شاطئ البلج بجبال شنوة

قبلة عشاق البحر والطبيعة الخلابة

قبلة عشاق البحر والطبيعة الخلابة
  • 3119
رشيدة بلال رشيدة بلال
تشهد ولاية تيبازة منذ بداية موسم الاصطياف، إقبالا كبيرا من المصطافين من داخل الولاية وخارجها بما في ذلك المغتربين، لاحتوائها على مجموعة من الشواطئ الخلابة التي تمتد على طول شريطها الساحلي الساحر، في لوحة فنية جمعت بين الاخضرار والجبال الصخرية وزرقة المياه الصافية. «المساء» اختارت من بين شواطئها التواجد بشاطئ البلج الواقع في منطقة شنوة، يتردد عليه مئات المصطافين للاستمتاع بزرقة مياهه الصافية.
بلوغ شاطئ البلج بجبال شنوة الشاهقة يتطلب منك المرور عبر مجمعاتها السكنية التي تتميز بكثرة المحلات الموزعة على حافتي الطريق، ولعل أول ما يشد الانتباه أن أغلبها- إن لم نقل كلها- تبيع مواد غذائية جاهزة، فواكه موسمية ومستلزمات البحر فقط على اعتبار أنها أكثر الأنشطة التجارية انتعاشا بموسم الاصطياف، وحسب أحد الباعة من الذين تحدثت إليهم «المساء»، فإن هذا التجمع السكني الواقع على طول شاطئ البلج تعود إليه الحياة وينتعش مع بداية موسم الصيف فقط، وما إن تحل نسائم فصل الخريف حتى تقفل أغلب المحلات وتحديدا تلك التي تبيع لوازم ومعدات البحر، «من أجل هذا نحاول -يقول محدثنا- خلال هذه الفترة العمل على قدم وساق لتعويض البطالة الإجبارية التي نعانيها خلال باقي أشهر السنة، مشيرا إلى أن الزيادة الرمزية في أسعار بعض المواد الغذائية التي يكثر عليها الطلب كالجبن والتونة والكسرة مبررة، ولا يتفطن لها أغلب المصطافين من الذين تكون لهفتهم للبحر كبيرة، فقارورة الماء، مثلا، تصل إلى 40 دج، أما ألعاب البحر كالدلاء الخاصة بالأطفال، فقد تصل إلى 500 دج عوض 300 دج أو 400 دج»، يقول نفس المتحدث.

الدخول إلى الشاطئ بثمن.. ولا مجال للحديث عن المجانية

عندما تصل إلى شاطئ البلج بأعالي جبال شنوة، تقابلك حظيرة للسيارات تقع على مرتفع جبلي مائل، الدخول إليه يتطلب منك دفع مبلغ مالي يقدر بـ100دج، وفي حال عدم الدفع طبعا تمنع من إدخال سيارتك لأن الدفع يكون فوريا، وفي دردشتنا إلى المسؤول عن الحظيرة، وهو شاب في العشرينات من العمر، حول جدوى التعليمة المتعلقة بمجانية الدخول إلى الشواطئ، قال بأنه يعمل في إطار قانوني كونه يحوز على ترخيص من البلدية، يسمح له بمزاولة هذا النشاط الذي يعتبر مورد رزقه الوحيد خلال هذه الفترة من السنة، معلقا بقوله: «المجانية في اعتقادي لا تخص أماكن ركن السيارات لأننا لا نقبض ثمن احتلال السيارة للمكان فقط، بل نحرسها أيضا من أي اعتداء، وهو عمل شاق، لأننا نضطر إلى إبقاء كل السيارات على كثرتها تحت الرقابة طيلة اليوم وإلى وقت متأخر من الليل، فلا يخف عليكم أن البعض يحب التردد على البحر في الساعات الأخيرة من اليوم، وتحديدا الشباب». كما تبين لنا من خلال نظرة خاطفة إلى السيارات المركونة أن أغلبها من خارج ولاية تيبازة، حسبما تشير إليه لوحات ترقيم السيارات، فبعضها من العاصمة وأخرى من ولاية البليدة وعين الدفلى وخنشلة وبعض ولايات الشرق كولاية سطيف، كانت حاضرة حسب بعض حافلات النقل الجماعي.
ويتطلب النزول إلى الشاطئ استعمال أدراج حجرية منحدرة تغيب فيها أدنى شروط الأمن والسلامة وأي خطأ قد يعرضك للسقوط المباشر وخطر الكسر، أما على جانبي الأدراج، فتنتشر نفايات في كل مكان وهي في أغلب الظن للمصطافين الذين يقررون بعد مغادرتهم التخلص من بقايا طعامهم بغض النظر عن المكان، نظرا لغياب مفرغات مخصصة لهذا الغرض، الأمر الذي خلف منظرا مزعجا ورائحة كريهة، وما إن تطأ قدماك الشاطئ يقابلك منظر خيم مصنوعة من القماش على طول الشاطئ، متراصة أمام بعضها البعض بحيث يصعب عليك إن كنت تحمل مضلة شمسية، أن تجد مكانا مناسبا بالشاطئ قرب البحر، وتكون بذلك أمام اختيارين؛ إما أن تنصب شمسيتك بعيدا عن البحر، أو أن تختار إحدى تلك الخيم وفي هذه الحالة تكون مجبرا على الدفع لأن الشباب المسؤول عن هذا النشاط بمجرد أن تحلق ببصرك للبحث عن مكان مناسب يقفون أمامك لعرض خدماتهم مقابل دفع 500 دج فقط ولا يترددون في أن يعرضوا عليك الجلوس على الكراسي والحصول على طاولة مقابل دفع مبلغ 1000 دج إضافي..

المصطافون بين منزعج وغير مبال بالدفع

يختار أغلب زوار البحر من العائلات دفع حق كراء خيمة من أجل أن يستمتع الأطفال باللعب في المياه والرمال أمام أعينها، عوض الجلوس بعيدا إن اختارت نصب شمسيتها، هذا ما أفادنا به بعض ممن تحدثنا إليهم. ومنهم مواطن جاء رفقة أبنائه الصغار من العاصمة، قال إنه مجبر على دفع حق الخيمة حتى يضمن مراقبة أبنائه وكذا الاحتماء من أشعة الشمس اللافحة بالتواجد تحت هذه الخيم. وهو نفس الانطباع الذي رصدناه عند مواطنة أخرى، حيث قالت؛ «جئت بالشمسية الخاصة بي لأختار مكانا مناسبا بالقرب من البحر حتى أراقب طفلتي وهي تلعب، لكنني فوجئت بهذه الخيم التي وضعت بالقرب من بعضها البعض، مما يعني أنني مجبرة على الدفع لأكون قريبة من البحر، فما كان مني إلا أن وضعت الشمسية جانبا واخترت واحدة من هذه الخيم، ففي الأخير جئت طالبة الاستمتاع بالبحر أنا وطفلتي..»
وإن كانت بعض العائلات قد عبرت عن انزعاجها لفرض منطق الدفع للتمتع بزرقة البحر، فإن بعض العائلات الأخرى اختارت عدم تعكير مزاجها بتجنب الدخول في نقاش عقيم، بالدفع والاستمتاع بجمال البحر وزرقته، ومنطقهم في ذلك أنهم متعودون على الدفع، بالتالي لا مجال للحديث عن غير ذلك.

كورنيش شنوة.. محطة لا بد من الوقوف عندها

يؤمن شاطئ البلج لمصطافيه راحة وهدوءا لا يخترقه إلا صراخ الأطفال الذين لا يكفون عن اللعب والقفز، وعلى الرغم من أن هذا الشاطئ صخري، إلا أن ذلك لم ينقص من متعتهم، حيث راح البعض منهم يجمع الحصى في أشكال وأحجام وألوان مختلفة، فيما اختار آخرون الجلوس على بعض الصخور لأخذ ألون البرونزي، وفي المقابل كان أعوان الحماية المدنية يطوفون الشاطئ جيئة وذهابا حرصا على سلامة السبّاحين.
تعتبر لحظة مغادرة الشاطئ من أصعب اللحظات، لأن متعة البحر لا حدود لها وكلما أطلت الجلوس كلما شدك البحر إليه أكثر فأكثر، وإذا كان منظره ساحرا في الصباح فإن توهجه في المساء لا يضاهيه أي جمال، ولعل من أكثر الخصائص الجمالية لهذا الشاطئ أنك عندما تغادره تكون مجبرا على المرور بكورنيش شنوة الذي يمتد على طول الشريط الساحلي، في هذا المكان يركن أغلب المصطافين سياراتهم لإلقاء نظرة على جمال الجانب الآخر من ولاية تيبازة المطلة على الساحل، لالتقاط بعض الصور وارتشاف أكواب الشاي من التجار الموسميين الذين لا يفوتن أية فرصة للكسب.