البروفسور محمد الهادي رحال غريب:
فتح ماستر مهني في علم نفس المرور والدكتوراه قريبا

- 1298

كشف البروفسور محمد الهادي رحال غريب، رئيس مخبر سيكولوجية مستعملي الطريق بجامعة باتنة "1" في حوار مع "المساء"، عن فتح الجامعة لماستر مهني في تخصص علم نفس المرور وبعده الدكتوراه، من أجل تكوين أخصائيين في الميدان، حتى تصبح الجامعة الجزائرية في مصاف باقي جامعات العالم التي فتحت هذا التخصص الذي يدرس ويشرح السلامة المرورية.
❊ في البداية، لماذا جاء التفكير في تنظيم مؤتمر يدرس ظاهرة السلامة المرورية؟
— ربما كان من الأفضل أن نتساءل لماذا تأخر تنظيم مؤتمر يدرس ظاهرة السلامة المرورية؟ ولو أن الموضوع طرح في عدة ملتقيات في السابق، لكن ميزة الملتقى الذي ننوي تنظيمه في إطار نشاطات مخبر "سيكولوجية مستعملي الطريق" بجامعة باتنة "1"، أن التركيز سيكون حول الجانب السيكولوجي، أي البعد الإنساني المسؤول عما يقدّر بـ 90 % من حوادث المرور، حسبما تشير إليه الدراسات في جميع أنحاء العالم.
❊ من أهداف المؤتمر حل بعض الإشكاليات التي تواجه مبادئ السلامة المرورية، ما هي هذه الإشكاليات حسب رأيكم؟
— إشكاليات متعددة الأبعاد والأوجه، ربما على رأسها ثقافة تقاسم الطريق واستعماله بطريقة قانونية، منظّمة وحضارية من طرف الفرد الجزائري، ثم تناول مشكل كل مستعمل على حدا (سائق، راجل، راكب) لأن موقع الفرد في الطريق يحدد أنماطا سلوكية معينة نريد أن ندقّق فيها، كونها في معظمها سلوكات خاطئة وغير سوية تكلّفنا دوما عواقب وخيمة.
لكن يجب التأكيد على أن حلّ المشكلات ليس بالأمر الوارد في ملتقى مثل ملتقانا، لأن أبعاد الظاهرة متعددة وتتطلب تدخل جميع المعنيين وتضافر كل الجهود حتى نضع إستراتيجية تدخل وحلول مناسبة للوضع الحالي الذي تعرفه طرقنا.
❊ على ماذا يرتكز تخصص علم نفس المرور؟
— على دراسة سلوك مستعملي الطريق من الناحية السيكولوجية، تصوراتهم للطريق كمجال عام لتقاسم، اتجاهاتهم نحو قانون المرور، الوسائل الكفيلة بمعالجة مشكل حوادث المرور (تربية مرورية، حملات التوعية والتحسيس، دورات تكوينية مميّزة في تكوين السائقين...الخ)، إلى جانب دراسة العلاقة الخاصة والمميّزة التي تربط السائق بالمركبة، ومنه دراسة كيفية استخدامه لها، كما يهتم بدراسة العلاقات بين الأفراد في المجال العام، وكيفية ترسيخ سلوك المواطنة المسؤولة والمتكيفة، مع الإشارة إلى دراسة البعد الميكانيكي للمركبات، والهيكلي للطرق. وتجدر الإشارة إلى أنه تمّ فتح ماستر مهني في هذا التخصص ونطمح إلى فتح دكتوراه حتى نكوّن أخصائيين في الميدان، والصراحة أن مثابرتهم ودرجة الدافعية والتحفيز عندهم عالية جدا، وهذا ما يبشّر بأن نؤسس لهذا التخصص في الجامعة الجزائرية، على غرار باقي جامعات العالم.
❊ في رأيكم، ما هي الإجراءات الواجب اتخاذها للحد من ظاهرة ‘إرهاب الطرق’ مثلما توصف؟
— أولا أن تحدد استراتيجية تشمل جميع القطاعات التي لها علاقة بالظاهرة، وأن تبنى وفق سياسة واضحة المعالم والأهداف تتبناها الدولة، ولا بد أن يتدخل كل حسب تخصصه وفق هذه السياسة، وبالنظر إلى تفاقم الوضع، يبدو لي أن فكرة الوصم وتحميل المسؤولية لطرف دون الآخر خطأ إستراتيجي، فكلنا مسؤولون على حدوث الظاهرة وكلنا مطالبون بالعمل من أجل الحد منها.
❊ ألا تعتقدون أن التساهل الكبير، سواء من طرف مستعملي الطريق (سواقا أو راجلين) أو من طرف السلطات الأمنية، وراء تنامي حوادث المرور وزيادة ضحاياها؟
— نعم هو نوع من التساهل، أو بالأحرى التغافل ـ إن صحّت الكلمة- والتماطل في اتخاذ الأمر بجدية، وتقديم بعض الأولويات عوض التفكير في أن المشكل هو مشكل صحة عمومية ومشكل اقتصادي وبيئي، وبدرجة أكبر مشكل أخلاقي، لأننا لم ندرك أن الأنانية في استعمال المنافع العمومية تعكس انزواءً واغترابا لدى الفرد، وهو ما يؤهله مع الوقت إلى أن يتخذ من العنف والتدمير مطية لتحقيق ذاته ووجوده. قراءتنا للواقع ضيّقة ومحدودة ولا تتعدى قراءة رقمية للضحايا والخسائر، وهذا ما نحاول أن نلفت إليه الأنظار من خلال نشاطات مخبرنا.
❊ كيف ترون الحل هنا؟
— أن نسخّر جهودنا للبدء من البداية، ونعمل على ترسيخ فكرة "العيش معا" عند الأطفال والشباب، فالمركبة في غالب الأحيان وسيلة تعبير ليست إلا. ويبقى دائما تحديد المشكل بالإجماع والعمل على حله بنفس الرؤية "الكل مسؤول".
❊ حسب اعتقادكم، ما هي مجمل التوصيات التي سيخرج بها الملتقى الذي ستنظمونه قريبا؟
— نحن ننتظر مشاركين من داخل الوطن ومن خارجه حتى نطلّع على بعض التجارب الدولية، مع العلم أننا نعمل في إطار التعاون العلمي مع مخابر في أوروبا ونطمح إلى القيام بالمثل مع مخابر عربية، وهو المبتغى من هذه الملتقيات، وربما ستكون التوصية الأساسية ‘لنغيّر مفهومنا للطريق’.