كائنات حية تمنح المكان دفـئا خاصا
نباتات الزينة في البيوت الجزائرية.. جمال وحياة

- 251

في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة، وتزداد الضغوط اليومية، يبحث الإنسان عن متنفس يضفي على أجواء بيته شيئًا من الراحة والسكينة. ومن بين الوسائل الطبيعية التي تحقق هذا الهدف، نباتات الزينة التي تربعت على عرش الجمال والانتعاش داخل البيوت، كونها كائنات حية تمنح المكان دفئًا وحيوية خاصة، فخلال تجول "المساء"، بالمشاتل المترامية هنا وهناك في مزارع بلدية بوفاريك بولاية البليدة، شد انتباهنا الإقبال الكبير للعائلات عليها، لاسيما السيدات اللواتي يخرجن منها، محملات بأنواع مختلفة من نباتات الزينة، بعد أن عرفن طرق المحافظة عليها وسقيها لتعيش أطول مدة ممكنة.
لا يختلف اثنان، حول أهمية نباتات الزينة، إذ تتنوع فوائده بين الجمالية والصحية والنفسية، كونها تعمل على تنقية الهواء من السموم والملوثات، مما ينعكس إيجابًا على صحة الأسرة، رفع مستوى الراحة النفسية وتقليل التوتر بفضل تأثير اللون الأخضر، بمختلف تدرجاته الغامق والداكن والمهدئ للأعصاب، إذ تعمل على تحسين الإنتاجية والتركيز، حسبما أكده الخبراء والمختصون، حيث أثبتت الدراسات أن وجود النباتات في مكان العمل أو الدراسة، يرفع من كفاءة الأداء، بالإضافة إلى الجمال البصري الذي يضفي لمسة طبيعية على الديكور الداخلي، فيحول البيت إلى واحة صغيرة وسط الطبيعة الغناء، حيث تتناغم الألوان والتصاميم التي أبدع فيها الخالق في إعطاء الراحة النفسية والهدوء للمشاهد.
نباتات الزينة تخطف الأنفاس
لاحظت "المساء"، خلال تواجدها بالمشاتل الكثيرة والمكتنزة بمختلف أنواع نباتات الزينة زاهية الألوان والأشكال، الأرضية والمتسلقة، بمدينة بوفاريك، والشبلي وحتى تسالة المرجة، حيث عرضت أشكالا مختلفة منها، على غرار نبات الحاشية، بأنواعه المختلفة "محمود، المنيقشة، العطرشة، النخيل الصغير، نبات البارا، اللواي، العذراء، خديوجة"، الورد بألوانه المختلفة المسكية والمتسلقة، حيث أشار محمد نجيب، صاحب مشتلة ببوفاريك، إلى أن هناك إقبال قوي من طرف ربات البيوت على نبات الزينة، على غرار النباتات الورقية، مثل "البوتس" و"الفيكس" و"الحاشية المعلقة"، كونها تمنح خضرة دائمة، وكذا النباتات المزهرة، مثل "الأنثوريوم"، أو نبات "محمود"، كما هو معروف عند البعض، و"لمنيقشة" وكذا "البنفسج الأفريقي"، التي تجمع بين الجمال والرائحة العطرة. وكذا الصباريات بأشكالها المختلفة الكبيرة والصغيرة والمتوسطة، و"الألوفيرا"، التي تمتاز بقدرتها على التكيف مع قلة الماء وسهولة الاعتناء بها.
وأضاف المتحدث، أن من أكثر النباتات طلبا، الأصناف المتسلقة: كـ"اللبلاب" و"الياسمين"، الفل، و"مسك الليل"، التي تضفي لمسة من الرومانسية والظل الأخضر في البيوت، وفي قاعات الجلوس والشرفات، علاوة على رائحتها الزكية.
أسعار في المتناول دافع قوي لتزيين البيوت
تختلف أسعار نبتات الزينة بين 150 دينار و1500 دينار، وهي الأسعار التي تنطلق منها النباتات الخفيفة والموسمية، مثل القرنفل بألوانه المختلفة، وكذا "الحبق"، النعناع و«الزعتر"، التي تفضل الكثير من السيدات وجودها في البيت، سواء لاستنشاق روائحها العطرة أو لاستعمالها في الطبخ، مثل "الحبق" و"الزعتر"، أو لإضفاء نكهة ساحرة على إبريق الشاي المعبق بالنعناع.
في حين بلغ سعر نبات "اللواي" المحبوب جدا، والذي يجد طريقه لكل البيوت، 1500 دينار للأصيص الكبير، و350 دينار للمتوسط و250 دينار للأصيص الصغير، ليجد بهذا الزبائن متطلباتهم، وفق ما تحمله جيوبهم. تربعت أيضا الصباريات بأنواعها وأحجامها وأشكالها المختلفة، التي تعدت 20 نوعا في المكان الواحد، واختلفت أسعارها بين 250 دينار و900 دينار للأصيص بنوعين، و1500 دينار للأصيص الفخاري، الذي يحمل تلاث أنواع مخصصة لتزين المطابخ.
نباتات تعشقها النسوة
أكدت السيدة زهية، خمسينية، كانت بصدد البحث عن نبتة المريمية، أن البيت الذي يحتضن نباتات خضراء ليس فضاء جميل للعين فحسب، بل هو مصدر طبيعي للصحة والراحة. مردفة بالقول: "المرأة التي تحيط نفسها بالنباتات الطبية في بيتها، تمنح جسدها وعقلها توازناً يومياً، وتستفيد من فوائدها العلاجية والجمالية، وشخصيا أحرص على الاستفادة من مزايا النبات العلاجية والجمالية، بحيث يوجد في بيتي نبات الصبار، الذي آخذ منه ورقة كل شهر لاستعمال ماسك الوجه، من جال الصبارة الطبيعي، وهو غني بالكولاجين النباتي، كما أستعمل أنواعا أخرى، كمنقوع أو مغلى للعلاج".
أوضح وحيد، صاحب مشتلة، أن هناك أنواع من النباتات مطلوبة بقوة من طرف السيدات، نظرا لخدماتهن الصحية والجمالية، مضيفا: "هناك البردقوش صديقها الهرموني، وأيضا يعد نبات الصبار أو الألوفيرا الرفيق الوفي للمرأة، ويأتي في المقام الأول، لمتطلباتها، فهو مساهم قوي في العناية بالبشرة والشعر، كما أن هلامه يرطب الوجه ويكافح التجاعيد ويعطي إشراقة للوجه، ويعالج الحروق البسيطة".وأضاف أيضا: "شخصيا، أحرص على غراسة الكثير من النعناع، وعرضه بسعر جد مقبول 150دينار للأصيص، نظرا للطلب الكبير عليه من الجنسين، وهو في المتناول، إلا أنه محبوب السيدات، لاسيما أن أوراقه العطرة المنعشة تُحارب الصداع، ويمكن استخدامه لتهدئة الأعصاب وإنزال الضغط، كما أنه يخفف آلام الدورة الشهرية، لهذا تحرص الكثير من السيدات على وجوده بشرفة البيت، لتقطف منه المطلوب وقت الحاجة".
ومن النبات التي تحبها النساء أيضا؛ الريحان، يقول المتحدث: "فرائحته الزكية تضفي على البيت سعادة خاصة، كما أنه يساعد على الهضم ويقوي المناعة، ويبعث على الراحة النفسية، إلى جانب الخزامى بزهوره البنفسجية، التي تمنح الهدوء، وتساعد على النوم العميق والتخلص من القلق. كما نجد إكليل الجبل، الذي يقوي الذاكرة وينشط الدورة الدموية، ويمكن استخدامه في الطهي في الصلصات أو حشو الدجاج، لإضفاء نكهة صحية، كما تستعمله بعض السيدات منقوعا لإنقاص الوزن".
هكذا يتم الاعتناء بنباتات الزينة
أوضح وحيد، أن زراعة النباتات في البيت، ليست فقط خطوة نحو جمال المكان، بل هي استثمار في صحة أهل البيت وراحتهم النفسية، حيث تتحول كل زاوية خضراء إلى صيدلية طبيعية، تبعث على الطمأنينة، وتعكس مدى الحيوية والإقبال على الحياة بشغف، وقال: "هي الصديقة الصامتة التي تمنحنا الطاقة الإيجابية، وتعلمنا الصبر والاعتناء بالتفاصيل الصغيرة في الحياة".
الخضرة في البيوت علاج نفسي وجسدي لكل الأمراض
أضاف المتحدث: "هناك طرق خاصة للاعتناء بنباتات الزينة، فالنباتات تحتاج إلى ضوء غير مباشر، لذا يفضل وضعها قرب النوافذ، والاعتدال في ريها، لاسيما أن الإفراط في الماء يضر بالنبات، مثلما يضره الجفاف، لهذا لابد أن يسأل الشخص جيدا عن طرق المحافظة على النبات، لدى اقتنائه، ويعرف كل التفاصيل الخاصة به، من أجل ضمان العناية الجيدة به، ومنه يعيش النبات طويلا، والاستمتاع بجماله ووجوده وأزهاره"، كما يجب، حسب المتحدث، أن تكون التربة جيدة، مع ضمان التهوية، ومراقبتها من الحشرات التي قد تكون موجودة في التراب أو من المحيط، فتتلفها.
تربية النبات فن قائم بذاته
أشارت السيدة مريم، البالغة من العمر 45 سنة، من مدينة البليدة، أن عشق الورود موروث لدى عائلتها، التي تمتلك فيلا بها حديقة كبيرة، تنوعت بمختلف أنواع أشجار متيجة، وأخرى من الأشجار العالمية، على غرار شجرة الليمون القزمي، الفل ومسك الليل اللذان يضفيان جمالا وعبقا من العطور المتناغمة على البيت، مشيرة إلى أن تنسيق نباتات الزينة داخل المنزل وظيفة المرأة، لأنها أكثر من يجلس في البيت، ويحسن العناية بهذه الكائنات الجميلة لاحقا، تقول: "تربية النبات فن له قواعد، وشخصيا تعلمتها من ابتني المهندسة الزراعية، التي ورثت هذا الحب من جدتها، فهناك قواعد لابد من اتباعها لتحويل البيت إلى واحة خضراء، تبعث الراحة والجمال. إذ يستوجب اختيار النباتات المناسبة، فالأماكن المضيئة تحتضن نبات "البوتس"، "الفيكاس"، و«الأوركيد"، فنبات "لسان العجوزة" يفضل تواجده بالأماكن قليلة الإضاءة، أما النوافذ والشرفات، فمناسبة للصبار، "الألوفيرا"، "الجيرانيوم" أو نبات "البارا" بألوانه المختلفة والمحبوبة.
فن تزيين البيوت
أوضح صاحب مشتلة بالشبلي، أن حسن اختيار الزوايا والأماكن مهم جدا، يقول؛ لابد أن تراعي ربة البيت وضع كل نبات في المكان اللائق به، إذ يمكن وضع النباتات الكبيرة، كالنخيل الصغير، في زوايا الغرف. في حين يمكن استعمال النباتات المعلقة، كاللبلاب، في الشرفات أو بجانب النوافذ، كما يمكن تخصيص أرفق في الشرفات لتجميع عدة أصص صغيرة بشكل متناسق ومتناغم. يضيف: "اختيار الأحواض والأصص أمر في غاية الأهمية، إذ لابد من معرفة خاصية كل نوع، فالأحواض الفخارية تحتفظ بالرطوبة وتناسب النباتات التي تحب الماء. أما الأحواض البلاستيكية فهي خفيفة وسهلة النقل".
النباتات المنزلية صيدلية في المتناول
أشار المتحدث، إلى أهمية المزج بين النباتات الخضراء، والأخرى المزهرة، لإضفاء البهجة في البيت، ولراحة العين. يقول "من المستحسن وضع نبات مزهر وسط مجموعة من النباتات الخضراء، مع ضرورة العناية اليومية بالنبات، فهناك أنواع تحب النظافة، إذ يستوجب الأمر مسح الأوراق من الغبار، لتتنفس جيدا، ويفضل مسحها بقطن مغموس في الحليب، مع اتباع الإرشادات في طريقة السقي، حسب الأنواع، فهناك نباتات تحتاج للري من مرة إلى مرتين أسبوعيًا، حسب نوع النبات، كما يستحسن تغيير مكان الأصص بين الفترة والأخرى، لتلقي الضوء بشكل متساو، فالضوء مهم جدا لجمال النبات".