إقبال كبير على محلاتهن لاقتناء الوجبات التقليدية

متعهدات الطعام ينقذن العاملات ويساعدنهن على إحياء احتفالية المولد النبوي

متعهدات الطعام ينقذن العاملات ويساعدنهن على إحياء احتفالية المولد النبوي
  • 764
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

تخصصت العديد من المحلات التي تديرها النساء من مختلف الأعمار، خلال السنوات القليلة الأخيرة، في تحضير المأكولات وبعض المعجنات التقليدية. ليست مطاعم، بل هي محلات شبيهة ببيع الحلويات لكنها متعهدات طعام، اختصت في الأصناف التقليدية. وباتت هذه الأخيرة تعرف إقبالا منقطع النظير مع اقتراب الاحتفالات الدينية أو المناسبات العائلية، حيث تعمل على تحضير كمية معتبرة من تلك المأكولات وفق طلبيات الزبائن، وأكثرهم من النساء، اللاتي لم يجدن الوقت لتحضير ما عليهن؛ بحكم عملهن أو ارتباطاتهن الأسرية، ووجدن في تلك المحلات تسهيلات لهن.

المناسبات الدينية والأعياد عند كثير من العائلات الجزائرية، مرادفة للدعوات والتجمعات العائلية، هذه الأخيرة التي لا تكون إلا بتحضير غذاء منزلي تقليدي، يعكس الروح العائلية التي تجمع الأقارب والأحباب وكذا الأصدقاء، لتقاسُم المأكولات؛ إذ يرمز كل صنف منها إلى عادة وتقليد معيّن يختلف باختلاف المنطقة. ولكبر مساحة الجزائر وشساعتها تزخر، هي الأخرى، بكثير من الأصناف من المأكولات التي ينافس بعضها البعض من حيث المذاق، وكيفية التحضير.

والمولد النبوي الشريف واحد من المناسبات الدينية التي لا يفوّتها أبدا كثير من العائلات الجزائرية، التي تحييها من خلال تنظيم وجبة عشاء، خاصة على شرف الاحتفال بمولد نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، والتي غالبا ما تكون بتحضير وجبة تقليدية؛ شخشوخة، أو كسكسي، أو رشتة، أو غيرها من الأطباق التي لا تُعد ولا تُحصى، في حين تفضل العائلات "الأكثر حداثة"، الأطباق العصرية؛ بين الغراتان، أو الدجاج في الفرن مع الخضار، أو الحريرة والبوراك، أو بعض الأطباق الجانبية، المهم أن يخرج العشاء عن العادات اليومية، وأن يكون خصيصا لهذه الاحتفالية العظيمة.

ولا يكتمل بالنسبة للبعض الآخر اليومُ إلا بسهرة جميلة حول المائدة، تحمل بعض الحلويات وكذا المعجنات التقليدية؛ كالمقروط، والقريوش، والمبرجة وغيرها، إلى جانب السفنج، والبغرير، والمسمن، وكلها من العادات الراسخة في كثير من العائلات التي مسها استطلاع المساء، والتي أكد أصحابها ميولهم نحو تحضير دعوة خاصة خلال هذا اليوم، وضيافة بعض أفراد العائلة، وكذا الأقارب والأصدقاء لمشاركة فرحة هذه الليلة الجميلة.

جدير بالذكر أن طبيعة الحياة اليومية والعملية التي تعيشها الأسر الجزائرية التي تجد رجالها ونساءها ساعين نحو لقمة العيش لتحقيق الحاجيات والمستلزمات، جعلت من الصعب على الكثيرين إحياء كل العادات والتقاليد. وأصبحت هذه الأخيرة تختفي من قاموس بعض المنازل؛ بحكم ما تفرضه "سرعة الحياة"، إلا أن آخرين يسعون جاهدين إلى إحيائها، والتضحية بالجهد أو المال لتنظيم تلك المناسبة، وهذا ما يدفع ببعض العائلات التي ترغب في ذلك، إلى التوجه نحو بعض متعهدي الطعام، والدفع مقابل خدمة تحضير وجبة كاملة، تكون الطلبية تتماشى والاحتفالية، هذا ما أكدته م. فراح صاحبة محل "الأفراح" ببلدية باب الزوار، مختصة في تحضير جميع الأكلات التقليدية، عارضة في محلها البسيط وسط البلدية، عددا من الحلويات التقليدية، وأخرى عصرية، إلا أن على هامش كل ذلك، تحضَّر أكلات تقليدية عند الطلب، حيث أشارت إلى أن عملها ينتعش خلال هذا النوع من المناسبات الدينية؛  على غرار المولد النبوي الشريف، وعاشوراء، وأول محرم، وغيرها من الاحتفالات، موضحة أن الطلبيات تصلها قبل أسبوعين تقريبا من المناسبة.

وتحاول جاهدة تلبية رغبات كل الزبائن؛ قالت: "إن أكثر الزبائن نساء عاملات، يتعذر عليهن تحضير الوجبة التي قد تأخذ يوما كاملا، لا سيما إن لم تصادف تلك الاحتفالات عطل نهاية الأسبوع، الأمر الذي يستحيل على المرأة العاملة القيام به، إلى جانب الرجال غير المتزوجين والذين لديهم أمهات كبيرات  في السن، فقد تكون عاجزة عن الوقوف لتحضير تلك المأكولات، لكن لدى أهل البيت الرغبة الملحة في الحفاظ على عاداتهم وتقاليدهم الجميلة.

من جهة أخرى قالت حياة، عاملة بمحل "الشروق" ببلدية حسين داي والتي تتخصص في تحضير "المعجنات التقليدية"، إن الطلبية خلال هذه المناسبات تزداد على المسمن، والبغرير، وكذا السفنج، التي يعشقها تقريبا جميع الجزائريين، والتي يمكن أكلها صباحا وكذا مساء مع الحليب أو القهوة وحتى الشاي. وتجمع تلك المعجنات التقليدية العائلات نحو مائدة واحدة خلال الاحتفالات الدينية.

وتقول محدثتنا: "كل الطلبيات اللازمة تكون جاهزة قبل يوم واحد، خاصة أن تلك المعجنات لا بد أن تُستهلك مباشرة. ولا يمكن أن تخزَّن أو تحفظ؛ لأن مذاقها يمكن أن يتغير؛ فكلما كانت طازجة كلما كان ذلك أحسن"