رئيس المجلس الوطني لشعبة تربية النحل لـ"المساء":
مشروع الواحات الثلاث لإنتاج العسل واعد ينتظر دعم الدولة

- 1926

يعول محمد مالكي، رئيس المجلس الوطني لشعبة تربية النحل على دعم الدولة من أجل تحويل مشروعه المتمثل في التأسيس لثلاث واحات كبيرة لتربية النحل، بأقصى الصحراء، تتربع على مساحة إجمالية تقدر بـ 90 هكتارا وتضم 1500 نحال والذي يراهن عليه لتحقيق الاكتفاء الذاتي على المستوى الداخلي وتلبية احتياجات السوق الخارجية من العسل الجزائري الذي يعتبر من أجود الأنواع .
وحول واقع تربية النحل بالجزائر و ما يحمله مشروع الواحات الثلاث من امتيازات تحدث محمد مالكي مؤخرا عن جملة من الحقائق المرتبطة بنجاح المشروع وأهم التحديات التي تواجه مربي النحل.
هيكلة 41 مجلسا مهنيا والمساعي جارية بباقي الولايات
كشف رئيس المجلس الوطني لشعبة تربية النحل محمد مالكي، في البداية عن العمل الذي شرع فيه من اجل تحقيق "مشروع القرن" بالنسبة لمربي بالجزائر، والمتمثل في الشروع بهيكلة المجالس المتعلقة بمربي النحل عبر مختلف الولايات، حيث تم هيكلة 41 مجلسا في انتظار هيكلة باقي المجالس بالولايات المتبقية الجنوبية منها.
و تظهر أهمية هذه المجالس حسبه، في كون تربية النحل لم تعد مثل السابق عبارة عن حرفة تقليدية و إنما تحولت إلى مهنة قائمة بذاتها تضم عدة مستويات دراسية و من النخبة في تخصصات مختلفة، فضلا على أن تربية النحل أصبحت من المهن التي تستهوي خريجي الجامعات، لاسيما بعدما أصبح ينظر إلى العسل على انه مشروع استثماري ناجح ويحقق أرباحا كبيرة، الأمر الذي يتطلب تطوير هذه الشعبة، موضحا بقوله: "هذا لا يتحقق إلا بعصرنة قطاع تربية النحل من خلال التأسيس لفكرة الواحات التي تعتبر من التجارب الناجحة بالدول الأجنبية التي خطت خطوات متقدمة في مجال تطوير شعبة تربية النحل ."
الفكرة بدأت بتجربة نموذجية نجاحها فتح الشهية لتوسعها
فكرة التأسيس لواحات متخصصة في تربية النحل، تم استلهامها من مربي النحل سونة بن يخلف، الذي سبق له وأن أسس لفكرة الواحة ونجح بمنطقة المنيعة، غير أن قلة الإمكانيات جعلته يعجز عن المواصلة، يوضح : "انطلاقا من هذا قررنا توسيع المشروع بطرح فكرة الواحات الثلاثة بأقصى الجنوب الجزائري، على اعتبار أن العسل أصبح يجري إنتاجه من الصحراء" .
وحسب ذات المصدر، فان المشروع غاية في البساطة يتمثل في تهيئة أماكن بالصحراء بما تحتاج إليه النحلة من ماء ونباتات لترعى عليها النحلة لتتحول الواحة إلى مكان ثابت تستقر فيه النحلة وعوض تنقل النحال من مكان الى آخر لتمكين النحلة من الرعي، حيث تجد هذه الأخيرة مرعاها جاهزا ويتجنب النحال عناء التنقل والبحث خلفها .
من جهة أخرى، أكد ذات المتحدث، بأن هذه الواحات لا تتوقف على تربية النحل فحسب، و إنما تتحول أيضا هذه الواحات بالتنسيق مع محافظات الغابات إلى شبه محميات يتم فيها أيضا تربية الحيوانات المهددة بالانقراض الأمر الذي يجعل منها مرجعا علميا و موردا طبيعيا لإنتاج مادة العسل في الطبيعة .
نجاح المشروع متوقف على أرض صحراوية ومياه
فكرة المشروع حسب رئيس الشعبة مالكي، "تتمثل في استثمار المشروع بأقصى الجنوب الجزائري في القطعة الأرضية التي لا تحتاجها الدولة، يتم تهيئتها بزراعة نباتات رحيقية وعطرية بالاعتماد طبعا على مختصين لاختيار النباتات التي تناسب النحل عبر مساحة 90 هكتارا يتم تقسيمها الى ثلاث واحات: واحة في الشرق و الغرب و الوسط و كلها بأقصى الجنوب و حفر آبار للسقي ثم الشروع في العمل بالاعتماد على مختصين ومهنيين"، مشيرا إلى أن "الانطلاقة القوية لهذا المشروع تتطلب ضبط ميزانية، ودفتر شروط واختيار الأشخاص المناسبين لتنفيذ هذا المشروع الذي نعول عليه للنهوض بواقع تربية النحل وجعله قوة اقتصادية قائمة بذاتها تلعب دورا هاما في جلب العملة الصعبة خاصة وأن العسل الجزائري مطلوب بكثرة في الأسواق العربية و الأجنبية"، يقول المتحدث.
و أكد مالكي، "بأن نجاح هذا المشروع متوقف على دعم الدولة، لأن الإطارات العلمية متوفرة و اليد العاملة الشابة مستعدة للعمل، يبقى الجانب التنظيمي، والتي تم التخطيط له من خلال اقتراح أن يكون لكل واحدة مجلس إداري يشرف على تسيير الواحة، وكذا تجري عملية التصدير مباشرة من الواحات بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي طبعا.
المشروع ضبطت تفصيلاته وينتظر موافقة الحكومة
يؤكد الرئيس الوطني لشعبة النحالين، بأن المشروع انتهت فيه الدراسة وينتظر أن يوضع في الأيام القليلة القادمة على طاولة الحكومة، من أجل التعجيل في دراسته خاصة وانه يعتبر الأول من نوعه واحتمالات نجاحه مؤكدة، كون أن كل الإمكانيات متوفرة من خبرة مهنية وتهيئة الواحات لتكون مناسبة، بما في ذلك النحلة في حد ذاتها، لكون الجزائر تحوي على صنفين من أحسن السلالات في إنتاج العسل، ما يعني بأن كل ما يحتاج إليه المشروع لينجح متوفر يبقى فقط الرهان على احتضان الدولة له ودعمه ليكون الإنتاج بعد سنة كأقصى تقدير من انطلاق المشروع .
وحسب ذات المتحدث "فان أهم ميزة لمشروع الواحات كونه قادر على إعطاء عسل وحيد الزهرة ، أي انك إذا بحثت عن عسل الزعتر تجد عسل الزعتر ، وليس عسل متعدد الزهرات بمعنى: العمل على التأسيس لأنواع منفصلة من العسل وهذا في حد ذاته انجاز. ومن شأنه أن يحقق الاكتفاء الذاتي ويكون قادرا على تلبية احتياجات السوق الخارجية على غرار السعودية التي تطلب بكثرة عسر السدر من الأسواق الجزائرية.
إيقاف استيراد العسل الأجنبي يدعم الإنتاج المحلي
عبر محمد مالكي، عن سعادته لاستجابة الوزارة الوصية لطلباتهم الرامية الى إيقاف استيراد العسل الأجنبي، يبقى حسبه مضاعفة الجهد من أجل تغطية السوق المحلية بالعسل المنتج محليا والذي لا يتحقق إلا بتحويل مشروع الواحات إلى واقع ملموس، يمكن 60 ألف نحال من العمل في إطار منظم ومضبوط وبالنظر إلى الإقبال الكبير للشباب على تعلم حرفة تربية النحل هذا من جهة، ومن جهة أخرى "فان مثل هذه الواحات كفيلة أيضا بالحفاظ على أصناف العسل بعدما ضيعت الجزائر صنفين من العسل وهما : عسل الحمضيات و الكاليتوس بسبب المرض وكثرة الأدوية السامة للحشرات التي يتم استخدامها بالأشجار التي ترعى عليها النحلة."
العوامل الطبيعية وراء ارتفاع أسعار العسل
برر رئيس الشعبة ارتفاع أسعار العسل بالسوق الوطنية إلى العوامل البيئية بالدرجة الأولى و التي جعلت حسبه أسعار العسل في ارتفاع مستمر، حيث أكد بأن السنوات الثلاث الأخيرة التي عاشت فيها الجزائر شحا في تساقط الإمطار اثر كثيرا على شعبة تربية النحل وحرم المستهلك الجزائري من التمتع بالعسل كغذاء وليس كدواء.
وفي السياق،أ عرب المتحدث عن أسفه لكون المستهلك الجزائري لا تزيد نسبة استهلاكه لهذه المادة عن 70 غرام للشخص الواحد في السنة وهو بالمقارنة مع بعض الدول التي فاقت فيها نسبة استهلاك الشخص الواحد السبع كيلوغرامات في السنة ، مشيرا بأن الحقائق تشير إلى أن نسبة الوفيات في صنف النحل مرشحة للارتفاع إلى 50 بالمائة، لان جل النحالين يشتكون من تسجيل وفيات في صفوف النحل لعدة عوامل طبيعية، ما يؤشر بالتراجع في الإنتاج وارتفاع الأسعار ، الأمر الذي يتطلب المسارعة لدعم الدولة لهذه الشعبة من اجل عدم الاكتفاء بتصدير العسل فقط و إنما يتم أيضا تصدير النحل الذي يلعب دورا بارزا في إنجاح الإنتاج الفلاحي بنسبة 30 بالمائة .
تربية النحل في الجزائر رائدة من الجانب التقني
أثبتت التجربة الميدانية في تربية النحل بناء على تبادل الخبرات بين فرنسا والجزائر والمغرب، قدرة مربي النحل الجزائريين على التحكم في تربية النحل بشهادة الخبراء الأجانب الذين زاروا الجزائر واحتكوا بالنحالين، الأمر الذي يتطلب دعم هذه الشعبة من أجل ترقية القطاع خاصة وأن الجزائر تنتج من 4الى 10 كلغ في الخلية الواحدة ،غير انه خلال السنوات الثلاث الأخيرة تراجع الإنتاج الى 4 كلغ في الخلية بسبب العوامل الطبيعية، غير أن ما يدفع الى التفاؤل حسب رئيس الشعبة هو أن عدد النحالين و الخلايا تضاعف ما يعني بأن العسل موجود لولا تدخل بعض العوامل الطبيعية كالجفاف، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى المراهنة على التكوين الذي ينتظر بعد تجسيد مشروع الواحات، أين يكون لديه برنامج سنوي يتكفل بتكوين كل الراغبين في خوض تجربة تربية النحل بطريقة مهنية احترافية بعيدة عن كل المشاكل التي يعاني منها النحال.