ظاهرة خطيرة برزت بقوة بعد جائحة كورونا

نشر فاضح للمشاكل الزوجية على منصات التواصل

نشر فاضح للمشاكل الزوجية على منصات التواصل
  • 158
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

برزت في السنوات الأخيرة ظاهرة غريبة في المجتمع وصفها المختصون بـ"السلبية" و"الخطيرة" على الترابط الأسري، وهي عرض مختلف المشاكل الزوجية على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا "فايسبوك"، حيث تخصصت بعض الصفحات التي لديها ملايين المتابعين، من رجال ونساء، في عرض مواضيع تتعلق بالحياة العائلية والزوجية، فاتحة المجال للمتتبعين، لنشر قصصهم الخاصة، التي وصلت درجة تخريب البيوت وتفكيك الأسر بالنظر لتدخل عدة أطراف فيها.

"ظاهرة أكثر من خطيرة"، هذا ما أشارت إليه جميلة فرنان، مختصة اجتماعية، وخبيرة بالشؤون العائلية، التي أكدت أن محتوى هذا النوع من الصفحات كان في مرحلة ما سطحيا، تقدم فيها بعض النصائح للنساء وما إلى ذلك، لتتحول فيما بعد إلى ساحة لعرض المشاكل العائلية خصوصا الزوجية، حتى الأكثر خصوصية، مشيرة إلى أنها "ظاهرة أكثر من خطيرة وتهدد التماسك الأسري"، حيث قالت: "إن عرض مشكل عائلي، رغم خصوصيته على من هب ودب يزيد من تعقيده، لاسيما وأن كل واحد من المتتبعين يبدي رأيه في ذلك وغالبا ما يكون نوع تلك النصائح المقدمة سلبيا يقدم باندفاع، رغم أنه دائما ما تكون رواية القصة من طرف واحد وليس للعامة كل تفاصيل الحياة الزوجية ما يهدد بتفككها بسبب ذلك".

وحذرت المختصة من نشر ما يدور خلف الجدران المغلقة لبيت الزوجية، من تفاصيل خاصة بعائلة على فضاء مواقع التواصل الاجتماعي، واستخدامه كأداة لتلقي النصائح من الأجانب، او سماع ما يطيب القلب أو يريح البال. وبرزت هذه الظاهرة، حسب جميلة فرنان، خلال الحجر المنزلي، في فترة تفشي فيروس كوفيد- 19، حيث قضى الغالبية وقتهم في تلك المواقع ما دفع بالبعض إلى إيجاد بدائل لتمضية وقت الفراغ، بعدما زاد إلى جانب الخوف من الإصابة بالفيروس، من التوترات، وتفاقمت المعايير والأدوار والمسؤوليات لكل من الرجل والمرأة.

وأضافت المختصة الاجتماعية أن انغماس البعض في وسائل التواصل، بعدما وجدوا فيها فضاء حرا يختلف عن الواقع، ما جعل تلك الظواهر تبرز في محاولة لكسر "الطابوهات"، وجعل من كل المواضيع وحتى أكثرها حميمية طبيعية، ويمكن للجميع مناقشتها رغم عدم تخصصهم في المجال، بل في اعتقاد البعض أن التجربة كافية لتحليل وضعية زوجية لا يدرك الفرد كل تفاصيلها، مؤكدة أن 99 بالمائة من العارضين للمشكل ليسوا موضوعيين ومنصفين في توصيف المشكلة، واشارت المختصة إلى أن معظم الخلافات يتحملها الطرفان، وليس فقط الطرف الغائب، وهذا حتى ينحاز العامة للطرف الراوي ويتفاعل ضد الغائب.

واعتبرت الخبيرة أن الحديث عن المشاكل الشخصية، سواء أسرية متعلقة بالأب، أو الام، أو الأخ، أو أحد الزوجين، ونقلها إلى فضاء مواقع التواصل الاجتماعي ونشرها للناس، وفتح باب التدخل، ظاهرة سلبية عامة، مردفة بالقول: "في عاداتنا حل الخلافات كان ضمن دائرة ضيقة من الأقرباء والأصدقاء، وهذا بمحاولة إعادة الجمع بين الزوجين وإصلاح الوضع رغم درجة صعوبة الوضعية، وليس النصح بالطلاق، كما يظهر عبر تعاليق تلك الصفحات".

وعن حقيقة تلك المنشورات قالت جميلة فرنان: "أكثرها لنساء يحاولن إخراج ما بداخلهن كنوع من التنفيس الانفعالي رغم أنه غير مجد، وهذا في ظل غياب ثقافة العلاج النفسي، أو الاجتماعي أو حتى الزوجي في الجزائر"، مضيفة أن هذا السلوك قد تجده أيضا عند رجال ينشرون بعض تفاصيل حياتهم الزوجية وكأنهم بصدد البحث عن حلول لذلك.