تجار المناسبات يستغلون الفرصة لرفع الأسعار
أجواء احتفالية بمولد خير البرية وتحذير من خطر المفرقعات

- 241

❊ مطالب بإبقاء أسواق الرحمة على مدار السنة
❊ فتح أسواق جوارية حلٌّ أمثل للحفاظ على أسعار الخضر
❊ حملات تحسيسية للحد من مخاطر المفرقعات
تلبس الأسواق الشعبية بالعاصمة، عشية المولد النبوي الشريف، حلّة خاصة، حيث تعجّ أروقتها وزواياها بالحركة، وتفوح منها روائح البخور التي باتت جزءاً لا يتجزأ من طقوس الاحتفال بهذه المناسبة. وبالمقابل، تعرف بعض الخضر على غرار الكوسة واللفت، ارتفاعا في الأسعار على غير العادة. ويغتنم بعض تجار التجزئة الفرصة للتلاعب بالأسعار، بينما لاحظت "المساء" خلال خرجتها إلى سوق باش جراح، تهافت العائلات على شراء الدجاج، والشخشوخة و "الرشتة".
ولاحظت "المساء"، أيضا، خلال جولتها، إقبالاً واسعاً من العائلات التي تتهافت على اقتناء مختلف المستلزمات الخاصة بالمولد، بداية من أواني الطهي والتوابل، وصولاً إلى الشموع والفوانيس.
ويؤكد تجار السوق أن هذه الفترة تُعدّ موسما ذهبيا، إذ تشهد المحلات وممرات السوق ازدحاماً غير معتاد، خاصة في ساعات المساء.
إقبال على المكسرات والتوابل والفوانيس
وسجلت "المساء" بسوق باش جراح في هذه الجولة، إقبالا على المكسرات والفواكه الجافة التي لا تخلو منها موائد "العاصميين" في ليلة المولد، بالإضافة الى صنع مختلف الحلويات التقليدية والجوزية، الى غير ذلك، والتي تستقطب الزبائن بروائحها الزكية، وطرق عرضها الجذابة.
ولا يقتصر المشهد على الحركة التجارية فحسب، بل يمتد ليعكس البعد الروحي والاجتماعي لهذه المناسبة، فالطاولات المعروضة لبيع البخور والعطور والشموع والفوانيس، تعرف رواجا خاصا، إذ تحرص العائلات العاصمية على تعطير بيوتهم وتجهيزها لاستقبال ليلة المولد. كما إن الأمهات يفضلن شراء الشموع الملوّنة التي تضيء البيوت في أجواء دينية مميزة، بينما يقتني الأطفال الألعاب النارية الصغيرة، التي تضفي على الشوارع طابعاً احتفالياً.
ويظهر جليا للعيان أن الأجواء بسوق باش جراح، ليست مشابهة لما كانت عليه منذ نحو خمس سنوات. فبعد أن سُجل السنة الماضية عشية الاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف، تراجع محسوس في كمية المفرقعات المعروضة للبيع، وعدد الباعة والمشترين، لوحظ هذه السنة، أيضا، تراجع الحركة بهذا السوق الشعبي، الذي كان يستقبل مئات الأشخاص يوميا مع قرب حلول هذه المناسبة، فيما احتلت الشموع وأنواع البخور والفوانيس، مساحة أكبر مما كانت عليه في سنوات مضت.
وبالرغم من احتفاظ السوق بميزته لشهرته السابقة والتي استمرت لسنوات بكونه من أبرز نقاط بيع المفرقعات والألعاب النارية بالعاصمة، إلا أن ما يلاحَظ هو تراجع الإقبال عليه، وحتى المحلات التي كانت تغير نشاطها (غالبيتها لبيع الملابس الرجالية) ليتلاءم مع هذه المناسبة، لم تفعل ذلك هذه السنة.
وتراوحت أسعار الشموع بمختلف أشكالها وألوانها إلى جانب علب البخور بروائحه الكثيرة وتشكيلات الفوانيس، بين 450 و1000 دج. وتصل الى 1200 دج عندما تأخذ شكل مصباح علاء الدين السحري، حسب ما صرح الباعة.
تجار المواسم يُلهبون أسعار اللفت والقرعة
وفي جولة "المساء" بسوق بن عمر بالقبة، استغربت الارتفاع المحسوس في أسعار اللفت والكوسة عشية المولد النبوي، حيث وصل سعر "القرعة" و"اللفت" إلى 250 دينار للكيلوغرام. كما تم عرضه بـ 280 دينار في محلات أخرى، وهو ما أثار حفيظة المواطن، الذي وقف حائرا أمام جشع بعض التجار، الذين يستغلون المناسبات الدينية لمضاعفة الأسعار، ليتكرر نفس السيناريو كل مرة.
وأكد بعض التجار ممن تحدثنا معهم، أنّ هناك خللا في العرض والطلب، ناهيك عن لهفة بعض المواطنين في المواسم، الأمر الذي شجع عددا من التجار على رفع الأسعار.
وبالمقابل، أكد رئيس الفيديرالية الوطنية للخضر والفواكه بحاري يعقوب لـ "المساء"، أنه حان الوقت للتفكير في فتح الأسواق الجوارية للقضاء على مثل هذه الظواهر، واستغلال سوق "باب" الزوار" المغلق؛ كونه يتموقع في مكان استراتيجي. وأوضح أن تحايل التجار واستغلال المناسبات يتطلب فتح أسواق الرحمة على مدار السنة وليس في شهر رمضان فقط؛ لتعديل الكفة، موضحا في نفس الوقت، أن أسعار الكوسة واللفت في أسواق الجملة، معقولة جدا، ولا تفوق 60 دج، علما أن الأسواق، حسبه، تعرف ركودا كبيرا.
من جهة أخرى، لاحظت "المساء" إقبالا كبيرا على اقتناء الرشتة، والشخشوخة، والدجاج، حيث استغل العديد من التجار توافد بعض المواطنين على اقتناء ما يحتاجون إليه من لحوم بيضاء، لرفع الأسعار. وتزداد الأسعار حسب المنطقة ومكان البيع، حيث إن الأسعار في الأسواق المنظمة ليست نفسها في الأسواق غير المنظمة.
وتقول إحدى السيدات إنها تقوم في هذه المناسبة، بتحضير طبق الرشتة بالدجاج. و "في الصباح نقوم بتحضير الطمينة بالإضافة إلى إشعال البخور. ونحن نقوم بمثل هذه العادات حتى لا تندثر، ويحافظ عليها أبناؤنا" .
كما أوضح أحدهم: " الاحتفال بهذه المناسبة فرصة كبيرة لتذكّر أهم صفات الرسول صلى الله عليه وسلم، وحسن أخلاقه في التعامل مع أفراد أسرته والمجتمع؛ تفاديا للكثير من المشاكل الحديثة".
استحداث لجان ميدانية لمتابعة أسعار الخضر
ومن جهتها، أعطت وزارة التجارة تعليمات باستحداث لجان ميدانية لمتابعة أسعار الخضر والفواكه على مستوى أسواق الجملة والتجزئة، وإعداد تقارير مفصلة حول الفوارق اليومية بشأن كل منتج من المنتجات، فضلا عن الاطلاع على مدى احترام التجار تعليمات الوزارة بشأن إظهار الأسعار للمستهلكين، سواء على مستوى أسواق الجملة، أو التجزئة.
كما شُرع في تشكيل لجان تحسيس وتفتيش، تعمل ميدانيا على مستوى الأسواق، بهدف بحث ودراسة معادلة أسعار الخضر والفواكه التي تفرض إيجاد طريقها نحو الاستقرار، خاصة بعض المواد الأكثر استهلاكا في شعبة الخضر.
وتعمل هذه اللجان المقسمة بين فضاءات البيع بالجملة والتجزئة، على معرفة الأسعار الحقيقية التي يبيع بها الفلاّح، وصولا إلى أسواق الجملة، ومن ثمة إلى التاجر البسيط، من خلال تتبّع الفواتير، وإلزام التجار إظهارَ أسعار المنتجات للزبون، فضلا عن التعرف على هوامش الربح التي يتقاضاها كل تاجر، وإعداد تقارير مفصلة في هذا الخصوص، للجهة الوصية؛ بهدف إيجاد حلول لظاهرة ارتفاع الأسعار.
حملة تحسيسية حول مخاطر المفرقعات
من جهة اخرى، أطلق نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حملة توعوية وتحسيسية حول أخطار استعمال المفرقعات والمواد النارية خلال الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، لا سيما أنها تسجّل كل سنة ومع حلول الاحتفالات بذكرى خير الأنام، حوادث خطيرة، أغلب ضحاياها الأطفال والشباب، ناهيك عن تسببها في اندلاع حرائق، ومنه تعريض حياة الناس وممتلكاتهم للخطر، إضافة إلى حالات الهلع والفزع التي تلحقها بكبار السن، والمرضى، والأطفال الصغار والنساء الحوامل.
وحسب البعض، فإن الحملة التي برمجوها عبر الفضاء الأزرق حول مختلف الأخطار الناجمة عن استعمال المواد النارية والمفرقعات وكذا الشموع، ستمتدّ طيلة الأسبوع الذي يسبق الاحتفالات، إذ يتم التركيز من خلالها على الفئة الأكثر عرضة لأخطار الاحتفالات، من خلال دروس يتم إلقاؤها على مستوى الساحات العمومية، وأماكن بيع تلك المواد الخطيرة، إلى جانب الاستعانة بوسائل الإعلام.
كما سيتم التنسيق مع كافة المؤسسات العمومية، من أجل حماية وسلامة الموطنين، بتفعيل آليات موحدة لمختلف الجهات المساهمة، مع تذكير الأولياء بأنّ فرحة المولد في قلوبنا لا بالمفرقعات في أيدينا.
ودعا هؤلاء كافةَ الأولياء إلى الالتزام بالتدابير الوقائية، وتوعية الأبناء بمدى خطورة تلك المواد الممنوعة، وما ينجم عنها من أخطار، كالانفجارات التي تحدثها المفرقعات على مستوى الأطراف كاليد، أو على مستوى العينين، أو تسبّبها في فقدان حاسة السمع، إضافة إلى إصابات خطيرة، تؤدي، غالبا، إلى بتر أصابع اليد والأطراف. كما ينجم عنها احتراق الملابس، واندلاع حرائق في المنازل، أو على مستوى الشرفات. ونبّهت صفحات الفايسبوك إلى ضرورة توعية الأطفال والشباب بخطورة استعمال بعض المواد الكيميائية بخلطها مع مواد أخرى؛ لتعويض المفرقعات، ومنعهم من رمي تلك المواد النارية على الأشخاص، والمركبات، أو بالقرب من المستشفيات، ومحطات البنزين.
وفي ما يخص استعمال الشموع، شدد نشطاء الفضاء الأزرق، على ضرورة التقيد بالإجراءات الوقائية، وبالتعليمات الأمنية، منها وضع الشموع على دعائم ثابتة، وغير قابلة للالتهاب، وإبعادها عن الأطفال، لا سيما الصغار بما فيها علب الكبريت، والأشياء القابلة للالتهاب، خاصة الأفرشة، والأغطية، والأثاث وغيرها، وعدم تركها مشتعلة من دون مراقبة.
رقابة على تجار المفرقعات والألعاب النارية
وفي سياق متصل، شددت المصالح المختصة من آليات مراقبة السوق، ومن ثمّة محاربة عصابة المفرقعات وتجار الأرصفة، الذين يقومون بعرض مختلف أنواع المفرقعات والألعاب النارية للاحتفال بالمولد النبوي الشريف على مستوى كل العاصمة، خاصة الأحياء العتيقة كـ "جامع اليهود" بقلب العاصمة، التي تعيش فوضى حقيقية بسبب التجار الفوضويين، الذين يحتلون الأرصفة والشوارع. ويقومون بعرض مختلف أنواع المفرقعات والألعاب النارية إلى جانب البخور، والشموع، وحتى الحلويات التقليدية... وغيرها.