" آلاء" للتنمية الأسرية تطلق مشروع "بركة الدار "
كبار السن.. استثمار أسري، ثورة مجتمعية وخبرة إنسانية
- 334
أحلام محي الدين
أطلقت الجمعية الوطنية " آلاء" للتنمية الأسرية، مشروع "بركة الدار" للمسنين، وسط أجواء طبعها الحبور الذي كسى الأرواح، والدموع المعبرة عن الامتنان، وتكريم أصحاب البصمة من كبار السن اعترافا بعطائهم؛ إذ يُعدون استثمارا أسريا، وثورة مجتمعية، وخبرة إنسانية، كما أشارت إلى ذلك الدكتورة لطيفة العرجوم خليفي في تصريح لـ"المساء"، مؤكّدة أنّ كبار الأسرة هم حكماؤها، الذين يتوجّب الاستفادة من تجاربهم، وإعطاؤهم حقهم من الوقار الذي أوصى به نبينا الكريم عليه أزكى الصلوات والتسليم. كما قدّم المختصون مداخلاتهم خلال الندوة، في مجالات عدة؛ لعرض مزايا كبار السن، وطرق مساعدتهم.
أوضحت الدكتورة لطيفة العرجوم أنّ اختيار اسم "بركة الدار" للمشروع، يعكس وسام البركة في البيوت، وهم كبار السن، الذين يكتسبون تاريخا راسخا، ونصيبا من الخبرة لا ينضب؛ فهم حماة الهوية، ومصدر بركة في المجتمع ككل. وتقول: "كبار السن طاقة الحكمة، وتعزيز التواصل بين الأجيال، ومنح الخبرات لتثمر في نفوس شبابنا تطوّرا، وقوّة، وحزما".
وأوضحت المتحدّثة أنّ الجمعية كانت أطلقت من قبل مشروع "تمكين للأسرة الجزائرية" ، الذي يهدف إلى الرعاية الأسرية، ودعم الأسر المحتاجة، وتمكينها من تحقيق الاكتفاء الذاتي داخل بيئتها الأسرية والمجتمعية؛ من خلال المشاريع المنتجة، مضيفة أنّ مشروع "بركة الدار" يأتي استجابةً لرؤية الجمعية في نشر روح التضامن، والاعتراف بالجميل، والتعاون والتآزر بين أفراد المجتمع، وترسيخ ثقافة العطاء والإحسان لكبار السن؛ لكونهم أساسا لبركة الحياة، واستقرار الأسرة، ومنها المجتمع ككلّ؛ من خلال تفعيل أدوراهم الشورية، وتعزيز مكانتهم الاجتماعية؛ فبركة الكبار روح تمتد للمجتمع ككل.
ومن جهته، أشار رفيق حطاب، ممثل وزير العمل، إلى أهمية المشروع، متمنيا أن تكون مبادرات مشابهة، موضّحا أنّ كبار السن هم طاقة الخير في البيوت، ضاربا مثلا شعبيا: "لي غاب كبيرو غاب تدبيرو" ؛ في إشارة إلى أهمية تجارب وحكمة الكبار في الحياة، وداعيا الأبناء الى استغلال الأوقات في العيش مع كبارهم بكلّ حب وصدق؛ لنيل كلّ جميل وطيّب في الحياة.
" البركة أكابركم "
أما الدكتور محمد الشيخ، فأكّد على ضرورة التواصل مع الكبار، وأخذ البركة منهم، مستدلا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "البركة أكابركم"؛ في إشارة الى التماس أسباب البركة بعشرتهم، مؤكّدا أنّ الله تعالى أوصى بالوالدين كبارا ولو كانا كافرين. ونحن كمسلمين حين نتحدّث عن الكبار، فهو حديث عن التوريث الذي يأتي من تواصل الأجيال وتكاملها وليس صراع الأجيال، كما هو في مجتمعات أخرى.
ويقول مخاطبا الشباب: "أيها الشاب، عندما يقال لك وَقّر كبيرا سأقول لك حتما وَقّر نفسك؛ في يوم من الأيام ستصير شيخا كبيرا، تحتاج إلى أن تعامَل معاملة لا تعرفها الآن ولا تدرك أسرارها، ستعرف أسرارها وخلفياتها عندما تصبح كبيرا؛ لذا فقبل أن تصبح كبيرا في السن تعلّم هذا الأدب، لتجد نفسك مرتاحا في المعاملة عند الكبر. واحترام ذي الشيبة واجب؛ إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنّ من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم". ويُشير إلى أنّ تعظيم كبار السن من المسلمين هو جزء من تعظيم الله، وتبجيله. وهي إشارة الى مكانة كبار السن، ووجوب احترامهم.
ومن جهته، أوضح الدكتور رضا حيرش المختص الاجتماعي، والأستاذة زليخة شلحة، خلال مداخلتيهما القيّمتين، أنّ الأسرة المبنية على أسس صحيحة لا بد أن يقوم فيها كلّ فرد بدوره، وأن يتشارك الكلّ في الأدوار، مؤكّدا أنّه يمكن معرفة حقيقه الإنسان في طريقة تعامله مع من هو أضعف منه، ومشيرا إلى ضرورة التعامل الإنساني والأسري الجيّد مع كبار السن لا سيما بعد تراجع قدراتهم البدنية، وأدوارهم في الحياة، وإحالتهم على التقاعد، وفقدان مكانتهم الاجتماعية أحيانا، وحتى سلطتهم في الأسرة؛ إذ لا يدرك الكثيرون أهمية البناء الأسري، فيعُدّون كبارهم عالة في الوقت الذي يستوجب الاستفادة من خبرتهم العميقة في الحياة وتجاربهم؛ فهم يميلون للعطاء، وجمع الشمل، وإسعاد الأبناء، مؤكّدا وجوب إدماج المسنين في الأسرة للحفاظ على الأدوار التربوية.
..تكريم "المساء"
شهد الحفل الذي احتضنت فعالياته مدينة بارك بسيدي عبد الله، تكريم الكثير من الأبناء البارين بآبائهم؛ من مجاهدين وقفوا في وجه المستدمر الفرنسي؛ على غرار المجاهد أحمد مرزوق، الذي أكّد في كلمته أنّ الاعتراف بالجهود فضيلة، وحب الكبار طاعة يؤجر عليها الفرد، وأفراد يحاربون في معركة الحياة بثبات، لا سيما من فقدوا الطرف الآخر، واختاروا التضحية في سبيل الحفاظ على الأسرة وتربية الأبناء؛ إذ تمّ تسليمهم دروع التكريم. كما شهد الحفل مشاركة في مليونية الجزائر الخضراء من خلال مشاركة جمعية " آلاء"، في غرس شجيرات بمدينة بارك، بأسماء الأسر المكرّمة، والتي أشار أفرادها إلى التزامهم بمتابعة نموّها، وسقيها من وقت لآخر لتكبر، وتزهر.
ومن جهتها، كرّمت جمعية " آلاء" ممثلة في رئيستها الدكتورة لطيفة العرجوم، جريدة "المساء" من خلال الصحفية أحلام محي الدين، نظير جهودها في التغطية الاجتماعية، والمساهمة الفعالة في إبراز المجهودات التي تقدمها الجمعيات في مجالات عدة، ومرافقة الجمعية في نشاطاتها للنفع العام، مطلقة لقب " المساء صديقة آلاء". كما كرمت الإعلامية شهيناز عزيرة، نظير عطائها في الميدان.