الأرطفوني مسعود حويشي لـ "المساء":

"هذه هي مهارات التواصل غير اللفظي واللفظي عند أطفال التوحد"

"هذه هي مهارات التواصل غير اللفظي واللفظي عند أطفال التوحد"
مهارات التواصل غير اللفظي واللفظي عند أطفال التوحد
  • القراءات: 14041
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

تطرق الأخصائي الأرطوفوني مسعود حويشي لآلية التواصل عند الطفل المصاب باضطراب طيف التوحد، على مدونته الإلكترونية. وحيالها صرح لـ "المساء" بأن هذا الطفل يتميز باختلال واضح في التواصل مع الغير، بحيث يُعد هذا العرَض عاملا أساسيا في تشخيص الحالة؛ فهو يمس التواصل بشكليه اللفظي وغير اللفظي. وأوضح أن التواصل البصري يُعد  مهارة وعاملا قويا في إرسال رسائل غير لفظية مثل التعبير عن العواطف، مضيفا أن أنماط التواصل اللفظي تتمثل في النمط البصري والسمعي والنمط الحسي.

أشار الأرطفوني حويشي في معرض حديثه، إلى أن التواصل هو عملية إنتاج ونقل وتبادل المعلومات والمشاعر والأفكار والآراء من شخص آخر؛ بغية التأثير فيه وإحداث استجابة. ويكون هذا عن طريق وسيلة معينة، مضيفا أن مراحل عملية التواصل تتمثل في:  "مرحلة إدراك الرسالة: يتخذ المرسل أو المصدر في هذه المرحلة، قراره إرسال الرسالة التواصلية التي تنتج عن فكرة أو مشاعر أو مؤثر يدفعه إلى إرسال رسالته إلى المستقبل. ومرحلة الترميز، وهي مرحلة تحويل المعاني إلى رموز لغوية. وهنا يقوم المصدر بصياغة أو تحويل أفكاره أو مشاعره أو نواياه، إلى رسالة تواصلية، وتكون على شكل رموز لفظية (منطوقة أومكتوبة) أو غير لفظية (إشارات وحركات). ويعتمد نجاح الرسالة على مدى اختيار الرموز المناسبة للمستقبل والموقف التواصلي الاجتماعي".

ثم تطرق المختص لمرحلة اختيار وسيلة أو قناة التواصل، وهي عملية اختيار الوسيلة أو الوسائل التي تناسب طبيعة الرسالة وطبيعة الجمهور المستهدف، فقد يختار المرسل وسيلة واحدة أو عدة وسائل منها: سمعية، أو بصرية، أو سمعية بصرية. ويُعد اختيار الوسيلة المناسبة واختيار أكثر من قناة لنقل الرسالة، من العوامل المهمة لنجاح التواصل، ثم تأتي المرحلة الرابعة، وهي مرحلة الاستجابة أو ردود الفعل على الرسالة؛ أي الاستجابة التي تعني مدى قبول أو رفض الرسالة من قبل المستقبل، ثم مرحلة فك الرموز، وهي مرحلة تحويل الرموز التواصلية الجديدة (الاستجابة) إلى معان.

أنواع التواصل

يصنف المختص التواصل إلى تواصل لفظي وتواصل غير لفظي. والتواصل اللفظي ينحصر في الألفاظ التي ينطق بها الفرد مخاطبا غيره من الأشخاص. أما التواصل غير اللفظي فيتم بالعديد من الوسائل منها تعبيرات الوجه والإيماءات.

التواصل غير اللفظي

التواصل غير اللفظي، حسب المتحدث، هو مجموعة من الأساليب أو الوسائط غير اللفظية من إشارات ورموز وصور وإيماءات وتعبيرات الوجه، وحركات الجسم، والتي تساعد جميعها على التعبير أو على تلقي أو سماع المعلومة بمستوياتها المختلفة، مدعومة باستخدام قواعد اللغة والكلام كتنظيم فكري لعملية التواصل، موضحا أن الدراسات أشارت إلى أن الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد، يفشلون في تطوير اللغة الكلامية، وقد يعتمدون على وسائل غير لفظية للتواصل.

مهارات التواصل غير اللفظي

التواصل البصري: مهارة التواصل البصري عامل قوي في إرسال رسائل غير لفظية؛ مثل التعبير عن العواطف الإيجابية؛ كعواطف الحب والإعجاب، أو التعبير عن العواطف السلبية كعواطف الحزن والغضب. وتتحدد وظائف هذه المهارة في الحصول على المعلومات، حول ردود فعل الشخص الآخر، والكشف عن طبيعة الانتباه المشترك، وتنظيم أخذ الدور والمبادرة للتفاعل وإنهائه، وتعلم التقليد. ولا يقتصر استخدام التواصل البصري فقط، حسب المختص، على هذه التفاعلات، بل غالبا ما يؤدي إلى عدة رسائل غير لفظية أخرى؛ حيث إن الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد الصغار، تواصلهم البصري أقل من نظرائهم العاديين أو المعاقين عقليا، حيث تقدر المدة الزمنية لتواصلهم البصري بثلاث ثوان.

الانتباه المشترك والمشاركة

يقول الأخصائي حويشي: "يُعد الانتباه المشترك مهارة اجتماعية تواصلية تظهر مبكرا؛ حيث يقوم شخصان (عادة طفل وشخص بالغ) باستخدام الإيماءات والنظرات لمشاركة الانتباه إلى أحداث وأشياء ممتعة أو جذابة. وتلعب هذه المهارة دورا محوريا في التطور اللغوي والاجتماعي للطفل، يتضح ذلك إذا ما علمنا أن تعلم اللغة يتم أثناء تفاعلات الانتباه المشترك بين الطفل والآخرين.التقليد أحد الأشكال الرئيسة للاتصال الإنساني، والطفل لا يتعلم التقليد، بل هو غريزة فطرية عنده، حيث يبدأ التقليد مبكرا ليكون بذلك وسيلة غير لفظية في اكتساب الكثير من المعلومات من البيئة المحيطة به، والتي تساعد الطفل على تشكيل سلوكه.

يبدأ الطفل في النصف الثاني من السنة الأولى من عمره، تقليد أفعال الآخرين؛ من خلال ملاحظته لهم. وقد اعتبر "بياجيه" أن التقليد مرتبط بالذكاء. ويوضح المختص: "من الأبحاث ما تناولت العلاقة بين مهارة التقليد واضطراب التوحد. وأول من راجع هذه المهارة  (Rogers et Pennigton) سنة 1991، وذلك من خلال سبع دراسات قاما بها، أسفرت عن وجود دليل قوي للعلاقة بين اضطراب التوحد ومهارة تقليد أبسط الحركات؛ إذ قالا بوجود قصور بيولوجي عصبي يؤدي إلى الحد من استعداد الطفل، ليشكل وينسق التصورات والتخيلات الاجتماعية له وللآخرين.

والتقليد عند أطفال ذوي اضطراب التوحد يمر بثلاث مستويات، وهي: تلقائية استخدام الشيء، والتقليد الحركي للهدف،  والتقليد الجسمي.

استخدام الإشارة

إن استخدام الإشارة في تعليم الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد أو ضعاف السمع، يُعد أحد القضايا المهمة؛ فقد عمل "غريدنس" (Greedness)مع ثلاثين طفلا مصابين باضطراب طيف التوحد في أمريكا، ووجد أن تعليم الإيماءات والإشارات هو أحد نماذج التواصل والتقدم اللغوي. ومن دوافع استخدام الإشارة مع أطفال طيف التوحد، أنها "تُعد كنظام بديل في حال ما فشل النطق والكلام في النمو والتطور، وهو  نظام للمساعدة على نمو اللغة والكلام عند الطفل من أجل تسهيل اللغة".

فهم الإيماءات وتعبيرات الوجه 

الأطفال المصابون باضطراب طيف التوحد نادرا ما يستعملون الإيماء للتعويض به عن النقص الكائن في تطورهم اللغوي؛ حيث يتأخر لديهم تطور هذه المهارة بصورة ملحوظة، ويصعب على الطفل المصاب باضطراب طيف التوحد، استخدام الإيماءات في التواصل مع الآخرين؛ فمثلا: لا يرفع الطفل يده ليعرف الوالدان أنه يريد أن يحملاه. كما يجد أطفال هذه الشريحة صعوبات في التعبير عن انفعالاتهم أو الاستجابة لانفعالات الآخرين؛ مثل: السعادة والحزن والبكاء... وإن كانت موجودة لديهم فهي تصدر في أوقات غير مناسبة، مثل الضحك والبكاء فجائيا مع أن الموقف لا يتطلب ذلك وبدون سبب.

الاستجابة للأوامر

نادرا ما يستجيب الأطفال المصابون باضطراب طيف التوحد عندما يحاول شخص بالغ جذب انتباههم؛ يعني ذلك أنهم قلما يردون عندما ينادَى عليهم بأسمائهم، وقلما يبادلون البسمة أو التحية بمثلها، وقلما يقومون أو يفعلون شيئا لرد الآخر. وتتحسن الاستجابة لدى معظم الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد، مع تطورهم الإدراكي، لا سيما إن خضعوا لبرامج تدخل مناسبة.

التواصل اللفظي

هو الرموز اللفظية التي تُستخدم كنوع من التفاعل بين الأفراد أو جماعة من الناس، كما يعرف على أنه الإجراء الذي يتم فيه تبادل اللغة المنطوقة بين أطراف الاتصال؛ إذ يتم التواصل اللغوي عبر وحدات فونيمية ومقطعية مورفيمية ومعجمية وتركيبية؛ أي أن هناك أصواتا ومقاطع وكلمات.

ويرتكز النموذج اللغوي على نسق من الوحدات، هي:  وحدات الصوت: (الفونيم) أي المخزونات الصوتية، ووحدات المقطع (المورفيم) التي هي نسق من الوحدات الصوتية والإعرابية، ووحدات المعجم: هي نسق من المقاطع المكونة للكلمات، ووحدات التركيب: وهي نسق من الكلمات المكونة للجملة. أما أنماط التواصل اللفظي فهي النمط البصري والنمط السمع والنمط الحسي.

مظاهر اضطراب التواصل عند المصاب بطيف التوحد

اضطرابات اللغة: معظم الأطفال المصابين بالتوحد يتكلمون بكلمات ليس لها محتوى وفي غير السياق، أو على شكل مصاداة، تقسم إلى مصاداة فورية، وهي تكرار الكلام بشكل فوري، أو مصاداة متأخرة.

اضطرابات الصوت: ويقصد بذلك الاضطرابات اللغوية المتعلقة بدرجة الصوت من حيث شدته أو ارتفاعه أو انخفاضه أو نوعيته. وتظهر آثار مثل هذه الاضطرابات اللغوية في الاتصال الاجتماعي بالآخرين.

اضطرابات النطق واضطرابات الطلاقة

يعاني الأطفال المصابون بالتوحد من صعوبة التحكم في استخدام اللغة بهدف التواصل مع الآخرين، والتي يتم التعبير عنها حركياً وصوتياً ولفظياً. وبما أن الطفل المصاب بالتوحد لديه قصور في التعبير اللفظي وعدم القدرة على التواصل مع المحيطين به، فمن هنا كان الهدف الأساس هو الوصول إلى طريقة أو وسيلة بسيطة وسهلة لتنمية التواصل عند أطفال التوحد للتعبير عن احتياجاتهم ومشاعرهم ومتطلباتهم ورغباتهم، مما يسهل لهم إقامة علاقات اجتماعية مع الآخرين، وهذا يساعد في عملية الدمج في البيئة المحيطة، مثل المدرسة أو البيت أو المجتمع الذي يعيش فيه.

أدوات التواصل البديلة

وفي ما يخص البرامج العلاجية أشار مسعود حويشي إلى (برنامج بكس) كمثال، وهو نظام تواصلي يعتمد على مبادلة الصورة بشكل رئيس للتعبير عن الحاجات الأساسية والتواصل مع الآخرين. طور هذا البرنامج كل من أندي بوندي ولوري فروست عام 1994. ويُعد طريقة تواصل بديلة للمصابين بالتوحد، خصوصا غير اللفظيين.

وأشار المختص حويشي إلى أن من المهم جدا العمل على تطوير قدرات الطفل التواصلية، بالاعتماد على البرامج التي تخدم هذا الجانب (تيتش، aba، بادوفان، 3i) لتطوير مهاراته اللغوية. وفي الحالات غير اللفظية ومع تقدم السن تكون وسائل التواصل البديلة حتمية من أجل فهم الطفل وإنتاجيته من خلال الطلب.