بفضل العروض الحصرية والآنية لأحدث الأفلام
نشاط قاعات السينما ينتعش

- 873

عادت من جديد ثقافة التوجه إلى قاعات السينما، وسط مختلف فئات المجتمع، بشكل مثير للاهتمام، وهي ثقافة تعكس مدى اهتمام الجزائريين بالفن السابع، إذ أصبح للبعض دراية عميقة بالإنتاج السينمائي، لدرجة المتابعة وعن قرب، أحدث الأفلام والأعمال السينمائية، التي تُخصَّص لها اليوم برامج عديدة وكاملة، للكشف عن جانب من كواليسها، ومملثيها، مع متابعة مسابقات وحفلات توزيع جوائز أحسن الممثلين والمخرجين وتميزهم في جانب من التمثيل، على غرار جوائر "الأوسكار"، "الإيمي"، "الجرامي"، "غولدن غلوب" و«توني"، تثمينا لدرجات التألق في هذا العالم، الذي استقطب أكبر شركات الإنتاج المستثمرة في المجال.
وقد ساهم عرض أحدث الأفلام في قاعات السينما بالجزائر، قبل سنوات، في نشر ثقافة التوافد على صالات العرض، التي أعيد تهيئة الكثير منها، بعدما أغلقت أبوابها خلال العشرية السوداء، حيث كانت تشهد الجزائر، قبل تلك الآونة، خاصة العاصمة، انتشار عدد معتبر من القاعات، وصل إلى حوالي 450 قاعة، كانت تبث فيها الكثير من الإنتاجات الجزائرية، ذات نوعية ممتازة، خاصة الفكاهية منها، راسمة بذلك زمنا جميلا لعشاق الأفلام في تلك الحقبة، إلا أن السنوات الأخيرة عرفت إعادة فتح عدد قليل، بعد تهيئتها، حيث تشهد توافد كبيرا من طرف الباحثين عن تجربة المشاهدة الممتعة في شاشة ضخمة، وبمؤثرات سمعية وبصرية تحبس الأنفاس وتثير مشاعر المشاهدة الممتعة.
في جولة قادت "المساء"، إلى عدد من قاعات السينما الأكثر نشاطا بالعاصمة، اقتربت من بعض المواطنين الذين اصطفوا منذ الساعات الأولى من الصباح، في انتظار أول عرض لليوم، إذ أجمع هؤلاء على أن التوافد على قاعات السينما أصبح اليوم، جزءا لا يتجزأ من حياتهم الاجتماعية، ومن روتينهم الترفيهي، حيث يتابعون عن كثب، برامج الأفلام المعروضة في قاعات السينما، لاختيار نوع الأفلام، حسب تفضيلاتهم للأصناف، رسوم متحركة، أفلام عائلية "كارتون"، دراما، أكشن، فكاهة وغيرها، وفق الفئات المجتمعية، والشرائح العمرية.
وأوضح بعضهم لـ«المساء"، أن ثقافة الإقبال على السينما، كنشاط اجتماعي مسلٍّ، أصبح رائجا بفضل "الجديد" في الأفلام التي تعرض في تلك القاعات، وتواكب بصفة آنية ما يتم عرضه في قاعات السينما حول العالم، ففور إنتاج فيلم جديد، وعرضه في "البوكس افيس"، أو ما يسمى بتصنيف شباك التذاكر، ويتم تصنيف الأفلام الجديدة، وتقييم أحسنها وفق الجوائز التي اكتسبتها، تعرض حصريا في قاعات السينما، قبل أن تعرض كعرض أول في شاشات التلفزيون، وهذا ما يجعل عشاق "الفن السابع"، يسارعون لمشاهدتها، خاصة وأن البعض يدفعهم شوق المواسم السابقة لمعرفة جديد تلك الأفلام.
حول هذا الموضوع، حدث وسام راجح، مدير إحدى قاعات السينما بالعاصمة، "المساء" قائلا: "نشهد اليوم حركة أكبر داخل قاعات السينما، وبنوعية أحسن"، مشيرا إلى أن استعماله لهذه العبارة راجع إلى اعتقاده بأن أكثر الوافدين على قاعات العرض اليوم، لهم ثقافة أحسن تجاه هذا الفن، ولا يبحثون عن مكان للتسلية أو الجلوس، وإنما هم من متابعي السينما والراغبين في مشاهدة العروض الأولى لأحدث الأفلام، موضحا أنه، على غرار المسرح والأوبرا وغيرها، تعد السينما جزءا من الثقافة المجتمعية.
وأضاف أن انتشار تلك الثقافة في السنوات الأخيرة، انعكس أيضا على الأفلام "جزائرية الصنع"، التي تنافس أكبر الصناعات السينمائية في صالات العرض، وهوما زاد من حب الجمهور لمشاهدة تلك الأفلام في السينما، موضحا أن البعض لا يمكنه انتظار وصول تلك الأفلام، إلى مواقع المشاهدة، أو في القنوات التلفزيونية، التي لا يتم أحيانا عرض البعض منها إلا بعد خمس أو ست سنوات، كما أن بعض القنوات كـ«اليوتوب"، أصبحت أكثر صرامة في عرض الكثير من تلك الأفلام، بل يحفظ صناعها حقوق العرض والتوزيع، ولا يتم عرضها إلا بطريقة "شرعية"، عند الدفع مقابل تلك الحقوق.
وأاشار إلى أن القائمين على صالات العرض من وزارة الثقافة، يسهرون بصورة جدية على نشر تلك الثقافة ودعمها وجعلها جزءا من رفاهية المجتمع الجزائري، ويظهر ذلك من خلال العروض الحصرية، وتنظيم البرامج شهريا، والتنويع في أصناف الأفلام المعرضة، لخدمة جميع الأذواق، إلى جانب تسقيف سعر التذاكر التي تتراوح بين 400 و1500 دينار جزائري للتذكرة.
وأوضح أنه وبفضل مواقع التواصل الاجتماعي، يتم نشر برامج تلك القاعات، التي تعمل أحيانا بصيغة "العرض العشوائي" للأفلام بين مختلف القاعات، في حين أحيانا يتم عرض نفس الفيلم في مختلف الصالات في وقت واحد، بين أكثر القاعات نشاطا، على غرار "ابن زيدون" و«ابن خلدون" و«كوسموس"، بالعاصمة، إلى جانب قاعة "سيني غولد" بوهران، و«احمد باي" بقسنطينة، حيث يتم عرض برنامج الأسبوع مسبقا. علما أنه يمكن أن يتغير وفق العطل المدرسية، تماشيا مع رغبات العائلات، لجعلها من الأنشطة التي يمكن ممارستها خلال تلك العطل.