تعتبرها حرفة الأجداد التي لابد من الدفاع عنها
فاطمة الزهراء قندوز تتفنن في الطرز التقليدي العاصمي

- 1947

أعربت الحرفية فاطمة الزهراء قندوز، مختصة في الطرز التقليدي، خلال لقائنا معها على هامش صالون الصناعة التقليدية الذي نظم مؤخرا ببلدية ابن عكنون، عن غيرتها الشديدة على ارثها الاجتماعي والثقافي الذي يتجلى في الصناعة التقليدية، وأوضحت أنها تعمل جاهدة للمحافظة على ما أتى به أجدادنا في صناعة قطع فنية بأساليب بسيطة تحمل جمالا وروعة متقنة، ولذلك تسهر على تعليم فتيات من الجيل الصاعد حرفة الطرز التقليدي الذي تتقنه وتبدع فيه. تؤمن فاطمة الزهراء بأن حرفة اليدين لا تندثر مادام هناك من يحافظ ويدافع عنها، ورغم قلة الإقبال على بعض الحرف إلا أن غيرتها الشديدة وحبها الكبير للطرز العاصمي التقليدي جعلها تتشبت بهذه الحرفة وتنقلها للفتيات، قائلة: "لن أتخلى عن حرفتي مادمت قادرة على رؤية ثقب الإبر، وسأطلب ذلك من ابنتي عندما أعجز على فعله، وأعمل على حياكة مفروشات وألبسة بهذا الطرز الأصيل، لأنني أعتبر هذه الحرفة جزءا من تراثنا وهويتنا".
استطاعت الحرفية خلال مشاركتها بالمعرض أن تفتك إعجاب الزوار الذين وقفوا مطولا للتأمل في منتجاتها الفنية بدهشة كبيرة، حيث نجحت في الحفاظ على أصالة القطع مثلما كانت عليها "زمان"، تحاكي حقبة زمنية من التراث و التقاليد الجزائرية الأصيلة. وعن حكايتها مع الطرز التقليدي العاصمي، حدثتنا الحرفية قائلة: "أنا من سكان القصبة العتيقة، عشت وترعرعت وكبرت بين دروبها الضيقة، تأثرت بالتقاليد والعادات التي كانت تفوح من كل بيت، خصوصا الخياطة التي كانت تميز كل امرأة، حيث كانت النساء يمكثن في البيت ويتعلمن الحرف التقليدية خاصة الخياطة، وبعد سنوات عديدة وخروج المرأة للدراسة والعمل، بقين متمسكات بتلك العادة، لتعتكف المرأة عند دخولها البيت على قطعة قماش، وتحيكها وتطرزها لتشكل قطعا في غاية الروعة"، وتستطرد قائلة: "اليوم أعمل على تلقين أسرار تلك الحرفة لبناتي ومجموعة من الفتيات اللواتي يرغبن في ذلك، دافعي هو الحفاظ على هذه الحرفة الأصيلة التي لا مجال لمقارنتها مع المنتجات الصناعية التي تفقد ذلك الجانب "الروحي"، إن صح التعبير، أو السمة واللمسة الشخصية التي يضعها الحرفي في تلك المنتجات".
ومن فضول في التعلم إلى رغبة في الإتقان، انتقلت الحرفية في ظرف قصير من الهاوية إلى المحترفة، في عالم التطريز، وهي اليوم صاحبة خبرة أعطتها شهرة بفضل جمال قطعها في مجال التطريز وسط زبونات يعشقن عملها. وخلال مشاركاتها في المعارض، حاولت الحرفية حسبما أوضحته، الاحتكاك مع باقي الحرفيين لتبادل الخبرات معهم والتطلع على باقي الفنون العاصمية القديمة، واستلهام أفكار جديدة بالنسبة لها لكنها قديمة وأصيلة في مجال التطريز حتى تحافظ على روعة القطع القديمة بأصولها، حيث جاء على لسانها إحدى أهم خصائص الطرز العاصمي، دقته وشدة إتقانه، إذ يتطلب من حرفي الصبر والتركيز".