اعتبروا أنها لا تعكس سياسة الدعم

غياب أسواق قارة يزيد هموم الحرفيين

غياب أسواق قارة يزيد هموم الحرفيين
  • 650
❊ رشيدة بلال ❊ رشيدة بلال

أرق غياب أسواق قارة لعرض الصناعة التقليدية، الحرفيين الذين تحولوا ـ على حد تعبير البعض منهم ـ إلى «قبائل رحل»، حيث يضطرون في كل مرة إلى التنقل من مكان إلى آخر لعرض حرفهم، علها تجد زبونا يرغب في شرائها أو على الأقل يبدي إعجابه بها، هذا الحل هو الآخر لا يبدو أنه أرضى عددا منهم، بالنظر إلى ارتفاع تكلفة الكراء التي لا تعكس رغبة القائمين على تنظيمه في دعم ومساعدة هذه الفئة وإنعاش السياحة.

التقت «المساء» بعدد من الحرفيين العارضين بساحة البريد المركزي، وتحدثت معهم حول تكاليف كراء أماكن العرض، فأشار حرفي مختص في المشغولات الجلدية (رفض ذكر اسمه) إلى أن الحرفيين عموما يعانون من عدة مشاكل، ولعل أبرزها غياب أسواق. في المقابل، أوجدت فيدرالية الحرف الحل لتمكين الحرفيين من عرض إبداعاتهم ومشغولاتهم التي تعكس تراث وأصالة الجزائر، غير أن الإشكال، حسب محدثنا، هو غلاء  ثمن كراء الأجنحة التي لا تعكس الرغبة في دعم الحرفي، خاصة أن الإقبال على المشغولات شحيح ويختلف باختلاف المواسم، يقول «مثلا في فصل الشتاء، يكون العائد جد هزيل مقارنة مع فصل الصيف، حيث تكثر المناسبات، لذا حبذا لو أن تكاليف الكراء يجري تكييفها حسب المواسم ويتم فيها مراعاة إمكانيات الحرفي».

من جهته، أشار حرفي آخر (رفض هو الآخر ذكر اسمه)، إلى أن التفكير في خلق أسواق مؤقتة ببعض البلديات، على غرار بلدية الجزائر الوسطى، يعطي الحرفي فرصة الاحتكاك بالناس، ويمكنه من تصريف البعض من صناعته التقليدية، غير أنه يضيف «يظل ثمن الكراء جد باهظ، خاصة إذا علمنا أن الحرفي هو من يتكفل بحراسة جناحه من مختلف المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها، على غرار السرقة».

غير بعيد عنه، أفاد حرفي آخر بأن خلق أسواق مؤقتة جوارية يخدم الحرفي إلى أبعد الحدود، غير أن تكاليف كراء الجناح لا يناسب مطلقا الحرفي الذي يحتاج إلى الدعم والتشجيع، في ظل المشاكل الكبيرة التي يتخبط فيها، منها قلة المواد الأولية وصعوبة الحرفة وضعف العائد المالي، لذا حبذا لو يتم مراجعة السعر الكراء.

الثمن معقول في ظل غيابأسواققارة

حملت «المساء» هذا الانشغال المتعلق بارتفاع تكاليف كراء المكان إلى رضا يايسي، رئيس فيدرالية الحرفيين الذي قال في معرض حديثه، بأن عدم رضا الحرفيين بتكلفة كراء المكان مردود عليهم، ويشرح «يفترض من الحرفيين أن يكونوا سعداء بالمبادرة التي تقوم بها الفيدرالية بصورة دورية، وتدخل في إطار البحث الدائم عن خلق أسواق، حتى وإن كانت مؤقتة، في انتظار فتح أسواق دائمة، غير أنها كفيلة بتمكين الحرفيين من عرض حرفهم والاحتكاك بالناس هذا من ناحية.

من جهة أخرى، يؤكد أن مبلغ الكراء ليست الفيدرالية المسؤولة عن تحديده،  وإنما يتوقف دورها عند البحث الدائم عن أسواق بالبلديات، على غرار بلدية الجزائر الوسطى والأبيار والقبة وغيرها، ومن ثمة يجري تقديم طلب إلى البلدية التي وقع عليها الاختيار ووافقت على احتضان الحرفيين، ويحدد المبلغ الذي تتكفل الفيدرالية بتبليغه للحرفيين، في المقابل تحصل الفيدرالية فقط على ثمن تأمين الأجنحة التي يعرض فيها الحرفي، لأنها هي الأخرى لا تملك أي دعم مالي.

أشار المتحدث إلى أن الحرفيين العارضين يتمتعون بعدة امتيازات في مكان العرض، فمن جهة هي مؤمنة، كما أن أماكن العرض أغلبها إستراتيجية، مما يعني أن أغلب الحرفيين يمكنهم تصريف مشغولاتهم، خاصة عند العرض بساحة البريد المركزي الذي يعرف حركة دؤوبة، ويعلق «بعملية حسابية بسيطة؛ نجد أن 50 ألف دج الذي يمثل مبلغ الكراء لمدة شهر، يكون المبلغ المدفوع عن كل يوم رمزي، خاصة أن أغلب الحرفيين يبيعون عددا كبيرا من مشغولاتهم، خاصة تلك المتعلقة بالحلي واللباس التقليدي.

تحديد سعر الكراء بعد مداولة قانونية

تحدثت «المساء» إلى رئيس بلدية الجزائر الوسطى، عبد الحكيم بطاش، على اعتباره المسؤول عن كراء المساحات على مستوى بلدية الجزائر الوسطى. وبحكم أن بعض الحرفيين وجهوا أصابع الاتهام للمسؤول الأول عن البلدية، فقد أكد في معرض حديثه أن مختلف المساحات التي تدخل في النطاق الجغرافي البلدي تكون مسؤولة عنها، ولا يمكن لأي كان استغلالها إلا بناء على طلب، موضحا أن السعر المرجعي لتكلفة الكراء يحدد بعد عرض الطلب على مجلس المداولة الذي يفصل في المبلغ، ويأخذ في الاعتبار نوعية الطالب، مشيرا إلى أن البلدية تحتاج إلى موارد مالية، بالتالي فإن كل الأموال المتعلقة بكراء المساحات الإشهارية التابعة لها تدخل في ميزانيتها لتدعم بها مختلف نشاطاتها، موضحا أن التكلفة التي يدفعها الحرفيون جد معقولة، خاصة أن ساحة البريد المركزي تعد من أكثر المساحات استقطابا للناس، وتعرف طيلة اليوم حركة لا تنتهي، مما يعني أن كل من يعرض فيها سيستفيد لا محال.

رشيدة بلال