الأقوال والحكم

موروث شعبيّ تخلى عنه جيل اليوم

موروث شعبيّ تخلى عنه جيل اليوم
  • 1930
❊نور الهدى بوطيبة ❊نور الهدى بوطيبة

تحمل تعابيرنا اليومية العديد من الجمل التي صاغها أجدادنا، من خلال عبارات قصيرة تحمل معاني كبيرة في طياتها؛ تعبيرا عن حقائق مستمَدة من وقائع ومواقف استُنبطت من خلال تجارب معاشة. وتتمثل العبارات في حكم وأقوال، منها الشعبية وأخرى عالمية لها مصادر متعددة لحضارات مختلفة، تبدو أنها تصلح لكل الأزمنة وكل الثقافات؛ لكن هل شباب اليوم يدركون بعض تلك الجمل؟ وهل يفهمون معناها؟

سؤال طرحته "المساء" على عدد من الشباب لمعرفة ثقافة جيل اليوم حيال هذا الموروث الشعبي الذي يُعتبر صفوة أقوال الأجيال السابقة وعصارة أفكارها، التي كانت حكيمة في ترك بعض النصائح للأجيال الصاعدة؛ من خلال عبارات تعكس مواقف عاشوها وتنطبق عليها مقولة "سال المجرب وما تسالش الطبيب"؛ فمن جرّب الأمور يكون لديه مخزون واسع من العبر وجامع المعارف، وأثبتت المواقف بعد عقود من الزمن أنها لازالت صالحة للاستشهاد بها في مواقف الجدل ومختلف ضروب الكلام.

بداية، كان لنا حديث مع عدد من الجامعيين الذين أوضحوا أنهم يدركون تماما أهمية تلك الأحكام والأقوال، إلا أنهم لا يستعملونها بحكم جهلهم بمعانيها، لاسيما أن الكثير من تلك التعابير تحمل كلمات شعبية يصعب فهمها، ولم يُبد هؤلاء اهتمامهم الكبير بتعلم تلك الثقافة الشعبية مطلقا.

على صعيد ثان، أشارت صبرينة (ثلاثينية) إلى أنها نشأت وسط عائلة محافظة ومرتبطة بشكل وطيد بالعادات والتقاليد التي تُعدّ الأحكام والأقوال الشعبية جزءا مهمّا منها؛ فهي تعكس قناعة الأجداد، على حدّ تعبيرها، وتثبت مدى حكمتهم في التصرف للتعامل مع موقف معيّن؛ بعد خبرة وتجربة طويلة، الأمر الذي جعلها تحافظ على بعض تلك المقولات، لاسيما الشهيرة التي تساعد في التعامل مع حياتنا اليومية.

من جهته، أبدى الشاب عبد الرحمن اهتمامه الكبير بتلك الثقافة، التي قال إنها تحمل معاني وحكمة الأجداد، إلا أن استعمالها لازال يقتصر على كبار السن فقط، ومن غير المعتاد أن يستعملها الشباب، لاسيما أن البعض يعتبرها حكرا على النساء وكبيرات السن فقط.

وفي هذا الخصوص، أكدت عاصمية مسنّة تقطن بأعالي القصبة، أن الحِكم والأقوال الشعبية باتت تختفي من تعابير شباب اليوم؛ فرغم جمال تلك الكلمات ومعانيها وأهميتها في التعامل مع الحياة اليومية، إلا أن الشباب تخلّوا عنها تماما ولم يعودوا يولونها أيّ اعتبار؛ ظنا منهم أنها خاصة بكبار السن؛ لذا بات البعض إذا ما استعمل إحدى تلك المقولات يلقَّب بـ "العجوزة"؛ وكأنه استعان بتعابير قديمة.

ودعت المتحدثة إلى الحفاظ على هذا الموروث، والبحث فيه بالنسبة لشباب اليوم، خاصة أنها تساعد في فهم الحياة والتعامل مع بعض المواقف، كما تُعد حصيلة تجربة أشخاص حكيمين في التعامل ويفهمون الأشياء.