصيفية لفائدة أطفال الجنوب والهضاب العليا..

مشروع 20 مرحاضا ودورة مياه مؤجل

وبالرغم من كل هذه المعطيات التي تبدو إيجابية لحد الآن بخصوص موسم الاصطياف 2022 بولاية بومرداس، إلا أنه من المهم التوضيح أن المصطاف لا يعني بالضرورة أن يكون سائحا، حيث يشير أحد المهتمين بملف السياحة والتاريخ بالولاية في تعليقه عن استقبال 8 ملايين مصطاف، إلى أن هذا الرقم كبير ويعود بالنفع على عدة قطاعات لاسيما بعد ركود دام لسنتين بسبب فيروس "كوفيد-19". وأشار في المقابل، إلى العديد من النقائص التي لابد للسلطات من تداركها –حسبه- حتى يتم الاستغلال الأمثل للموسم السياحي. ويشكل انعدام المراحيض العمومية ودورات المياه، نقطة سوداء تؤثر كثيرا على سمعة عاصمة ولاية بومرداس.

ومن جهة أخرى، هناك 3 مواقع فقط توفر خدمة النقل على غرار محطة القطار، ومحطة الحافلات وحديقة النصر.. حيث تبعد كل نقطة عن الأخرى بمسافة طويلة، الأمر الذي يتطلب استغلال سيارة أو وسيلة نقل عمومي لبلوغ هذه الفضاءات، وهو أمر غير مقبول بالنسبة لمدينة سياحية كبومرداس.

وللإشارة، فقد سبق لمصالح البلدية، أن أعلنت مؤخرا عن اختيار 20 موقعا لإقامة مراحيض عمومية ودروات مياه، إلا أن ذلك لم يتجسد حتى في عز الموسم الصيفي..كذلك من النقاط الواجب الإشارة إليها –حسب محدثنا- هو تأخر استلام مشروع الطريق الاجتنابي لمدينة بومرداس، وهو ما يزيد الضغط على طرق الولاية، حيث يسجل ازدحاما على (ط.و/24) بشكل يومي، ويزداد الوضع سوء في عطل نهاية الأسبوع، حيث يصل الأمر الى تسجيل انسداد كلي على محاور الطرقات يمتد لساعات طويلة.

خدمات فندقية دون المستوى

ومن النقاط الواجب الإشارة إليها في هذا الموضوع كذلك، الهياكل الفندقية البعيدة عن المعايير المتعارف عليها وغير المصنفة، إلى جانب خدماتها الرديئة حيث تفتقر هذه المرافق للمساحات الخضراء، كما ينعدم بها التأطير المحكم مع تسجيل نقص في تكوين الموارد البشرية لمحترفي القطاع.

كما أشار المتحدث، إلى غياب المؤسسات الفندقية بين بومرادس ودلس على مسافة 40 كيلومترا، وهذا عجز كبير وتوزيع سيئ للغاية لهياكل الاستقبال على مستوى الولاية. وبما أن الموسم الصيفي بمجتمعنا يرتبط بشكل مباشر بالبحر، فإنه من المهم الإشارة لمخاطر كبيرة تهدد الشواطئ الأكثر شعبية بولاية بومرداس بسبب تدفق مياه الصرف الصحي، كما هو الحال بالشاطئ المركزي "الدلفين" ببومرداس، وكذا شواطئ قورصو التي سجلت مؤخرا غلق شاطئ "الربوة الخضراء" للتدفق الكبير للمياه القذرة مباشرة في الشاطئ، وهو نفس الإشكال المسجل بشواطئ بودواو البحري، و«كاب جنات"، وكذا شواطئ دلس.

ومن جهة أخرى، يظهر عامل عدم الترويج للسياحة الجبلية، نقطة ضعف أخرى في الموسم الصيفي، فرغم المناظر الخلابة التي توفرها الولاية لزوارها، إلا أن افتقار البلديات الجبلية على غرار قدارة، تيجلابين، عمال، بني عمران، تيمزريت وغيرها.. لهياكل الاستقبال، يحول دون استغلال هذه المقومات السياحية بالشكل الكامل.

23 كالة سياحية خاصة لا تروج للسياحة المحلية

وأوضح محدثنا في هذا الصدد أنه كان بالإمكان توجيه اهتمام عدد كبير من المصطافين نحو خدمات سياحية محلية أخرى من خلال محترفي القطاع، منهم وكالات السياحة حيث تحصي الولاية 23 وكالة سفر تابعة جميعها للقطاع الخاص، وينحصر نشاطها عموما  في تنظيم العمرة والترويج لبعض الوجهات خارج الوطن، متجاهلة الترويج للسياحة المحلية لاسيما اقتراح وجهات للمغتربين والسياح الأجانب ممن قد يحضرون معهم.

نقطة أخرى تحتاج للاهتمام أكثر، وتتعلق بجانب الإطعام حيث يسجل غياب مطاعم مصنفة تقدم خدمات راقية بما فيها الترويج للطبخ المحلي المتنوع.. رغم الزخم الكبير الذي تزخر به الولاية لكونها مفترق طرق بين الشرق والغرب الجزائري.. ويحافظ فقط معرض الصناعة التقليدية الذي يقام كل سنة بكورنيش الواجهة البحرية وبمواقع أخرى بالمدن الساحلية، بعض الشيء على التراث المحلي....وبين كل هذا وذاك، يبقى الموسم الصيفي بولاية بومرداس مرتبطا بالبحر فقط الى إشعار آخر.