يرقد بها أجداد وأهل الأمير عبد القادر
الإهمال يطمس أضرحة مقبرة سيدي قادة

- 1398

هل كان الأمير عبد القادر ليرضى بما آلت إليه اليوم، المقبرة التي تضم رفات والده والعديد من أهله، بدوار سيدي قادة، التابع إقليميا لبلدية سيدي قادة، التي تبعد عن عاصمة الولاية معسكر بحوالي 20 كلم؟
على بعد 3,2 كلم من زمالة الأمير عبد القادر (العاصمة المتنقلة للأمير التي تظم مدرسة قرآنية وحمام الأمير والنصب التذكاري للأمير، الذي دشنه الحاكم العام للجزائر، مارسيل إيدموند نايجلان بتاريخ 15 أكتوبر 1949)، تقع مقبرة سيدي قادة (نسبة إلى سيدي عبد القادر، الجد الرابع للأمير عبد القادر، الذي وافته المنية عام 1043 هجري، الموافق لعام 1633م). فأول ما يلفت انتباه الزائر لمقبرة سيدي قادة، في الوقت الحالي؛ أبوابها الحديدية الثلاثة الرئيسية المغلقة بسبب فيروس "كورونا". "قرار الغلق تم اتخاذه من قبل المسؤولين المحليين منذ السادس من شهر مارس من عام 2020"، بهذه الجملة أجاب عن تساؤل "المساء"، الواقف على ضريح سيدي قادة من دون أن نكشف له عن هويتنا.
حيث أن غالبية الوافدين على هذه المقبرة، من النساء رفقة أزواجهن أو أبنائهن، القادمين من مختلف مناطق الولاية، وحتى من خارجها، لزيارة ضريح سيدي قادة، سواء بنية العلاج الروحي أو التبرك، مجبرون على دخول المقبرة عبر ممر (غير شرعي)، تم فتحه في الشباك الذي يفصل المقبرة عن موقف السيارات، الذي تحول إلى شبه سوق يمتهن فيه أربعة من الشباب، تحت أشعة الشمس الحارقة، بيع السكريات وألعاب الأطفال وغيرها. الأكياس البلاستيكية مختلفة الألوان المنتشرة في كل مكان، والمتراكمة على حواف سور المقبرة، بالإضافة إلى الأشواك والحشائش الجافة، أضحت تغطي القبور التي لم تعد تثير انتباه أحد، بعد أن اعتاد على وجودها الجميع، وتحولت إلى جزء من ديكور هذا المكان. حتى سور المقبرة، المتواجد بالمسلك المؤدي إلى ضريح سيدي قادة، تعرض جزء منه للانهيار، من دون أن يحظى بترميم بسيط لا يكلف نصف ساعة من العمل، وهي الوضعية نفسها التي يعرفها المدخل الثانوي المؤدي إلى ضريح سيدي محي الدين (والد الأمير عبد القادر)، الذي اختفى جزء منه.
وما يثير الاستياء، أن الضريح الذي يرقد فيه والد الأمير عبد القادر، سيدي محي الدين، ابن مصطفى، ابن محمد، ابن مختار، ابن عبد القادر (سيدي قادة)، تبدو عليه جليا آثار الإهمال، بعد أن تناثرت أجزاء من سقفه الذي نبتت عليه الحشائش، وبدت آثار الشقوق على جدرانه التي بهت لون طلائها الأخضر. حتى الجدارية الرخامية المعلقة على ضريح سيدي محي الدين، التي نقشت عليها نبذة من حياة والد الأمير عبد القادر، لم تعد صالحة للقراءة، بعد أن اختفى لون حروفها الأسود. هل كان ليرضى الأمير عبد القادر بحال ضريح ولده سيدي محي الدين وأخيه سيدي محمد، وأضرحة أجداده، أمثال سيدي أحمد المختار التي بناها حفيده الأمير خالد عام 1913؟
ما لا يمكن إخفاؤه، أن مقبرة سيدي قادة والأضرحة المتواجدة بها، حظيت بعملية تهيئة واحدة فقط، كانت عام 2014، سهر عليها شخصيا الوالي السابق، أولاد صالح زيتوني، الذي أولى أهمية بالغة لكل مآثر الأمير عبد القادر المنتشرة عبر تراب الولاية. مع مرور الوقت، اختفت مظاهر الاهتمام وطغت الأشواك الجافة والأكياس البلاستيكية على ديكور مقبرة سيدي قادة، أين يرقد أهل وأقارب مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة الأمير عبد القادر.