يمكن تجنّبها ببرمجة عصبية ذاتية إيجابية

فوبيا الفشل تثبّط العزائم

فوبيا الفشل تثبّط العزائم
  • 967
❊نور الهدى بوطيبة ❊نور الهدى بوطيبة

يعاني الكثيرون من "فوبيا" تجاه شيء أو حالة معيّنة، وتختلف الحالة من شخص لآخر، كما أن حدتها تتغيّر من شخصية لأخرى، فمنها الفوبيا السطحية التي لا تؤثر على صفاء الحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية، في حين تعمل فوبيا الفشل على تثبيط العزائم وجعل الشخص يعاني من أعراض نفسية جانبية، تنعكس على مردوديته وراحته.. وعن هذا الموضوع كان لـ "المساء" لقاء مع نافع فيها خير، خبير التنمية البشرية، الذي حدّثنا عن "فوبيا الفشل" أو ما يُعرف بالخوف من الفشل، الذي يُعدّ من أشد المخاوف التي تجعل الشخص يفشل في حياته على أصعدة متعددة.

يُعدّ الفشل حالة يقع فيها الشخص لسبب أو لآخر؛ فهو أحد أصعب المشاعر التي تؤثر على سعادة الإنسان وتعيقه عن تحقيق الأهداف التي يصبو إليها، فالشعور بالفشل أمر يعيشه كل إنسان في مرحلة معيّنة من حياته؛ سواء في العمل أو الدراسة أو في علاقة عاطفية أو غير ذلك، فهي حالة لا بد أن يشعر بها الإنسان في حياته؛ كرسوب الطالب في أحد الصفوف المدرسية، أو عدم التمكن من التسجيل في التخصص المرغوب في الجامعة، أو ربما عدم الحصول على الوظيفة التي تناسب مهارات ومؤهلات الشخص، الأمر الذي يجعله يعتقد أنه إذا فشل مرة فسيفشل في كل مرة".

وفي هذا الصدد قال الخبير في التنمية الاجتماعية فيها خير، إن "الخوف من الفشل" ظاهرة تُعرف بفوبيا الفشل أو "الإتيشيفوبي"، وهي لا تولد مع الإنسان وإنّما حالة تُكتسب مع الوقت، يمكن حملها منذ الصغر، فالأولياء في تلك المرحلة هم المسؤولون عن نقل تلك الأفكار السلبية والأحكام المسبقة عن الفشل؛ فغالبا ما نلاحظ بعض الأولياء يلقون باللوم على أطفالهم خلال فشلهم في مهمة معيّنة، ويكررون على مسامعهم أنهم فاشلون ولا يصلحون لأي شيء، وهذه العبارة هي حقيقة محطمة لنفسية وشخصية الطفل، وهذا ما يُعرف بالبرمجة اللغوية العصبية. قال فيها خير إن البرمجة العصبية لها بابان؛ البرمجة السلبية والأخرى الإيجابية؛ فالعقل معجزة ربانية، يكاد يصعب تصديق قوّته في حفظ كل ما يمر عليه ويخزّنه بطريقة تجعله يتحكّم في الشخصية وفق تلك البيانات التي أُدخلت فيه، على غرار تكرار للشخص أنه فاشل أو العكس بأنه ناجح. والفشل يمكن التصدي له بالوقوف مرة ثانية والمحاولة مرارا وتكرارا إلى غاية النجاح، وأن الخوف من الفشل أو فوبيا الفشل يُعدّ من أصعب الدوامات التي يعيشها المصابون بها، إذ أنها تُعتبر مثبّطة للعزيمة، كما أن الحكم على الشخص بالفشل حتى بدون محاولة، يجعل الفرد يتفادى المحاولة من الأساس حتى لا يشعر بخيبة الفشل، مشيرا إلى أن الفشل لا ينفي القدرة على النجاح في المستقبل؛ فقد يكون الفشل تجربة أولية للمحاولة مرة أخرى والنجاح بفاصل أكبر.

وأكد الأخصائي أن التأثيرات الخارجية تزيد من الشعور بالخوف من الفشل؛ يقول الخبير: "هناك أسباب متعددة، أهمها السخرية واللوم الذي يتلقاه الشخص من محيطه الخارجي في حال عدم نجاحه في مهمة معيّنة؛ عمل، زواج، دراسة أو غير ذلك، وهذا يدفعه إلى عدم المحاولة مرة أخرى، حيث إن ذلك يضمن له أن عدم المحاولة يعني له عدم الفشل.

وأشار إلى أن من بين الأسباب الأخرى تعليق الآمال الكبيرة على الشخص؛ قال: "أُجريت دراسة على مجموعتين من الطلبة الناجحين؛ الأولى شجعت بالقول إنهم أحسنوا العمل لهذا نجحوا، أما المجموعة الثانية فتم تشجيعها بالقول "أنتم أذكياء"، ثم خضعت كل مجموعة لاختبار ثان، فالمجموعة الأولى نجحت أما الثانية فرسبت، وهذا فسّره الخبراء بالضغط الذي وُضعت تحته المجموعة الثانية، والتي علّق المحيط آمالا عليها بالنجاح، فشعرت بضغط كبير، جعلها تفقد السيطرة على "غرور داخلي"، تحوّل إلى خوف، ثم فشل. وشبّه المتحدث القاعدة بما يتم ملاحظته في الفرق الوطنية لكرة القدم؛ "كلما علّق الجمهور أملا كبيرا على فريق محدد يؤدي ذلك إلى فشله، في حين تصل إلى النهائيات الفرق التي لا يعتقد أحد أنها ستنجح وتنتزع الكأس".

وعن سبل تخطي الخوف من الفشل يقول نافع فيها خير، إن الابتعاد عن الضغط والقلق قبل كل مهمة هو الوسيلة المثالية للتحكم في العقل؛ فإذا كان المحيط سلبيا ويؤثر عليك بمثل "لن تنجح" أو "المهمة صعبة" أو "أخاف من فشلك" أو "لا أحد يمكنه الصمود" أو غيرها من التعابير، فالأمثل أن تتفادى ذلك المحيط وتحتكّ بالأشخاص الإيجابيين الذين يحفّزون على النجاح. وإن صادف الأمر أن اضطر الشخص لمواجهة الأشخاص السلبيين يبقى هناك حل نهائي، وهو حيلة يستعملها الخبراء في التنمية البشرية، تتمثل في البرمجة الذاتية للعقل، فمثلا إذا قال لنا شخص: "لن تنجح"، فلا بد من تكرار بصوت أعلى: "سأنجح"، فهي عبارة سيلتقطها العقل ويسير وفقها، يمحو بذلك الأفكار السلبية، فغالبا العقل لا يحمل الأقوال بتعابير منفية، مثلا بدل قول: "لا بد أن لا تكذب" يفضّل قول: "كن صادقا"، فبذلك يمتصها مباشرة الفكر ويعمل وفقها.