طقوس دخيلة تقتحم احتفالات النجاح

ولائم فخمة وألعاب نارية تُحرج البسطاء

ولائم فخمة وألعاب نارية تُحرج البسطاء
  • 176
آسيا عوفي  آسيا عوفي 

بعدما كانت الاحتفالات والولائم تقام على شرف الناجحين في شهادة البكالوريا باعتبارها شهادة ينتقل بها التلميذ من المسار التعليمي إلى المسار الجامعي، ها هي الاحتفالات في السنوات تتعدى ذلك، وتشمل الناجحين في شهادتي التعليم الابتدائي، والتعليم المتوسط. وتباينت الآراء في هذا الشأن بين مؤيد ومعارض، وهو ما أرادت "المساء" تسليط الضوء عليه بولايات برج بوعريريج، وميلة، وسطيف.

بعدما كان حلم التلميذ الحصول على نتائج جيدة في الشهادة واختيار شعبته المفضلة في الطور الثانوي، أصبح، الآن، يبحث في كيفية إقامة حفلة نجاحه دون مراعاة المعدل الذي يتحصل عليه؛ فبمجرد رؤية اسمه في قائمة الناجحين يطلق العنان للأغاني داخل السيارات، واستعمال الألعاب النارية، وإقامة الولائم، وهو ما استاء له بعض المواطنين، الذين أكدوا لـ"المساء" أن هذا التقليد غريب عن المجتمع المحلي، ويجب فيه مراعاة مشاعر التلاميذ؛ سواء الراسبون أو من العائلات المعوزة، فيما رأى البعض الآخر الاحتفالَ تحفيزاً للتلميذ لا غير.

الاحتفال تكريم للجهد المبذول خلال المشوار الدراسي

عدَّ العديد من العائلات بالشرق الجزائري، إقامة الأفراح فرصة للفرح، وتوثيق اللحظات السعيدة. كما إنه تكريم للتضحيات التي قدمها التلاميذ طوال مشوارهم الدراسي بالمرحلة المتوسطية.

وأكدت السيدة آمنة من ولاية سطيف، أنَّ لديها طقوسا خاصة بالاحتفال بنجاح أبنائها في كل المراحل التعليمية، وذلك بتوزيع المشروبات والحلويات التي تكون أعدتها قبل يومين أو ثلاثة من إعلان النتائج. 

أما السيدة هدى من برج بوعريريج، فأكدت أنها تقوم بدعوة الأهل والأقارب للاحتفال معهم في جو عائلي لا يتعدى حدود المنزل.  وأما سيدة أخرى فقالت لما نال ابنها الأول شهادة التعليم المتوسط العام المنصرم، قامت بإطلاق الأهازيج والألعاب النارية في الشوارع؛ وكأنها في مباراة كرة القدم، بالإضافة إلى إقامة مأدبة عشاء، وتوزيع المشروبات على سكان الحي.

التباهي بالنجاح يتحول إلى منافسة

لم يعد التباهي بنجاح الأبناء مجرد احتفال عند البعض، بل أصبح منافسة بين العائلات قبل التلاميذ، حيث أصبحت العائلات تتباهى بنجاح أبنائها بإقامة الحفلات الفخمة، ونشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما ذهبت إليه إحدى السيدات من ولاية ميلة، التي أكدت أن الاحتفال بنيل التلميذ شهادة التعليم المتوسط، شيء مبالغ فيه، خاصة عندما يتم نشر صور الأكلات الغالية، داعية إلى مراعاة مشاعر الذين لا يستطيعون إقامة مثل هذه الولائم. 

أما سيدة أخرى فأكدت أن "هذه الأمور لم تكن معروفة عند عائلاتنا الجزائرية. وهي نوع من أنواع التبذير، وتقليد لا غير. ويجب أن لا نتبعه"، فيما أكد أحد الأولياء أنه يقوم بهذه الأمور ليس للتباهي، ولكن نزولا عند رغبة الأم وأبنائها.

خياطة ألبسة التخرج تنتعش في نهاية السنة

ولعل الأمر الذي لم يكن موجودا في السابق وكان يقتصر فقط على خريجي الجامعات عند نيل شهادة ما، فأصبح الآن حاجة ملحّة لا بد منها، هو لباس التخرج، ما جعل خياطة هذه الأنواع من الألبسة تنتعش مع نهاية السنة الدراسية، حيث أكدت إحدى الخياطات أنها تقوم بخياطة هذه الألبسة بمختلف الأنواع والألوان، سواء بطلب من الأولياء، أو من أصحاب المحلات التجارية، الذين يستغلون المناسبة سواء لبيعها، أو تأجيرها بأسعار تعود بالفائدة عليه. 

وأكدت السيدة ليلى أنها، نظرا لإمكانياتها المحدودة، تقوم بتأجير هذا اللباس لأبنائها، لارتدائه كأقرانهم في المؤسسة. أما سيدة أخرى فأكدت أنها تفضّل شراءه، والاحتفاظ به كذكرى لنجاح أبنائها، فيما قالت لنا الحاجة صليحة، إن هذه الأمور لم تكن موجودة في الماضي. والاحتفال بنيل الشهادة كان على قدر من البساطة، أحسن مما هو اليوم.

وبين هذا وذاك يبقى للعائلة الجزائرية طريقة في الاحتفال بنيل ابنها أو ابنتها شهادة التعليم الابتدائي، أو المتوسط، أو حتى البكالوريا.