تنتعش تجارته نهاية كل سنة دراسية

لباس التخرج... من رمزية إلى ضرورة احتفالية

لباس التخرج... من رمزية إلى ضرورة احتفالية
  • 328
رشيدة بلال رشيدة بلال

يُعد موعد التخرج من الجامعات محطة هامة يُوليها الطلبة، خاصة المقبلين على مناقشة مذكرات تخرجهم، أهمية كبيرة؛ ليس فقط من باب التحضير للأطروحة وتقديم المشروع بشكل مبتكر، بل أيضا من حيث تجهيز اللباس المناسب، والذي تحوّل إلى تقليد، دفع بعض الخياطين إلى الاستثمار فيه، خاصة بعدما أصبح مطلوبا في كل المستويات النهائية. وكانت لـ"المساء" زيارة إلى أحد المحلات المتخصصة في تجهيز ألبسة التخرج، ووقفت على ما يتكبده الطلاب، خاصة الفتيات، من معاناة لتأمين لباس تخرُّج يتناسب مع حجم المناسبة.

إلى وقت قريب لم يكن الطلبة المقبلون على التخرج يولون أهمية كبيرة للهندام الخاص بهذه المحطات، بل كان يتم شراء ثياب جديدة، وغالبًا ما يكون كلاسيكيا، يرتديه الطالب أو الطالبة أثناء مناقشة الأطروحة. غير أن موجة التقليد غيّرت الموازين، وأصبح لباس التخرج يحظى بأهمية كبيرة ليس فقط في الجامعات، بل في مختلف الأطوار النهائية، بما في ذلك الابتدائيات. هذا ما أكده عزيز ربيكة، صاحب محل لطباعة وتعديل ونسخ وتجليد مذكرات التخرج، الذي قال في حديثه إلـى "المساء"، إنه اهتم في السنوات الأخيرة، ببِذلة التخرج؛ من خلال تخصيص جانب لعرضها في محله بعدما لاحظ الإقبال الكبير عليها، خاصة من الطالبات. وقد عرض فكرة المشروع على أسرته، فتبنّته والدته الحرفية وأخته، وأصبح يتم تحضير ألبسة التخرج حسب الطلب، حيث تُعرض في المحل إما للكراء، أو للشراء؛ للاحتفاظ بها كذكرى. 

وتُقدَّر أسعار الكراء بـ 1500 دج لليوم، بينما يُقدّر كراء القبعة والوشاح فقط بـ 600 دج. وعند الشراء فإن السعر يُحدد حسب نوعية القماش، ويستوجب التواصل مع الزبونة مباشرة لفهم ما ترغب فيه من حيث الألوان، والتفاصيل، والأكسسوارت المرافقة له.

والملفت للانتباه، حسب المتحدث، أن الطلب أصبح كبيرا على لباس التخرج أكثر من نشاطه الأصلي، المرتبط بتعديل وتقويم المذكرات، إذ لم تعد الطالبات على وجه الخصوص، يكتفين باختيار اللباس الذي يكون غالبا باللون الأسود والأحمر، بل أصبحن يشترطن تحضيره حسب التخصص. وأُدرجت ألوان جديدة لم تكن مألوفة سابقا. وأضاف: "نحن الآن نقدم اللباس في ألوان مختلفة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أصبح الوشاح، أيضا، يحمل عبارات خاصة تختارها الطالبة بنفسها بعد أن كان في السابق فارغا، أو يحمل عبارة "مبروك النجاح" فقط. أما اليوم فهناك من تطلب إدراج دعاء، أو اسم المتخرجة، أو عبارات دالة على فرحتها بهذه المناسبة.

وأشار المتحدث إلى أن لباس التخرج لم يعد يُعرض في شكله الكلاسيكي فقط، بل أصبحت الطالبات يشترطن أيضا، إرفاقه بباقة أزهار، ليتم رميها بعد الانتهاء من الأطروحة لفائدة الطلبة، الذين لم يتخرجوا بعد. 

وقد كانت هذه العادة مرتبطة برمي القبعات، لكن التقليد والرغبة في التميز والانفراد جعل بعض الطالبات يُدخلن تعديلات على هذه الطقوس، وفقًا لرغباتهن.

واحتكت "المساء" بعدد من الطالبات اللواتي توافدن بشكل لافت على المحل من أجل الاستفسار حول لباس التخرج، حيث تباين الطلب بين الرغبة في الكراء أو خياطة لباس يتناسب مع أهمية المناسبة. وتمحورت الاستفسارات حول مدى توفر بعض الألوان، خاصة الوردي، ونوعية الإكسسوارات المرافقة كالورود، وكيفية تفصيل الوشاح، الذي أصبح البعض يطالب بتغيير شكله، وإدراج عبارات مختلفة عليه.

وفي دردشة "المساء" مع إحدى الطالبات التي كانت مهتمة بكراء لباس التخرج باللون الوردي، قالت بأنها تولي أهمية كبيرة لهذا الحدث. وشبّهت نفسها بالعروس المقبلة على الزواج، حيث تهتم بكل التفاصيل، مؤكدة أن لباس التخرج أصبح بمثابة ثوب الزفاف، يجب اختياره بعناية فائقة. وبالنسبة لها فإن المناسبة تحل مرة واحدة بعد سنوات من التعب والاجتهاد، ولذلك من الضروري أن تظهر في أبهى حلة. وقالت رغم ما يصيبها من تعب في رحلة البحث عن لباس مناسب، إلا أن المناسبة، حسبها، تستحق ذلك.

وأشارت طالبة أخرى إلى أن لباس التخرج تحوّل إلى ضرورة ملحّة يجب الاهتمام بتحضيره بالتوازي مع الأطروحة، موضحة أن عملية الاختيار يجب أن تكون دقيقة، خاصة في ما يتعلق بنوعية القماش والألوان. وأكدت أنها شخصيا قررت خياطة لباسها بنفسها، واختيار أجود أنواع القماش للاحتفاظ به كذكرى.

وفي السياق، أشارت طالبة أخرى إلى أنها تواصلت مع خياطة محترفة لتحضير لباس تخرج مميز. واشترطت عليها إدخال بعض التعديلات عليه، مثل كتابة اسمها وسنة التخرج، وإدراج بعض الأزهار والألوان. وأضافت أن ترددها المتكرر على الخياطة لتجريب اللباس والوقوف على أدق التفاصيل، أشعرها بالتعب، إلا أن المناسبة تستحق، باعتبارها انتقالًا من الحياة الجامعية إلى الحياة المهنية، ولذا من الضروري، حسب تعبيرها، أن تُوثّق هذا الحدث بطريقة تليق بحجمه.

من جهة أخرى، أكد صاحب المحل أن الطلب على لباس التخرج ولواحقه لا يقتصر فقط على الطالبات المقبلات على التخرج، بل هناك أيضا إقبال من الكثيرين الذين يرغبون في تقديمه كهدية، خاصة ما تعلق منها باللواحق؛ كباقة الورد، أو الوشاح، الذي يُطلب أن يحمل عبارات خاصة. وأضاف أن صناعة لباس التخرج تحولت في السنوات الأخيرة، إلى تجارة رابحة، تنتعش مع نهاية كل موسم دراسي، ولم تعد مرتبطة بطور تعليمي معيَّن، بل أصبحت تمس كل الأطوار النهائية؛ في رمزية تعكس رغبة المتخرجين في توثيق الذكرى فقط.