حرفية الطرز التقليدي مريم محبوب من "تقرت":

مواقع التواصل شجعت على التقليد

مواقع التواصل شجعت على التقليد
يم محبوب، مختصة في الطرز التقليدي من الولاية المنتدبة تقرت رشيدة بلال
  • 2796
 ❊رشيدة بلال ❊رشيدة بلال

في الوقت الذي اتجه فيه عدد من الناشطين في مجال الصناعة التقليدية، إلى استغلال مختلف مواقع التواصل الاجتماعي،  وتحديدا "الفايسبوك" من أجل الترويج لمشغولاتهم اليدوية، في ظل غياب سوق رسمية، يرفض البعض الآخر استغلال التكنولوجيا، نتيجة السرقة التي تطال النماذج التي يجري عرضها بعد إدراج بعض التعديلات عليها، وهو ما أكدته الحرفية مريم محبوب، مختصة في الطرز التقليدي من الولاية المنتدبة  تقرت ، حيث ترى أن المعارض التي يجري تنظيمها في مختلف الولايات، تظل أفضل وسيلة للتواصل مع الجمهور.

لم تعد الصناعة التقليدية، أيا كان نوعها، تقدم على الطريقة التي تم توارثها قديما، ولعل هذا ما يظهر من خلال اللمسات  العصرية التي أدرجت على عدد من القطع المتوارثة، سواء تعلق الأمر بالأواني أو المشغولات الجلدية أو الألبسة، وهو ما أكدته

لـ"المساء" الحرفية مريم المختصة في صناعة اللباس التقليدي بولاية تقرت، بمناسبة مشاركتها مؤخرا في معرض بالعاصمة، حيث ترى أن السبب الذي دفعها إلى إدراج بعض التعديلات لتلبية طلب الزبائن من الذين يرغبون في ارتداء بعض القطع التقليدية، غير أن شكلها التقليدي وارتباطها بفكرة أنها تلبس من  طرف كبار السن،  كالقشابة مثلا فقط، جعلتهم يعزفون عنها، مشيرة إلى أن التعديلات تتعلق فقط بإعطاء القطعة مزيدا من الشبابية، بإدراج بعض التفاصيل كدبغها بالأواني الزاهية.

إدراج التعديلات على الألبسة التقليدية، يعتبر حسب محدثتنا،  نوعا من الإبداع الذي يصعب على الكثيرين بلوغه، ما جعلها ترفض عرض ما تعدّه على مواقع التواصل الاجتماعي، وتؤكد بأن هذه المواقع وعلى الرغم من أنها تلعب دورا كبيرا في تسويق المنتج، غير أنها من جهة أخرى، قتلت روح الإبداع وشجعت على التقليد، تقول "الأمر الذي جعلنا كحرفيين، عندما نلتقي بالمعارض، نكاد لا نشعر بالفرق بين ما نعرضه، لشدة التشابه من حيث الشكل العام"، داعية في السياق، الجهات المعنية ممثلة في غرفة الصناعات التقليدية، الاجتهاد أكثر لحماية الحرفيين، من خلال فتح فضاءات مختلفة للتسويق، تعطي للحرفي فرصة أكبر للاحتكاك بمحبي الصناعة التقليدية".

من بين القطع التقليدية التي أدرجت عليها الحرفية مريم تعديلات، تلبية لرغبة زبائنها "ما يسمى عند سكان الولاية "البخنوق" الذي اشتهرت به المرأة الصحراوية قديما، وهو تشرح "عبارة عن قطعة قماش منسوجة من الصوف، تضعها المرأة على رأسها بعد أن تلبس الملحفة، تشير "بينما كان الرجال قديما يلبسون "القشابة" الوبرية و«القندورة" و«الشاش" الذي يوضع على الرأس".

التغير الذي أدرجته محدثتنا على "البخنوق"، لم يؤثر على شكله، إنما أعطته طولا فقط، إذ تحول ـ حسبها ـ من مجرد قطعة تغطي الرأس إلى "شال" يغطي الرأس والأكتاف، مزين ببعض الرموز  التي تعكس هوية وتراث المنطقة. مشيرة إلى أن التعديلات التي أدرجتها مست بعض القطع الأخرى، منها مثلا؛ "قندورة" الصوف التي تلبسها المرأة في موسم البرد، منسوجة من صوف الغنم الذي تقول "بعد تحويل الصوف إلى خيوط يجري نسجها في شكل قطع قماشية، ومن ثمة تُفصل إلى قندورة مطرزة بمختلف الأشكال والرموز، "مشيرة إلى إدخال بعض اللمسات عليها لتزيينها أكثر، كي تكون هذه القطع حاضرة حتى في الأعراس والمناسبات.

رغم أن سكان ولاية تقرت يتفقون مع بعضهم البعض من حيث الشكل العام للباس، حيث نجد "القندورة" و«القشابة" حاضرة لدى كل العائلات، غير أن خصوصية كل منطقة جعلها تنفرد عن أخرى، من حيث الرموز المستعملة لتزيين الثوب، والغرض من هذا إعطاء طابع مميز لكل منطقة، فمثلا نجد، حسب الحرفية،   سكان منطقة "تماسين" يزينون لباسهم التقليدي برموز تختلف عن سكان منطقة "مسعد" أو منطقة "طيبات"، وأن لسكان منطقة "تقرت" أيضا رموز وأشكال خاصة، هذا التنوع ساهم ـ كما تشير الحرفية ـ "في إثراء الموروث التقليدي في اللباس  بالولاية، الذي نسعى "من خلال تمسكنا بهذه الحرفة، إلى الحفاظ عليه وتمكين الأجيال من التعرف عليه".

حب الحرفية مريم للباس التقليدي وتمسكها به، جعلها تبادر إلى تعليمه لشباب وشابات الولاية الراغبين في التعلم، بعد أن تمكنت من فتح ورشة خاصة باللباس التقليدي في ولاية تقرت، ولم تكتف بهذا فقط، بل راحت تشارك في مختلف المعارض التي يتم تنظيمها من طرف غرفة الحرف على المستوى الوطني، وحتى خارج الوطن، حيث كانت لها مشاركة في كل من إيطاليا وفرنسا. وحسبها، فالحرفي اليوم في ظل ضعف الدعم، ينفق من جيبه للتمسك بحرفيته والتعريف بها. بالمناسبة، تتمنى محدثتنا من القائمين على القطاع، التفكير بصورة جدية في خلق أسواق  تتوفر على كل الضروف، التي تمكن الحرفي من تحويل حرفته إلى مصدر حقيقي لإنعاش السياحة".